لجنة × لجنة = صفر

> أحمد محسن أحمد:

> كنا متفائلين .. وفي نفس الوقت متجاوبين مع اللجان التي جلست مع الشخصيات الاجتماعية والسياسية والدينية.. هناك صراحة متبادلة بين هذه اللجان وأولئك الرجال والرموز والشخصيات التي جلست معهم اللجان!.. وأذكر أن تلك اللجان حسب ما عرفت أنها مكلفة من القيادة العليا لتلمس أوضاع الناس في عدن والمحافظات الجنوبية!.. كانت اللقاءات التي تمت في معهد الفقيد الدكتور أمين ناشر (رحمه الله) ومنزل أحد أعضاء اللجنة المكلفة من قبل من قبل مجلس الشورى في مدينة التواهي تمثل الصرح الواسع لتناول الآراء والملاحظات التي عكست هموم الناس في المحافظات الجنوبية.. وهي السبب الرئيس في ما وصلت إليه حالة الاحتقان السياسي الذي دفع بالناس إلى الخروج والتعبير عن (سخطهم) ورفضهم لسياسات الضم والإلحاق .. بل والنفي من مساحات الحقوق المشتركة لأبناء الوطن الواحد.

إذا كان هناك شيء اسمه الوطن الواحد.. أو الموحّه!!.. وما كان خروج أبناء المحافظات الجنوبية للتعبير عن حقوقهم المسلوبة وبالطرق السلمية والاساليب التعبيرية الراقية، ما كل ذلك سوى نقطة من بحر ومحيط الرفض وكسر قيود الإذلال التي مورست ومازالت على حال ممارساتها بحقهم من قبل السلطة ورجال المتنفذين!.. وقبل أن نسمع ما خرجت به هذه اللجان من تلك اللقاءات المكثفة التي عقدتها مع الرجال والنساء الذين كانوا جميعا على مستوى المسئولية في طرح حقائق ودلائل الممارسات الخاطئة بحق الناس في المحافظات الجنوبية.. وعدن وبالذات!.. وبدلاً من الاستماع إلى نتائج الاجتماعات تلك، وجدنا الخطوة المتوقعة من قبل السلطة بتشكيل لجنة أخرى كتأكيد بأنها (سايرة) وماشية (عدل) في خط المبدأ المعروف .. «إذا أردت (تمييع) قضية فشكّل لها لجنة»!.. فقد كنا نتوقع من القيادة أن تقف أمام القضايا التي طرحت أمام تلك اللجان التي كلفت البلاد الشيء الفلاني من الجهد والصرف والتعب النفسي الذي أضيف إلى سابقه من أنواع المتاعب التي لا حصر لها.. وكنا نقول إن المصداقية ستتضح للناس إذا كانت القيادة جادة في رفع شيء من معاناة الناس .

إلا أن المفاجأة الكبرى كانت بتشكيل اللجنة الجديدة التي أعلنت بالقرار الجمهوري الذي أبرزها للناس!.. ومن خلال المهام ومساحة العمل الذي حدده القرار لتلك اللجنة فإننا نستخلص بعض الملاحظات التي نتجت في الذهن الشارد بعد سماعنا لقرار التشكيل .. نلخص ملاحظاتنا في النقاط التالية:(ربما) أو لعل القيادة ارتأت بان ما نقلته لها اللجان السابقة من هموم ومشاكل لم تكن تتوقعها (خاصة أسلوب الطرح والتعبير الشجاع الذي عبر به الرجال الأوفياء لحقوق الناس .. ولم تكن القيادة على علم بها) مما جعلها - كقيادة عليا - إعطاء هذه القضية المتطورة والآخذة في الاتساع نحو الخطر المحدق، تبحث عن مخرج أو منفذ من السيل الجارف الذي تصور لها في تقارير تلك اللجان (ابونفرين .. أو ثلاثة) فذهبت السلطة نحو اللجنة (أبو العدد الذي لا يحصى .. بل إن الباب مفتوح لكل من رغب في الوقوف ضد تيار حقوق الناس المشروعة في المحافظات الجنوبية .. وعدن بالذات)!.. فإذا صدق حدسنا واستنتاجنا المذكور أعلاه، أفلا يحق لنا أن نقول إنه من حقنا كمواطنين أن نعرف حيثيات النتائج التي أوصلت تلك اللجان سلطتنا العليا إلى ما وصلت إليه ليكون الموقف موحدا وجماعيا .. سلطة وأهالي!

إن اللجنة الجديدة المشكلة بقرار جمهوري قد أوجدت حالة من الاستحسان والقبول لما حوته هذه اللجنة من عناصر مشهود لها بالمواقف الوطنية التي لا غبار عليها .. ولكن ما يعيب هذه اللجنة هذا التشكيل (الفضفاض) والواسع جدا مع الأسماء التي أضيفت وأيضا الأسماء التي أعطيت للجنة حق الاستعانة بهم ..هذا التضخيم للجنة يظهر أن هناك قناعة مسبقة لتعطيل هذه اللجنة وعجزها عن أداء عملها.. فهناك من قال إن هذا الاتساع في عضوية اللجنة وجعل الباب مفتوحا لمن تريد أو هو يريد الدخول، يقصد منه جعل هذه اللجنة بطيئة الحركة والفاعلية .. فإذا كانت القاعدة المتبعة من تشكيل اللجان هو لتعطيل القضايا فما بال هذه اللجنة (المضخمة) والكبيرة التي سيطلب منها الحركة السريعة والنشطة لتغطية العمل الذي لا حدود له في تضخيم مشاكل الناس وسرعة الغليان الشعبي الذي يقابله (سير السلحفاة) الذي سنراه من خطوات ومسيرة اللجنة الجديدة؟!

آخر الكلام .. إن أزمة الثقة بين المواطن والسلطة لن تحلها لجان مهما اتسعت أو تعددت .فهذه القضية التي طلب من اللجنة الجديدة حلها بإعادة (اللُّحمة) و(لملمة) الأشتات المبعثرة لن تحل هذه المشاكل إلا بقرار إرادي .. قرار يحوي ثقة السلطة واقتناعها بأن الشعب يعاني.. وأن الناس ضاق بها الحال.. فإذا مازالت السلطة على عادتها في أسلوب (الترقيع) والتلويح بالحلول البعيدة .. فإن المسار لن يكون كما تريده السلطة .. والاتجاه لن يكون كما تخطط له السلطة .

فهناك شعب حي .. شعب شبع من الوعود والكلام الذي لم يعد فيه ولا منه أي نفع .. والأجدر بالسلطة أن تقلل من الكلام وتوفر الوقت للبحث عن حلول عملية وناجعة تساعد على حل المشاكل المتفاقمة كل يوم!..

والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى