انيشكي المنسية في الجبال الكردية تخشى حربا وشيكة

> انيشكي «الأيام» باتريك كامينكا :

>
يشعر جورجيس حامون شليمو بان القدر يلاحقه. فهذا المسيحي الذي فر من بغداد هربا من العنف اليومي واستقر في بلدة اجداده الهادئة في كردستان العراق، تطارده الحرب حتى انيشكي.

فالمدفعية التركية اطلقت في احدى ليالي الاسبوع الفائت ست قذائف على هذه البلدة السياحية التي تبعد عشرين كلم عن الحدود.

الاضرار كانت محدودة ولم تقع اصابات، لكن جورجيس لا يشعر بالامان ومثله سكان هذه البلدة المسيحية التي تبعد 250 كلم شمال اربيل، عاصمة كردستان، رغم انها محاطة بجبال يصعب تجاوزها.

ومصدر القلق مقاتلو حزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي يتحصنون في مواقع مجهولة ويواجهون حكومة انقرة التي تعتبرهم ارهابيين وتسعى الى القضاء عليهم.

ويقول جورجيس حاملا سبحة صلاة "لم نعد ندري ماذا نفعل. كنت مهددا في بغداد بوصفي مسيحيا، وهنا العنف يطاردني مجددا".

ويبدو اكراد شمال العراق الذين يتمتعون بحكم ذاتي واسع منذ اكثر من 15 عاما، عالقين بين هاجسي الحفاظ على استقرار منطقتهم وازدهارها والتضامن مع المتمردين من اكراد تركيا الذين لجأوا اليهم.

ويقول ديمكي يالدا (56 عاما) رئيس بلدية البلدة التي لا يزال سكانها من الاشوريين الكلدانيين يتكلمون الارامية (العبرية القديمة)، "لم نصادف البتة مقاتلين من حزب العمال الكردستاني، انهم لا يأتون الى هنا".

ويتباهى يالدا بزيه الغربي ويرفض ان يقع مواطنوه ضحية قضية اكبر منهم: النزاع الدموي المستمر منذ نحو 25 عاما بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي.

ويعلق على اول عملية قصف تركية في حضور قرويين يوافقونه الرأي "لحسن الحظ لم تقع اصابات وتحطمت نوافذ بضعة منازل".

ويتدارك "لكن خوف السكان يتعاظم، وخصوصا النساء والاطفال".

القلق تصاعد مع تهديد الجيش التركي بعملية توغل عسكرية اثر سلسلة هجمات دموية نفذها المتمردون الاكراد في جنوب شرق الاناضول المحاذي للحدود العراقية.

ويتابع رئيس بلدية انيشكي التي غالبية سكانها مزارعون "لا يحق لهم المجيء الى ارضنا. منطقتنا مستقرة. وربما هذا الامر تحديدا يزعج الحكومة التركية".

ويقول البقال ماتي ايشو (56 عاما) "لا نريد الاتراك باي ذريعة. نظامهم ديتكاتوري وقد قتلوا في الماضي ارمن واشوريين واكرادا. انهم مجرمون".

ويرفض جورجيس ومواطنوه الفرار رغم تصاعد التوتر ويقول "لن اغادر مهما كان السبب. انها بلدتي وبلدة اجدادي حيث اعيش مع اهلي".

ويضيف "هنا، يمكننا ممارسة ايماننا من دون مشاكل. ثمة كاهن يحتفل بالقداس كل احد ونعيش بسلام اكرادا وعربا".

وفي متجر ماتي الصغير تختلط الفواكه بالاجبان وقناني البيرة بزجاجات الويسكي، لكنه يشكو من قلة الزبائن، "منذ الاحداث الاخيرة لم يعد سكان المدن يقصدون جبالنا لتنشق هوائها النقي، واقتصادنا يتراجع".

وفي الشارع، تحث فتيات الخطى نحو المدرسة بقمصانهن البيضاء وتنانيرهن الزرقاء. لكن التشاؤم يلازم البقال القلق، "الاتراك آتون لا محالة، انا واثق من ذلك". (أ.ف.ب9

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى