ومات الشاعر الأديب القاضي إبراهيم الحضراني

> «الأيام» محمد مرشد ناجي:

> لقد جمعتني به مودة، كما جمعتني مع أبيه القاضي أحمد الحضراني الذي شاءت الظروف أن يسكن إلى جواري في المنصورة بعدن. وكنت إذا ما سنحت الفرصة أزوره في بيته وأستمع إلى الأشعار التي يحفظها، وأدهش لحافظته ويزيد من دهشتي عندما يقول: إنه يحفظ الكثير الكثير من الأشعار الشعبية التي لا حصر لها.

معذرة سيدي إبراهيم، يرحمك الله، فقد أخذني الوالد، ولست أدري إن كانت الدولة قد قامت بتوثيق ما يحفظه من أشعار لها أهميتها كما تعلم.

لقد كنت يا سيدي إبراهيم على هذه الدنيا كريماً عفيفاً طيباً تحفظ الود، وكنت بابتسامتك النقية الصافية التي تغطي مساحة وجهك في وجه من تعرف ومن لا تعرف حتى عرفك الناس بها، وعرفت بها الناس.

وكنت من المؤمنين أن للقلم رسالة سامية، وما كنت تكتب في ريعان شبابك إلا إذا ما دفعتك حادثة ما، أو يشغل عقلك موضوع أدبي، أو تجذبك قريحتك الشعرية.

وبيني وبينك.. فتحت ديوان «ترجيع الأطيار بمرقص الأشعار» للقاضي العلامة عبدالرحمن بن يحيى الآنسي الذي تولى تصحيحه وتحقيقه رجلا الفهم والذكاء والإحاطة الواسعة بلغة البلاد- بوصفك لهما- القاضي عبدلله عبدالإله الأغبري، والقاضي عبدالرحمن بن يحيى الإرياني، وطلبا منك أن تكتب مقدمة الديوان لطول قامتك في هذا المجال.

واسمح لي يا سيدي إبراهيم أن أسجل من قبيل (الذكرى تنفع المؤمنين) في هذه المرثية المتواضعة بقدر ما أعرف، ما كتبته أنت عن حال اليمن في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، ما يشاء الله، يطابق حال اليمن في عصرنا على أبواب الألفية الثالثة.

حيث تقول:

«وبعيد جداً أن نتصور اليمن وهي مهد الحكمة والفنون، أو مهبط العرائس والشياطين - عقيماً لا تخلق العبقريات ولا تنبت المواهب، ولا يخصب فيها القرائح والعقول. ولكن الأمر الذي لا مرية عندنا فيه هو أن الظروف التي اكتنفت اليمن في القديم كان لها أكبر الأثر في هذا الشأن: الاختلافات المذهبية، الاضطرابات السياسية، النزاع الدائم، الخصام المستمر.. تلك هي التي جعلت اليمن منطوية على نفسها انطواء النار يأكل بعضها بعضاً فلا يقوم الآخر إلا على أنقاض الأول».

وأظنك تذكر يا سيدي إبراهيم أنه في إحدى زياراتي لدولة الكويت، ولا تسألني عن التاريخ، قمت بزيارة لك في الملحقية الثقافة في السفارة اليمنية وكتبت بيتين من الشعر وقلت لي ضمهما إلى محفوظاتك وهما:

يمن قلت فلم يستمعوا

دون أن يتبعها جيمٌ وشِين

إن حرف الشين شرٌ

وأنا لا أطيق الجيم والجيم جنون

وأخيراً يا سيدي، وفي وقت ما وبعد أن قمت بزيارة إلى ربوع حضرموت كتبت قصيدة وذكرتني فيها، وناولتها المطرب الكبير أيوب طارش فلحنها، ثم سجلها على شريط تجاري وكان لحناً جميلاً.

ولكن قد أصابك أذى عندما تدخلت عصا الرقيب لتشطب اسماً وتستبدله بآخر، مع كل حبنا لهذا الآخر فقد كان حبيباً وصديقاً.

أعرف أن هذا سبّب لك ألما لأنه اعتداء سافر على ذوقك أو قل رأيك الأدبي!! وقلت لك حينها (طنّش) ياسيدي وكأنك لم تسمع فالعصا غليظة جداً، والسياسة شر البلية.

وأتوجه إلى الله سبحانه وأقول اللهم ارحم فقيدنا الكبير فقد كان محباً لخلقك، وأكرم مثواه فإنك الغفور الكريم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى