مغامرات البحر ...بين البحث عن الرزق والمتعة وموج الموت

> «الأيام» كفى الهاشلي:

>
طاقم قناة تلفزيون عدن أثناء العمل
طاقم قناة تلفزيون عدن أثناء العمل
البحر ... أسرار من الحياة يرويها لنا كل يوم فهو المبتغى عند ضيق الحياة بنا نرحل إليه لنتنفس نقاوة الحياة وهو الفرج لنا عندما يبحث الصياد عن كنوزه وبين الترويح عن النفس وإحيائها من رزقه تلوح في الأفق مخاطره فمن الحياة يخلق الموت عندما يثب الغدر من بين ضلوع موجه العارم وتخلق المأساة من عين مرجانه وعلى الرغم من كل ذلك يظل مقصد الرسام والفنان والصياد والرياضي والمبدع والصحفي والكاتب ومحطة عدسة الكثير من كاميرات التصوير الوثائقي والتلفزيوني.. فإلى البحر سنمضي نقرأ ما بين سطور موجه بحقائق يمنية عدنية الأصل مع شاب صياد وأشهر غطاس جرفه البحر للخطر وبقي قوياِ يصارع موج الحياة بعد النجاة من الموت ونتنزه مع عدسة المبدع في تلفزيون عدن ونحط الرحال بسطور لك عزيزي القارئ.

حياة من قلب الموت

فارس من خيرة أبناء مديرية البريقة عشق البحر وامتطاه فكان السبب الأول في جره إلى المعاناة ، حيث برع في الغوص الذي تعلمه في المعهد البريطاني ونال الشهادة أيضا من بريطانيا، فكانت سلاحا ذا حدين (مصدر رزق ومصدر قلق). .

فكان البحر هو سجانه الثاني فما هي حكاية هذا الفارس؟ وماذا يقول عن تجربته؟

بدأنا الحديث معه في منزله وأعدنا عقارب الساعة قليلا لنفتح ملف ذكريات الغواص المعروف طارق عبد الملك الشوافي من أبناء مديرية البريقة منطقة السي كلاس، الذي تربى على الأخلاق الفاضلة وأحب الناس منذ صغره وأحبه كل من يعرفه وفرض وجوده الاجتماعي بقوة محاسن الأخلاق لا بقوة السلاح.

ركن طارق ما درسه في علم الميكانيكا التي تعلمها ليرحل إلى عالم البحر باحثا عن الرزق فيه ومكتشفا أسراره العظيمة، ولأن البحر لا يؤتمن درس فن الغوص في معهد بالي البريطاني ونال شهادة (ليسن) بعد أربعة أشهر وتتلمذ على يد مدربه صفوان طاهر الذي علمه الكثير عن هذا الفن مبتدئا بالجانب النظري ثم مارس الجانب التطبيقي في فندق عدن لمدة 3 أسابيع، واشتهر بالغوص الليلي لا لشيء ولكن لأن الإضاءة تؤثر في الأسماك والحيتان فلا تستطيع التعرض له ولا تستطيع رؤيته .

قال طارق : أمضيت ستة عشر عاماً في الغوص، وكنت أحب البحر كثيراً، وعلى الرغم من التخصص في الميكانيكا إلا أن البحر استطاع أن يجذبني إليه كثيراً وكان مصدر رزق لي ومكاناً لتأمل روعة الخلق فهو عالم رائع.

مع تجار الخيار وقع القدر دون خيار

الصياد عنتر
الصياد عنتر
وبحثاً عن الرزق رحل طارق إلى ميدي، منطقة في حرض، وكانت الرحلة هذه المرة مع تجار الخيار ، وكانت محطته الأولى مع التاجر أحمد الصيح في جزر ذو المراض وسيا.

ولم ينس طارق أصدقاءه عند عودته في المرة الثانية وقدم برفقته أكرم وعبدالله وشيخ وهاني وميعاد، وكان الرزق طيبا كما قال، كما عمل مؤذناً في مسجد الجزيرة، وسرعان ما اشتهر وبرز اسمه كغواص جيد فعمل في ارتيريا مع التاجر حامد الطيار وبرخصة لمدة شهرين ونصف الشهر .

الباخرة الفرنسية والممرضة الفلبينية لهما دور طيب

وفي رحلة جديدة مع تجار جدد غادر طارق وأكرم وجلاء وفكري وميعاد في تعاقد مع التاجر أكرم باشا الذي كان موجوداً في الحديدة وكان نائبه شخصا يدعى قزيح وشخصاً آخر يدعى عبدالواحد وهو شريك، وانطلقت الرحلة في شهر يناير 2006م وتحرك الطاقم إلى حضرموت وإلى جزيرة عبدالكوري وبدا العمل ثالث يوم. تحول الغوص والمتعة إلى سبب جديد في معاناته ففي إحدى هذه الغوصات استلهم طارق المنظر الرائع وجمال البحر وكنوزه الرائعة فاستغرق تأمله الكثير من الوقت حتى أنه أرهق نفسه كثيراً ونزل لعمق 50 متراً ونسي النظر للعدادات وتأخر كثيراً حتى شارف على مرحلة الخطر، وصعد سريعاً دون حالة النفخ في الجاكت، ونادى أصدقاءه وكان لا يعاني شيئاً، وفجأة تألم من الكلى وانتشر الشعور بالألم في جسده وتشنجت أعصابه وأسعف من ممرضي الطاقم ثم نقل إلى منطقة قصيعر بحضرموت واستغرقت الرحلة يوما واحدا، ولدى وصوله إلى مستشفى ابن سينا لم يلق إلا الإهمال وكان الطلاب الدارسون في الطب هم من يتهافت عليه، ولأنه مدرك لحالته فقد طلب وضعه في غرفة معالجة الضغط، وكانت هذه الغرفة موجودة في الباخرة الفرنسية التي استقبلت طارق بترحيب عائلة فرنسية وقاموا بمعاينة حالته وبقي في غرفة المعالجة أربع ساعات بدأ معها الألم في التلاشي، لكن الانتفاخ في البطن والغثيان حالا دون العلاج السريع، فاتصل طاقم الباخرة بمقرهم في دبي واتضح أنه يجب عمل جهاز الرنين والكشافات، ولأن تلك الأجهزة غير موجودة في حضرموت فقد نقل إلى مستشفى الثورة، وتواصل مسلسل الإهمال وبرزت ممرضة فلبينية وقامت بالتدليك وبذلت مجهوداً تشكر عليه. حيث قال: «الفضل لله أولاً ثم لهذه الممرضة التي معها بدأت أتحسن، ومن الممرضين الذين وقفوا بجانبي حكيم العسلي وصبري عبدالمولى وأخوه من عمران ومجموعة من الأطباء».

مأساة طارق لم تقف عند هذا الحد، فكان يطالب بتقرير عن حالته ليذهب للعلاج في الخارج على حسابه، لكن المستشفى لم يعطه سوى ورقة للعلاج في مركز متخصص.

الأطفال يغادرون البحر
الأطفال يغادرون البحر
أبناء البريقة كانت لهم وقفة رائعة

استقبل أبناء البريقة طارق الذي عاد من صنعاء في الثالثة فجراً وتم نقله إلى مستشفى شركة مصافي عدن بجهود عضو مجلس النواب الأخ عبدالخالق البركاني والأستاذ فتحي سالم وسعيد محمد وبدر معاون وخالد الرهوة ووسيم، ومكث شهرين تحت إشراف الدكتور قاسم الأصبحي وفتحت عقدة يديه لكن الشباب أبوا إلا أن يسافر للخارج لتلقي العلاج وبدعم من أبناء البريقة وأصدقاء له في المملكة العربية السعودية سافر للقاهرة وكان معه صديقه وسيم الذي بذل جهداً كبيراً في رحلة علاجه التي استمرت ثلاثة أشهر عاد بعدها لأرض الوطن بحال أفضل من ذي قبل.

تلفزيون عدن وحديث البحر مع عنتر

ومع لحظات المشقة والمتعة وأيام لإعداد فلم وثائقي عن المحميات سيشاهدها الناس على الشاشة لدقائق رحل فريق قناة عدن الفضائية الوليدة الزملاء عبدالواحد ومروان وإيهاب وبرفقة ياسر وعنتر ومحمد معاون محمولين على زورق عنتر وهو اسم الشهرة لناصر أحمد لنمتطي البحر معاً إلى محمية الفارسي محمية لا يعرف الناس عنها الكثير بحكم انضمامها مؤخراً للمحميات في اليمن بالقرار الوزاري الاخير وهي مكان يقع غربي منطقة الفارسي بالبريقة كانت عبارة عن أحواض ملح لإحدى شركات الهند في الماضي وحالياً هي مسكن الطير ومخبأ السلاحف عند موسم التكاثر حيث تضع بيوضها هنالك، المكان لا شيء فيه سوى سكون الحياة وحديث عنتر لفريق قناة تلفزيون عدن التي قدمت لإعداد فلم وثائقي عن المحميات في اليمن، حديث تألق به الزميل عبدالواحد بار ورصدته كاميرا الزميل المبدع مروان العقربي استلهم فريق القناة التي تنفض يداها عن المحلية لتصبح فضائية .

مصور تلفزيون عدن
مصور تلفزيون عدن
شدنا عنتر للحديث عن أنواع من الطيور والأسماك وخاصة العربي الذي يوجد في منطقة بين البريقة والتواهي وتحسر قائلاً: هذه المنطقة محرم الصيد فيها بعد أحداث المدمرة اس اس كول وهي تحتوي على كنز مـن الثروة البحرية سيأكل الشعب كله منها.

مع ساعات الغروب انتهت رحلتنا وتركنا البحر ونحن نشاهد مرتاديه يغادرونه بعد السباحة التي سبقها حديث بين أقدام الشباب والكرة لينتهي بغطسة ماء تعيد النشاط وتمسح هم الحياة ونظرة أمهات وأخوات وأخوة وآباء جلسوا لساعات يحاكونه بحثاً عن الترفيه وتجديد بسمة أعدمت في زمن الفقر ومشاكل الأيام ومشاق الحياة .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى