الصوت العماني الهادئ

> علي سالم اليزيدي:

> تخوض سلطنة عمان الشقيقة والجارة اللصيقة التاريخية بنا، تجربة مميزة ومهمة على مستوى الوطن العماني وكذا العلاقات الإقليمية العربية والدولية.

تخوض عمان خلال هذه الأيام دورة الانتخابات لمجلس الشورى الذي بدأت مسيرته في هذا البلد العربي التليد منذ عام 1991م، ويوم أرادت الإرادة العمانية أن تدخل- بعد إصلاحات واسعة وعميقة في بنية المجتمع - الحياة العصرية بتؤدة وهدوء وتخطيط وتاريخ، أرادت أن لا تتفز فوق الحبال وأن تطال المستحيل، هكذا قال الرأي العماني الرسمي والشعبي، وهو ما نطقت به الأفئدة ونادت به العقول وتوافقت عليه النوايا.

تخوض سلطنة عمان تجربة الدعاية الانتخابية للمتنافسين على مقاعد مجلس الشورى البرلماني القادم، وعمدت من عندئذ إلى جعل هذا الأمر هادئاً، ولكنه حقيقي وتحت الأضواء بقدر الإمكان وفي متناول الصحافة ومفتوح أمام المراقبين الداخليين والخارجيين، ولكنه صناعة عمانية عربية لها صفات ولسان وصدر العرب.

ومع أنها التجربة الثانية بعد الأولى التي تدخل بها سلطنة عمان تحت رعاية السلطان قابوس رعاه الله، مجال الديمقراطية، إذ نجحت الأولى وفقاً لمزايا هذا البلد وتضاريسه الاجتماعية ونزعاته القبلية والتاريخية والثقافية أيضاً.. وهنا تظهر هذه التجربة رسالة الداخل العماني رويداً رويداً فالأمر ليس سباقاً للتنافس ربما، وليس لهثاً للمزايدة من أجل ديمقراطية وحرية رأي قد تسقط مبكراً إذا لم تحسب خطواتها بدقة.

أعجبني - مع التحفظ في الرأي الخاص - ما وضع من ضوابط للمرشحين المتنافسين وطريقة تقديم أنفسهم وفتح الصحف وعدد من الإعلانات الانتخابية حددت سلفاً، ومن ثم طريقة اللجان والدخول إلى المجلس القادم، كل هذا جاء مستمداً ذاته من واقع عمان وتطوره نحو آفاق الحكم المحلي والبرلماني فيه، إذ نرى هنا ما يشبه عملية المراعاة الدقيقة جداً مثلما ينفخ أحدهم في قربة دون أن يتجاوز الحد الذي يتطاير فيه كل شيء وحتى لا تصبح النعمة نقمة بعدئذ.

هنا تظهر موضوعية الغاية إذا رغبت القوم في عدم تجاوز الواقع وإنما السير معه جنباً إلى جنب في صداقة وإخاء ووفاء.

سلطنة عمان دولة وشعب شقيق تبادلنا معه صناعة الحضارة في هذا المكان وتوزعنا بين الأسماء والمدن والزمن، ولا يمكننا أن نطلق على تجربته الثانية في الديمقراطية الصاعدة، إلا أنها رديف صادق وانفتاح للحرية فوقها يقف العقل ظاهراً وناطقاً، وهو صوت عمان الهادئ القادم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى