نساء في ذاكرة الأيام:رقية أنوري وحكاية تضحية بدأتها ..في الأربعينيات حتى آخر نبض في الحياة

> «الأيام» كفى الهاشلي- عفراء حريري:

> سطور ننسجها عن رائدات الزمن الجميل في اليمن ومن عدن سنبدأ، بعضهن رحلن عنا وأخريات مازلن يناضلن في زمن تداخل فيه الإصيل بالشكليات. وإنصافاً لهؤلاء النسوة سنفرد صفحة من صفحات «الأيام» لننقل للأجيال بعضاً من مسيرة النجاح التي حققتها النساء في المجتمع اليمني، سطوراً في حياة امرأة عاشت للمجتمع .

ماما رقية أنوري هي أولى النساء التي حوتها قائمة الأسماء المسلط عليها الضوء، فمن هي ماما رقيقة؟ ولماذا أطلق عليها هذا الاسم ؟ وما هي حكاية نضالها الطويل ؟ وما هو الدور الذي لعبته في عدن خاصة فيما يخص البسطاء؟

في مطلع الأربعينيات الثاني من أكتوبر 1943م ومن مدينة الشيخ عثمان في عدن كان يوم ولادة طفلة جميلة للسيد محمد علي أحمد، طفلة قدر لها الكفاح منذ نعومة أظفارها وخط لها التاريخ مساحة طيبة من النضال والنجاح لأنها صاحبة الرصيد الاجتماعي الكبير لاحقاً، حظيت بعلاقة حميمية مع إخوتها محمد ومحمودومنيرة وأنيسة .

مرحلة عمر الزهور والمسئولية

درست حتى أجادت القراءة والكتابة فمن مستوى الرابع ابتدائي في المدرسة الشمالية (الشيخ عثمان) إلى مدرسة البراق (كريتر) المستوى الأول إعدادي إلى الثالث إعدادي وأكملت عامين في مدرسة القديس (أنتوني / التواهي - البنجسار) كما نالت دبلوم 3 سنوات في معهد باذيب للعلوم الاجتماعية ودورة سته أشهر في وزارة العدل في العمل القانوني والاجتماعي عبر قيادة منظمة لجان الدفاع الشعبي آنذاك .

و من المدينة الشعبية (الشيخ عثمان) في 1956م حيث ألفت رقية أهلها وبساطتهم ومن مسكن السيد محمد علي زفت وردة في براءة العمر (13 عاما) وهي تلعب بجدائل شعرها إلى ضابط الشرطة أنور محمود بهادر خان لتترك المرحلة الابتدائية فرحاً لتقوم مقام الأم لأبناء أختها الثلاثة (فتحية ، سعاد ، أنور) المتوفاة للزوج الأرمل (أنور) وتكون أولى التضحيات فاعتنت وربت وأنجبت له من الأبناء والبنات ستة: أشواق، عارف، حمادة ، حياة (متوفاة)، إيناس (متوفاة)، عامر، ونوال، جميعهم على مستوى عال من التعليم حتى البكم والصم في وصايتها عليهم لم تتخاذل في تعليمهم وإكسابهم مهارة حرفة أو البحث لهم عن عمل وضمت إليهم أبناء زوجها الأربعة (معاقين) صم وبكم من زوجته الأولى ابنة عمه لم تتحجج يوما أوتتنصل من تأدية أمومتها للجميع.

فلم تتح لها أسمى مشاعر الأمومة أن تترك الأبناء صغاراً وكباراً، وفي السبعينات كي لا يمضي قطار العمر بلا محطات متوهجة عملت في تعاونية المرأة للخياطة التابعة لوزارة الزراعة والعمل التعاوني وشغلت مديراً للتعاونية بعدها انتقلت إلى وزارة الثروة السمكية حيث شغلت منصب مديرة الإدارة والذاتية حتى عام 2000م الذي أحيلت فيه للتقاعد .

مع زميلاتها
مع زميلاتها
من حياتها في المجتمع

- تميزت ماما رقية بالجراءة العفوية والتلقائية كحبها للطبخ حتى وهي مدعوة في حفل غداء أو فعالية غداء كان لابد أن تضع أنفاسها على ذاك الطبيخ وإلا ما حظي ذاك الطبيخ باللذة، أحبت لمة الناس من الأهل والأحبة في بيتها حتى عمتها العجوز التي مازالت على قيد الحياة تؤنس إحداهما الأخرى في حنين لبعض أيام العمر الذي مضى حتى وإن كان فارق العمر بينهما و النابعة من أعماق النفس بلا ضغائن فتتذكر إحدى صديقاتها خروج ماما رقية قبل انتهاء الأربعين يوما من وفاة زوجها لمتابعة معاشه لأبنائه المعوقين، حيث لا يوجد من يتولى تلك المهمة في المتابعة بديلاً عن المتوفاة سوى الأم بالرداء الأسود بلا رتوش في 1985م، وبعد مرور عام وهي في خضم المتابعة حيث بدأت أحداث تصفية الرفاق 13 يناير 1986م كانت ماما رقية في مرفق الشؤون الاجتماعية والعمل (التأمينات والمعاشات) لمتابعة معاش الزوج (وكذلك كانت حين صدرقراراستعادة الأملاك فتابعت بلا كلل من أجل الأبناء).

فقبعت في كريتر رغم تواصل إدارة اتحاد نساء اليمن في عدن معها لتعود أو يرسل الباص إليها لم تقبل فلم تعد إلى مدينة التواهي. بذلت ماما رقية عطاء متواصلا دون تأن ومقابل فأحبها الناس وأحبتهم في عطائها ساعدت اليتيمات والفقيرات بالالتحاق في التجمعات المهنية ليكتسبن حرفاً ومهارات كالسمكرة والخياطة والكهرباء أعمال كان يؤديها الرجال والنساء معا وظلت من مسؤوليتها الاجتماعية تتابع قضايا الناس وتعالجها (الطلاق ، النفقة .. إلخ) لم تخجل يوماً من طلب المساعدة للمحتاج ولم تهبها هالة اللقاء بالمسؤولين حين تطلب مساعدتهم من أجل الآخرين خاصة النساء كانت تقوم بذلك عفوياً بلا حرج دون أن تجعل من أولئك المسؤولين حواجز من الأنفة والكبر، جسورة فلم ترد محتاجاً أو معوزاً في صراع الرفاق وحرب الأخوة فمدت الماء والخبز للأسر المحتاجة مستبسلة في طرح ما هو حق دون حاجة لتزيين الكلام وتنميق الجمل.

حتى والمرض بدأ يتسرب رويداً إليها كانت واقفة متحدية في قاعات المحكمة وهي تقدم دعاوى استرداد مواقع اتحاد نساء اليمن (المراكز) التي سلبت فيداً في حرب 1994م تمتعت بإرادة نادرة. و في نهاية التسعينات وبداية القرن الواحد والعشرين لم تكل وهي تعرف بأن مصائرنا بأيدينا نحن النساء ماعدا في ولادة الحياة والمرض والموت. اثنان لا ثالث لهما يشكلان هرمي عمل ومحبة لماما رقية: اتحاد نساء اليمن والحزب الاشتراكي اليمني فأعطت العمر الجميل لهما ولم يستطع كلاهما أن يوفيها ذلك الحق والجزاء فعند تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأول لاتحاد نساء اليمن فرع محافظة عدن رفضت القيادة المركزية أن تكون في قوامها متحججة بأنها أمية وكبيرة مع أن العطاء لا يقاس بالعمر وحده وأن محبة الناس لا تقاس بالعلم وأن المرض الذي أتعبها سيصيب غيرها فرحمة ربي لا حدود لها في امتحان الصبر على الألم والوجع وفي ظل ذاك تناسى الحزب الاشتراكي حتى أن يقدم على ترشيحها في دوائر الانتخابات ضارباً بمحبة الناس لها عرض الحائط ... وكلاهما (الاتحاد والحزب) كان مجحفاً جاحداً في حقها حين بدأ المرض يتوجه ليسرق العمر ولم يكن طويلاً.

مسيرة العــطاء في عـــدن

وهي صاحبة رصيد نضالي واسع فرقية السيد من مناضلات حرب التحرير التي شاركت بها المرأة إلى جانب أخيها الرجل من أجل تحرير الجنوب من الاستعمار .

كما شاركت وبفعالية في بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوليدة بعد الاستقلال الوطني 30من نوفمبر1967م .

وحصلت على ميدالية حرب التحرير وميدالية 30 مايو لمنظمة الدفاع الشعبي وعدد من الشهادات فمن الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية حصلت على شهادة في الذكرى الحادية عشرة للاستقلال الوطني وشهادة من الاتحاد العام لنساء اليمن مع منظمة اليونيسف 1977م وأخرى من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي 1976م.

من مشاركاتها في احدى الفعاليات
من مشاركاتها في احدى الفعاليات
المواقع القيادية التي شغلتها

تدرجت في عضوية الحزب الاشتراكي اليمني من المنظمة القاعدية حيث شغلت عدة مواقع لفترات كثيرة ومتعددة سواء في اللجان القيادية للمنظمات الحزبية وعضوية لجنة مديرية للحزب لسنوات عديدة وعضوية لجنة محافظة عدن للحزب الاشتراكي اليمني لعدة مرات .

كما أنها كانت عضو لجنة مركزية للحزب الاشتراكي اليمني منذ المؤتمر الرابع وأعيد انتخابها لعضوية اللجنة المركزية في المؤتمر العام الخامس المنعقد في يونيو 2005 .

وعلى صعيد الاتحاد العام لنساء اليمن شغلت المواقع التالية :

رئيسة اتحاد نساء اليمن في مديرية التواهي 1974م - 1980م وعضو لجنة محافظة لاتحاد نساء اليمن من 1980 -2003م وسكرتارية الشؤون الاجتماعية والقانونية بالاتحاد وهذه الدائرة لم تكن موجودة وليست موجودة أصلاً لكن بفعل متابعتها للمسائل القانونية الخاصة بالاتحاد بعد صيف 1994 م أخذت على عاتقها النضال الاجتماعي والقانوني للاتحاد.

ماما رقية أنوري التي سميت ماما من الكبير قبل الصغير ومن الشيخ قبل الطفل لأنها ضمت الجميع في حضنها وداوت ما تقدر عى مداواته ودعيت بأنوري نسبة لزوجها أنور.

لكننا اليوم نفتقدها لأنها ودعتنا بعد ءن كنا آخر صحفيين نزورها في لحظات الاحتضار وكنا نتمنى أن ترى الصفحة النور قبل وفاتها إلا أن القدر قال كلمته وأخذ الله الأمانه التي أودعها أرضه يوم الجمعة الماضي التاسع من نوفمبر 2007م لنودع معه مسيرة عطاء بلا حدود.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى