هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية بمحافظة شبوة .. مشاريع كبرى وواقع جديد ..(حرة بلحاف) حقل بركاني خامد إلى حين

> مساعد عبدالله بن ناجي:

> أجمع خبراء البراكين والزلازل في دراسات نشرت -عقب كارثة زلزال ذمار في ديسمبر 1982م- أن العوامل الرئيسية لهذا الزلزال كانت الحركة الرأسية لصهير الأرض (الماجما) الواقع تحت سطح أرض منطقة (ضوران - آنس) والمسمى بالنشاط البركاني.

ومهما يكن من افتراضات فإن الأثر التدميري لهذا الزلزال قد نبه المسؤولين، لاستخدام الوسائل التكنولوجية المناسبة لرصد هذه الظواهر لغرض التنبؤ وتحديد أماكن وبؤر انتشارها وتخفيف ضررها فأنشئ المركز الوطني لرصد الزلازل في محافظة ذمار كواقع جديد لا يمكن تجاهله.

واليوم اختلف الأمر فما شاهده الناس مباشرة من خلال الفضائيات للحدث الذي وقع في إحدى الجزر اليمنية المسماة (جبل الطير) في حوض البحر الأحمر (أخدود البحر الأحمر) يعتبر نشاطاً بركانياً من الدرجة الأولى نظراً للحمم النارية المتدفقة على سطح الأرض. هذه الطاقة المحررة من باطن الأرض لا تستطيع أي قوة أن توقفها ولا يمكن تلافي خطورتها بالوسائل التكنولوجية المتاحة فدرجات الحرارة تتراوح بين (500 - 5800) درجة مئوية.

والعجيب أن كثيراً من الناس قد أوّلوا الحديث الشريف عن نار تخرج من اليمن فتحشر الناس إلى الشام أو إلى محشرهم (أما النار فخروجها من قعر عدن وهي آخر علامات الساعة الكبرى).

والطريف عندما أحسن البعض الظن فتوقعوا أن يكون هذا حدث جالب للاستثمار لما يحمله من مؤشرات إحراق لثروة نفطية أو غازية أو معدنية في وسط البحر ضمن المياه الإقليمية اليمنية!!

وحقيقة القول إن هذه الثورة البركانية ما هي إلا آية من آيات الله ليقبل الناس على تقييم أعمالهم وما كسبت أيديهم ويسعوا حثيثاً لتلمس الوسائل الكفيلة بتخفيف مخاطرها وكوارثها المحتملة وأبعادها الزمانية والمكانية، فالصدوع والفوالق المنتشرة في عدة اتجاهات قد تشق في عمق اليابسة ولمئات الكيلومترات متسببة في مخاطر تأتي على الأخضر واليابس.

إذن هذا واقع جديد أيضاً وهنالك توازن لقشرة الأرض وينبغي التفكر فيه، وما نراه من تغيرات مناخية وكثرة الاعاصير والفيضانات وموجات التسونامي أو المد البحري والانهيارات والانزلاقات الصخرية والزلازل والتصحر وموجات الجفاف وحرائق الغابات ما هي إلا نتاج مباشر وغير مباشر لما يمارسه الإنسان من نشاط غير مدروسة عواقبه وله تأثيراته في منظومته الجيوبيئية.

ومما لا شك فيه أن استكشاف النفط والغاز قد شكل منعطفا تاريخيا في واقع اليمن أرضاً وشعباً فكانت اللجان المشتركة للثروات الطبيعية، ثم الوحدة المباركة، فالمشاريع الاستثمارية العملاقة كمشروع ميناء بالحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال مع ما يترتب عليه من جلب لاستثمارات استراتيجية أخرى مثل صناعة البتروكيماويات وتوليد الطاقة وصناعة الاسمنت وميناء الصخور الإنشائية والصناعية والسكة الحديدية وتشغيل العاطلين عن العمل وإحداث التنمية المادية والبشرية المطلوبة.

وهنا نتوقف قليلاً لتقييم الموقف في ضوء بركان جبل الطير، فموقع المشروع من وجهة النظر الفيزوجرافية والاقتصادية للشركة متميز من حيث السواتر الطبيعية وتوفر المواد الأولية، لكن هذه الموارد النادرة تذهب لأغراض غير أغراضها وبهدف خفض القيمة الموقعية لها لتوفير تكاليف النقل والمعالجة من مواقع أبعد، والشركة اليمنية للغاز المسال قد أخذت ولا بد على عاتقها الالتزام بأفضل الخيارات والبدائل للموقع ومواصفاته طبقاً للمعايير الأولية ووفرت الشروط اللازمة للحفاظ على المنظومات الجيوبيئية وتوازنها وشكلت اللجان المختصة بمراقبة التغيرات الهيدروجيولوجية والجيوحيوية والجيوحرارية في محيط الموقع.. فهل هذا يكفي؟

هناك استغلال غير مدروس للخامات الإنشائية والصناعية في الموقع ومحيطه لأغراض الردم والكبس والبناء في دائرة قطرها حوالي عشرة كيلومترات، ويغلب اللون الأحمر على جميع مرافق وطرق الموقع بسبب الخام البوزلان المهدر بعشرات الآلاف من الأطنان.

ومع الأسف فإن هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية تتحمل قسطاً من المسؤولية حين ساهمت في الأعوام 97 - 98م في دراسات التربة والأساسات واستخدمت تقنيات الحفر وتحليل العينات لهذا الصرح ووفرت الخلفية الجيولوجية الاساسية للأعمال الإنشائية والمعمارية ووثقت التقارير النهائية وسلمتها لممول وفي طياتها مسلمات العمل الاستشاري الجيولوجي من حلول واقتراحات وخيارات وبدائل لمعضلات قد تنشأ في مستقبل المشروع القريب والبعيد.

(حرة بلحاف) لها من اسمها نصيب حقل بركاني خامد إلى حين، تتفجر حولها العيون الحارة (عين بامعبد - اثنتان، وادي حجر - أربع، المطهاف واحدة، رضوم - اثنتان) وبدرجات حرارة تتراوح بين -32 50 درجة مئوية وما ذكر آنفاً يجري على ظهرها فهل غفلت الشركة عن معايير دولية في إجراء الدراسات والأبحات وتوفير التكنولوجيا الدقيقة لرصد التغيرات المرفولوجية المتأثرة بالنشاط الزلزالي والبركاني للمنطقة أو بفعل العمليات الإنشائية والمعمارية والفعاليات الإنتاجية المستقبلية لوحدات المعالجات لكي تحافظ على التوازن الأيزوستازي فيها؟

ومع استحالة تغيير الموقع ولا حتى إزاحته يمنة أو يسرة (النشيمة مثلاً) ذلك لأن الأعمال المعمارية والتركيبات الفنية تشارف على إنجاز ما نسبته 60 % أو أكثر، لكن الغاية من هذه السطور هو لفت النظر وأخذ الحيطة فبركان جبل الطير عاود نشاطه بعد أن سجلت خمس ثورات له حتى اليوم في الأعوام 1750م، 1833م، 1863م، 1883م، 2007م.

إن الشركات المساهمة ومعها الشركات المقاولة من الباطن غير المساهمة ونحن معهم نجد أنفسنا في واقع جديد وتحديات صعبة كذلك والمسؤولية مشتركة فماذا أعددنا من حلول؟

إن مشاركتنا في الخطة الخمسية الثالثة للتنمية والتخفيف من الفقر 2006م - 2010م تمثلت بمشاريع متواضعة كخطوة على الطريق واضحة، واستحقاقات قانون المناجم والمحاجر رقم 24 لعام 2002م ولوائح الهيئة واضحة وقانون السلطة المحلية واضح وتوجيهات وزير النفط السابق والسلطة المحلية بشبوة لم تأت من فراغ.. وهل يخفى على أحد أن استجابة المستثمرين تكون ضعيفة حين لا يكون هناك مكتب رسمي مخول الصلاحيات؟ وفي غياب التمويل ووسائل المواصلات ألا تكون المتابعات متقطعة وبطيئة؟

ففي الفترة من يناير وحتى مايو 2007م تم إبلاغ الجهات المعنية من قبلنا بوقف المخاطر المصاحبة لتجريف التربات والصخور ومنها البوزلان وغيره وكذا وقف الخسائر المترتبة عليه مادياً وبشرياً ومعالجة الوضعية بإيجاد البدائل المناسبة وما زلنا ننتظر حتى اللحظة!! وعلى العموم المعالجات والإجراءات كثيرة ولا يتسع لها الحيز وما لا يدرك جلُّه لا يترك كله!!

لذا علينا الا ننتظر المفاجآت فإن نسبة النجاحات ترتفع إذا تم الالتزام بمعايير استخدامات الاراضي وأساليب البحث العلمي وتطبيقات القياسات الجيوفيزيائية والهيدرولوجية والجيوديسية والمراقبة المستمرة والإنذار المبكر والاستعانة بتقنيات التصوير الجوية والمرئيات الفضائية في تحديد التشوهات السطحية وتحت السطحية للمناطق الأكثر عرضة للمخاطر والكوارث الارضية وخاصة (خليح بلحاف وبئر علي)وما جاورهما.

ولا يفوتنا انتهاز الفرصة لنجدد الدعوة بتشكيل اللجان الوطنية للتخفيف من الكوارث والتي أثيرت مع قيادة محافظة شبوة عقب ظهور تشققات في محيط مدينة عتق مطلع عام 2006م..والوقاية خير من العلاج.

مدير هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية محافظة شبوة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى