في الندوة العلمية «اليمن الكبير تاريخاً وحضارة.. أرضاً وإنساناً.. ثورة ووحدة» بالضالع:لا يجوز فرض الوحدة بالقوة أو الضم والإلحاق ولكن بالنظام وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب ..الوحدة لا يستوجب رهنها بأحد فالسياسة تذهب وتأتي ولا وحدة من دون شراكة

> الضالع «الأيام» خاص:

>
في قاعة الفقيد صالح الجنيد نظم المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) صباح أمس الثلاثاء أولى ندواته العلمية (اليمن الكبير تاريخا وحضارة.. أرضا وانسانا.. ثورة ووحدةً)، التي استهل بها المركز برنامجه الاحتفائي بتدشين الموسم الثقافي وسط مشاركة وحضور القيادة السلطة المحلية ممثلة بمحافظة المحافظة الاخ محمد أحمد العنسي ونائبه محمد غالب العتابي ووكلاء المحافظة وقيادات في الاحزاب والتنظيمات السياسية ومناضلي الثورة اليمنية ونخبة من الاكاديميين والباحثين والاعلاميين والقيادات النسوية والشخصيات الاجتماعية وعدد من المشاركين.

فعالية الندوة التي أدارها الاخ محمد اسماعيل مقبل عضو مجلس الشورى تم فيها استعراض ثلاثة اوراق من محاور الندوة الثلاثة التاريخي والحاضر والمستقبل اذ قدم الاخ سالم احمد الخنبشي عرضا تاريخيا عن «الوحدة اليمن أرضا وانسانا» والاخ سالم محمد حسين قدم عرضا عن الحاضر وثوابته ومتغيراته من خلال ورقته «واحدية ثورة واصالة شعب» فيما كانت محاضرة د. حمود صالح العودي المقدمة حول مؤشرات ملامح آفاق المستقبل وذلك بورقة علمية وسمت بـ «دور اليمن في سياق المتغيرات التاريخية رؤية مستقبلية».

ثم جرى فتح باب النقاش والمداخلات أمام الجميع وبكل حرية وشفافية ورحابة صدر.

طرحت في الندوة العديد من الآراء والاسئلة والملاحظات بل وحتى ماهو مستفز وخارج سياق محاور الندوة البحثية والعلمية.

اطلالة الاخ سالم الخنبشي على وحدة اليمن أرضا وانسانا بدأت بالجغرافيا الطبيعية للجزيرة العربية والتي قسمت الى 4 أقسام هي اليمن والحجاز ونجد واليمامة وتارة الـ 5 أقسام بإضافة تهامة الممتد من باب المندب جنوبا حتى منطقة العقبة بالاردن شمالا وأهم جزء منه من حيث الاتساع وخصوبة التربة وتوفر المياه هو ما ينتمي الى اليمن تحت مسمى تهامة اليمن.

وتحاول ورقة الخنبشي الرد بالحجة العلمية والتاريخية على الاقوال والادعاءات والاحداث التي برزت للسطح في الحاضر وتدعي ان هذه المنطقة او تلك ليست من اليمن او انها تحمل اسما آخر وجغرافيا اخرى في الجزيرة غير اليمن او تطالب بالعودة الى وضع ماقبل 22 مايو 90م «وجميع هذه الدعوات والأقوال لا تستند الى أية حقائق او أسس تاريخية او جغرافية او ثقافية او اجتماعية تؤيد دعواها». واستعرض الخنبشي بعضا من الشواهد الجغرافية والتاريخية والحضارية المؤكدة لوحدة اليمن أرضا وانسانا منها العلاقة الجدلية بين الكل ومجموع الاجزاء المكونة له وامتدادها على مساحة تزيد عن 550 ألف كم مربع وفيها أسماء موغلة في القدم كصنعاء، أبين، لحج، حضرموت، شبوة، ذمار، يريم، المهرة، خولان، مأرب، تهامة وغيرها من الشواهد والحقائق التاريخية وأيضاً الحضارة اليمنية القديمة.

وقال:«ورغم انحسار مساحة المتحدثين بلغة جنوب الجزيرة العربية الا انه مازالت مناطق نائية من اليمن تتحدث بها مثل المناطق الشرقية في حضرموت ومحافظة المهرة وجزيرة سقطرى حيث سكان هذه المناطق يتحدثون بثلاث لهجات محلية متداخلة ومترابطة وهي السقطرية والمهرية والشحرية، كما ان تطابق وتشابه أسماء الكثير من المعالم والاعلام في لغة اليمن مثل شبام وريدة والقاع وغيرها من الموجودة في جبال وسهول اليمن وذلك ما يميز أسماء الاعلام في اليمن والتي كثير منها تنتهي بحرف الالف والنون أو الواو أو الياء هذه الاسماء المنتهية بحرفين هي أسماء يمنية قديمة جدا حافظت على صيغتها الى الآن الى جانب ترديد الزوامل في المناسبات ورقصات البرع أو الطبل والمزمار وهناك وحدة اليمن في الادب العربي القديم مثل قول الشاعر الجاهلي امرئ القيس عند مغادرته لمنطقته دمون الواقعة في سفح جبل الهجرين أسفل وادي دوعن حيث قال:

تطاول الليل علينا دمون

دمون إننا معشر يمانيون

وإننا لأهلنا محبون».

واشار الخنبشي إلى دور ومكانة اليمني في الاسلام ونصرته وكذلك الى مخاليف اليمن الثلاثة: صنعاء، الجند وحضرموت، وبرر هذا التقسيم لليمن تحت راية الاسلام بـ«التباعد الجغرافي وضرورة التقسيم الاداري مثلما هو حاصل في أية دولة حديثة الآن»، قائلا: «لأن من الاشياء الثابتة آنذاك تبعية هذه المخاليف الثلاثة للادارة المرجعية الجامعة لها والموجودة حينها في صنعاء ناهيك عما شهده اليمن في العصر الوسيط من بسط عدد من الدول لنفوذها على كامل التراب وفي مقدمتها الدولة الاباضية او الرسولية او الصليحية او الطاهرية».

الاخ سالم محمد حسين في محور «الحاضر ثوابته ومتغيراته» أوجز المجال السياسي والاجتماعي بثلاث مدد الاولى من 62، 63، 70م «التي كان لقيام الثورتين ترابط وثيق يصعب تجزئته او فصله»، مستدلا «بوقوف أبناء الجنوب في الثورة سبتمبر وفي الدفاع عنها اثناء الحصار» مستدلا على واحدية الثورتين «بعودة الشهيد الاول لثورة 14 اكتوبر من جبال المحابشة التي قاتل فيها من اجل الثورة والجمهورية ليستشهد في معركة ضد الوجود الانكليزي في الجنوب»، وأشارت الورقة الى ان من أسباب تأخر الوحدة «الاختلافات الواقعة بان الشرعية الثورية التالية لقيام الثورتين وتحقيق الاستقلال أكان على مستوى الشمال بعد حركة 5 نوفمبر 67م او الجنوب عدا الاستقلال كان من تبعات هيمنة اليمين على مقاليد السلطة في الشمال او اليسار في الجنوب وسع هوة الخلافات والتنافر بين النظامين، فيما الفترة الثانية 90-70م التي بدأت فيها حقبة جديدة استمرت لعقدين تحت حكم الشرعية الثورية. ورغم تلك الظروف السائدة من الشرعية الثورية واحتدام حدة المواجهة والصراع الا ان هذه المرحلة أثبتتاستحالة الوحدة عن طريق القوة والاخضاع العسكري، بينما الفترة الثالثة -90 2007م كان لها حل كل تلك الاختلافات والالتزامات والثقافات في بوتقة الكيان الوطني الواحد وقد كان لذوبان ودمج كل موروثات الدولتين أثر تال على الدولة الجديدة كما ان أزمة حرب الخليج وما لحقها كانت أولى المؤثرات السلبية والتي تجلت واضحة منذ الاشهر الاولى للمرحلة الانتقالية علاوة على القصور والعوامل السلبية الاخرى التي أدت في المحصلة لكارثة الحرب».

وخلصت الورقة إلى «ضرورة ايقاف عجلة التدهور العامة والصراعات الثانوية وإعادة تنظيم ورص صفوف القيادات الوطنية بروح 22 مايو 90م وإجراء أوسع او أشمل في تقييم مسيرة 17 عاما والشروع بإجراءات فورية لإصلاح المسار والاتفاق على مرحلة انتقالية يتم خلالها تنفيذ جملة من الاهداف التي يتفق حولها برؤية وطنية موضوعية وعلمية وشاملة ومشتركة تشمل ماقبل الوحدة اوالحاضر».

محاضرة الدكتور حمود صالح العودي لقيت ارتياحا من الحاضرين لما حملت من مضامين صادقة وناقدة ومبينة لمكامن الاختلالات وماهية المطلوب بتجاوز اليمنيين واقعهم المتخلف إلى آفاق المستقبل وذلك بعد ان أغلق الإمام على اليمنيين الزمن لقرن كامل ولم يبق سوى الهواء والسماء.

وأشار العودي إلى «أن البشر أعظم ثروة تملكها الدول والقائلون ان البلد يعيش تضخما وان مشكلة اليمن في تضخم نسبة المواليد فهم كاذبون، فها هي اليابان أقل بلدان العالم من حيث الموارد الطبيعية لكنها أهلت الانسان المنتج بل وحققت ثاني أقوى اقتصاد في العالم، ومثال معاكس على عدم تأهيل الانسان رغم توافر الموارد الطبيعية هو السودان الذي يعد سلة الغذاء العربي ومساحته تساوي مساحة أوروبا الغربية وبالمقابل بلد صغير مثل قطر التي قدرت بقناة الجزيرة ان تفعل ما يخشاه ويؤثر في كل العالم الاستعماري اكثر من خشيتهم 300 مليون عربي او مليار مسلم، كذلك المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان والتي لا تملك جيوشا ولا دولة قوية لكنها استطاعت ان تقلب كل الموازين في الصراع العربي الاسرائيلي وما عجزت عنه جيوش وحروب كل السياسيين العرب قدرت على تحقيقه بصمودها 30 يوما».

وقال العودي «ان الوحدة المطلوب تعميقها باعتبارها مكسبا يعد منطقا صحيحا كون الوطن الموحد ليس مرهونا بأحد. السياسة تذهب وتأتي ولكن الوحدة التاريخية أثبت من طلوع وغروب الشمس». وأكد ان قناعته الشخصية اذا وصلت لحد الوقوف خلف إمام او سلطان لأجل الدفاع عن الوحدة فسوف يفعل، «ومع ذلك فإن الوحدة هي عبارة عن شراكة لا يجوز فرضها بالقوة او بالضم والالحاق والاقصاء فلابد من النظام والقانون ولابد من الثواب والعقاب حتى تصان هذه الوحدة». وتساءل «لماذا لم نسمع في هذا البلد عن تطبيق مبدأ الثواب العقاب فإما أننا ملائكة ولا تصدر منا أخطاء او نكون والعياذ بالله شياطين وماعاد ينتظر منا خير». واضاف «لأن سلب الحقوق وظلم الناس ومصادرة حقوقهم تقضي على الامم، وفي الحديث مامعناه ان الحرام يذهب وينتهي هو وأهله وعلاقة الحاكم بالمحكوم هي علاقة شراكة وهناك حقيقة تاريخية، كلما كان هناك اعتراف بالآخر وشراكة بين الناس ساد الاستقرار ، وكل المراحل التاريخية السائد فيها الاستقرار كانت الشراكة قائمة، وحيثما ساد التمزق جاء الغزو والاحتلال. وماحدث غزو او احتلال لشعب الا بعد ان أخل بهذه الشراكة، ومن صور غياب الشراكة في اكبر تجلياتها هي لغة الشعب، فسبب اختلال الاستقرار السياسي عدم فهم هذه المعادلة بين الحاكم والمحكوم، المركز والاطراف، فهل ستحافظون على وجود هذه الشراكة في المحافظة حتى يتواصل التقدم أم ستعودون القهقري؟».

المداخلات والتساوؤلات المطروحة كانت في المعظم مابين مؤكدة لضرورة الشراكة واصلاح الاوضاع الناتجة عن اختلال هذه العلاقة والمنظومة السائدة المهيمنة على القرار والثروة وحتى المفاهيم، أو نافية وداحضة لوجود مشكلات مهددة للوحدة بل وذهب البعض للقول بأهمية القوة من اجل تعميدها ثالثة بالدم، والأكثر غرابة صدور مثل هذه الكلمات عن دكتور جامعي أو قيادية نسوية. الطروحات اللافتة كانت حول مساحة الجمهورية البالغة 550 ألف كيلومتر مربع فيما دكتور جامعي حمل كتابا احصائيا رسميا يؤكد بأن مساحة اليمن 460 كم مطالبا ايضا بإلغاء فتوى الحرب وبوحدة من دون أطقم أو دبابات، فيما أرجع آخر المشكلة إلى سيطرة القلة على الفائض الاجتماعي دونما بذل جهد وبالتالي أدى الى اضرار طبقي (أغنياء، فقراء)، ثقافة حضارية انسانية، ثقافة فهلوة، خصخصة للغنى والسلطة. وتساءل ما اذا كان باستطاعة الجميع إعادة النظر في عدالة توزيع الثروة والسلطة كخاصية من خواص الثقافة الوطنية المتمثلة في قيم المشاركة في اتخاذ القرار واحترام العمل المهني المنتج وقيم العقل والتسامح والانفتاح على الآخر وجميع هذه القيم بحاجة إلى تجسيدها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى