نائب السفير الفرنسي في لقائه بالإعلاميات ضمن مشروع كسر حاجز عزلة الإعلاميات:اليمن يعاني جروحا تاريخية لم تندمل بعد ومن غير المقبول رؤية صحفيين يتعرضون للتهديدات

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
نائب السفير الفرنسي دوني دوفونو ورئيسة المنتدى رحمة حجيرة في لقاء الإعلاميات
نائب السفير الفرنسي دوني دوفونو ورئيسة المنتدى رحمة حجيرة في لقاء الإعلاميات
في إطار مشروع كسر حاجز عزلة الإعلاميات، الذي يقوم به حاليا منتدى الإعلاميات اليمنيات (موف)، عقد اللقاء الثاني مع نائب السفير الفرنسي السيد دوني دوفونو المستشار الاول في السفارة الفرنسية باليمن.

وعن الاحداث الجارية في المناطق الجنوبية حاليا ونظرة الحكومة الفرنسية اليها تحدث قائلا: «الامر حرج وحساس أن يتحدث اي دبلوماسي في هذا لموضوع لأنه يتعلق بالسياسة الداخلية في اليمن. ووجهة نظرنا ليست منحازة لطرف ضد آخر لكننا نلاحظ أن اليمن يعاني جروحا تاريخية لم تعالج ولم تندمل بعد.

وتفاجأت منذ بضعة اشهر بأن قام ضباط عن ما يمسى (باليمن الجنوبي) سابقا بالتظاهر وصار لمطالبتهم وتظاهراتهم اربع عشرة سنة بعد الحرب الاهلية. حاولت أن أفهم سبب هذا الحدث الذي أظهر الاعتصامات المتكررة في اليمن في ظل حدوده الحالية، فهو يمن جديد وديمقراطية ناشئة وشابة، كما أن اليمن عرف كثيراً من النزاعات ليس على مستوى اليمن الجنوبي والشمالي وانما داخل كل من اليمن الشمالي واليمن الجنوبي. والمسالة ليست مسألة عشرة أو خمسة عشر عاماً وإنما مسألة قرن بأكمله، وهناك من يتوق أن يمارس فنتازيا في الجنوب وفي الشمال ايضا ويتوهم ويسعى إلى الاستقلال. وفي ضوء هذه العناصر ليس من المدهش أن تكون مسألة الوحدة الوطنية مسألة نقاش ومحور جدل في هذه اللحظة، وإنما واحدة من اهم مبادئ الديمقراطية هي احترام الفترات الانتخابية وكذلك احترام حرية التعبير لدى المواطنين غير المطلقة والخاضعة للشروط واحترام الأقلية في التعبير عن نفسها وما ألاحظه أن هناك اعتراضا في سياق مشروعية الانتخابات الرئاسية الاخيرة وهناك احتجاج معين، وهناك احتجاج ايضا في مسألة حرية التعبير، وإن ما يجب السعي اليه هو حل تلك المشاكل بطريقة سلمية».

كما ذكر أن فرنسا هي البلد الغربي الوحيد، الذي لا يزال يتابع عملية إرساء السفن العسكرية والحربية في ميناء عدن والموانئ اليمنية، والهدف من ذلك هو مضاعفة التبادل مع الوحدات اليمنية والجنود اليمنيين ليتمكنوا من التعرف على الجنود الفرنسيين اكثر.

كذلك دعا إلى أهمية إنهاء مسألة النقاش بخصوص اصلاح قانون الصحافة وتعديله والتي أصبح لها عامان. وقال: «يبدو لي من السهل في ظل هذا المناخ أن يستمر هذا النقاش مدة اطول، ولكن يجب أن يفضي إلى شيء واتفاق ما بين النقابة والدولة. ومن غير المقبول أن نرى الصحفيين يتعرضون للتهديدات. ومن المفترض أن يقضى تماما على هذه التهديدات».

وتحدث نائب السفير عن رؤيته لليمن قائلا: «يعد اليمن بلد المفارقات مقارنة بما حوله من دول حيث يعتبر البلد الاكثر كثافة سكانية والاكثر فقرا في الجزيرة العربية والبلد الوحيد جنوب الاردن الذي يمتلك ثقافة متعددة وكذلك يقع في مفصل العالم العربي وافريقيا ولا يمكننا أن نفهم علاقة فرنسا واليمن إذا ماتجاهلنا هذه النقاط الاربع».

وقال: «على المستوى الثقافي يعتبر الشعب الفرنسي قريبا من الشعب اليمني حتى وإن كان هناك نوع من الغرابة والدهشة، ونشعر بأننا قريبون من الشعب اليمني لانه على المستوى الثقافي حضارتانا قديمتان ولهما تأثير اقليمي بل وعالمي، وفيما بعد الهجرة ذهب اوائل اليمنيين إلى اقصى اسبانيا بل حتى فرنسا للدعوة الاسلامية، وأياً كان الامر قبل الهجرة أو بعدها فإن الحضارة اليمنية تركت آثارا متميزة هناك».

وعن السياسة المعاصرة تحدث قائلا: «السياسة المعارضة في فرنسا ترتكز على ما يسمى بمصطلح حوار الثقافات وأساس هذا الحوار هو احترام الثقافات، احترام مبدأ التبادل من أجل فهم أكثر، وهذا المبدأ يتعارض تماما مع مبدأ السيطرة والهيمنة الثقافية، التي لها عدة مستويات سواء على المستوى الغذائي أو المستوى الفني أو الموسيقي أو على مستوى الملابس. ولذا فإن الفرنسيين على المستوى الثقافي مهتمون جدا بالثقافة اليمنية ويسعون إلى تشجيع التبادل وتعميق المعرفة أو البحث، وأداتنا لتعميق هذا الحوار هو المركز الثقافي الفرنسي بصنعاء ونظيره بعدن.

وفي صنعاء يتم ذلك من خلال إعداد فعاليات ثقافية لفرنسيين ويمنيين سواء كانوا من عدن أو من محافظات ومناطق مختلفة وريفيين وغيرهم.. بالاضافة إلى تعليم اللغة الفرنسية في اليمن فهناك حوالي 300 طالب متعلم للغة الفرنسية، متخرج من المركز الثقافي في صنعاء.

ونحن نعمل على دعم أقسام عديدة لتعليم اللغة الفرنسية في جامعات صنعاء وتعز وعدن وذمار، حيث يعد تعليم اللغة الفرنسية بالنسبة لنا هو واحد من محاور السياسة الثقافية، التي نسعى إلى أن لا تسيطر لغة واحدة على الصعيد العالمي، كما أن هناك أدوات أخرى لتبادل الثقافات، حيث افتتح الرئيس شيراك متحفا خصص للثقافات غير المكتوبة وهناك أدوات كثيرة أو مقتنيات تخص اليمن، كما أن الرئيس الذي سبقه ميتران كان قد افتتح معهد العالم العربي وهو مكان بباريس يمكن من خلاله اكتشاف العالم العربي. ومنذ سنوات تم افتتاح معرض خاص عن اليمن حقق نجاحا كبيرا ولا يزال الحديث عنه ساريا حتى الآن».

وعن حالة الفقر الموجودة في اليمن بالنظر إلى الكثافة السكانية تحدث قائلا: «كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك قد عمل على ضم اليمن إلى منطقة التعاون الاولوي الفرنسي، وكانت هذه الدول الموجودة ضمن هذه المنطقة فقيرة وفي الأصل كانت سابقا مستعمرة من قبل المستعمر الفرنسي. وبضم اليمن إلى هذه المنطقة كان شيراك قد اقدم على خيار سياسي يكمن في مساعدة دول تشكل لنا أهمية كبيرة، وجرت الاعمال الادارية بشكل مطول وأخذت وقتاً حتى تم اتخاذ قرار. وعملت فرنسا بعد سنوات على تعزيز دعمها في مجال التنمية في اليمن ولم يتم ذلك الا في شهر مارس الماضي 2007م، حيث تم إرسال وزير التعاون الفرنسي إلى اليمن بناء على طلب الرئيس شيراك لتوقيع اتفاقية تعاون مع وزير التخطيط اليمني، وهذا الاتفاق نص على أن تعمل فرنسا على دعم التنمية في اليمن بمبلغ يزيد عن 120 مليون يورو. وبدأ المشروع بالتنفيد ويرتكز على ثلاثة أساسيات هي الحكم، الديمقراطية، والأمن».

وفيما يخص دعم هذه الأساسيات تحدث قائلا: «فيما يخص الحكم عملنا مع السلطة اليمنية على تحسين الادارة وعمل المؤسسات ونعمل على تأهيل موظفين يمنيين في عدة إدارات سواء من التخطيط أو الخارجية او الجهاز العام للرقابة والمحاسبة بحيث يتم تأهيلهم في اللغة الفرنسية ومجال الادارة. وعملنا على تطوير التعاون بين الجهاز العام للرقابة والمحاسبة ونظيره في فرنسا، التي تسمى محكمة الاموال».

وقال فيما يخص الديمقراطية والامن: «عملنا على دعم وتعزيز اللا مركزية التي تشكل أولوية للسلطة اليمنية، وفيما يخص الأمن عملنا على تطوير جملة من الفعاليات تتم لاحقاً هدفها دعم الشرطة والقوات المسلحة، وفيما يخص التنمية كان الرئيس شيراك قد قرر قبل أن ينهي فترة رئاسته في نوفمبر 2006م قبيل مقابلته مع الرئيس اليمني أن يفتتح مكتبا للوكالة الفرنسية للتنمية بصنعاء مهمتها الاساسية تقديم العون والمساعدة في مجال البنية التحتية والزراعة، وهي مواضيع لا تطلع عليها الحكومة الفرنسية، وإنما هذه الوكالة تمارس دعمها إما عن طريق هبات أو قروض بدون فوائد ولدي آمال كبيرة بفتحه في الاسابيع القادمة».

كما تحدث عن مشروع يكلف ملايين عدة يهدف إلى تحسين الكهرباء بصنعاء وعن مشاريع أخرى خاصة بالتعليم وتعليم الفتاة وشق الطرقات.

وعن الاهتمام الفرنسي الخاص بالامن والاستقرار في اليمن تحدث قائلا: «إننا نتحدث عن الأمن اليمني وكأننا نتحدث عن أمن فرنسا، حيث يعتبر موقع اليمن استراتيجية لأنه يشكل حلقة وصل بين العالم العربي وأفريقيا.

وهناك جزء كبير من حركة الملاحة الدولية التي تمر بمنطقة البحر الاحمر والبحر العربي حتى قناة السويس، ولهذا فإن الفرنسيين يولون أهمية كبيرة لاستتباب الامن في اليمن وكذلك الاوروبيين، لانه سيكونلها دور اساسي لضمان أمن الملاحة البحرية الدولية واستقرار الامن في القرن الافريقي.

هذا ينطبق كليا على كل الدول الغربية حيث تولي اهتمامها فيما يخص مسألة امن اليمن، وينطبق ذلك اكثر على فرنسا لان أكبر قاعدة عسكرية موجودة في الخارج لدى فرنسا في جيبوتي.

وأقول بشكل صريح إن العلاقات بين البلدين على هذا الصعيد طيبة جدا وهي نتيجة لعلاقات شخصية بين الرئيس السابق شيراك والرئيس علي عبدالله صالح.

وقد وقفت فرنسا إلى جانب اليمن في حرب 94م وايضا وقفت معها عام 98م اثناء أزمة جزر حنيش. وهناك علاقات وثيقة وجيدة تجمع ما بين القوات المسلحة بين البلدين وكذلك مع خفر السواحل والشرطة».

وأضاف قائلا: «نقوم سنويا بتأهيل جنود يمنيين في جيبوتي في ظروف صعبة ليكونوا جنوداً من النخبة. وقد سألني صحفي عن تجهيز جيش يمني بهراوات هل هي مسالة جيدة؟ فأجبت أن الشرطة بشكل جيد يمكنها أن تحافظ على النظام ودون القتل او لا تحدث سوى القليل من الموت، لأن الأمر وارد جدا أن تحدث مظاهرات في كثير من البلدان في فرنسا وامريكا وغيرها.. والشرطي الذي لا يمتلك إلا البندقية الكلاشنكوف قد تصل به الحال إلى أن يفقد أعصابه ولا يمكن أن يتصرف إلا بإحداث القتل واستخدام الكلاشنكوف، ولذا فإنه عندما نجهز الشرطة اليمنية بهراوات نطمح إلى أن نوفر كثيرا من الحياة ونقلل من حوادث القتل».

وقال: «يمكننا أن نتصور ماذا سيؤول اليه الوضع في الإقليم لو كانت اليمن تعيش في ازمة.. فبفضل الله يمكن أن نقول إن اليمن تحظى باستقرار أمني منذ رئاسة علي عبدالله صالح، ونتمنى استمرار ذلك، لانها مسألة أمن اقليمي وهذا ايضا يصب في مصلحة فرنسا».

وأكد على «دعم الحكومة الفرنسية للجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية في مجال مكافحة الإرهاب باعتبار أن الارهاب وباء لا بد من التخلص منه»، ممتنعا عن الخوض في التفاصيل لأن ذلك يعد من الامور السرية. وأضاف أن «التنمية ومكافحة الارهاب قضيتان متلازمتان لأن الجهل والأمية يمكن أن يدفعا الشباب ذكورا أو اناثاً إلى اعمال إرهابية، ولهذا كل ما يقدم في مسألة التنمية يمكن أن يدعم مسألة مكافحة الارهاب ليس على المدى القريب فقط وإنما على المدى البعيد ايضاً».

وعن دعم الحكومة الفرنسية للمرأة اليمنية ودعم برامجها تحدث قائلا: «تقدم فرنسا العديد من البرامج ومنها ما تقدمه في مجال تعليم الفتاة ومكافحة الأمية، حيث تقدم المساعدات لاسر الفتيات لابتعاثهن إلى المدارس وتقديم مساعدات غذائية في ظل التعاون مع برنامج الغذاء العالمي. ففي عام 2006م كان البرنامج قد دعم 300 الف فتاة مع عائلاتهن في الريف اليمني».

وفيما يخص خطط وبرامج تطوير مهارات الإعلاميين اليمنيين ونصيب الإعلاميات منها وتقديم المنح المجانية لتعليم اللغة الفرنسية تحدث قائلاً:

«لدينا تعاون مع وكالة سبأ منذ عدة سنوات، وعملنا يركز على الإتقان واجادة اللغة الفرنسية لأن الوكالة ترغب في تطوير نشرة باللغة الفرنسية، بالاضافة إلى موقع لاخبار الرئيس والاخبار الاخرى باللغة الفرنسية. وهذا العام تمكنت من ارسال شخصين للالتحاق بدورة لمدة شهر وستكون فكرة طيبة تكرار نفس العملية في العام القادم 2008م بابتعاث إعلاميين، والمشكلة التي تعترضنا هي اللغة الفرنسية. ومن الممكن الالتحاق بالدراسة للغة في المركز الثقافي الفرنسي، وهناك حالات مجانية؛ فالسفارة لديها مبلغ مالي مخصص يمكن أن تدفعه للمركز الثقافي مقابل تدريس بعض الأشخاص».

وقدم دعوة للصحفيات بالالتحاق بالدروس الفرنسية في الدورة القادمة، التي ستبدأ في شهر يناير القادم على حساب السفارة الفرنسية.

إلى ذلك كانت قد تحدثت الأخت رحمة حجيرة، رئيسة المنتدى عن اهمية مشروع كسر حاجز عزلة الإعلاميات قائلة:

«إن رؤساء المؤسسات الإعلامية في اليمن هم من الرجال، وكذلك رؤساء الدوائر التدريبية، وبالتالي فإن فرص التدريب تذهب للرجال دون النساء، كما نلاحظ أن أغلب المؤتمرات الصحفية يحضرها الرجال الصحفيون، وأن أغلب الصفحات الاولى في وسائل الإعلام المكتوبة والالكترونية تكون بأقلام الرجال ايضا دون النساء، وهناك تمييز مقصود يمارس ضد الصحفيات تحديدا. لا أدري هل بسبب الجنس أم السياسة أم العادات والتقاليد، ولكن المأساة تتفاقم يوما بعد يوم عندما يصبح التمييز ممارسا من قبل السفارات والدبلوماسيين ضد النساء، حيث إن اغلبية الدعوات التي توجه للمؤسسات الإعلامية أو اللقاءات هي للذكور وليس للاناث وبالتالي فإن التغطية الإعلامية تصبح حكرا على الرجال وليس النساء».

يذكر أن هذا اللقاء يعد الثاني في اطار مشروع كسر العزلة، الذي ينظمه منتدى الإعلاميات، حيث سبقه لقاء مع السفير البريطاني، مطلع الشهر الحالي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى