«الأيام» تزور منطقتي الصعيد والعقدة بشبوة ..22 عاماً في انتظار مشروع الكهرباء ويافرحة ما تمت من العقدة إلى الصعيد هموم الإنسان في اليمن السعيد

> «الأيام» جمال شنيتر:

>
طريق بحاجة الى سفلتة
طريق بحاجة الى سفلتة
عديدة هي المناطق والقرى في مديرية ميفعة، التي تعاني وتقاسي الوحدة والألم والظلم والظلام، فهذه المديرية هي إحدى المديريات التي عانت كثيرا ومنذ زمن بعيد من إهمال ونسيان وتجاهل الحكومات المتعاقبة على هذا البلد، قبل الوحدة وبعدها.

منطقتا الصعيد والعقدة والقرى الأخرى الواقعة في محيطها في وادي هدى جزء من هذه المديرية، تعرضت لحرمانها من المشاريع التنموية وعبر سنوات طوال، ولعل أهمها مشروع الكهرباء الذي ينتظر الناس هنا بفارغ الصبر إنجازه بشكل كامل ونهائي.. «الأيام» حرصاً منها على نقل هموم وتطلعات المواطنين زارت المنطقة وسجلت الآتي:

الجفاف أولا

عند المرور بقرى الصعيد والعقدة والرملة ومن الوهلة الأولى شد انتباهي أشجار العلب (السدر) اليابسة، والأرض القاحلة الباحثة عن شربة ماء، فسألت الشيخ محسن أحمد الجرد باعوضة، وهو أحد الشخصيات الاجتماعية الخيرة في المنطقة والذي سهل لنا إجراء هذا الاستطلاع، فقال عن الجفاف والزراعة: «تعاني منطقة العقدة والصعيد وما جاورها من القرى الواقعة على وادي هدى الجفاف وشحة المياه، وهذا أدى إلى قلة الزراعة في هذه المناطق وعدم أقامة القنوات الزراعية وتدعيمها بالشبوك، كما أن للخلافات الشخصية بين بعض المواطنين دور في تدهور الزراعة ومنع العمل في الأرض، وللأسف الشديد المنطقة حرمت من مشروع عملاق من ضمن ستة مشاريع عملاقة اعتمدت لمحافظة شبوة مقدمة من الدول المانحة، هو سد لجب بوادي هدى، وأنتم في «الأيام» تطرقتم لهذا الموضوع- السد- الذي سيحدث ثورة تنموية شاملة في المنطقة، ولهذا فإنني أدعو المسئولين إلى ضرورة إيلاء الاهتمام بهذه المنطقة، واعتماد مشروع السد، وقبل ذلك إجراء الدراسات اللازمة والبحث عن تمويل».

ظلم وظلام

وحول مشكلة مشروع الكهرباء يقول الشيخ محسن الجرد : «لقد عانى المواطنون المستفيدون من مشروع كهرباء المرحلة الثانية بمديرية ميفعة كثيرا من انعدام التيار الكهربائي رغم أنهم دفعوا الغالي والنفيس من أجل ربط التيار الكهربائي بمناطقهم، وبدأوا المساهمة عام 1985م، وانتظروا اثنين وعشرين عاما، وبعد كل هذا تم الربط، ولكن تعمل الكهرباء أربع ساعات فقط أثناء النهار، أما في الليل فمناطقنا محرومة من ضوء الكهرباء وتعيش في ظلام دامس وعلى ضوء الفوانيس والشموع، ماعدا بعض الميسورين الذين يمتلكون المواطير والذين يتكبدون خسائر فادحة وتكاليف باهظة جراء ذلك».

ويؤيد هذا الطرح الأستاذ صالح أحمد صعيد، وهو شخصية تربوية معروفة في المنطقة قائلا: «المشكلة الأخرى أن هناك عشوائية في عملية الربط، وبعض القرى مثل الرقة والفيش لاتصلها الكهرباء حتى في النهار بسبب خراب المحولات، لهذا نجدها فرصة لنناشد عبر «الأيام» السلطة المحلية ومؤسسة الكهرباء بربط جميع مناطق المرحلة الثانية بالتيار الكهربائي ليلا ونهارا، فكفى ظلما وظلاما».

من آثار نقب الهجر
من آثار نقب الهجر
التعليم

وعن حال التعليم سألنا الأستاذ صالح محمد مزاحم مدير مدرسة الصعيد للتعليم الأساسي فأجاب قائلا: «مدرسة الصعيد مدرسة قديمة العهد، فقد تأسست منذ عهد السلطنة الواحدية، ومازالت بعض صفوفها منذ ذلك الحين، ويدرس بها طلاب الصفوف الأولية، وهي غرف مبنية من الطين ومتهالكة وخارج الجاهزية ولكن نتيجة لقلة الغرف الدراسية المبنية من الحجر وعدم كفايتها اضطررنا إلى استخدام الصفوف القديمة.

والمدرسة يدرس بها أبناء قرى الصعيد، العقدة، الكتر، جافش، الرملة، الرقة، صواح، بدوع باشافعي، وتسير الدراسة بشكل جيد، ولكن المشكلة تكمن في تسرب الطالبات من المدرسة بعد الصف السادس وبشكل جماعي نتيجة قلة الغرف الدراسية وعدم وجود المعلمات في المدرسة، لهذا فإن البنات في مناطقنا يطالبن بإيجاد المعلمات بدرجة أساسية».

هموم متعددة

في مجلس الشيخ محسن الجرد بداره الجديد والرائع في قرية العقدة الجديدة حضر عدد من أبناء القرية والقرى المجاورة الذين رحبوا بقدوم صحيفة «الأيام» إلى قراهم باعتبارها أول صحيفة يمنية تزورهم وتكتب عن همومهم لاسيما وأن «الأيام» هي صحيفتهم الأولى والأخيرة.. وقد طرحوا عددا من الهموم التي تعانيها المنطقة.

يقول الشاب بسام عبدالله: «بعد المسافة بين المدرسة في الصعيد والقرى الأخرى يسبب متاعب جمة للتلاميذ الصغار وخاصة الإناث، فمثلا من هنا (العقدة) يسير التلاميذ مسافة أربعة كيلو حتى يصلوا إلى المدرسة عبر الضفة الأخرى للوادي، وهذا الأمر أدى إلى امتناع الإناث عن الدراسة، ولهذا نطالب مكتب التربية بفتح وإنشاء مدرسة للصفوف الأولية في هذه القرية وماحولها».

الأخ ناصر الجرد تحدث عن الجانب الصحي: «نشكو ضعف دور الوحدة الصحية الوحيدة المتواجدة في قرية الصعيد، فهي تفتقر إلى وجود طبيب عام مناوب حتى يكون عملها بشكل يومي، ولهذا نأمل من مكتب الصحة توفير الإمكانيات اللازمة للوحدة الصحية».

أما العميد متقاعد عبدالله ناصر باشافعي فقال: «تفتقر هذه القرى إلى وجود شبكة الهاتف الثابت، وعند مطالبة إدارة الاتصالات اشترطوا تأمين مائتي خط هاتفي أقل تقدير حتى يتم ربطنا بشبكة الهاتف».

وأضاف: «هناك الطريق الوعرة التي تربط هذه المناطق بمدينة عزان وجول الريدة، ونتمنى لو يتم سفلتة ولو جزء منها للتخفيف من معاناة المواطنين».

أخبرنا الحاضرون بأن هناك العديد من الآثار والمعالم التاريخية القديمة في المنطقة، فهناك كورة الملك عرافط، التي كانت تستخدم كبرج إرشاد للقوافل التجارية في الطريق القديم، حيث تشعل النيران كعلامة رمزية وحماية للطريق التجاري.

ويوجد مسجد الصعيد القديم، وزاوية الولي عبدالله بن إسماعيل التي يقدر عمرهما بنحو 400 سنة.

قرية الصعيد
قرية الصعيد
ختامها مسك

ليس ببعيد عن قرية الصعيد تقع عاصمة دولة حضرموت الشهيرة (نقب الهجر) التي يعتقد بعض المؤرخين أنها بنيت في القرن الثالث قبل الميلاد.

وتقع نقب الهجر على ملتقى واديي حبان وعماقين، وهما فرعان لوادي ميفعة الشهير عند الأصيل كانت زيارتنا لها، فوجدتُ نفسي أتأمل خرائب الموقع في قمة التلال التي ترتفع عن مستوى سطح الوادي بحوالي خمسين قدما، وهي محاطة بسور من الحجارة الضخمة، حيث يصل ارتفاع السور إلى نحو 14 مترا، وتنتشر عشرات الأبراج في نفس السور، وأهمها برجان يشرف أحدهما على البوابة الشمالية للمدينة الأثرية والآخر في الجهة الجنوبية.

شدتني وبهرتني كثيرا تلك التحصينات الضخمة المتمثلة في الأبراج والأسوار التي تدل على أهمية نقب الهجر تاريخيا وجغرافيا.

هكذا بدت لي نقب الهجر التي تتطلع إلى من ينقذها ومن ينفض عنها أتربة الزمان وجحود الإنسان لاسيما إذا علمنا أنها تتعرض لأعمال التخريب والهدم من قبل بعض الذين لايقدّرون التراث الإنساني وأهمية المحافظة عليه، والأمَرَّ من ذلك التجاهل والتناسي الذي تلاقيه من قبل وزارتي الثقافة والسياحية والشركات السياحية والسلطة المحلية، حيث أنها خارج اهتمام هذه الجهات، بل أن كثيرا من أبناء مديرية ميفعة لايدركون الأهمية التاريخية الكبيرة التي تحتلها هذه المنطقة.

لكن رغم كل ذلك لن ينسى التاريخ نقب الهجر، وكل من دخل عبر أبوابها الواسعة من الملوك والتبابعة والجبابرة مهما تناست وتجاهلت الأقلام، فالأيام حُبلى بالآمال والأحلام في من يأتي مستقبلا وينفض عنها غبار القرون المتعاقبة.

وسيأتي اليوم الذي سيجيب فيه الزمان عن سؤال الطفل حمير محسن الذي سألني بينما كنا نتسلق سور المدينة الأثرية: «وين عاش الملك؟».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى