دعوني في الذي أهواه أبكي.. دعوني للذي في القبر أشكو

> «الأيام» شمس الدين البكيلي:

> الإهداء:

إلى الضوء الذي عن داري انطفى

إلى الوهج الذي عن سمائي اختفى

إلى كريم الدار الراحل عنا أبداً

إلى من علمني فنون النثر وعشق القوافي

إلى والدي المغفور له بإذن الله تعالى

الشيخ/عفيف بن محمد علي البكيلي

لقد أرقت مدامعي.. واحترقت جفوني.. وتقرحت شجناً، وحزناً، وتندما.. فقد أثار سهد رأيت قد أحاط عيونك.. وخفقات قلبك سمعتها تئن من الألم.. فلويت ذراعي تحت رأسك وضممته إلى صدري.. ثم قبلته بكل رقة تعزف على قيثارتها الوداع الأخير.

فرأيت دمعاً ينساب من مقلتيك كأنه لؤلؤ تناثر على خديك ثم انساب إلى صدري. وأمسكت بيدي يدك، فوجدتها باردة كالثلج.. ثم خارت قواك.. وضعفت تنهداتك.. فشعرت بزمر الملائكة قد هبطت مع نور الشمس الآتية من أعماق ذلك الكون البعيد، وأحاطت بمضجعك.. فانتزعت روحك عن جسدك بكل لطف.. لأن نفسك التقية لم تمسسها عذابات الموت بل تتلطف بها كما تلطف بك الموت حين بلغت روحك التراقي، وأطبق المنون جفني عينيك.. لكنه - أي الموت - قد نهش بمخالبه ضلوعي الضعيفة.. لأن المنون حين يحضر يصرع الأجساد وينتزع منها الأرواح، وذلك حين كانت روحانا في تلك اللحظة في عناق رهيب!

فبكاك قلبي في داخلي.. والتهبت في عيني دموعي حزناً وفقداً..ويالروعة الروح إذا اشتاقت إلى روح أضناها الشوق كادت تموت من الوجد.. فزفت عرائس النور روحك النقية نحو الأفق البعيد خلف غيوم السحب الباكية.. فانهمرت دموعي وكنت برق غيومها.. ثم أجهش الأبناء بالبكاء والأحفاد.. ونحيب أطفالي يا أبي بفقدك يترجم.. وجسمي النحيل أسقمه فراقكم.. وينتحب الكرى من عذاب البين ولوعة السهد.

كيف لا نبكيك يا أبي وقد رحلت يا كريم الدار عنا وقد كنت فينا أنس المؤنسين وكنت لنا الطبيب المداويا.. كيف لا نبكيك وقد كنت لنا الوهج المنير، وبسمة الحب الحنون.. وأنشودة حياتنا الأبدية.. كيف لا نحزن وقد كنت لنا لحناً طروباً فتواريت عنا..

فتفجرنا أنيناً وحنيناً.. ورحلت عنا يتماً.. وجثا اليتم على الحاضر فينا.

يا أبي..

إن قلوب المحبين لها عيون ترى بما لا يراه الساخرون.. وإني رأيت روحك تحلق بغير ريش تزفها عرائس الأحلام بأجنحة المنون، ترفرف بكل رقة، وإني رأيت نورها ولم يرها الآخرون.. وعندما هب النسيم بكم إلى حيث تسبح الأرواح في السموات العلا.. ألم تر ارتعاد جسمي النحيل السقيم..

وإني أسألك يا أبي إن جئت إليّ زائراً انشد عليّ ما حل بكم بعد الفراق الأليم.

فوداعاً يا أبي.. وطب نفساً فحتماً سنلتقي عما قريب.. وهنيئاً لك يا أبا الفاروق والعادل لقاء الأحبة في جنة الخلد السرمدية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى