رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> لحج والسادة السقاف:لحج الخضيرة الجميلة ارتبطت بشريانين حياتيين هما: الوادي الكبير والوادي الصغير، وارتبطت بذينك الشريانين بلدات وقرى عدة منها: الشقعة، زايدة، الخداد، الحبيل، الحاسكي، الكدام، الزيادي، القريشي، سفيان، الثعلب، الحوطة، الحمراء، عبر لسلوم، جول اليماني، الشظيف، طهرور، المجحفة، المجحفة، مقيبرة، بيت عياض، هران ديان، المحلة، المناصرة، صبر، الفيوش، الوهط، بئر ناصر، العماد، جعولة، مصعبين، دار سعد (لمزيد من التفاصيل راجع :

معجم المصطلحات الزراعية في ألفاظ اللهجة اللحجية (ص234) لمؤلفه: علي سالم هيثم الحسيني).

وفي سياق البيانات الجغرافية والاجتماعية افاد الامير الفنان أحمد فضل بن علي محسن العبدلي القمندان في كتابه «هدية الزمن في اخبار ملوك لحج وعدن»(الفصل الثاني - الصفحات من 10 إلى 15) أن من ضمن حارات الحوطة الثلاث عشرة هي (حارة الحضارم) واي إشارة للحضارم معناها السادة النازحون مع السيد أحمد بن عيسى المهاجر ومنهم السادة آل السقاف في لحج وأبين وشبوة وتعز وغيرها من البلدات، وفي السياق نفسه يفيد القمندان «ومن قرى لحج الثعلب يسكنها الاقدور من الحواشب والحضارم انتقلوا إليها مع الحبيب عبدالله بن علي من قرية الغرفة في حضرموت» ويفيد القمندان أيضا: ومن قرى لحج «الوهط» التي توفي فيها الحبيب العلامة عبدالله بن علي السقاف سنة 1037هـ وكان قد انتقل إليها من حضرموت وعكف فيها على التدريس والعبادة.

الميلاد والنشأة

ورد في مقدمة ديوان (الهاشمي قال هذي مسألة) للسيد عبدالرحمن علوي العراشة السقاف، الذي أعده وشرحه حفيده الأستاذ علوي محمد عبدالرحمن العراشة السقاف، بأن المترجم له هو السيد عبد الرحمن علوي عبدالله بن زين بن سالم بن محمد بن علي بن أبي بكر العراشة بن محمد بن علوي بن محمد بن علي بن أبي بكر السكران بن عبدالرحمن السقاف بن محمد (مولى الدويلة) (وصاحب بحر) بن علي بن علوي بن الفقيه المقدم محمد (صاحب مرباط) بن علي (خالع قسم) بن علوي بن محمد بن علوي بن عبدالله بن أحمد (الأبح) يلقب (المهاجر إلى الله تعالى) بن عيسى الأكبر بن محمد الأكبر بن علي العريطي بن الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام حسين بن فاطمة الزهراء ابنة رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.

كما جاء في المقدمة: «العراشة لقب أطلق على (أبوبكر) جد العائلة وأصبح لقب العائلة وهم آل السقاف وينسبون إلى محمد بن علي أخو ولي الله الصالح السيد عمر بن علي السقاف المقبور في مدينة الوهط .».

السيد عبد الرحمن العراشة من مواليد قرية «الحُبيّل» إحدى قرى لحج والواقعة بين الحوطة وعدن من جهة الشرق في العام 1313هـ الموافق 1893م في أسرة عرفت بالزهد والتقوى وهي أسرة فلاحية توارثت العلم والأدب، حيث كان أحد أجداده وهو أبوبكر بن زين بن سالم شاعرا كبيرا .(مرجع سابق ،ص7).

تلقى السيد عبد الرحمن العراشة دروسه القرآنية ومبادئ القراءة والكتابة على يد الفقيه الجليل «حزام» واعتمد بعد ذلك على اطلاعه الذاتي والاختلاط بأصحاب الفكر والأدب فتراكمت معارفه وكثيرا ما استأنس محيطه الاجتماعي باستشارته في الأمور العلمية والدينية .(مرجع سابق ص7).

السيد العراشة صاحب منتدى أدبي (مبرز)

اشتهرت عدن منذ عشرينات القرن الماضي بكثرة دواوين أو منتديات القات والمعروفة باسم «مبارز» (مفردها: مبرز) وورد في موضوع موسوم (حركة المجالس الشعبية (المبارز) في الشيخ عثمان) أعده الاستاذ إدريس أحمد حنبلة، بانه استنادا لآخر تعداد أجرته (الجمعية العربية) فإن الشيخ عثمان ضمت (65) مبرزا موزعة على الأقسام (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ) والأخير هي ضاحية الشيخ الدويل، ومن مبارز قسم (أ): مبرز السيد علي إسماعيل ومبرز عبدالله أبكر ومبرز دغبوس، ومن مبارز قسم (ب): مبرز السيد يحيى بن محمد البحر الهاشمي ومبرز أحمد فضل عطا ومبرز حيدر سعيد دبعي ومبرز الشيخ البكيلي ومبرز أحمد علي عمر باشراحيل، وكان هناك (5) مبارز في قسم (ج) و(16) مبرزا في قسم (د) و(3) مبارز في قسم (هـ) أو الشيخ الدويل.

كان مبرز العراشة من ضمن مبارز الشيخ عثمان التي ارتادها محبو السيد عبدالرحمن العراشة، وكان السيد عبدالرحمن العراشة قد أفرد فترة طويلة من حياته لمدينة الشيخ عثمان التي استوطنها وكان مبرزه عبارة عن منتدى أدبي استقطب عددا من الأدباء والشعراء والفنانين كان منهم الفنان عوض عبدالله المسلمي، الذي كان يصطحبه كثيرا الى قريته (الحبيل) والفنان عمر محفوظ غابة والفنان حمودي عطيري، وكان أبرز دافع لاستقرار السيد العراشة في مدينة الشيخ عثمان لغرض العمل في التجارة (مرجع سابق، ص 22).

السيد العراشة وفاتحة القريض مع الشاعر فضل ماطر

عندما شب السيد عبدالرحمن العراشة عن الطوق بدأ يقول الشعر بأشعار ألوان اللحجي المختلفة، ويخوض مساجلات مع شعراء سبقوه في التجربة وأبرزهم فضل ماطر الذي ألقى قصيدة على وزن (يا مرحبا بالهاشمي) ومطلعها:

الصبر مفتاح الفرج فك السناسل والقفول

ومن تصبر ما خصر ولاّ قد ابن ادم عجول

علم السيد العراشة بالقصيدة فساجلها بقصيدة على وزن دان (يا مرحبا بالهاشمي) جاء في مطلعها :

بسم الله الرحمن خيرة مال واثني بالرحيم

ومن سرى في الليل يتعوذ من ابليس الرجيم

السيد العراشة ودان الركلة

كان السيد عبدالرحمن العراشة منتظما في تشريف حفلات الزواج (المخادر) باعتبارها تكافلا اجتماعيا من ناحية وفرصة سانحة له لقول الشعر على وزن (دان الركلة) وخاصة في الليلة الأولى من الزواج وكان يحظى باحترام كل شعراء لحج بل من خارج لحج أيضا وكان يلقب بـ(الوالد)، وفي إحدى حفلات الزواج (مخدرة) انشد قائلا:

غشمان جونا ما يسمعوا الكلمة

ولا يشلوا نصائح العقال

واختتمها قائلا:

ومن سمعني والاّ سمع قولي

كوده يجوّب يرحم أبو من قال

السيد العراشة والشرح الحضرمي

حضر السيد عبدالرحمن العراشة السقاف مولد العيدروس (زيارة العيدروس) في عدن ووجد شعراء من حضرموت يلقون شعرا بلون الشوبائية (شرح حضرمي) وكانت النسوة محور أشعارهم، فعبر السيد العراشة السقاف عن نقده لموضوع القصيد، فألقى قصيدة ردا عليهم وبلون الشوبائية، وقال:

