الاثنين, 30 يونيو 2025
133
حكاية أمة مصغرة في محيط مضطرب..
في قلب محيط هائج، تعصف به رياح الانحلال وتتصادم فيه أمواج الفوضى، تمضي سفينة صغيرة، تكاد لا تُرى وسط العاصفة، اسمها "الأسرة".
ألواحها مشدودة بروابط الحب، أشرعتها مصنوعة من الثقة، ودفّتها تمسك بها أيدٍ ترتجف أحيانًا، لكنها لا تستسلم.
غير أن البحر لم يكن كما كان.
رياح غريبة تهبّ من كل اتجاه، رياح تُنذر بتفكّك، لا تُبقي ولا تذر. وامواجه تتصادم من كل حدب وصوب، في محاولة انتزاع الأبناء من ظهر السفينة، تغريهم ببريق شواطئ وهميّة...
أصوات تصرخ في الأفق: "الراحة هنا، اللذة هناك، اتبعوا الريح"، فتنطفئ المصابيح في قلوب صغيرة، كانت يومًا تنام على صوت الحكايات وتستيقظ على قبلة الأمان.
تتسلّل الرطوبة إلى الأخشاب، لا من المطر، بل من غياب المحبّة...
تُثقِل السفينة أوزان لم تُصنع لحملها: إهمال الرّوح، سحق الكرامة، العنف، الخوف، والفقر.
وتُبعثر البوصلات أيادٍ خفية، تسوّق الركّاب إلى وجهات لا يعرفونها...
أيديولوجيّات متنازعة، هويّات متشظّية، أصوات تدّعي الحقّ، لكنها تزرع الشكّ، والتعصّب، والصراع.
والسفينة..!!
تتمايل، تتصدّع، لكنّها لم تغرق بعد. لأنّ في داخلها، في أعماقها، لا يزال هناك نور صغير...
نور يقول:"لا تُسلّموا السفينة".
نور يُنادي: تذكّروا أنكم أنتم "أمة مصغّرة" تُبنى عليها الأمم.
أنكم الحصن الأول، والمدرسة الأولى، والسفينة الأولى، التي سترسى على بر الأمان.
إن نجوتم، نجا العالم.
وإن تهدّمتم، ضاع كل شيء.
فيا من تمسكون دفّة الأسرة..!!
شدّوا الحبال.
أصلحوا الشقوق.
أضيئوا المصابيح.
توكّلوا على العون الإلهي، وعلّموا أبناءكم..!!
أن البحر قد يهيج، لكنّ السفينة التي تبنيها يد المحبّة، وترسو على شاطئ الروح، لا تُهزم.
ودمتم سالمين..