مشاهدات وانطباعات مؤسفة رافقت الحجيج اليمنيين المفوجين عبر وزارة الأوقاف ..سائق واحد يطيل رحلة الحجيج لأكثر من 45 ساعة وفي منى سائقون أتراك تاهوا بالحجيج والوزارة أوصلت رسالة واضحة للحاج اليمني

> «الأيام» الحاج عيدروس باحشوان:

>
حشود الحجيج أثناء توجههم إلى الحرم المكي
حشود الحجيج أثناء توجههم إلى الحرم المكي
الأمانة الصحفية والأمانة التي حملنا إياها العديد من الحجيج اليمنيين المفوجين عبر وزارة الأوقاف هذا العام 1428هـ لأداء مناسك الحج اقتضت نشر هذه المادة، التي تكشف بجلاء تقصير الوزارة ومسئوليها في تسيير وتسهيل أمور الحجيج بين المشاعر المقدسة، والهرج والمرج الذي ساد أوساطهم، بينما اختلفت الصورة لدى بعثات الحج لدول عربية وإسلامية، وحتى عند الحجيج اليمنيين المفوجين عبر وكالات الحج والعمرة اليمنية. ووفاءً منا لتلك الأمانة ننقل بعضا من الصور والمشاهد التي كنا نعيش وقائعها لحظة بلحظة، وماكان لها أن تحدث لو أن قيادة الوزارة أبدت اهتماما وعناية للمسئولية التي على عاتقها، وخاصة الحجيج المفوجين برا الذين كنا ضمنهم وتحديدا الفوج الأول، الذي تحرك من عدن يوم الخميس 29 نوفمبر 2007م تحت إشراف الأخوين صالح محمد ناصر وهاني كرد، اللذين بذلا جهودا كبيرة رغم حداثة تجربتهما في الإشراف على الأفواج.

حافلات غير لائقة

الحافلتان اللتان أقلتا الحجيج يوم الخميس 11/29 (الفوج الأول) غير لائقتين لمسافرين سيقطعون آلاف الكيلومترات، فهما أقل من سياحية ولاتصلحان إلا لمسافات قصيرة أشبه ماتكون بين عدن - لحج، وليس عدن - المدينة المنورة، علاوة على قيام سائق واحد بتسيير الرحلة الطويلة دون مساعد له، الأمر الذي أدى لتوقف الحافلة عشرات المواقف حتى يأخذ السائق راحته.

أوصلت الحافلة الحجيج المدينة المنورة فجر السبت، أي بعد يومين وأكثر من السير، فيما التزمت الوزارة للحجيج بحافلات سياحية مريحة، والمثير للغرابة أن سائق الحافلة وبعد خروجه من مركز الطوال (المنفذ السعودي الحدودي) طلب من مشرف الفوج أن يبلغ الركاب عن نفاذ الديزل من الحافلة، وأن يجمع ريالا سعوديا واحدا من كل راكب لتموين الحافلة، وقوبل طلبه بالرفض باعتبار أن الحاج دفع مقدماً قيمة رحلته ذهابا وإيابا وعليه الاتصال بالشركة (إيلاف).

وتوقفت الحافلة قرابة الساعة، وعندما فشل السائق في طلبه خرج من الحافلة وعاد لتموينها من جيبه، فكان طلبه تذرعا منه للاستحواذ على بعض الريالات.

أما الطامة الكبرى أن الشركة التي تعاقدت معها الوزارة لنقل الحجيج اليمنيين بين المشاعر المقدسة، كانت قد كلفت سائقين أتراك أتضح أنهم غير مؤهلين للسير بالركاب إلى الوجهة المطلوبة فتاهوا بالحجيج في الوصول إلى منى أو نحو جبل عرفة، وحتى في العودة بهم من منى إلى مكة وقضوا الساعات الطويلة، علاوة على أن السائقين لايجيدون اللغة العربية أو حتى اللغة الإنجليزية، وفقدت اللغة المشتركة والتفاهم معهم، كما أن غالبيتهم كانوا في حالة هستيرية عند الحديث.

فوضى تعم فنادق الإقامة

في الوقت الذي ساد الهدوء مقرات السكن والإقامة في الفنادق بالمدينة المنورة التي كانت أول محطة لبعض الحجيج سادت الفوضى العارمة أوساط الحجيج في مكة المكرمة بعد أن اصدم الكثيرون بالأوضاع التي عملت على ترتيبها قيادة الوزارة لتسكينهم، من حيث حشر 5 - 7 حجاج في غرفة واحدة، بينما بعضهم دفعوا قيمة سكن درجة أولى، وضمهم هذا الحشر، وحتى أصحاب الدرجة الثانية، إضافة إلى مواقع الفنادق التي كانت متفاوتة البعد عن الحرم المكي، مع أن غرف الفنادق المتعاقد معها لم تكن في وضع سيء، ولكن السوء في الترتيب الذي أخذت به الوزارة في حشر الحجيج داخل غرف متواضعة المساحات.

واستمرت الفوضى في العديد من فنادق الإقامة للحجيج اليمنيين المفوجين عبر الوزارة، فيما الصورة اختلفت تماما لدى المفوجين عبر وكالات الحج والعمرة، وبحسب علمنا ومتابعتنا فإن الحجيج لديهم كانوا في أوضاع أفضل بكثير من نظرائهم المفوجين عبر الوزارة، التي غاب مسئولوها عن حجيجهم، ولم يظهروا إلا في الأيام الأخيرة من المناسك.

أحد الفنادق التي سكنها الحجيج اليمنيين وسادها الهرج
أحد الفنادق التي سكنها الحجيج اليمنيين وسادها الهرج
مخيمات اليمنيين في منى

وامتدت الفوضى إلى مخيمات اليمنيين في منى التي قضي فيها يوم التروية، وعادوا إليها خلال أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات، حيث اكتضت المخيمات بالآلاف من الحجيج، منذ وصولهم في أوقات متفاوتة، وبلغ الوضع أوجه من الازدحام فيها بالرقود خارجها وعلى ممرات المشاة بين الخيام، واتضح فيما بعد أن السبب الرئيس في ذلك الازدحام دخول المئات إلى المخيمات ممن ليس لهم صلة بالتفويج عبر الوزارة، وجاء حجاج الداخل بصورة ذاتية وسكنوا في المخيمات على حساب من دفعوا مئات الآلاف من الريالات ثم مكثوا خارج المخيمات قياما ورقودا، ولو أن قيادة الوزارة كانت واقفة على هذا الأمر وفحصت بطاقة كل حاج وأشرفت على إدخالهم وتسكينهم ماكانوا في ذلك الوضع الذي استهجنه العديد من الحجيج، فيما مخيمات نظرائهم من الحجيج المفوضين عبر وكالات الحج والعمرة تعيش في هدوء وسكينة تحت إشراف مسئوليهم الذين علقوا لافتات تحمل اسم كل وكالة على مخيمها، ولايسمحون لأحد ليس له صلة بهم اختراقها والمكوث فيها على حساب حجيجهم، وظلوا يتابعون لحظة بلحظة راحتهم وإدارة شؤونهم، وفي ثاني أيام عيد الأضحى المبارك تعالت الأصوات بحضور فضيلة القاضي حمود عبدالحميد الهتار وزير الأوقاف الذي حضر مع عدد من المسئولين للقاء الحجيج في محاولة للتهدئة من روعهم، ووضع بعض المبررات عن ذلك الوضع، إلا أن اللقاء انفض وسط غضب واحتجاج الحجيج.

وبلغ أسماعنا أن أحد الأسباب لذلك الازدحام في المخيمات أن قيادة الوزارة تخلت عن بعض المواقع للأشقاء المصريين.. والله أعلم بذلك.

كما أن مواقع المخيمات الخاصة باليمنيين في أقصى قمة جبل يليهم المصريون ومن ثم الفلسطينيون، وفي أسفل الجبل بقية الحجيج، بينهم دول الخليج العربي وجنوب شرق آسيا، الذين بدت أوضاعهم أكثر انضباطا وانتظاما وهدوءا، الأمر الذي عكس مدى الرعاية والاهتمام الذي أبدته بعثات الحج في هذه الدول لرعاية الحجيج.

في مخيمات منى غابت برامج التوعية والإرشاد للحاج اليمني خلال الأيام التي قضاها إلا فيما ندر من البعض الذي بادر بصورة ذاتية في إلقاء المحاضرة هنا وهناك، ولايعلم عنها الحاج إلا عند مروره في هذه الخيمة أو تلك والمفروض أن تستغل الوزارة تلك الساعات الطويلة في تنظيم البرامج التوعوية وإرشاد الحاج بما يلبي حاجاته الإيمانية.

إن الوزارة أوصلت رسالة إلى الحاج اليمني من خلال ماتم تناوله آنفا، أن عليه عند النية لأداء مناسك الحج أن يتجه إلى الوكالات الخاصة بالحج والعمرة، بعد أن أخفقت في القيام بدورها كوزارة يفترض أن يكون حجيجها في وضع محترم، علما أن عددا من المشرفين على الأفواج ومنهم صالح محمد ناصر تعرض للانتقاد وخلافه لوقوفه إلى جانب فوجه الأول، مع أنه كان الأكثر التزاما بمهامه، وكوفئ بعدها لتلك الجهود التي اضطلع بها.

جهود مخلصة وكبيرة يشكرون عليها

أبدت حكومة خادم الحرمين الشريفين وكافة الأجهزة والمسئولين، وعلى رأسهم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية جهودا كبيرة ومخلصة، أذهلت الحاج خلال أعمال الحج وتلبية حاجاته من المأكل والمشرب والمسكن.

وقبل ذلك توفير الأمن والأمان والسكينة، وتوفير مراكز توعوية للسائلين عن المناسك، وكل مايثار من قبل الحاج والرد عليها على مدار الساعة، وتزويد الحاج بالكتب والمراجع، التي تكون له عونا بعد الله في حجته.

فيما انتشر رجال الأمن السعودي في مختلف المشاعر المقدسة للقيام بواجبهم على نحو مشرف وراق، ولم يكن انتشارهم إلا عونا للحاج وتأمين مكوثه، بعيدا عن مظاهر مسلحة لآليات عسكرية أو أمنية، مزودين بأجهزة الاتصال دون سواها، فيما ظلت مستشفيات ومراكز الإسعاف والطوارئ وسياراتها تطوف وتجول في خدمة الحاج.. أما المحلات التجارية والمطاعم والمخابز فقد كانت تعمل وتلبي حاجة الحاج على مدار الساعة.. شكرا لكم جميعا وجزاكم الله خيرا.

مخيمات الحجيج القادمين من الدول العربية والاسلامية سادها الهدوء والسكينة
مخيمات الحجيج القادمين من الدول العربية والاسلامية سادها الهدوء والسكينة
في طريق العودة إلى عدن

في طريق العودة إلى عدن، وبعد أداء مناسك الحج- حمدا لله على كل حال ونسأله أن يبلغ الجميع زيارة البيت العتيق وزيارة المسجد النبوي- أمضي حجيج الفوج الأول يومين آخرين على الحافلة التي أقلتهم من مكة المكرمة إلى عدن، وقادها سائق عربي وحيد ظل طيلة الطريق في حالة توقف للراحة والنوم، بعد الأرق الذي بدا عليه خلال سير الرحلة حتى كاد أن يفلت مقود الحافلة في ساعات النهار والليل لولا تنبه المشرف صالح محمد ناصر الذي كان يطلب منه التوقف للراحة ويتركه لينام ساعة أو أكثر حتى إيصال الفوج إلى محطته الأخيرة أمام مقر الشركة بحي عبدالعزيز عبدالولي في الشيخ عثمان.لكن قبل ذلك وفي مركز الطوال الحدودي للمملكة العربية السعودية استوقفت الأجهزة المختصة المشرف صالح خلال قيامها بإجراءات التطابق للحجيج العائدين لتخلف ثلاثة كانوا ضمن الفوج عند المجيء بحسب الوثائق التي لديها، اثنان منهم كان مصرح لهما من وزارة الشؤون الإسلامية بسبب مرضهما، ويخضعان للعلاج، وآخر بدون عذر، وظلت الحافلة قيد التوقيف ساعات في مركز الطوال حتى تم تسوية الأمر والإفراج عن الحافلة، وحقيقة إن ظاهرة المتخلفين ينبغي وضع حدٍ لها، واحترام قوانين وأنظمة الزيارة إلى أراضي المملكة التي تحرص على تطبيقها مع كل الجنسيات.

وقد شاهدنا مع العديد من الحجيج اليمنيين المسافرين برا، خلال المرور بمركز الطوال، المئات من اليمنيين المرحلين لعدم وجود إقامة شرعية لهم في أراضي المملكة، وجميعهم من الشباب والصبيان الصغار يجري ترحيلهم خارج الطوال في الاتجاه نحو مركز حرض اليمني. فمن المسئول عن هذه الظاهرة، وهؤلاء اليمنيين الذين ضاقت بهم سبل العيش الكريم في وطنهم؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى