الإصرار على نحر الوحدة

> عبدالرحمن بلخير:

> تعرضت قبل عشر سنوات بعد نشري مقالاً في صحيفة «الأيام»، هذه الصحيفة الرائدة في الصدح بالرأي، بعنوان «إنهم ينحرون الوحدة»، إلى هجوم عنيف وتحريض مخيف شنه على شخصي المتواضع، ومعي صحيفة «الأيام» الصامدة، الأستاذ عبدالكريم الخميسي في عموده الأسبوعي «بيت القصيد» في صحيفة «26 سبتمبر»، وكان يومها رئيس دائرة الفكر والثقافة والإعلام باللجنة الدائمة، متهماً إياي بالتجديف البشع ضد الوحدة، محرضاً الجهات الرسمية للوقوف في وجه «مثل هذه الأقلام» والصحف التي تفتح صدرها لنا ويقصد «الأيام» واصفاً مقالي بأنه نوع من «الردح الصحفي».

قلت يومها إن الوحدة في خطر وخطر جسيم، على يد من يدعون الحفاظ عليها. وقلت يومها إن استمرت الدولة بكل أجهزتها في عسكرة الحياة المدنية، وشتم المحتجين، ونعت الساخطين بالعمالة للخارج، دون أن تقدم البديل الذي يقنع الناس أنهم خرجوا من الظلمات إلى النور، فالسخط قادم والنقمة في ازدياد. إن الاستمرار في تخريب الحياة المدنية والإصرار على عدم التفريق بين أبناء المحافظات الجنوبية والحزب الذي حكم هذه المحافظات، سيجعل الدولة تضيف كل يوم طائفة جديدة من الناقمين عليها . وبعد عشر سنوات ها هي قطاعات الساخطين تتزايد ومازالت أجهزة الدولة تصر على تسويق نظرية المؤامرة والتلويح بالعصا الغليطة، بل واستخدمها، ليسقط الضحايا «لتتعمد» الوحدة بمزيد من الدماء، هي ليست بحاجة إليها، وتمتلئ الشوارع بمزيد من الناقمين الذين كانوا إلى الأمس القريب يقبلون صور الرئيس ويصفقون للوحدة ويعتبرونها خطاً لم يعد حتى مناسباً أن اقول الآن إنه خط بالدم .

قبل عشر سنوات لم يكن بين الساخطين قواعد كثير من الأحزاب، ولم يكن بينهم جمعيات المسرحين من الجيش ولا العاطلين عن العمل ولكن الآن توسعت القائمة وأظنها مرشحة للمزيد من التوسع إن بقينا لا نسمع إلا أصواتنا والطبول التي نقرعها .

قلت يومها إن هؤلاء الذين تتهمونهم بأقذع التهم لا ينهبون أرضاً ولا يحركون طقماً ولا يعينون وزيراً ولا يقيلون فاسداً، ولا يمتلكون بيوتاً، ولا يشترون فللاً.. إنهم مفعول بهم طول الوقت. قد يكون بينهم الاشتراكي وقد يكون بينهم الانفصالي وقد يكون بينهم الذي قبض الثمن من الخارج قد وقد .. ، لكن لو كان بينهم واحد فقط مظلوم حقيقي فهذا يكفي لأن تسمعوهم، لأن هذا الواحد يجب أن لا يكون أقل قيمة من البغلة التي قال سيدنا عمر إنها لو عثرت بالعراق لكان مسؤولا عنها. وإننا ننبه، ونعتقد أن الوقت لم يفت بعد، إن الذي يحمي الثوابت ليس الحديث عنها بل الإيمان بها، وإن الذي يقدم الدليل على الخطأ هو الوقائع على الأرض وليس التخريجات النظرية التي يتبرع بكتابتها في الصحف كبار الموظفين. إن الذي يصوغ الثوابت اليوم هو الذ يتألم من الغلاء والفتن والمحن، وإن لم نستمع لهم اليوم أخشى أن نستمع إليهم غداً وقد أصبحت ثوابتهم غير ثوابتنا. لم يعد يشفع بطناً الحديث عن فضائل الوحدة في وطن ينهب، ولم بعد مجدياً تشكيل لجنة لحماية الوحدة، فالوحدة ليست خطاً أحمر ولا خطاً بالدم ولا بالبسباس، إنها قيمة كبرى، إنها خط في القلب ومتى ما خرجت منه ثقوا لن تعيدها إليه اللجان . ولنعلم أخيرا أن سيدنا محمد الذي جاء برسالة السماء وبدعم منها، عورض وقذف بالأحجار وتعرضت حياته للخطر الجسيم، فلم يسمح لأحد أن يضرب معارضاً أو يقتل منافقاً أو يعترض شامتاً أين نحن؟؟ ما بالنا لا نصبر على من يتظاهر إو يعتصم إو يرفع لافتة أليس سيدنا محمد قدوة لنا جميعاً حكاماً ومحكومين !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى