ضفادع سامة

> جلال عبده محسن:

> ثمة تجربة علمية قديمة تقول إذا وضعنا ضفدعا في وعاء ماء، وأخذت حرارة الماء في الاتفاع تدريجيا حتى تصل إلى درجة الغليان فإن الضفدع يظل في مكانه حيث هو حتى يغلي لأن جهازه العصبي لن يستجيب للزيادة التدريجية، ولكن إذا غلى الماء أولا ثم ألقينا الضفدع فيه فإنه يقفز خارج الماء فورا.

ومنذ عام 94م تراكمت الكثير من صور الفساد الاجتماعي، أبطالها ضفادع بشرية وجدت البيئة المناسبة لتنمو وتتكاثر بل وأصبحت لها أساليبها وقدراتها الخاصة والعجيبة على النصب والاحتيال وسرقة المال العام واغتصاب الأراضي والسلطة ولا تزال تقوم بإمساك العصا من الوسط تجاههم.

فعلى الرغم من شدة قبضتها على المعارضة وعلى حرية التعبير إلا أن هذه القبضة تتحول إلى هشاشة وتراخ في مجال مكافحة الجريمة الاقتصادية ونهب المال العام ومحاربة الفساد، وإلى ضعف للقانون والتراخي في تطبيقه، الأمر الذي نجح في ظله الكثير من الفاسدين ممن هم في السلطة في تحقيق ثراء فاحش وسريع عن طريق النصب والاحتيال واستغلال الوظيفة العامة، ونحن اليوم باعتقادي عند نقطة الغليان، الأوضاع فيها كافية لكي تدفع الضفادع الجديدة إلى الاستجابة والقفز بها، لكن ماذا عن الضفادع الموجودة أصلا بيننا والتي أصبحت تتكيف في ظل كل المتغيرات حتى أصبحنا أمام عتاولة للفساد لا ينفع معها جهاز الرقابة والمحاسبة ولا لجنة عليا للفساد إذ بإمكانهم نفث سمومهم للحيلولة حتى دون الاقتراب منهم.

بعض المهن السامية والإنسانية كمهنة الطب نراها اليوم تتفسخ مع ظهور العيادات والمستشفيات الخاصة، عندما احترفتها قلوب قاسية تجردت من الرحمة ووازع الضمير لا هم لهم غير الكسب السريع تحولت إلى تجارة جراء الارتفاع الباهظ لتكاليف العلاج في هذه المستشفيات، والذي أصبح فوق طاقة البشر، وأصبحت ديارهم موصدة أمام حالات طارئة وفي أوقات حرجة حتى على جيرانهم، ولا يقابلونها إلا في عياداتهم الخاصة بعد أن كان الطبيب وحتى زمن قريب ملبيا لنداء الواجب إذا ما دعته الحالة ليؤدي واجبه الأخلاقي والانساني مع شعوره بالاطمئنان وراحة الضمير على صنيعه هذا.

فالطبيب الإنسان، الذي من الله عليه بعلم لا ينبغي له حرمان مرضاه من زرع الأمل والابتسامة ما لم تكن في حوزته قيمة العلاج، لأن ذلك يتنافى مع اخلاقيات المهنة ومجموعة الصفات الأخلاقية الأخرى التي ينبغي التحلي بها كالرحمة والوفاء والأمانة التي اؤتمن عليها والمروءة ومراقبة الله سبحانه وتعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى