إطلالة على عدن (2)

> فضل النقيب:

> من على السرير الأبيض أكتب لكم محبة وشوقاً بلاحدود، وأشكر جميع الذين عبروا لي عن مشاعرهم الطيبة وتمنياتهم الصادقة ودعواتهم المخلصة، وفي مقدمتهم فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح القائد الإنسان الذي أوجد وقتاً من لا وقت ليتحدث إليّ بالتلفون ويأمر بعلاجي، ولم ينسني في غمرة مشاغله وإنما تابع وسأل، وإني لعاجز عن الشكر، فمن لا يشكر الخلق لا يشكر الخالق، وحاشا أن نكون من الجاحدين.

حين وصلت إلى مطار عدن في إطلالتي المنشورة في العدد الماضي أحسست أنه ينطبق عليه وصف (عزيز قوم ذل) لا قياساً- والحق يقال- إلى وضعه أيام الحزب، وإنما إلى مستواه الدولي المتألق كواسطة عقد بين الشرق والغرب أيام كانت عدن منطقة حرة تضع رأسها في رأس هونج كونج وسنغافورة، ولسنا معنيين الآن بالبكاء على الأطلال وإنما التأكيد على أن عبقرية الموقع بين القارات لم تتغير والتجارة الدولية التي تضاعفت مئات المرات إضافة إلى الانفجار السياحي حول العالم لن تعيد هذا الميناء الجوي إلى سابق عهده فحسب، وإنما ستنعش معه كل مطارات اليمن، فما ينطبق على عدن خصوصاً يشمل اليمن عموماً، ولكن.. أيها الأخ الرئيس، يا من حملت بشرف القادة الكبار أمانة الوحدة، حلم كل شعبنا، انتبه إلى عدم الكفاءة الذي يقرض أصحابه الزمن الذي يقوّّم بالذهب وبالثواني الماسية كما تقرض الفئران السائبة بضائع المستودعات، وحين يحول الحول ويتم الجرد السنوي لا نجد غير المِزَق مما كنا نظنه لباساً ضافياً وطعاماً كافياً وأمناً صافياً. إن الثمن فادح لازدواجية أهل الثقة وأهل الكفاءة التي دمرت اقتصاديات عربية كثيرة بدأت نهوضها مع اليابان وانتهت إلى البوار الخسران، لذلك نحن نؤيدك في ترسيخ الحكم المحلي لأن الناس أدرى بمصالحهم وناسهم، ولا خوف على الوحدة أبداً إلا من الفاسدين الذين يصنعون من البحر عصيدة ثم يغرقون في شبر ماء، فيتباكون بعد خراب البصرة ومالطا قائلين إنهم كانوا يحمون الحمى وذلك ما شغلهم عن البناء، ولكم سعدت وأنا أتابع جولة الأخ الرئيس العمرانية في مطار عدن بآفاقه المستقبلية وفي مصنعي السيراميك والحديد بلحج ووضع حجر الأساس لطريق الوهط- عمران- البريقة البالغ الأهمية وقبل ذلك شق نفق كريتر- التواهي، ويبقى تفعيل المنطقة الحرة بعيداً عن سماسرة الكلام من نوع المتردية والنطيحة وما أكل السبع.

لقد حملت عدن بأهلها الطيبين سيارة الرئيس يوم الوحدة، وهي الآن تعتز وتفتخر حين تجده بين ظهرانيها كعاصمة اقتصادية لليمن، والرهان على فخامته وحكمته لا ينتهي لأنه رهان على (فجار) الأراضي ومعوقي عجلة الاستثمار ممن يبتدعون قوانين على قوانين كمن يدخل الأكل الفاسد على الأكل السليم في الجسد المعافى ليصبح مريضاً. لقد تحولت صحارى بلقع في الخليج إلى رمال ذهبية بفعل استقرار القوانين ومواكبتها للعصر وقيام الدولة بدورها في الإسناد وتطبيق النظام، ثم يعم الخير بعد ذلك كل الناس فهو كالمطر العميم لا يترك شجيرة إلا سقاها، ولا كائناً إلا رواه.

عدن بشواطئها وجبالها وجزرها وبيئتها الطبيعية الساحرة لآلئ فريدة ومنتجعات ستصبح من فواكه الدنيا المقصودة حين تمسها عصا الرئاسة التي أشبهها بعصا موسى تلقف ما يأفكون، فليكن شتاء الرئيس أو أغلبه في المدينة التي كانت مهراً لأروى بنت أحمد ملكة اليمن الإسلامي عبر العصور، وأنا على يقين أن الناس سيثوبون إلى سكونهم لأن ما يطلبونه ويطالبون به هو الأمل بالدرجة الأولى، والأمل يأتي من الإصلاح وجدية التوجه، وهو ما تعهد به الرئيس في برنامجه الانتخابي، وفي حمله لأمانة الوحدة.. حين وصلت مطار عدن كان قلبي ينتفض كالذبيح، فجلست على كرسي وقلت لابني علي: تولّ أنت استقبال الحقيبتين، وفي الاستقبال كان أخي جمال وابنا أخي وأختي وسام وفضل، قلت لهم: اذهبوا إلى فطوركم ومقيلكم وخذوني إلى كريتر، وهناك حدثت المعجزة، فما أن نزلت من السيارة حتى انطلقت رجلاي اللتان بالكاد كنت أجرجرهما، فمشيت من الميدان عبر السوق الطويل إلى الزعفران فمتفرعاته ظللت أدور إلى ما قبل السحور، كأني قد علوت بها السحابا.. يا بِسرِّك ياعدن!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى