ثورة إصلاحية حقيقية

> د.هشام محسن السقاف:

> من بين كل هذا الحراك الذي يشهده الشارع اليمني، حركة المطالب الحقوقية والسياسية الجماهيرية، ينبغي بل ويجب أن تنهض العنقاء من رماد الخراب، بجملة إصلاحات وطنية استراتيجية تبلغ العمق الوطني، على نقيض مؤتمرات وندوات الإصلاح الإداري والمالي التي لم تصلح شيئاً، بحيث يكون الغائب الدائم- الجماهير- هو الحاضر الأكبر والمعني الأول بالإصلاحات الجذرية المرتقبة، بعيداً عن أدوات الفساد التي -كانت - تقدم في كل مرة من السنوات الماضية، كمنقذ مصلح في بهرجة ما عقد من مؤتمرات وندوات، وكأننا إزاء أنموذج مشوه لـ «سارق وبيده مشعل»، والعودة -والعود أحمد- إلى رؤية مناهجية قائمة على ومسنودة بإرادة سياسية تتحاز كلياً لخيار إنقاذ الوطن من مخاطر مجهولة العواقب، وهو ما يجعل من كثير من الفعاليات الوطنية حزبية وسياسية من داخل التكوينات والتنظيمات في الحكم والمعارضة وما بينهما، ومنظمات المجتمع المدني الحقيقية والشخصيات الاجتماعية وممثلي التجار والمستثمرين وقبل ذلك الكفاءات التكنوقراطية والاختصاصيين والأكاديميين، معنية مباشرة بالأمر.

لقد تحدثنا غير مرة عن مؤتمر إنقاذ وطني، وعدم حصر المداولات والحوارات في شأن وطني مأزوم على نخب حزبية معينة، بينما أحداث وحركة الشارع في محافظات الجنوب ومحافظات أخرى في الوطن، سبقت الجميع: أحزاب المعارضة التي يحلو لها الحديث عن الجماهير دون تخويل، وحزب الحكم الذي لا يحكم كما صرح بذلك بعض أعضائه الكبار، والالتفات إلى قوى المجتمع اليمني الحية، شريطة أن تتبع ذلك، أو تتزامن معه مصفوفة إصلاحات وتبدلات سياسية قاسية من زاوية التضحية بمجموعة الـ 15 العابثة فساداً في الأرض كما تحدث عنها الأستاذ الدكتور صالح علي باصرة وزير التعليم العالي رئيس اللجنة الرئاسية التي قامت برصد وتقصي أوضاع عدد من المحافظات وخاصة الجنوبية، غداة الاعتصامات الجماهيرية السلمية، ولتكن كما أتصور هذه المجموعة أكثر من هذا العدد بالضعف أو الضعفين أو الثلاثة، لكنها تظل أقلية طفيلية ويبقى الوطن الأوسع والأشمل والأرحب.

لقد تكونت رؤية واضحة لواقع الحال لصانع القرار السياسي في وأثناء ما شهده الوطن من تحركات جماهيرية، سواء من خلال اللجان الرئاسية والوزارية التي التقت ولامست أوضاع الناس على الأرض، أو من خلال القنوات الأخرى، بما في ذلك لقاءات فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح -وحرصه على ذلك -بقطاعات وشرائح المجتمع.

ولا يبقى إلا أن تصاغ رؤية وطنية شجاعة لمعالجة الأوضاع القائمة دون تباطؤ، من خلال الصيغة الوطنية الواسعة، وتحويل كل هذا الزخم الجماهيري الغاضب إلى زخم وطني داعم لثورة إصلاحية حقيقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى