التحذير من العبث والتدمير العشوائي المنظم بشكل رسمي وشخصي لمعالم عدن

> عدن «الأيام» خاص:

> حذرت الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار من مخاطر عمليات الهدم الكامل التي تطال في الآونة الأخيرة مدارس عدن تحت مبرر عدم صلاحيتها للاستخدام، مؤكدة أنها لا ترى في الإزالة والهدم الكامل مبرراً للاستجابة للزيادة السكانية حيث إن المباني لم تكن في درجة من القدم مما يصعب معه إعادة الترميم.

ورد ذلك في بيان أصدرته الجمعية أمس - حصلت «الأيام» على نسخة منه -جاء فيه:

«دأبت الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار منذ عام 2005م على التنبيه لضرورة المحافظة على آثار ومعالم عدن التاريخية والطبيعية بسبب قيمتها الاثرية والجمالية التي تميز هذه المدينة، وتدعو إلى ضرورة صيانتها واستثمارها وتوظيفها سياحيا واجتماعيا.

وقد حرصت هذه الجمعية على التعبير عن ذلك بشتى الصور والأنشطة ولعل اللقاء بالإخوة رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة أوضاع المتقاعدين كان آخر هذه الأنشطة. وفي ذلك اللقاء تم استعراض ما يجري من عبث وتدمير عشوائي ومنظم بشكل رسمي وشخصي لمعالم عدن، حيث شمل هذا العبث المدارس والمساجد والمعابد والأبنية القديمة ذات القيمة الآثارية والأصالة المعمارية ودعت الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار الأخ وزير الثقافة بشكل خاص إلى دعم توجهات هذه الجمعية لإعلان عدن محمية آثارية، ودعوة المنظمات الدولية المعنية إلى التعاون مع اليمن في ذلك.

وفي الآونة الاخيرة رصدت الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار الكثير من عمليات الهدم الكامل لمدارس عدن تحت مبرر عدم صلاحيتها للاستخدام والرغبة في زيادة استيعاب المبنى المدرسي لمواجهة الزيادة السكانية. والجمعية لا ترى في الإزالة والهدم الكامل مبرراً للاستجابة السكانية حيث إن المباني لم تكن في درجة من القدم مما يصعب معه إعادة الترميم كما أن مدارس عدن كانت قد أحيطت بمساحات واسعة للاستجابة للتوسع اللاحق، إذ إن الهدم الكامل بالصورة التي تمت لمدارس عدن من الناحية التوثيقية قد قطع العلاقة ما بين المواطن والمبنى حيث إن المبنى ليس مجرد بناء إسمنتي مقطوع التواصل مع الإنسان كما أن هذا الهدم قد أزال من الوجود معلماً تاريخياً وتوثيقياً يرشد الدارسين إلى رصد وتوثيق البدايات الأولى للنهضة التعليمية التي تميزت بها عدن بين بلدان الجزيرة العربية، ومستقبلاً سيتم كتابة تاريخ عدن وفقاً للمعطيات الماثلة أمام البحث ويصبح الواقع لا يمت إلى تلك النهضة خاصة وأن الجهات القائمة بهذا الهدم لم تحرص على توثيق التاريخ الفعلي لبناء المدارس كمعلم تاريخي يستدل به على هذه الحقيقة التاريخية وهذا الكلام ينطبق كذلك على عملية الهدم والإزالة للمساجد والمعابد التي لم تتم تحت إشراف جهات مختصة، كما أن مقتنيات هذه المساجد والمعابد وأحجارها وأخشابها وطراز بنائها لم يتم الحفاظ عليها في المتاحف الخاصة بذلك .

واليوم تشهد شوارع مدينة عدن بكل أحيائها حملة هدم ورصف وإعادة بناء وتسليك خدمات المياه والكهرباء والتلفون، الأمر الذي أدى إلى حدوث فجوات وحفر كشفت عن آثار ومعالم تاريخية جديرة بالبحث والدراسة والتوثيق وربما أضافت إلى المعلومات التاريخية جديداً وقد تُغير كثيراً من المعطيات العلمية المتداولة بيننا. وتذكر الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار على وجه الخصوص ما حدث قبل شهرين من حفر بجانب مسجد المعروف في مدينة الشيخ عثمان وفي حي الدرين، وبالأمس القريب في مدينة عدن القديمة (كريتر) بجانب قبر المظلوم تكرر الحادث ذاته مما أسفر عن ظهور حفرة واسعة في الرصيف كشفت عن وجود مبان واستحكامات داخلية ربما تعود كما ذكر الأهالي القريبون من ذلك المكان إلى سنوات الحرب العالمية الثانية. والأمر ذاته يعود بنا إلى سنوات قليلة ماضية عندما هدم معبد اليهود وما لحقه من عبث بمحفوظاته القيمة التي كانت مخزونة في جوف المبنى ومازالت ذاكرة المواطن العدني تحتفظ بالكثير من الحوادث المشابهة التي تعرضت لها بيوت هذه المدينة والتي ترد أخبارها إلينا باستمرار كلما تعرضت هذه المدينة لحادث مشابه.

والجمعية اليمنية للتاريخ والآثار إذ تقف أمام هذه التداعيات التي لا تجد لها أذناً صاغية تجد هذه الجمعية نفسها أمام واقع يستدعي التدخل السريع من قبل الجهات الرسمية في السلطة المحلية والدولة بشكل عام. ومن هذا المنطلق فإن الجمعية تدعو إلى ما يلي:

-1 عدم العبث بمكونات المدينة القديمة المسماه عدن (كريتر) من قبل الأفراد أو الجهات الرسمية دون دراسة كاملة، أو تواصل مع الجهات المختصة بذلك.

-2 التنبيه السريع بأية اكتشافات أو آثار أو معالم تاريخية تظهر إلى الجهات الرسمية المختصة وعدم العبث بالمحتويات الناتجة عن الحفريات، والتواصل مع الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار فيما يتعلق بمثل هذه الأمور

وفي الاتجاه ذاته فإن الجمعية تدعو جامعة عدن بأقسامها المختصة في كليات الآداب والتربية الهندسة إلى الوقوف أمام ما تكتنزه أرض عدن من مبان وشواهد مختلفة ربما تضيف جديداً إلى علوم التاريخ والمعمار خاصة بعد أن كشفت أعمال الحفر عن ذلك.

كما أن الجمعية ترى أن الوقت قد حان لأن تقف وزارة الثقافة والسياحة والهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية أمام دعوة الجمعية لإعلان عدن محمية أثرية.

وتدعو هذه الجمعية السلطة المحلية في محافظة عدن إلى وضع الضوابط المطلوبة لحماية معالم هذه المدينة عن طريق ما يلي:

-1 منع تغيير معالم البنايات والمنازل والواجهات بما يتنافى مع خصوصية الفن المعماري المتميز لهذه المدينة.

-2 توجيه الراغبين بالبناء الجديد إلى التقيد بمحاكاة النظام المعماري العدني وتكراره في الأبنية الجديدة حرصاً على التواصل التاريخي.

-3 منع الأهالي من تطبيق ملامح معمارية لأبيتهم تتنافى مع خصوصية الطابع المعماري لعدن سواء في استخدام تصاميم هندسية أم أنواع الحجارة والأخشاب.

وترى الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار أن الوقت قد حان لأن تمتد أيدي السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني لدعم توجهات الجمعية في برامجها الداعية لإعلان عدن محمية أثرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى