هل الحوار هو الحل؟

> أحمد عبدربه علوي:

> هناك مبالغة شديدة في الاعتماد على الحوار لحل الخلافات في السياسات والمواقف والآراء، فعندما تتعقد الأمور، ويجد أحد الأطراف نفسه في طريق مسدود أو زاوية حرجة يلجأ لمقولة الحوار باعتبارها المخرج من الحرج، فالحوار يعني تعليق الأمر ريثما يتم التوافق عليه، وقد لا يتم.. إذا كان الداعي للحوار صادقاً فيجب أن يعلن سلفاً استعداده للتراجع عن موقفه، فلا معنى للحوار إذا كانت أطرافه متمسكة بمواقفها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما يسمى حوار الأديان، فليس هناك أي طرف لديه الاستعداد للتنازل عن أية جزئية من مكونات العقيدة التي يؤمن بها، وبذلك يكون الهدف من الحوار هو مجرد التعارف والتعايش وإلقاء الضوء على العناصر المشتركة وتوجيه نداءات في مواضيع لا خلاف عليها، والأمثلة كثيرة على ذلك.. لكن كيف ينطق من في فمه ماء؟!!

حتى عندما ينجح الحوار فإنه يقود عادة إلى حل وسط فليس حواراً ما يؤدي إلى غالب أو مغلوب فلا بد من الأخذ والعطاء للالتقاء في مكان ما في منتصف الطريق، ولذا فإن الحلول التي تنتج عن الحوار لا تكون حاسمة فهي حلول انتهازية هدفها إيهام الطرفين بأن كلا منهما حقق إنجازاً.

وفي بعض الأحيان يصاغ الاتفاق الناشئ عن الحوار بلغة فضفاضة حمالة أوجه، بحيث يفسرها كل طرف كما يلائمه، ويسمون ذلك «الغموض البناء» وهو يوحي بالاتفاق خلافاً للواقع، مثل (الانسحاب إلى حدود آمنة ومعترف بها) وغير ذلك من المقولات المتعلقة بما يسمى الحوار! الامور المختلف عليها تعالج بالحوار، فيأتي الحوار مضيعة للوقت.. مثال على ذلك هل صحيح أن نزع سلاح حزب الله يعالح بالحوار، وأن قانون الانتخاب يعالج بالحوار، وأن العنف الإرهابي يعالج بالحوار، وأن عزل حكومة حماس تعالج بالحوار؟ وغير ذلك من الأمثلة أرى الاحتفاظ بها.

هذا لا ينفي أن الحوار بين الفرقاء يظل اسلوباً حضارياً، فهو أفضل من الحوار بالرصاص أو بالشتائم أو بالمناكفات الإعلامية والصور المسيئة أو بالمظاهرات والعنف، كل ما هنالك أننا يجب أن لا ننتظر المعجزات من الحوار، خاصة عندما يتحول إلى حوار (الطرشان) حيث تسجيل المواقف. أعرف سلفاً أن كثيرين سيختلفون معي ويتهمونني بالتشاؤم، فلا أملك دفاعاً عن النفس سوى دعوة هولاء إلى الحوار!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى