المجلس التشريعي العدني قضايا وحوارات

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

>
مبنى المجلس التشريعي في عام 1959م
مبنى المجلس التشريعي في عام 1959م
تعد وثائق المجلس التشريعي العدني من المصادر الهامة، والمرتبطة تاريخياً بمرحلة من تطور العمل السياسي المدني في مدينة عدن، والتي جعلت من هذا المشروع حالة إدارية تدل على مستوى الإدراك الذي تقدمت إليه هذه المدينة في مجالات الحوار البرلماني.

عبر هذه الوثائق نتعرف على اتجاهات وأفكار وقضايا واتفاق واختلاف، ولكن يظل كل هذا عند الحدود المعقولة من لغة الحوار التي تعد وسيلة لإظهار المعرفة مابين القضية، وأساليب التعامل معها. والمجلس التشريعي العدني كان الأول على مستوى الجزيرة العربية في خلق مثل هذا الكيان السياسي الذي عرفته الدول والمجتمعات المتحضرة.

المجلس التشريعي يناقش تعريف العدني

حول هذا الموضوع تذكر الوثيقة رقم 1200 الصادرة عن دائرة العلاقات العامة والنشر بعدن بتاريخ 31 ديسمبر 1959م، هذه المعلومات عبر الأعضاء في مجلس عدن التشريعي هذا الأسبوع عن وجهات نظر قيمة حول تعريف العدني، وذلك عند مناقشة الاقتراع الذي قدمه المستر (سيموند) السكرتير العام، والذي طلب فيه الموافقة على تعريف مؤقت للعدني. وبعد أن قدم السكرتير العام اقتراحه، اقترح السيد سعيد محمد حسن، إجراء تعديلات تدعو إلى رفض التعريف المؤقت، وبتقديم تعريف يضم جزءً كبيراً من السكان. وقد عارض السيد سعيد محمد حسن كلمة تعدين التي جاءت في التعريف، وقال: بأن اليمنيين والصومال والأقليات الأخرى التي جعلت من عدن وطنا لها يجب أن يكون لهم بعض الامتيازات. وعند التصويت على التعديل الذي تقدم به السيد سعيد محمد حسن ،انهزم التعديل بـ 17 صوتاً ضد صوتين، وامتناع 3 أصوات. وألقى المستر سلول كلمة قصيرة حول الموضوع مؤيداً توسع التعريف، وقد تبعه السيد علي محمد لقمان، واشترك في النقاش بإلقاء خطاب جامع ذكّر مستمعيه بأن عدن جزء من شبه الجزيرة العربية، وأن العدنيين عرب. وقال السيد علي محمد لقمان:" لتطمئن الأقلية بأننا كعرب عادلين ومتسامحين، فإننا ننظر بعين الاعتبار إلى مصالح الأقليات."، واستطرد بتذكير الأعضاء بأنهم لم يحضروا إلى المجلس لمناقشة الجنسية، ولكن ليناقشوا التعريف الذي يمس فقط الخدمة العامة. وقال السيد علي محمد لقمان أنه مسرور أن يرى إدخال المحميات في تعريف الأغلبية الموضوع الآن على بساط البحث، للموافقة عليه لتعريف مؤقت، كما يسره أيضا أن يهتم التعريف بمؤهلات اللغةالعربية. واستطرد السيد علي محمد لقمان قائلا بأن تاييده لمقدمة هذا التعريف المؤقت، لايعني أنه وافق عليه برمته إنما وافق عليه مؤقتاً، انتظارا لتعبير أوسع من قبل الرأي العام ثم وقف السيد محمد سعيد الحصيني، وقال بأنه يؤيد الكثير مما قاله السيد علي محمد لقمان، إلا أنه يختلف معه في قليل من النقاط، وقد امتدح السيد الحصيني المستر (هارتلي) مدير المعارف في عدن، لتعريفه للعدني الذي نشر كوجهة نظر واحدة من وجهات نظر الأقلية في تقرير التعدين.

وقال:" إن عدن في الواقع بلد عربي، وإن هذ ه الحقيقة لايمكن أن تغير." ثم أضاف قائلا: بأن تعريف المستر (هارنتلي) قد أكد هذه الحقيقة. وعلى أي حال فإن سكان عدن غير العرب لن يؤثر عليهم هذا التعريف. وكما نريده هو أن العرب الساكنين في هذا البلد يجب أن يكون لهم احترامهم، وأن تمنح لهم حقوقهم الشرعية. واختتم السيد الحصيني كلمته قائلا: بأن تعريفه الذي سيقدمه في ظرف شهرين يختلف كثيرا عن تعريف المستر (هرتلي).

وقف السيد مصطفى عبدالله يخاطب المجلس، وعبر أولا عن أسفه لعدم تمكن رئيس المجلس التشريعي المستر (اي اي شارلس) من المساهمة في المناقشة كونه رئيسا للجنة التعدين. وقال: بأن تعريف أغلبية لجنة التعدين يفتقر إلى تأييد الشعب، لأن كلمة (عربي) لم تدخل في التعريف. ويستغرب السيد مصطفى عبدالله كيف يجوز أن يعتمد أهالي عدن على خدمة مدينة لا يكون قوامها ضباطاً من العرب أبناء هذه البلاد. ويعتقد السيد مصطفى عبدالله بأن أهالي عدن لن يقبلوا أي تعريف لاينص أن العدني هو العربي المولود في عدن. وقد نادى السيد مصطفى عبدالله باستفتاء عام لإثبات قوله. وقد رفض السيد مصطفى عبدالله التعريف المؤقت رفضا تاماً.

وقال السيد محمد علي مقطري -مخاطباً أعضاء المجلس- : بأنه يدعو إلى تعريف يعترف بأن العدني هوة العربي، وقد عبر عن تأييده لتعريف المستر (هارتلي) الذي يعتبره السيد محمد علي مقطري تعبيراً معقولاً عادلاً.

وبعد أن انتهى السيد المقطري من حديثه، وقف السيد عبدالقوي المكاوي، ووافق على أكثر النقاط التي أدلى بها السيد علي محمد لقمان في الموضوع، وقد اعترف السيد عبدالقوي مكاوي بأن وجود تعريف مرضي ليس بالمهمة السهلة، وأن المشكلة محفوفة بآراء متباينة. إلا أن السيد المكاوي يعتقد بضرورة إيجاد حل لهذه القضية، وقد شدد الحاجة إلى تعريف يشمل جميع أولئك المستوطنين لهذه البلدة، مع الاعتراف -بنفس الوقت- بأن أهالي البلد (العرب) يجب أن تكون لهم الأفضلية.

وأشار المستر (ار. بي. ارنجتن) إلى تأييد الأعضاء لتعريف المستر (هارتلي)، إلا أنه يعتقد بأن التعريف ربما ينطبق بصورة أفضل كخطوة للمواطنة أكثر منه للخدمة المدنية. وأيّد أيضا السيد عبدالعزيز شهاب، بيان السيد علي محمد لقمان، وقال: إنه وبعض زملائه كانوا يبحثون التعريف الذي لن يحافظ على حقوق العرب فحسب، بل سيكون أيضاً عادلاً ومنصفاً للآخرين.

ثم وقف السيد حسن علي بيومي، وتحدث إلى المجلس قائلا: بأنه قد تحدث إليهم بصفته عضواً مسؤولاً، وبصفته أيضاً عضواً في لجنة التعدين، وأنه في كلتا الحالتين قد أيّد تعريف الأغلبية. وقد ذكر السيد حسن علي البيومي بأنه عربي وعدني، وأن عدن بلدة عربية، وستظل كذلك. وقد شدد في أهمية اللغة العربية كعامل قوي في تطوير العروبة.

وقال السيد عبدالله إبراهيم صعيدي: بأنه تأثر تأثراً بالغاً بخطب الكثير من الأعضاء غير الرسميين. واستمر قائلا:" وأننا لن نتخلف عن الركب، نحن عدنيون وعرب، ويجب أن نسير قدماً."

وكان السيد علي علوان ملهي آخر متحدث غير رسمي، وقد امتدح -قبل أن يدعوإلى رفض الاقتراع- مستوى الترجمة العالي، الذي وفر لهذا الاجتماع الهام. وقد لخصت آراء السيد علي علوان ملهي الاختامية عندما قال:" العدني هوالعربي، والعربي فقط." وفي نهاية النقاش عندما وضع الاقترع للتصويت، فاز التعريف المؤقت بـ 17 صوتا ضد 5 أصوات. والتعريف الذي اقترحه أغلبية أعضاء لجنة التعدين هو كالاتي:

إن العدني: هوالشخص الذي:

أ- ولد في مستعمرة عدن، أو محمية عدن، أو ابن لأب ولد في مستعمرة عدن، أو في محمية عدن.

ب- سكن في مستعمرة عدن لمدة عشر سنوات، في فترة الـ 12 سنة الماضية، شريطة أن تعتبر أي فترات قضت خارج عدن لمهمة دراسية أو تدريبية، وكأنها قضيت في مستعمرة عدن.

ج- بلغ المستوى المطلوب في اللغة العربية.

الملجس التشريعي يناقش أربعة أسئلة عن المعارف في عدن

ظلت قضية التعليم في عدن من المسائل الهامة التي تطرح في مجالات الحوار، لأنها كانت في نظر صفوة المجتمع العدني القدرة التي تساعد على تجاوز الفترات مابين مرحلة متوسطة الإدارك، إلى أخرى تصل فيها درجات الوعي إلى مستوى يساعد على الإلتقاء مع دول وشعوب ظل التعليم بالنسبة لها المساعدالأول في التقدم.

نشرت صحيفة (القلم العدني) في العدد 329 السنة السابعة يوم الأربعاء 2 مارس 1960م- 4 رمضان 1379هـ، هذا الحوار الذي طرح عدة قضايا في مجلس عدن التشريعي، وقد جاء فيه:

((س- قدم المحترم علي محمد لقمان السؤال التالي للمحترم/ عبدالله إبراهيم صعيدي، العضو المسؤول عن المعارف: هل ستدرس الحكومة إصدار شهادة محلية للمدرسة الثانوية في المواضيع الفنية والعامة سوياً، وهل ستحاول الحكومة إلحاق كلية عدن والمعهد الفني بالمعاهد العليا في المملكة المتحدة (كما هو الحال في المدرسة الثانوية في السودان، إذ أنها تلتحق بجامعة "كامبردج")، وبهذا تساعد حاملي هذه الشهادات الملحية، بحيث يعترف بهم بدون حمل شهادة الثقافة العامة، وما إذا كانت الحكومة تعلم أن هذه الشهادة ستقرر المستوى للكفاءة لغرض الالتحاق بالخدمة العامة.))

ج-أجاب المحترم/عبدالله إبراهيم صعيدي، العضو المسؤول عن المعارف، بقوله:" هذه النقطة من الأهمية بمكان عظيم، وأنا شاكر للعضوالمحترم سؤاله. أولاً: بخصوص إصدار شهادة محلية ثانوية معترف بها في الجامعات في الخارج على غرار شهادة المدرسة الثانوية السودانية، أقول:" إنه لو كان لدينا جامعة أو كلية جامعية كان بإمكانها -علاوة على أو كجزء من اختبار الدخول- أن نقوم باختبار لشهادة مدرسة عليا، في السودان 38 مدرسة ثانوية للأولاد، ومدرستان للبنات تضم 13326 ولداً و448 بنتاً، حسب إحصاءات دليل وتيكر آخر طبعة، والسودان لسبب هذه الأعداد عندها مجلس امتحان خاص بها تحت إشراف ضابط كبير يعمل بالاتصال مع جامعة (كامبردج)، ويزور هذه الجامعة بين الحين والآخر.

ثانياً: بخصوص شهادة محلية للمعهد الفني، فإن اختبار سيتي أند جيلدز)- في نظري- يليق بأحسن المتدربين. ولجنة التدريب قد أشارت بتقييم اختبار منظم العمل وهذا من شأنه متى أسس أن يقدم الطرق الصحيحة للاعتراف لهؤلاء المتدربين الذي لم يصلوا إلى مستوى السيتي أندجيلدز.

وعما قريب سوف يصبح ممكنا تقديم الشهادة العامة، وهي توازي الشهادة الأهلية العادية لما وراء البحار في عدن، وعندما نتمكن من هذا سوف ندرس الأمر من جديد، معتربين بالنتائج.

ثالثا: بخصوص المدرسة الثانوية الجديدة، والصفوف التي يحتلها طلبة لايصل مستواهم في الواقع إلى مستوى شهادة الثقافة العامة الحالي. وهذه المشكلة تديرها إدارتي اليوم. ولكنه من الصعب الوصول إلى أي تقديرات الآن إلى أن يقدم عميد المدرسة تقريره عن مستوى الطلبة في السنة الدراسية الأولى، وعن مستواهم في السنة الرابعة. ومن الواضح إن من الواجب عليهم التطلع إلى الوصول لمستوى يعترف به من قبل مستخدميهم في المستقبل.

ويجب أن أضيف أنه بالرغم من مساحتها، فإن عدن قد استلمت مقدراً غير متوقع من الاعتراف من معاهد الاختبار الخارجية، وكلية عدن هي مركز معترف به لامتحانات شهادة الثقافة للمستوى العادي والعالي.

وقد علمت أنه خلال حكم الانتداب البريطاني في فلسطين، أن امتحان المدرسة الثانوية قد أقيم باتفاق مع أحد معاهد الاختبار الخارجية. وأنا أنوي أن أسأل مدير المعارف أن يبحث من إمكانية وقابلية تقديم مثل هذا الامتحان في أقرب وقت ممكن.

س- قدم المحترم/علي محمد لقمان، السؤال التالي للمحترم /عبدالله إبرهيم صعيدي ،العضو المسؤول عن المعارف.

كم عدد الطلبة العدنيين الذين قدالتحقوا بقسم الآداب للمستوى العالي، وكم منهم قد نجحوا في موضوع، أو أكثر منذ ابتداء التعليم، لتمكينهم من التقدم لتعليم أوسع في الاقتصاد؟.

ج-أجاب العضو المسؤول عن المعارف قائلا:

"إلتحق 7 طلاب عدنيين بقسم الآداب للمستوى العالي في كلية عدن من 1957، منهم 3 في 1957 /6,196 في 1959م و1960م ، ولم يلتحق أحد في 1958م. ولم تقدم الحكومة بعثات لتعليم أوسع في الاقتصاد.

س- سأل المحترم علي لقمان، العضو المسؤول عن المعارف: ماهي المحاولات التي أقيمت باستشارة عميد كلية عدن لاختيار طالب أو عدة طلاب من الذين نجحوا في المستوى العالي لقسم الآداب الدورة الدراسية التي اقترحت في الطريقة الأولى في تقدير لجنة التعدين (صفحة 133).

ج-أجاب المستر (سيمندز) السكرتير العام:" أجيب على هذا السؤال لأن تعدين الخدمة العدنية من اختصاصي."

لم تقدم محاولات لاختيار طلبة للتمرين بالطريقة المقترحة، وأسال العضو المحترم أن يرجع إلى جوابي عن السؤال (رقم 51).

س- سأل المحترم علي لقمان، العضو المسؤول عن المعارف.

هل تدرك الحكومة أن الأخذ بالطريقة الثانية من تقرير لجنة التعدين (صفحة 133) من شأنه أن يقضي على حماس الطلبة الذين يأخذون تعليماً أعلى من مستوى شهادة الثقافة العامة للمستوى العادي.

ج- أجاب المستر(سيمندز) السكرتير العام.

"لا ياسيدي، ولكنني سوف أدرس النقطة التي أثارها العضو المحترم أثناء دراستي مشاريع تعدين إدارة التجارة."

المجلس التشريعي يناقش التطوير الجديد

تذكر نشرة خدمة صحافة الجنوب العربي، الصادرة عن وزارةالإرشاد القومي والإعلام بعدن بتاريخ 20 فبراير 1965م، رقم 228، "بأن السيد عبده حسين الأدهل، عند تقديمه للميزانية الخاصة لمشروع التطوير لولاية عدن بمبلغ (31 مليون جنيه) للسنوات من عام 1965م -1970م إلى مجلس عدن التشريعي. وقد طلب منه المصادقة على هذا المشروع حتى تتمكن الحكومة العدنية من التفاوض مع الحكومة البريطانية حول تقديم المساعدات المالية الأخرى التي كانت تحتاج إليها عدن في تلك الفترة التي شغل بها السيد عبده حسين الأدهل منصب وزير المالية. وكان الوزير قد أعلن أن الحكومة البريطانية قد أبلغت حكومة عدن بعدم مقدرتها على توفير أموال أخرى كمساعدة حتى نهاية السنة المالية 1965-1966م ،عدا المساعدة المقدمة خلال السنة المالية المؤلفة من منحة قدرها (مليون جنيه)، وقرض مالي قدره (مليون جنيه). وقال الوزير:" إن الحكومة وضعت تقديرات للمشروع، وأعدته بكل عناية وحصافة من مراعاة أحوال الاقتصاد والاعتدال، وذلك للأمور التي رأتها ضرورية لولاية عدن، خاصة وأنها مقبلة على ظروف سياسية جديدة، بل على الدخول في مجموعة الدول المستقلة قبل أن تنتهي فترة المشروع المذكور."

وقد خصص مبلغ(640,000 ,1 جنيه) بموجب مشروع التطوير الجديد من أجل بناء المدارس، و(3,655,000 جنيه) للطرقات والأراضي والإسكان، و(5,790,000)للتطوير الاقتصادي والصناعي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى