> د. عبدالباري دغيش:

إن الأوضاع الراهنة في المحافظات الجنوبية محتقنة جراء مظالم وأخطاء معروفة لا يستطيع أحد نكرانها ولكنها تحتاج إلى معالجات عقلية بعيداً عن عسكرة الأجواء والحلول الأمنية من قبل الحكومة، مع إفساح المجال لكل أشكال الاحتجاجات والاعتصامات السلمية التي يجب على منظميها إيصال رسائلهم الاحتجاجية وفقاً للقانون وبما يكفل حماية القيم النبيلة للثوابت الوطنية التي جاءت أساساً لحماية كرامة الإنسان اليمني، وإذا كان هناك ثمة خروقات قانونية أو شغب فالقضاء هو الفيصل، وليس الفيصل في هذا الأمر مزاجية من يأمر اليوم بمنع وقمع الاحتجاجات والاعتصامات السلمية ليأمر في اليوم التالي بإطلاق سراح من اعتقل وكأن شيئاً لم يكن. إن مهمة أجهزة الأمن في حالة كهذه هي حماية وتشجيع هذه المظاهر السلمية للاحتجاجات كي يستطيع الناس التنفيس عما يعتمل في صدورهم.

إن سياسة القمع والتخويف هي أكبر وأخطر عدو للثوابت الوطنية، وإن تفاقم الأوضاع بهذا الشكل المخيف يحتم على مجلس النواب بهيئة رئاسته وكتله البرلمانية التداعي لانعقاد طارئ فالوطن سفينتنا جميعاً وسلامته ووحدته وأمن مواطنيه مسئولية الجميع.

فمن هم أولئك الذين يدفعون نحو التأجيج ويعتدون على المواطن المسالم وأهل القانون وأهل الكلمة والرأي كصحيفة «الأيام» والمحامي محمد محمود ناصر وغيرهم من مواطني هذا البلد، وما هي غايتهم من وراء ذلك، وما الذي يريدون تحقيقه، وهل يجدي العنف شيئاً على الإطلاق في هذا الزمان؟ بنفخة من فمك قد تطفئ شمعة، لكن بالنفخة نفسها قد تتسبب بإشعال الجمر وانتشار الحرائق. إن مردودات العنف في أوضاعنا الراهنة عكسية وجالبة للوبال والحسرة والخسران لمفتعلي العنف ولسلامة المجتمع، ونتساءل أهناك قوى مندسة هدفها الإساءة للديمقراطية خدمة لأجندة شيطانية ضد الأمن والاستقرار؟

إن أهم مميزات الديمقراطية أنها حولت الصراع التناحري إلى صراع لاتناحري، تتبارى فيه البرامج والآراء والأفكار، وتتصارع وتتسابق فيه القوى المختلفة لتحقيق الأهداف والمصالح والغايات، والأجمل في هذا الصراع غير التناحري أن يكون سباقاً جميلاً من أجل الخير وصناعته ليعم المجتمع بكل مكوناته، فهل يعلم أولئك الذين يقفون وراء مثل هذه الممارسات الضارة بالوطن والمواطن؟

عضو مجلس النواب