خيول في الأرض يابو عاقلة

فيها سمينة وفيها هازلة

وسروجها من ذهب ما هي جلود

يالله عسى الخير والموسم يجود

وقال فيها:

شفنا مسائل كثير عاطلة

واحكامها في الشريعة باطلة

واثنين في دار ما يبقو سدود

يالله عسى الخير والموسم يجود

السيد العراشة والأمير أحمد فضل القمندان

ارتبط السيد عبدالرحمن العراشة السقاف بعلاقات ود واحترام مع الأمير الفنان والشاعر أحمد فضل القمندان، وقال في القمندان في إحدى المناسبات:

سلام مثل العود لخضر والند

والعنبر الأصلي دواء للمعدة

سلام للقمندان بن فضل أحمد

قمندان فكاك الكرب والشدة

اهتزت عدن ولحج لموت القمندان بمدينة التواهي عام 1943م ووري الثرى في مدينة الحوطة وممن أبّنوا القمندان: محمد عبده غانم وعبدالمجيد الاصنج وعبدالله هادي سبيت وعلي محمد لقمان وصالح فقيه والسيد عبدالرحمن العراشة وممن أبّنوه نثرا عبدالرحمن جرجرة، أما السيد العراشة فقد ابّنه بشعر عامي جاء في مطلعه: غبني على من صرح وسط الثرى غبني أغبان مترادفة

من ذا وهذا ومني

عسى يبرد ترابه هاطل المزني من سحب متكاتفة

أو سانية دوب تسني

السيد العراشة ورائعة (الهاشمي قال هذي مسألة)

يشمل ديوان (الهاشمي قال هذي مسألة) عشرات القصائد في مختلف المواضيع والألوان، إلا أن رائعته (الهاشمي قال هذي مسألة» سكنت وجدان الإنسان في عدن ولحج كونها ذات طابع حكمي إيقاعي ورمزي وإبداعي نختار منها هذه الأبيات:

الهاشمي قال هذي مسألة

والثانية عادها لما تكون

عندك خطا ما قرأت البسملة

ولا تبارك ولا عم ونون

ولا دريت إن هذي مشكلة

والقرش يلعب بحمران العيون

هل مخبره لك فشوفها الاولة

عادك بلطراف أوبه للبطون

فكل من قام لك كن قوم له

فالعيب مقرون في ضحك السنون

ويقول:

وابنك إذا به تعوج مثّله

حتى ترقيه وان هنته يهون

مثل الجمل كيف لما تجمله

وتطعمه صار لك مشفق منون

فذا كما ذا وهذا أكله

فالجعل سحار كم يحلق دقون

وكل مخلوق شري وصلة

واقطع لسانه يكون عرضك مصون

ويقول :

الأرملة بنت والبنت ارملة

تهاونوا في شقرها والدخون

فكيف من هي أموره معطلة

هل يقتدر أن يركب مكرفون

منفذ يجي منه ريح قفله

لراحتك والشرف يحلى السكون

والختم صلوا على من أرسله

طه محمد شفيع «المذنبون»

السيد العراشة السقاف في موكب الخالدين

بعد مشوار طويل عامر بالعلاقات والخدمات الاجتماعية والتواصل الإبداعي غنى خلاله عدد من الفنانين أغاني من شعره منهم عوض عبدالله المسلمي وعمر محفوظ غابة، لقي السيد عبدالرحمن علوي العراشة السقاف ربه راضيا مرضيا يوم 27 رجب 1400هـ الموافق 9 يونيو 1980م عن عمر ناهز الـ 87 عاما وخلف وراءه ستة أولاد، الذكور منهم خمسة وهم :

محمد عبدالرحمن وجعفر عبدالرحمن وأبوبكر عبدالرحمن وعلي عبدالرحمن وعبد العزيز عبد الرحمن.

لا يفوتني هنا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لحفيد الشاعر: الاستاذ علوي محمد عبدالرحمن العراشة السقاف، الذي أهداني نسخة من الديوان مرفقا معها صورة شمسية لجده السيد عبد الرحمن العراشة، والشكر موصول للدكتور هشام محسن السقاف، الذي كان واسطة خير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى