عــــدن وأخـــواتـها

> السفير/ نبيل خالد ميسري:

> شهدت عدن في تاريخها القديم والحديث غزاة أجانب طمعاً في موقعها الإستراتيجي المهم، وكانت النهاية الحتمية هزيمتهم وخروجهم بفضل بسالة وتضحيات أبنائها من مختلف شرائحها، وكذا بفضل أبناء أخواتها الذين هبوا لتحريرها من الغزاة الأجانب وآخرهم التاج البريطاني رغم عظمة قوته.

30 نوفمبر 1967 كان الفرحة الأولى لتحقيق حلم عدن وأخواتها (لا للاستعمار)، رغم الشهداء لكن كان الأمل بغد أفضل.

وشهدت عدن قبيل الاستقلال وخلال النظام الجمهوري مآسي قتال الأخوة وقتل الكثيرين على لا شيء سوى شهوة السلطة والجهل معاً، فخرج العديد خارجها بحثاً عن أمان ولقمة عيش، وسحل البعض وسجن البعض الآخر لأبسط التهم الملفقة لأسباب أنانية.. ولم ترض عدن وأخواتها عن ذلك لكنها كانت تدرك أن لكل بداية نهاية، وجاء الفرج حين رفع في سماها أول علم لدولة الوحدة في 22 مايو 1990م، لتذكر الجميع أن القتل والظلم وسلب الحقوق لا يخلق سوى دولة ركيكة تنهار من أول هزة تتعرض لها إلا أن عدن في كل مآسيها التي مرت بها من 67 حتى 1990م ظلت دولة نظام وقانون وإن كانت هناك تجاوزات للقانون من ذوي النفوذ لكنها لم تؤثر في النهج العام.

وفرحت عدن وأخواتها بيوم الوحدة وأملت أن دولة حديثة ستعم اليمن مستفيدة من أخطاء النظامين، وسيتعلم القادة أن حكم دولة الوحدة يختلف عن سابقاتها.. واليوم وبعد مرور سبعة عشر عاماً ترى عدن وأخواتها موجات من الرفض لطريقة التعامل مع أبنائها وهي خطيرة بكل معانيها، لأن عدن وأخواتها عندما تحب تعطي كل شيء وعندما تغضب يثور بركان عدن أولاً، ولا أحد يستطيع إيقافه إذا بدأ.

فالمسئولية متروكة للقيادة السياسية وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح الذي اكتسب من التجارب الكثير وسجل في تاريخه بصمات لا يمكن نكرانها، ولكن تجربته مع البركان جديدة فلم يستطع التاج البريطاني حينها إيقافه بعد أن اشتد غضب أبنائها ورحل قبل موعده.

ومثلما كان للأخ القائد دور رئيس في تحقيق الوحدة مع رجال كثر فإنه الوحيد القادر على الحفاظ عليها بإعطاء عدن وأخواتها حقها الطبيعي الذي يسعد أبناءها ويشعرهم أن الوحدة خير لهم لا أن يشعروا ويلمسوا استعمار الأخوة، وهو أسوأ من الاستعمار الأجنبي.

نقول ذلك لأننا حريصون على استقرار بلادنا ومتفائلون بأن ينعم الجميع بخيرها، لا أن تستفيد مجموعات بنهب خيرات الوطن تحت مسميات الوحدة وهي تساهم يوماً بعد يوم في هز أعمدة هذه الوحدة الوليدة التي لم يقوَ عودها بالشكل المطلوب.

كما أشرنا في مقالتنا السابقة بتاريخ 2007/9/17م تحت عنوان (مساهمة صادقة للرئيس القادم) فإننا نؤكد ضرورة الوقوف بجدية أمام تلك المهام العظيمة التي تخلق دولة نظام وقانون للجميع دون استثناء لأحد، ويكون من حمل المشعل لإنجاز الوحدة رمزاً للحفاظ عليها.. لايزال أملنا أن من حقق الوحدة يستطيع أن يحافظ عليها.

لاشك أن التاريخ قد علمنا الكثير، وأن الظلم والقهر لا يدوم، وأن الاستعمار سواء من الأجنبي أم من المحلي لا يدوم.. فالعالم قد تغير وعجلة التاريخ لا يمكن أن تعود إلى الوراء، فمن ركب سفينة نوح ونوى الإيمان بالله والوطن كفر عن سيئاته ونجا بنفسه وشرع ببناء دولة ينعم بها الوطن وأبناؤه في كل بقعة فيها.

أكتب هذه الكلمات وأنا على ثقة أن المخلصين في كل اليمن أكثر بكثير من تلك الفئة القليلة الفاسدة التي تستغل سلطاتها وجبروتها في الإذلال ونهب خيرات الوطن والمواطنين.. متناسين أن الوصول إلى روما يأتي من عدة طرق أولها الطرق السلمية التي يعيشها عصرنا الحديث في كل بقاع العالم.

فتحية لـ (عدن) العظيمة، العملاقة، الصبورة، المسامحة، وكذا ألف تحية لأخواتها ولكل المدن اليمنية المخلصة لبناء دولة حديثة!

القنصل العام للجمهورية اليمنية

مومبي/ الهند

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى