الأمة تدق أبواب الحرية وتتمسك بالسلم الأهلي .. الدستور الدائم ووثيقة العهد هما حجر الزاوية

> عبدالله الأصنج:

> بداية لابد لي أن أوجه تحية صادقة لأولئك الأبطال الذين سقطوا قتلى أو جرحى والذين اعتقلوا بسبب مبادئ ومواقف يدافعون عنها وأعتبرهم من سجناء الرأي والضمير لانخراطهم في نشاط سياسي تشهده ساحات وشوارع في محافظات عدن وشبوة وحضرموت وإب وتعز والحديدة ومأرب وصنعاء ولحج وأتضرع إلى الله أن يتغمد بالرحمة ضحايا حرب صعدة واعتصامات ومظاهرات المحافظات الجنوبية ويخفف معاناة أهاليهم من المدنيين والعسكريين.

وإذا كانت ذاكرة التاريخ قد اختزنت وسجلت في حينه مواقف نضال وطني لكسر قيود تكبل حريات خاصة وعامة وتسلب وتلغي حقوقاً وتتجاوز تشريعات وقوانين ودستوراً.. فمن حق رموز تلك المواقف والمراحل أن نتعرف على القليل من تلك الأدوار الوطنية لكل من محمد علي لقمان ومحمد علي الجفري ومحمد حسن خليفة وشيخان الحبشي وعلي محمد لقمان ومحمد علي باشراحيل ومحمد سالم علي عبده وأحمد عمر بافقيه ومحمد بن عيدروس العفيفي وصالح بن عبدالله الفضلي وحسين سالم باوزير وعبدالقوي مكاوي والشيخين محمد سالم البيحاني وعلي محمد باحميش ومحمد عبدالله المحامي وأحمد محمد سعيد الأصنج في الجنوب. وفي الشمال كانت طليعة الأحرار أحمد محمد لقمان ومحمد محمود الزبيري والموشكي وعبدالرحمن الإرياني والوريث والوجيه وعبدالله علي الحكيمي ومحمد علي عثمان وأحمد الشامي ومحمد أحمد النعمان وعبدالرقيب حسان وإبراهيم وقاسم وزيد الوزير وقاسم غالب والحاج محمد المحلوي ومحمد سعد القباطي ومحمد علي الأسودي وعلي عبدالعزيز نصر ومحمد أحمد شعلان وعبدالعزيز علوان وسنان أبولحوم ومحمد عبدالرحمن الرباعي والعميد محمد علي الأكوع وعبدالله حمود حمران وأحمد هاجي ومصطفى يعقوب وعلي محمد عبده وعلي سيف الخولاني وأحمد قائد بركات وعبدالله الكرشمي وسعيد محمد الحكيمي ويحيى جغمان ومحسن العيني وآخرون.

فما أن تحقق إجلاء الاستعمار عن عدن وسبق ذلك إنهاء نظام حكم الإمامة بقيام الثورة والجمهورية في صنعاء حتى تولى السلطة والمهام المناطة بها في شطري اليمن مزيج من الرواد والثوار والشطار، وتعرض الوضعان في الشمال والجنوب لهزات داخلية ولمواجهات بل لحروب أهلية بفعل عوامل خارجية. وبالرغم من سلبيات لا حصر لها إلا أن التاريخ يقر بأن رؤساء ومسؤولين مثل قحطان الشعبي ومحمد علي هيثم وفيصل الشعبي في عدن وعبدالله السلال والقاضي الإرياني والنعمان والزبيري والقاضي الحجري لم يكن أحد منهم فاسداً ولا دموياً.. بل لم تكن هيئة السكرتارية والمرافقون العاملون معهم من أهل الفساد والنفاق أو التدليس أو من الصغار التوافه المتطوعين بالمشورة السيئة والتحريض العمد ضد المخلصين الأبرياء ولم يكن أي منهم من دعاء التنكيل بحملة الأقلام الحرة أو تسفيه أهل الحكمة والمعرفة وأصحاب الأفكار المستنيرة.

والنقيض اليوم هو المشهد الماثل أمامنا حيث أخذت الأحوال منعطفاً نحو الأسوأ. فإذا كانت الاعتصامات والمظاهرات والمطالبة بالحقوق المغيّبة والمهضومة من الجرائم الخطرة وكذا الدعوة إلى الحق في المواطنة المتساوية لليمنيين جميعاً والإقرار بمشروعية الاحتكام بوضوح في كل أمر إلى الدستور ومواده التي تؤكد على وجوب الأخذ بمبدأ التداول السلمي للسلطة دون داع أو حاجة للتمديد أو التوريث أو الاستئثار والانفراد بالقرار والثروة. نعم إذا كانت كل هذه البديهيات في نظر الأوصياء الجدد في اليمن تندرج في إطار الدعوات والأعمال التي تمثل عصياناً وتمرداً.. فإن للرد على مزاعم كهذه نقول إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ونزيد أن العاقل من يتعظ ويعالج المواقف الصعبة بالحكمة دون تدخل أهوج وحسم دموي وفرض حلول بقوة الجيش وعسس الأمن. وليعلم أهل السلطة أن نباح أهل النفاق والفساد من ورائهم ومن حولهم لن يجدي فتيلاً حين لا ينفع النباح ولا عنتريات طغمة الفساد الذين انتفخت بطونهم وأوداجهم وتمددت أيديهم على أرزاق المحرومين وتقوست ظهورهم وتسمرت ركبهم من كثر الانحناء المقيت.

وليفهم كل من يحلو له الغلو وإطلاق العنان لصوته النشاز أن استمراء سياسة حرمان صاحب حق من حقه في عمل أفنى فيه كل عمره من شأنه أن يدفع بالأمور إلى طريق الفتن والإحن. وإن ترك أبوب الفساد والقهر والاستكبار مشرعة تلج منها حثالات المجتمع ليزيدوا الطين بلة.. سياسة هدامة تخفي في طياتها دعوة مبيتة للفوضى وعدم الاستقرار ونشر الانشقاق في ربوع اليمن. وعلينا أن نحمد الله كثيراً على أن قادة تجمعات المتقاعدين بزعامة العميد الركن ناصر علي النوبة والعميد ركن محمد علي السعدي وآخرين من زملائهما قد تميزت دائماًً بتجنب الدعوة إلى العنف واقتصدوا بالتعبير عن مطالبهم المعيشية وحقوقهم في المشاركة السياسية الحقيقية دون إثارة أو تحريض على عنف حفاظاً منهم على الاستقرار وحرصاً على حماية السلم الأهلي. وهذا ما حقق لمطالبهم تضامناً والتفافاً جماهيرياً لم يسبق له مثيل. وبينما اتخذت الأجهزة الأمنية إجراءات أمن مشددة طوقت مداخل المدن وشوارع رئيسة لمنع حشود المواطنين في نقاط تجمعاتهم السلمية. واستخدمت قوات الأمن والجيش الرصاص المطاطي والحي والهراوات ضد تلك التجمعات السلمية في عدن والضالع والمكلا وكأنها تفتح باباً للعنف والعنف المضاد.

إن المؤلم والمؤسف معاً أن تكون الوحدة قميصاً تتجاوز به الأجهزة الخطوط الحمراء التي يلوح بها أجراؤها لتبرير تجاوزاتهم وخطاياهم ورفض السلطة أن تحتكم للدستور. وحذار من عدم توقف زوار الليل عن مواصلة تعدياتهم على حرمات المواطن واقتحام منازل الآمنين واعتقال الكتاب وحملة الأقلام والأفكار المستنيرة من الحقوقيين وغيرهم. وأذكر منهم للتدليل لا الحصر الأساتذة الأعزاء أحمد بن فريد والعميد ناصر النوبة وعلي محمد السعدي وإياد ثابت صلاح ونايف حسان وحسن باعوم وصالح وبران. وما الاعتداء الآثم على عبدالكريم الخيواني دون مبرر بأمر يمكن تجاوزه أو يتقبله أهل بصر وبصيرة، خاصة وقد تكرر لأكثر من مرة، فالمعتدى عليهم بالضرب والاعتقال والاختطاف والتهديد والتجويع هم شخصيات سياسية وفكرية وعسكرية مرموقة.

وتبقى أسئلة كثيرة تنتظر أجوبة لماذا تفشل كل مناشدات الشعب للسلطة بمحاربة الفساد وإشاعة الديمقراطية وتشجيع الاستثمار واحترام الدستور والوفاء بما نصت عليه وثيقة العهد والاتفاق واحترام ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والوفاء بتعهد العمل من أجل تخليص الشيخ المؤيد وتحريره من حكم خاطئ بحقه وإنقاذ الشيخ الزنداني من تهديد ماثل لتقييد حريته وحماية جامعة الإيمان من شراك منصوبة لفرض وصاية عليها؟ وأخيراً أما لهذا الليل من آخر؟ لقد سئم الشعب كلاماً وجعجعة عن الوحدة المفترى عليها بعد أن تضاعفت سياسات الإخفاقات والفشل. فالوحدة ليست من أصنام الحلوى أيام الجاهلية كما صورها معتصمون ومتظاهرون في المكلا، وهي ليست البقرة الحلوب التي يقدسها الهندوس ويتباركون ببولها.

E-mail: [email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى