الشعر ووظيفته عند العرب

> «الأيام» عبدالناصر النخعي:

> تعد مسألة تعريف الشعر من المسائل الشائكة في النقد الأدبي لتشعبها و اضطراب الآراء حولها، وهذا الاضطراب والاختلاف يعود إلى اختلاف النظر إلى الشعر ووظيفته.

فكما يرى بعض النقاد أن الشعر قد نشأ في العصور القديمة من تاريخ البشرية، ليعبر عن دهشة الإنسان وانبهاره في مواجهة الظواهر الغامضة التي يصادفها في حياته سواء أكان في النفس أم في المجتمع أم في الكون. فاتخذ من الشعر وسيلة تعبيرية عن أحزانه وأفراحه.

وعند العرب كان الشعر ديواناً مجسداً لأيامهم وحروبهم وأنسابهم وأحاسيسهم ومعبراً عن آمالهم وطموحاتهم، يقول ابن سلام في الطبقات:«وكان الشعر في الجاهلية عند العرب ديوان علمهم ومنتهى حكمهم به يأخذون وإليه يصبرون» 24/1

بل الشعر عندهم من الصفات المكملة لمنتهى الرجولة، فالرجل عند القوم هو:«الذي يكتب ويحسن الرماية ويقول الشعر» عيون الأخبار 2/ 168

فكانت القبيلة من العرب إذ نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها وصنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبن، كما يصنعون في الأعراس، فكان الشعر يرفع من مكانة صاحبه ويخلده ويخلد قوه معه أيضاً. بل كانوا يخشون الشعراء ويتحاشونهم ومما قالوه قديماً:«لا ينبغي لعاقل أن يتعرض لشاعر، فربما كلمة جرت على لسانه فصارت مثلاً آخر الأبد».

فنرى أن الشعر يؤدي وظيفة كبيرة، ومهمة عظيمة، توازي وتماثل في عصرنا الحديث وزارة الإعلام، لسان حال الحكومات والدول.

ثم جاء الإسلام ليهذب الشعر ويشذبه مما علق به في الجاهلية، فبعد أن توارث الشعراء مقولة:«أفضل الشعر أكذبه» جاء حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه ليضع حداً لهذه المقولة متمثلاً:

إنما الشعر عقل المرء يطرح

على المجالس إن كيسا وإن حمقاً

وإن أجود بيت أن قائله

بيـت يـقال إذا أنـشـدتـه صـدقا

وكان الرسول الأعظم- صلى الله عليه وسلم - يدرك أثر الشعر في نفوس المشركين والمؤمنين على حد سواء مخاطباً الشعراء المسلمين حاثاً لهم على قول الشعر:«فكأنما تنضحونهم بالنبل» مسند أحمد بن حنبل.

فالإسلام بريء من تلك التهمة التي وجهت إليه، فهو لم يقلم أظفار الشعراء، ولم يقف في طريق الشعر، وإنما قلم أظفار الشر في المجتمع ومعها أظفار الشعر الذي يدور حول الشر ويدعو له. فالشعر في ميزان الشرع بمنزلة الكلام حسنه كحسن الكلام وقبحه كقبيح الكلام.

وعلى الجملة فإن الشعر أدى ويؤدي مهمة ووظيفة عظيمة في حياة العربي، لاسيما إذا صادفت ذلك العربي بنيات الطريق من مصائب ومحن، وكوارث وفتن فنجده أنه يلجأ إلى الشعر ليسلو به، ويتغنى بالشعر ليدفعه دفعة إلى الأمام وهذا ما يؤكد بقاء الشعر العربي، ما بقيت العربية التي وعد الحي القيوم تبارك وتعالى بحفظها ضمناً كما قال جل شأنه:?{?إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له الحافظون?}? سور الحجر/آية 9.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى