سلامات للشهيد هاشم حجر وتحية تضامن مع المعتقلين وأسرهم

> أبوبكر السقاف:

> قبل يومين من أحداث الجمعة الماضية 23 رمضان، سألني الزميل العمري شدوف عن مطالب الحوثيين وأسبابها وتاريخها، وكان ذلك قبيل جلوسنا إلى مائدة الإفطار التي دعانا إليها الزميل هشام باشراحيل في منزله بصنعاء، الذي تتعرض ملكيته له للابتزاز الرخيص من قبل السلطة.

هذا السؤال لفت نظري إلى أنه ثمرة تكرار ممل روجته أجهزة النظام الإعلامية، بل وتورط في طرحه بعض مناصريهم من الصحافيين المنتمين إلى أحزاب أخرى، ورغم وضوح «القضية الجنوبية» التي يصدق عليها قول المتنبي أن لا شيء يصح في الأذهان «إذا احتاج النهار إلى دليل» فإن الكتاب الصحافيين إلى قبل بضعة أيام يرددون السؤال نفسه بشأنها، بل يزيد بعضهم أن الجنوبيين يبتكرون مطالب جديدة كل يوم.

إعلام السلطة وهؤلاء يمارسون ذكاء «يثير الرثاء» وإن أفاد بعض الوقت إلا أنه لا يفيد الوقت كله، بل ينقلب ضداً عليهم، لاسيما عندما يسمع الناس خبراً بشعاً عن موت الشهيد هاشم حجر (25 عاماً) في السجن، حيث ترك عمداً ليموت موتاً بطيئاً مدمراً وقاسياً حتى الجنون، حيث كان جسده مرتعاً لغير مرض خبيث، وكان جلاده/ جلادوه يتلذذون بالتفرج عليه بين مخالب الموت.

لم أستطع التحرر من صورته الجانبية التي انتصبت في ذاكرتي عندما رأيته في حزيران الماضي في المحكمة، في قاعة صغيرة ازدحمت بالكاميرات والحاضرين والجنود.

كان أسلافنا يقولون إن فلاناً قتل صبراً، عندما يضعه الخليفة بين جدارين حتى يموت، وهاشم قتل صبراً وبإخراج حديث، ومات قبل أن يسمح لأمه بزيارته وهو في شرخ الشباب.أي عزاء يمكن تقديمه إليها؟!

إنه أحد شهداء الحرب الظالمة في صعدة، حرب الزيدية الجهوية القحطانية المتوحدة بالقبيلة والجيش وداعيهما على الزيدية المذهبية وعلى حرية العقيدة والتدين وعلى حقوق أصحابها السياسية والمدنية وفي الحد الأدنى من الخدمات بأنواعها.. والمستشفى الوحيد هناك الذي يستحق اسمه بناه الجيران!

أحداث الجمعة تؤكد أن الدولة ليست جادة في إقفال ملف صعدة الدامي، وها هي تضيف إليه عدواناً على اعتصام للرجال والنساء والأطفال، طورد القائمون به من ميدان السبعين: حمى الرئاسة المقدس إلى ساحة الحرية أمام مجلس الوزراء، حيث قامت قوات الأمن المركزي المدججة بالأسلحة والعصي والغاز المسيل للدموع، والتي كانت موجودة بصورة كثيفة، بالاعتداء على علي محمد مفتاح وعبدالله الوزير رئيس تحرير «البلاغ» الذي جاء للقيام بواجبه الصحافي، واعتقلت الزميل محمد المقالح نحو نصف ساعة قبل الإفراج عنه.

تذكر منظمة العفو الدولية أن 100 معتقل في السجون في مختلف أنحاء البلاد بعد المصادمات المسلحة في صعدة، وترجح مصادر صحافية يمنية أنهم نحو ثلاثة آلاف في الشمال والجنوب بعد انتفاضة الجنوب الصاعدة والواعدة.

شكا كثيرون، منهم شقيق الشهيد هاشم، من أنهم لم يعرفوا موعد ومكان الاعتصام على وجه الدقة، وهذا تقصير يجب ألا يتكرر في المرات القادمة، لأن حسن التنظيم يتيح لأكبر عدد من المواطنين فرصة التضامن مع أصحاب قضية عادلة، فالوطن إما أن يتسع للجميع في رحاب أخوة وشراكة، أو يحكر على من يريد احتكاره.

إن الصورة التي نشرت في «الأيام» (6/ 10/ 2007) للنساء المحجبات والأطفال، ومنهم من تحمله أمه، الواقفين تحت لافتة تطالب بالإفراج عن الأبناء والآباء من سجون القهر توقظ في الذاكرة صوراً أخرى من فلسطين الغارقة في الدم الذي يراق يومياً على يد فاشيي القرن الحادي والعشرين، ومن العراق الذي يتفنن في العبث بمصيره رئيس أمريكي يلتقي في شخصه التطرفان السياسي والديني.

مشهد الأطفال العرب الذين فقدوا آباءهم وإخوانهم أفظع وأفجع صور المستقبل القاتم، وللظلم في كل مكان الملامح نفسها والأساليب نفسها والقتامة نفسها وازدراء قيمة الحياة نفسها.

ثق يا هاشم وأنت في ملكوت ربك أن العدل قادم.

وسلاماً للشهيد.. وأهله وجيرانه.. وليكن قتله حافزاً جديداً لنا جميعاً للدفاع عن وجود كريم في وطن حر وشعب سعيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى