أم العيش والملح

> عبدالقوي الأشول:

> يبدو أن الحلول الترقيعية هي السبيل الممكن حاليا وهي الطريقة المثلى التي يتم الوحي من خلالها أن الأمور محل سيطرة السلطات واهتمامها.

فحين شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعات مدهشة اعتبرت السلطة أن المؤسسة الاقتصادية هي الحل والجهة الموثوقة في أمرها بحيث يناط بها دور توفير تلك المواد بسعر التكلفة وهي بذلك امتلكت ناصية أمرين على قدر من الأهمية.. أي العيش (الحبوب، الأرز) وكل ما يتعلق باحتياجات ما يزيد عن 22 مليون مواطن من تلك المواد الأساسية.

أما الأمر الآخر فيتمثل بالملح.. إذ لم تجد السلطات بداً من جعل ممالح عدن التاريخية ضمن نطاق أملاك تلك المؤسسة التي ورثت قبل ذلك المجمعات الاستهلاكية والسياحية التي كانت في عدن والتابعة لشركة التجارة، وغيرها من الأصول العقارية التي باتت في نطاق المؤسسة الاقتصادية العسكرية قبل 1994م ثم المؤسسة الاقتصادية اليمنية بعد صيف الفيد، ما جعلها وفق المسمى الجديد تنزع عن نفسها تسمية العسكرية ولكن دون نزع البزات العسكرية بالطبع لتصبح اللا عسكرية واللا مدنية، وحتى لا أبدو متحاملا بحق هذه المؤسسة التي لاشك أن لها جوانب نجاح كثيرة وأنشطة تجارية غير محدودة أشير إلى وهم اعتبار مسألة السيطرة على أسعار المواد الغذائية محسومة بمجرد أن كلفت هذه المؤسسة بتوزيع تلك المواد بسعر التكلفة.

لقد وصل سعر كيس البُر حاليا في المناطق السهلية إلى 5000 ريال ويفوق ذلك في المناطق الجبلية والبعيدة خارج نطاق المؤسسة بالطبع، أما ما وفرته المؤسسة الاقتصادية فهو نوع من الحبوب غير المرغوب بها، أي أن المؤسسة وجدت الفرصة لتسويق ما لديها من تلك النوعية تحت مسمى الحل! وربما وجدت في قدوم رمضان فرصة سانحة لذلك، ما يدعو الجهات المعنية إلى إعادة التفكير بوضع حلول ممكنة تساهم في استقرار سعر المواد الغذائية على اعتبار أن الوضع القائم لا يمكن احتماله، ثم أن المسألة تتعلق بغذاء ملايين البشر، ما يدعو إلى وضع رؤية واقعية تساهم في عدم جعل قوت الناس محط مضاربات ربحية كما ينبغي ألا تكون النظرة قاصرة ويختزل مفهوم أسعار المواد الغذائية بالحبوب والأرز فالأمر يعني عدداً مـن الـسلع والمواد التي ترتبط بغذاء السكان.

ثم أن المؤسسة الاقتصادية إذا أرادت أن تكون صاحبة هذه المهمة التجارية الواسعة ينبغي لها ألا تنظر إلى الأمور بسطحية وأن المسألة لا تحتاج إلى أكثر من عدد من الشاحنات تقوم ببيع الدقيق والحبوب وهذا كل شيء! فلو أن الحلول بهذه الصورة فلاشك أن جرعة أسعار المواد الغذائية الأساسية يراد لها المرور كما حصل في الزيادات السعرية السابقة التي قيل إنها أتت من أجل مصلحة السكان ورفع قوتهم الشرائية حتى تكون بلادنا مصدر جذب لأنواع الاستثمارات، لنكتشف بعد كل ما قيل أن المستهدف هو قوتنا، وبقي أن نقول إن بيننا وبين المؤسسة الاقتصادية اللا عسكرية (عيش وملح).. وقمة الوفاء بهذا العهد أن تصل إلينا هذه المواد بسعر التكلفة حسب ما سمعنا، عندئذ نسقط تساؤلاتنا الفضولية في البحث عن هوية هذه المؤسسة لأن المهم توفر المواد الغذائية بعيدا عن جحيم الأسعار الراهنة.

فحين يكون سعر كيس البُر يعادل نصف راتب الموظف، فذلك أمر يدعو إلى الدهشة.. ويكون الحال أكثر وطأة عند من لا وظيفة لديهم، وهم غالبية السكان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى