لاجئو مخيم نهر البارد يبدأون رحلة العودة الطويلة الى منازلهم المهدمة

> نهر البارد «الأيام» لمياء راضي :

>
أثناء عودة الأهالي إلى المخيم أمس
أثناء عودة الأهالي إلى المخيم أمس
اصطف عشرات اللاجئين الفلسطينيين أمس الأربعاء امام الاسلاك الشائكة يحملون اطفالهم على ايديهم وينتظرون تحت شمس حارقة عبور نقطة تفتيش للجيش اللبناني في طريقهم الى منازلهم في مخيم نهر البارد الذي شهد معارك ضارية بين الجيش وجماعة فتح الاسلام ادت الى تدمير غالبية مساكنه.

ومن نقطة التفتيش التي اقيمت عند المدخل الشرقي للمخيم من ناحية بلدة المحمرة، تظهر من بعد المنازل المهدمة والجدران التي تحمل اثار الرصاص والقذائف. ويرتفع صوت جندي يسأل "هل لديكم تصاريح الدخول؟".

يرفع احمد تميمي وجهه الخالي من اي تعابير ويقدم الى الجندي ورقة بيضاء اعطاه اياها الجيش اللبناني.

وتميمي من ضمن مئة عائلة عادت أمس الأربعاء الى مخيم نهر البارد في اطار الدفعة الاولى التي تضم 400 عائلة سمح الجيش بعودتها التي ستستغرق ثلاثة ايام اضافية.

وتقتصر العودة على عائلات تقع مساكنها في المخيم الجديد، وهو امتداد للمخيم القديم الذي انشأته الاونروا عام 1949 لان حجم الدمار فيه اقل منه في المخيم القديم.

وكان تميمي، على غرار سائر اهالي مخيم نهر البارد البالغ عددهم نحو 31 الف نسمة، نزح من منزله بسبب المعارك التي دارت بين الجيش اللبناني ومجموعة فتح الاسلام الاصولية التي تحصنت داخل المخيم واستمرت اكثر من ثلاثة اشهر,ولم يعلن موعد عودة دفعات لاحقة او سائر الاهالي.

ولم يسمح الجيش لوسائل الاعلام بالدخول مع العائدين، كما طالب موظفو المنظمات الانسانية بترك آلات التصوير خارج المخيم.

منذ الصباح بدأ النازحون بالعودة من مخيم البداوي المجاور الى مخيم نهر البارد في حافلات ترفع الاعلام الفلسطينية استأجرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا)، فيما وصل البعض الاخر في سيارات خاصة او سيارات اجرة.

وحملت قلة من العائدين بعض اكياس البلاستيك جامعة فيها حاجياتها، في حين عادت الغالبية كما غادرت خالية الوفاض.

وتقول انصاف فؤاد "هربنا بدون ان نحمل معنا اي شيء سوى الثياب التي كنا نرتديها".

وتضيف "شاهدت منزلي وانا في الباص وشعرت بغصة في حلقي لانه بدا مدمرا جزئيا. اشعر بخوف كبير من الحالة التي ساراه فيها من قرب".

وكان الجيش اللبناني اخلى قبل نحو اربعة اشهر انصاف مع اولادها على عجل.

ويقول الشيخ وليد ابو حيط (43 عاما) امام احد مساجد المخيم "صحيح انه يوم فرح لكنه فرح مشوب بالحزن".

ويضيف ابو حيط الذي نزح من المخيم مع افراد عائلته البالغ عددهم 43 شخصا "نشعر بالفرح لاننا نعود الى منازلنا بعد خوفنا من جرف المنازل ومن ان نجبر على النزوح مجددا كما نزح اهلنا من فلسطين، ونشعر بالحزن لدمار بيوتنا".

ويتابع وهو يمسح بيده العرق من تحت لفته البيضاء "الذين شاهدوا المخيم وصفوا حجم الدمار بقولهم كان زلزالا ضرب المخيم".

يترجل اللاجئون من السيارات وتقوم امرأة ترتدي ثيابا عسكرية بتفتيش النساء داخل مكتب صغير جاهز فيما يعكف الجنود على تفتيش الرجال.

جلس ابراهيم خليل وهو فتى في الثانية عشرة في الباص يراقب ما يجري حاملا بيده بطاقة اللاجئين الزرقاء.

ويقول وهو ينظر الى والدته واشقائه الخمسة "لا، انا لست مسرورا بالعودة. لقد دمرت مدرستي ودمر منزلي".

ولم يسمح الجيش لفتى اخر في الرابعة عشرة بالعبور وطلب منه مراجعة موظفي الاونروا لتسوية مشكلته. ويوضح احد الضباط ان "الفتيان في سن الرابعة عشرة يحتاجون الى تصريح فردي منفصل عن تصريح عائلتهم".

وعكف موظفو الاونروا على توزيع تعليمات مكتوبة على العائدين توضح لهم كيفية التعرف على القنابل والقذائف وتعدد لهم المواقع التي عليهم تجنبها.

وتقول هدى الترك الناطقة باسم الاونروا "اكثر ما نخشاه هو القنابل الموجودة تحت الانقاض التي لم يتم نزعها حتى الان، لان الاطفال قد يلعبون في هذه الاماكن ويواجهون خطر الموت".

وتشير الى ان الاونروا ستقوم بتوزيع المواد الغذائية والاغطية ومواد التنظيف على العائلات، كما سيؤمن فريق سيارة اسعاف نقالة الرعاية الطبية عبر زيارات منتظمة.

وتوضح الترك ان "اطباء من الهلال الاحمر الفلسطيني ينتظرون داخل المخيم عودة العائلات لتوفير العناية للاشخاص الذين قد يصابون بصدمة جراء رؤية منازلهم".

وتقول اسما الجنيات شاكية "كنت آمل ان امضي عيد الفطر في منزلي لكن اشهرا طويلة ستمضي قبل عودتي".

وجاءت اسما رغم انها لم تحصل على ترخيص علها تنجح في الدخول. لم تشعر بالغضب وسلمت بالواقع، فاهالي المخيم القديم لن يعودوا قبل اشهر بسبب الدمار الكامل الذي لحق بمنازلهم.

من ناحيته، رحب كمال ناجي المسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية ببدء عودة اللاجئين، وقال لوكالة فرانس برس "بدأت العودة في اليوم المحدد بعد سلسلة تحضيرات وتنسيق بين المنظمة والحكومة اللبنانية وقيادة الجيش ومنظمات غير حكومية".

واوضح ان هذه المرحلة "تشمل بمجملها عودة 800 عائلة بمعدل مئة كل يوم الى مساكنها الصالحة في المخيم الجديد والتي تحتاج غالبيتها الى ترميم جزئي".

وخاض الجيش معارك استمرت اكثر من ثلاثة اشهر مع فتح الاسلام انتهت في الثاني من ايلول/سبتمبر بسقوط المخيم.

واسفرت المواجهات بين الجانبين عن مقتل نحو 400 شخص بينهم 168 عسكريا. (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى