برلين مدينة محورها سعادة الإنسان والسياسة فيها تعمل في إطار مثلث العلم واحترام التقاليد الإنتاجية والاقتصاد المنافس

> برلين «الأيام» علي صالح محمد:

>
البروفيسور د. هيتسر أثناء معاينته الزميل فضل النقيب بعد اجراء العملية
البروفيسور د. هيتسر أثناء معاينته الزميل فضل النقيب بعد اجراء العملية
الالكساندر بلاتس أهم مواقع العاصمة الألمانية اشتهر بمعالمه المميزة كبرج برلين الشهير وساعته العالمية وقصر الجمهورية الذي دمر بعد الوحدة والمبنى البلدي وفندق مدينة برلين الشاهق الذي أصبح يسمى فندق بارك إن.

حين زرت الأكساندر بلاتس زارني شريط الذكريات المليئ بلحظات العناق لزوايا عديدة في هذا المكان الجميل, عاد الزمان ثلاثين عاما بالوفاء والتمام عندها قلت ارجع يازمان فقال الزمان إزاي ارجع ؟

لا أدري لماذا يشدنا الماضي الى أحضانه مع أن الحاضر أجمل, والمستقبل أفضل, الأكيد أن للعمر أحكامه وهو ما يفسر مشاعرنا وأحاسيسنا عند استذكار الأمكنة والناس بعد زمن :

وما العمر إلا دمعة وابتسامة

وما زاد عن هذي وتلك فضول

وحين نظرت الى المواقع التي رأيتها قبل ثلاثين عاما تأملت كثيرا في ما مضى من العمر وانتابني شعور عميق من الفرح والحزن وكأني بمعروف الرصافي وهو يردد:

ما أرى اليوم ذلك المجد إلا

كخيال يمر بعد خيال

هل وقوفي على مبانيك إلا

كوقوف على الطلول البوالي

قد تخونتنا ثلاثين عاما

جئت فيها لنا بكل محال

تلك أعوام رفعة للأداني

تلك أعوام ُ حطة للأعالي

برلين حالها حال المدن الكبرى لا تعرف السكون ولا تؤمن بالسكونية تميزها الحركة الدءوبة بصخبها وتنوعها وهدير مواصلاتها فوق الأرض وتحت الأرض, المرافقة للنشاط الإنساني المنتظم كالساعة و المنظم في أروع صوره , الأمر الذي يجعل للوقت معانيه الحقيقية كملازم للحركة التي تمنح الحياة معانيها العميقة , برلين رغم خريفها الممطر وشتائها البارد تهديك دفئا داخليا غريبا وتمنحني أحاسيس جميلة لطالما اختفت منذ عقود , فيها نبض لا يتوقف عند حد متسم بالنظافة والاحترام للتقاليد الإنتاجية الجميلة, يشطح العلم فيها بقوة , والاقتصاد ينافس باقتدار , والمحور هو سعادة الإنسان, والسياسة تعمل بأدب في حدود الممكن بلا تشنج من أجل هذا المثلث , وكل ينافس من موقعه لرسم هذه اللوحة وصنعها وتحقيقها على الأرض بلا كسل وبلا ديماغوجية للبقاء دائما في المرتبة الأولى . لهذا تحظى بالإعجاب

- برلين هي واحدة من كبريات المدن الألمانية بل والأوروبية وكانت لمدة 28 عاما منقسمة الى قسمين شرقي وغربي بسبب التقسيم الذي فرضته دول التحالف اثر الحرب العالمية الثانية, وتم تسوير165كيلو مترا من الجزء الغربي من قبل ألمانيا الشرقية في عام 1961 وكان الدخول إليها يتم فقط عبر الجو وعبر بوابات خاصة , وهو السور الشهير الذي جرى تدميره في عام 1990حين تم الإعلان عن وحدة ألمانيا وبذلك استعادت برلين هويتها مجددا كعاصمة كبرى لألمانيا الموحدة .

- برلين تأسست في عام 1252على نهر شبري ومنذ اعلان فرساي عام 1871 عن تنصيب وليم بروسيا الأول قيصرا على ألمانيا أصبحت برلين هي العاصمة في الفترة التي تميزت بالنهوض العلمي والصناعي والحضاري واكتسبت مواقعها العالمية بازدهار العلوم والفنون والآداب من خلال تأسيس الجامعات الشهيرة كجامعة هامبولت مثلا حيث بلغ عدد طلاب العلم فيها في عام 1890، 6000 طالب منهم 300 في مجال العلوم وهنا لا يمكن نسيان بعض هؤلاء الذين أكسبوا برلين شهرتها ومنهم طبيب العيون البرشت فن جراف والجراح أرنست فُن برجمان ورودولف فيرشو مكتشف باثولوجيا الخلية وكذلك روبرت كوخ مكتشف بكتريا السل وحامل جائزة نوبل لعام 1905 وهناك أيضا الفيزيائيان الشهيران ماكس بلانك والبرت اينشتاين.

- في ألمانيا يوجد 78 مركزا حديثا لعلاج أمراض القلب والرئتين والأوعية الدموية وفي عام 1983 أسس في برلين مركز القلب الألماني برلين ويعتبر مؤسسة مستقلة ماليا وإداريا, مؤسسة غير ربحية تسخر عائداتها لتطوير المركز والأبحاث العلمية التي يقوم بها .

يقوم المركز بإجراء 4000 عملية قلب مفتوح سنويا و100عملية زراعة أعضاء جديدة و1000 عملية معالجة القلب بالليزر ويعد المركز الأول في العالم في زراعة القلوب الصناعية.

يرأس هذ المركز البروفيسور د. رونالد هيتسر, يعتبر أول طبيب عالمي متخصص في جراحة القلب بما في ذلك زراعة القلب الاصطناعي يبلغ من العمر 63 عاما مع انه يبدو ابن الأربعين شهير بعلمه وبتواضعه وبأخلاقه الرفيعه وقته من ذهب ومقسم بين مركزه وبين المؤتمرات والعمليات الجراحية في كل أرجاء العالم, وعلى يديه الماهرتين أجريت عملية القلب المفتوح للأخ العزيز فضل النقيب في20 نوفمبر 2007, ولعدد آخر من اليمنيين، حسب علمي أنه زار اليمن كضيف حل فيها لمدة أسبوع وأجرى فيها عملية جراحية لأحد الأطفال في مستشفى الثورة.

- وكيمنيين يحق لنا ان نفاخر اذا علمنا ان في هذا المركز الشهير يوجد طبيب شهير يعمل كاستاذ جراحة و كبير أطباء يعد اليد اليمنى للبروفيسور هيتسر سعدنا بالتعرف عليه وهو البروفيسور د. مهدي قادري , الذي يعمل في هذا المركز منذ ثمانية أشهر وكان قبلها يعمل في مركز جراحة الصدر والأوعية الدموية بمدينة هانوفر وكحالة نادرة حتى على المستوى الاوروبي، يمتلك أستاذنا هذا أربعة تخصصات مختلفة وهي الجراحة العامة, وجراحة الأوعية الدموية, وجراحة الصدر والرئة , والجراحة القلبية, وسبق أن تخرج في رومانيا في عام 1983 ليعمل ثلاث سنوات طبيبا للأنف والأذن والحنجرة في اليمن, وفي عام1986 انتقل للتخصص في ألمانيا , يجيد أربع لغات الألمانية والرومانية والانجليزية والعربية, لديه عدد من البحوث العلمية في مجال جراحة الأوعية الدموية , وعمل على تنظيم عدد من المؤتمرات الطبية بالتنسيق مع جامعة صنعاء وحاليا يعكف للتحضير لعقد مؤتمر طبي في عدن بداية شهر مارس 2008 كامتداد للمؤتمرات السابقة بالتعاون مع جامعة صنعاء إضافة الى ذلك فإنه يقوم بالزيارة السنوية لليمن لإجراء الامتحانات لطلبة الطب في جامعة صنعاء، وينتهزها فرصة لإجراء بعض المحاضرات.

شاب في مقتبل العمر مثقف متواضع كعالم في مجاله, وإضافة الى ذلك فهو فنان وشاعر يعزف على البيانو والجيتار, حين زرته وجدته منهمكا وسعيدا بالاستماع الى فيصل علوى بواسطة أحد برامج الانترنت فقلت له معلقا : بالنسبة للبعيد عن الديار فإن موسيقى الوطن تنعش روحه أما القادم منها فإن بعضها يصم أذنه , فهم المقصود وأغلق الجهاز لندخل في دردشة متعددة الوجوه والجوانب أحسست أنني أعرف الرجل منذ عهود ويبدو ان السبب في ذلك اكتشافي بأنه صديق أصدقائي من الأطباء كالدكتور علي علوي اختصاصي العيون الشهير, والدكتور محمد علي هرهرة اليافعي, اختصاصي الجلد والتناسل والعقم, والدكتور محمد يحيى المفلحي اختصاصي العيون, والدكتور محمد الكميم اختصاصي القلب في مستشفى الثورة بصنعاء, وكذلك المهندس علي نعمان المصفري زميل الدراسة الجامعية في لايبزج والمقيم حاليا في لندن, والعزيز أحمد المجيدي الذي تربطه به علاقة قرابة.

ولكن الأجمل من ذلك كله ان البروفيسور من بلاد الصبيحة ومعبقي أصيل نفاخر به في واحد من أفضل مراكز القلب في العالم .. امسكوا الخشب .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى