معرض منمنمات.. روح رقيقة تترجم إرث الشرق

> «الايام» عن «عكاظ» السعودية:

> يهب معرض «المنمنمات والزخرفة في العالم العربي الإسلامي» الذي تم تدشينه بقصر مصطفى باشا بمدينة القصبة في قلب العاصمة الجزائرية فضاء من الإبداع ينقل المتلقي إلى عوالم من الخيال حيث ينسحب مع اللون ويمتد مع الحرف ليواصل رحلته على منحنيات دقيقة صممت بعناية من طرف العديد من الفنانين المولوعين بهذا الفن الذي لا يمنح نفسه بسهولة لأي كان. لأن المنمنمات فن يحتاج إلى أناة كبيرة وروح رقيقة وعين دقيقة تترجم تلك العوالم المزروعة في لوحات شدت حواشيها بمختلف الزوايا الناطقة بذلك الإرث الشرقي المتشابك.

يضم المعرض 200 لوحة فنية لرواد فن المنمنمات في الجزائر من أمثال محمد راسم وبوطالب محيى الدين، ومحمد تمام وغيرهم من الرواد الذين أعطوا لهذا الفن لمسة خاصة جعلته فنا جزائريا أصيلا. مع مشاركة عديد من الفنانين الذين شاركوا في هذا المعرض من مختلف الدول، كإيران، العراق، الأردن، وتركيا الذين طبعوا هذه المتحف بخصوصيات الفن التشكيلي لبلدانهم وتنوعت بين الزخرفة والخط العربي الذي يعد فنا قائما بذاته لما له من قواعد دقيقة لا يمكن للتشكيل أن يحيد عنها حيث أبدعت أنامل هؤلاء الفنانين في تقديم لوحات تختصر أزمنة غابرة متراكمة في هذا الفضاء بإحدى زوايا القصبة هذه الأخيرة التي تعد امتدادا لهذا الإرث الجمالي.

تجدر الإشارة أنه وبمناسبة تدشين متحف الزخرفة والمنمنمات والخط العربي، نظمت الجزائر ملتقى دوليا حول المنمنمات والزخرفة في العالم العربي والإسلامي شاركت فيه عدة دول مثل سوريا وباكستان والهند وتركيا وإيران حيث قدّم المحاضرون والمختصون محاضرات وندوات حول هذا الفن بما في ذلك نبذة تاريخية عن هذا الفن وآفاق استمراره وانتشاره وتطويره.

وتعتبر المنمنمات والزخرفة فنا عريقا ويشكل جزءا أساسيا من التراث الثقافي الإسلامي، وبقي لعقود طويلة طي النسيان، إلا أن الجيل الجديد من الفنانين يحاول بعث هذا الفن وإعطائه روحا جديدة وحدودا أوسع باعتباره جزءا من ثقافته وهويته.

كما أن هذا الملتقى الدولي الأول من نوعه الذي نظم بالجزائر مؤخرا، استعرضت فيه مختلف المدارس المختصة في هذا الفن وهى المدرسة العربية وتضمّ البغدادية، والمصرية والغربية «أي المغرب العربي والأندلس» والمدرسة الفارسية «إيران» والمدرسة العثمانية «تركيا» والمدرسة الهندية. نانين في تقديم لوحات تختصر أزمنة غابرة متراكمة في هذا الفضاء بإحدى زوايا القصبة هذه الأخيرة التي تعد امتدادا لهذا الإرث الجمالي.

المتتبع للوحات هذا المعرض يضيع في هذه الزخارف التي تشكل مصدر إلهام للمتلقي الذي سيضيع بين ثناياها ليعيش رحلة جمالية من السحر تنقله إلى مختلف العمران الإسلامي الذي ينبني على جماليات فنية تعد فيها الزخرفة الإسلامية هي الأساس حتى تسر الناظرين الذي يمرون على هذه المباني، وفي الواقع هذه اللوحات هي اختصار لكل تلك اللوحات التي نجدها في مختلف المباني الإسلامية العملاقة التي تقوم على الجمال. وبعد هذا من قال إن العرب والشرق على حد سواء أمة شفاهية فقط وليست أمة لا تتقن لغة البصر؟ المتجول في أروقة هذا المعرض يكذب حتما المقولة التي كرسها العديد من الباحثين والتي تقول إننا أمة تسمع أكثر مما ترى.

المعرض بجمالياته الممتدة في عمق التراث يمنح للزائرين الكثير من الفرص ليعيد اكتشاف الأمة الإسلامية التي تحترم الجمال المستوحى من الطبيعة. ويعيد اكتشاف عمالقة الفن التشكيلي الجزائري الذين أبدعوا في المنمنمات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى