تبرئة الذمة «بمكاشفة علنية» وليس في «استمارة سرية»

> محمد سعيد سالم:

> (الفشل هو الشيء الوحيد الذي يمكن تحقيقه دون بذل أي مجهود!). ولذلك نتمنى ألا تكون حركة اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، هذه الأيام، لإبراز نشاطها، مجرد نية داخل دائرة مفرغة!!

فالعمل داخل دائرة مفرغة، هو فشل لأنه يخلو من المجهود الحقيقي الذي يستهدف المضامين الوطنية المطلوبة لمكافحة الفساد، التي بدأت بضغوط إنسانية وشعبية ووطنية منذ سنوات، ودعا إليها الكثير من منظمات المجتمع المدني في بلادنا وفي العالم، وظلت منذ عملية البحث عن دولة حديثة في اليمن مطلب منظمات الشفافية في العالم، والداعية إلى الحكم الرشيد.

اليوم تتحرك في المؤسسات الرسمية المختلفة (استمارة تبرئة الذمة)، وهي خطوة لتفعيل دور لجنة مكافحة الفساد، ولكنه تفعيل محاصر في ذاته، لأنه لا يحقق هدف مكافحة الفساد، ولا يعزز الارتباط الضروري بين المضمون الوطني والأخلاقي لمكافحة الفساد، وأثره الإيجابي في الشفافية ومستقبل الحكم الرشيد، ومشاركة الشعب في ممارسة دوره الرقابي، وتقييم خياراته في الأشخاص والأحزاب والقيادات.

(استمارة تبرئة الذمة) خطوة نوعية من حيث طبيعتها الإجرائية، وهي ترجمة لجزئية مهمة من البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، لكنها لن تخدم هدف مكافحة الفساد، إذا ظلت المعلومات الواردة في الاستمارة مجرد رصد خاص بين الأشخاص وإرشيف لجنة مكافحة الفساد. إن من أهم وأبرز مرتكزات تبرئة الذمة، أن يعلم الناس التركيبة الإنسانية والأخلاقية والإيمانية والمالية للمطلوبين في عملية تبرئة الذمة، لأن مكافحة الفساد عملية تضامنية بين اللجنة والمجتمع والسلطة، فإذا تحولت إلى قضية (حبر) ينسكب في الأوراق، وتحفظه لجنة مكافحة الفساد ضمن علاقة إدارية - تنظيمية، لا يعلم عنها الشعب، إلا من خلال مقتضيات (فقه الضرورة والظروف) فمن الأفضل عدم الاستمرار في إهدار سنوات أخرى، تكون لجنة مكافحة الفساد خلالها مجرد عامل إضافي في إتاحة الفرصة للفاسدين والمفسدين، بكل صورهم وأحجامهم، لمواصلة النهب المنظم، وإفشال مشروع الدولة الحديثة في اليمن.

وفي رأيي، لا يكفي طباعة استمارات وتوزيعها على الوزراء والمسؤولين، والذين يتولون قيادة مرافق إيرادية، بل أن إعلان معلوماتها للشعب ضرورة قصوى، لأن تبرئة الذمة لا تستوفي قيمتها الدينية والأخلاقية والوطنية، إلا في وجه الله ومعرفة الناس.

وهناك ضرورة أخرى، هي أن تتجاوز لجنة مكافحة الفساد صورة الوضع العقيم، الذي قيدها به قانون يخدم (البيروقراطية المكتبية)، ولا ينحاز إلى مكافحة ميدانية الفساد، حيث تفيد تقارير ووقائع بوجود فساد يزكم الأنوف، من قيادات وأشخاص، قد تجعلهم الاستمارة السرية (وعّاظاً ومصلحين، والمدينة غير فاضلة)! وسيبقى الشعب في نظر الاستمارة هو المتهم وغير قادر على إثبات براءته، أو مكافحة الفساد، وإدانة الفاسدين.

لقد اختار أهل اليمن الديمقراطية ومشروع الدولة الحديثة، في زمن حكم الرئيس علي عبدالله صالح. ويقتضي مسؤوليته الأخلاقية والوطنية والتاريخية إنجاز كل ما يتعلق بها من استحقاقات! وسيجد (الشرفاء) خلفه في كل مكان!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى