من المسئول عن التداعيات ومن يفترض أن تسلمه الإنتربول للعدالة الأصنج أم غيره؟

> محمد عبدالله باشراحيل:

> إن الأمور التي وصلت إليها البلاد من معاناة وتهميش وتداعيات، وخاصة في المحافظات الجنوبية، بعد أن هيمن الفكر القبلي على السلطة وعاث في الأرض فساداً فيها، تتطلب منا قبل الرد على سؤالنا أعلاه الوقوف أمام بعض الحقائق لارتباطها بموضوعنا وهي:

أولاً: لقد أعلن قيام الجمهورية اليمنية يوم 22 مايو دون استفتاء بموجب اتفاق أبرم قبيل شهر من الإعلان بين نظامين سياسيين في دولتين (هما عضوان في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية) هما الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وإن الاستفتاء الشعبي على دستور الجمهورية اليمنية أجري بعد عام من هذا الإعلان، بمعنى أنه كحقيقة تاريخية ثابتة فقد تم الاستفتاء على الدستور ولم يتم الاستفتاء على الوحدة، كما أن الدستور المستفتى عليه قد تم تعديل ما نسبته أكثر من 60 % من مواده من قبل مجلس النواب الذي لا يملك حق تعديل أي مادة من مواد الدستور لأن مصدره الشعب الذي يملك وحده حق التعديل، وهو عرف دستوري معمول به في معظم بلدان العالم.

ثانياً: من الخطأ الفادح ما يكرره كثير من المتنفذين في السلطة بأن الوحدة هي عودة الفرع إلى الأصل بمعنى الإلحاق، مع تناسي الشراكة بين دولتين على طريق إلغاء الشريك الجنوبي وكل ما هو مرتبط به ومعه من اتفاقيات ومعاهدات وإلغائه كلياً بعد حرب 1994م، صاحبه وتلاه هيمنة الفكر القبلي على الحكم الذي أفرغ السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية من مضامينها وأخذت طابعاً ديكورياً وشكلياً فقط.

ثالثاً: لقد عانت المحافظات الجنوبية، من خلال تهميش أبنائها والعبث بثرواتهم والسطو والاستيلاء على أراضيهم وإقصائهم عن الوظيفة والسيطرة على مفاصل السلطة وفرض المركزية المفرطة، نتج عن ذلك ارتفاع نسبة البطالة واتساع شريحة الفقراء فيها بشكل لافت ومخيف لدرجة تهدد النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية، خاصة وأنهم يلاحظون بحسرة وأمام أعينهم أن ثرواتهم ينعم بها غيرهم ظلماً، إضافة إلى تفشي الفساد وعدم مصداقية السلطة في برامجها ووعودها الكثيرة، كل هذه الأمور وغيرها أوصلت البلاد وخاصة المحافظات الجنوبية إلى حالة حراك ترفض الممارسات المشينة للمتنفذين في السلطة والواقع المفروض بالقوة والآلة العسكرية وذلك عبر الوسائل السلمية المتمثلة في الاعتصامات والمسيرات التي شهدتها تلك المحافظات والتي تم مواجهتها بالرشاشات والبنادق والهراوات والاعتقالات، وأدت إلى سقوط قتلى وجرحى في الضالع والمكلا والحبيلين وعدن.

مما تقدم يتضح لنا أننا أمام سلطة قبيلة لا سلطة دولة، سلطة تجيز أعمال القتل والقمع والاعتقال في الساحة الجنوبية كرد على الاعتصامات السلمية، سلطة رفض الرأي والرأي الآخر، إذ يلاحظ أنه في الوقت الذي يدعو فيه السياسي المخضرم والمناضل الجنوبي الكبير الأستاذ عبدالله عبدالمجيد الأصنج للتواصل على طريق السلامة والنجاة باقتراح مبادرة يمكن أن تتضاءل معها كما قال احتمالات التمادي في التصعيد والمواجهات واستخدام القوة المفرطة لمواجهة موقف بالإمكان احتواؤه بعودة الوعي وبوضع مصلحة الأمة والوطن فوق كل اعتبار آخر حزبي أو شخصي عسكري أو قبلي، نرى أن هذه المبادرة تقابل بلهجة عنيفة وغبية تصل إلى دعوة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) لتسليم الأستاذ الأصنج لمحاكمته وكأنه بمبادرته ارتكب جرماً فادحاً، هذا في واقع الأمر جهل ومهزلة، بينما نرى في المقابل مسئولين كباراً في السلطة يدقون طبول الحرب بل ويتشدقون بأنهم سيقومون بتوزيع الأسلحة بحجة الدفاع عن الوحدة، في حين يرى البعض أنه تحريض لحرب جديدة يستفيد منها عشاق الغنائم والحروب والدعاة لها.

وسؤالنا أي من هؤلاء يفترض أن تسلمه الإنتربول للعدالة؟ من يدعو لحرب أهلية؟ أم من يطرح مبادرة لحوار وطني؟ الأمور واضحة، ونحن ننصح الحكام القابعين في بروجهم العاجية أن يفيقوا من سباتهم وغيهم ويستجيبوا لنداء العقل والحكمة ويفتحوا باب الحوار لكل ما يطرح من مبادرات وآراء من مختلف القوى الوطنية الحريصة على مصالح الوطن والمواطنين، وإلا فإن رياح التغيير قادمة لا محالة لتفرض واقعاً قائماً على العدل والمساواة واستعادة الحقوق المنهوبة.. ويومها لا ينفع الندم أبداً.

* كبير خبراء سابق في الأمم المتحدة

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى