الصومال كما شاهدتها

> «الأيام» عبدالله مهدي باضريس:

>
فيلا صوماليا
فيلا صوماليا
نبذة عن الجمهورية الديمقراطية الصومالية: مساحة الجمهورية الصومالية تقدر بنحو (600.000) كيلو متر مربع ..عدد السكان نحو عشرة مليون نسمة.. البحار: البحر الأحمر والمحيط الهندي.. الأنهار: واديا شبله وجوبا (اللذان للأسف يصبان في البحر).

< الثروات الوطنية:

أ) الثروة الحيوانية (الأغنام، الأبقار والجمال.. الخ).

ب) الثروة الزراعية (الذرة، الفواكه، الخضار، قصب السكر وأعلاف المواشي.. الخ) علماً بأنه توجد شركة لتصدير الفواكه إلى إيطاليا (SOMALI FRUITS).

ت) الثروة السمكية (الأسماك بأنواعها المختلفة).

< العملية الوطنية (الشلن الصومالي).

< كبرى القبائل الصومالية (الداروت، الهويه، والأسحاق..الخ) .. علماً بأن بعض هذه القبائل من أصول عربية والبعض الآخر من أصول أفريقية..الخ.

< استقلال شمال الصومال في 26 يونيو 1960م عن بريطانيا.

< استقلال جنوب الصومال في 1يوليو 1960 (عن إيطاليا من الناحية القانونية وفقاً لقرار من الأمم المتحدة).

تجربتي في الصومال

غادرت عدن إلى مقديشو إثر تعييني مديراً إقليمياً لطيران اليمن في 17 مايو 1990م وعلى أساس دوري بعد أن مضيت أكثر من 16 عاماً مديراً للتخطيط المركزي والتدريب في الشركة.

من الطبيعي لدى وصولي العاصمة الصومالية (مقديشو) تعرفت على المدينة بشكل جيد، علماً بأن زيارتي لمقديشو لم تكن الأولى بل زرتها في بداية السبعينات في مهمة رسمية كما تعرفت أيضاً على أعضاء سفارتنا وسفيرنا آنذاك الأخ عوض مشبح ثم خلفه بعد حوالي 3 أشهر من وصولي مقديشو الأخ المرحوم محمد عبود وأيضاً تعرفت على مدراء شركات الطيران في الصومال وأجهزة المطار مثل مصلحة الطيران، الهجرة، الجمارك وأمن المطار وكذا البنوك التي نتعامل معها البنك المركزي والبنك التجاري.. الخ علماً بأن صرف الـ 100 دولار آنذاك كان (280.000شلن صومالي) واستمر مقدار التضخم وتدهور العملة الوطنية بشكل متسارع حتى وصل في نهاية حكم محمد سياد بري أي في 31 ديسمبر 1990م إلى (500.000 شلن صومالي) وعلى سبيل المثال فإن مرتب الموظف كان في حدود (10.000شلن صومالي) ولا يزيد بأي حال من الأحوال على (15.000 شلن صومالي) أي ما يساوي 2 إلى 3 دولار شهرياً ناهيك عن البطالة التي كانت متفشية في أوساط المواطنين لذا انخفضت القوة الشرائية في السوق ونتيجة لذلك فقد ساد الفساد المالي والإداري جميع مفاصل السلطة والحياة العامة واختل الأمن وكان في أعلى درجاته، أما اللحوم والفواكه والخضار فكانت أسعارها رخيصة جداً بالنسبة لنا وليست كذلك للمواطن الصومالي إذ إن سعر الرأس الواحد من الاغنام حوالي (20.000 شلن صومالي) إلى (30.000 شلن صومالي) أي ما يساوي 4 إلى 6 دولارات وقس على ذلك الأحوال المعيشية للمواطن إذ كانت الحياة المعيشية للمواطن بشكل عام بائسة والفقر يعم معظم شرائح المجتمع.. ونتيجة للتدهور المريع للعملة الوطنية فقد كنا نبيع التذاكر بالعملة الصعبة (الدولار) ونقوم بتحويل إيرادات الشركة من العملة الصعبة شهرياً إلى عدن عبر البنك المركزي الصومالي وتقدر بحوالي (90.000دولار شهرياً) أما علاوة الانتداب لي وللمحاسب ا فتقوم الشركة في عدن بتحويلها بالعملة الصعبة في حسابنا الشخصي إلى بنك (إندو سويس) الفرنسي في جيبوتي.

وبسبب التدهور في الوضع الاقتصادي فقد صدر قرار من وزارة المالية بعدم سحب أكثر من (100.000 شلن صومالي) في العام من أرصدة المواطنين الصوماليين المودعين في البنوك. أوضاع الكهرباء والمياه كانت تسير من سيئ إلى أسوأ أما الاتصالات التليفونية فكانت داخلية في العاصمة مقديشو فقط.

وفي سياق الحديث عن الصومال منذ الاستقلال والوحدة بين شطري الصومال شماله وجنوبه فأول رئيس للدولة المستقلة الموحدة كان الرئيس آدن عبدالله عثمان ثم تلاه بعد إجراء انتخابات الدكتور عبدالرشيد شار مركي الذي اغتيل من قبل أحد حراسه وعلى إثر ذلك استولي على السلطة قائد الجيش آنذاك الجنرال محمد سياد بري في 21 أكتوبر 1969م الذي أصبح رئيساً للحمهورية الصومالية والذي حكم حكماً عسكرياً أوتوقراطياً.

ونتيجة طبيعية لكل العوامل المذكورة أعلاه فقد قامت انتفاضة شعبية مسلحة قامت بمهاجمة دار الرئاسة (VILLA SOMAIA) في عصر يوم 31 ديسمبر 1990م.. وأدى ذلك إلى التمرد في صفوف الجيش والأمن وتفكك الجيش وفقاً للقبيلة وعمت الفوضى والسلب والنهب للمرافق الحكومية والشركات والبنوك والبيوت التجارية.. الخ وأتت على الأخضر واليابس ولم يتبق شيء يذكر.

كان مقر سكني قريباً جداً من دار الرئاسة ولا يبعد أكثر من كيلومترين وكنت أسمع بوضوح أزيز الرصاص ودوي المدافع ولم أنم تلك الليلة حتى الصباح حيث قمت بإرسال برقية مستعجلة إلى الإدارة العامة في عدن بإيقاف تشغيل الرحلات إلى مقديشو بسبب خطورة الوضع الأمني وبعد ذلك جرى قطع جميع الاتصالات والكهرباء والمياه بشكل كامل وتوقفت حركة النقل والطيران.. الخ وأغلقت الحدود ولم أتمكن ورفاقي من مغادرة الصومال.. بعد 4 أيام من مهاجمة دار الرئاسة تمكن محمد سياد بري من الفرار من الابواب الخلفية بصحبة عائلته إلى كينيا.

أودعت سيارة الشركة (التيوتا كرونا) التي عادة ما أستخدمها في تنقلاتي داخل سور مبنى الجالية اليمنية التي لديها حراسة لكون سفارتنا مغلقة بعد مغادرة طاقم السفارة بحراً إلى ممباسا الذين وصلوا منهكين وعانوا كثيراً في عرض البحر حسب ما عرفت منهم لاحقاً لدى وصولي عدن. توجهت إلى مكتبنا في مقديشو بصحبة المحاسب الأخ عبدالواسع محمد ثابت لأخذ جميع الوثائق والمستندات المحاسبية الضرورية ووجدت المكتب بحالة مزرية بعد أن أخذ النهب والسلب مأخذه في مكتبنا كما في جميع الشركات والمرافق الحكومية والخاصة والسفارات..الخ.

في صباح يوم 7 يناير 1991م جاء منزلي الأخ محمد بن كوير (من عائلة بن كوير المعروفة جيداً في الصومال وهي من أصول حضرمية يمنية عاشت في الصومال وهي من العائلات الغنية) وكنت أجلس مع الأخ عبدالواسع محمد ثابت محاسب مكتبنا وعرض علينا الانتقال إلى منزلهم الكبير الواقع في منطقة (بلاجا عرب) أي الحي العربي وأفادنا بأن الحياة هناك أفضل فوافقنا وأخذنا أغراضنا الضرورية وغادرنا إلى منزل الأخ صالح بن كوير رحمه الله وهو الأخ الأكبر لعائلة بن كوير وأقمنا هناك نستقبل الأصدقاء والزوار ونحتسي معهم القهوة والشاي ونتبادل الآراء وكان معنا المليونير الحاج بدر الكثيري.

بعد سقوط محمد سياد بري جرى تنصيب رجل الأعمال علي مهدي محمد رئيساً للجمهورية الصومالية والسياسي المخضرم عمر عرته غالب رئيساً للوزراء من قبل السلطة الجديدة المؤقتة الممسكة بالوضع في مقديشو آنذاك.

في أحد الأيام وبالتحديد في 20 يناير 1991م فوجئنا بوصول سيارة الرئاسة إلى منزل الأخ صالح بن كوير تسأل عني بصفتي مدير طيران اليمن في الصومال وتطلب مني الحضور لمقابلة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء آنذاك فذهبت معهم والتقيت بالقيادة الجديدة واستقبلاني استقبالاً ممتازاً تحدث الأخ عمر عرته غالب الذي كان يتحدث اللغة العربية بطلاقة قائلاً بأن أعضاء سفارتكم قد غادروا مقديشو وأنت الآن بمثابة الممثل لليمن ورددت عليه أنا يمني فعلاً ولكن لا أمثل الجمهورية اليمنية على المستوى الديبلوماسي أنا في الحقيقة أمثل طيران اليمن. فقال حسناً نود أن تقدم لنا خدمة، فقلت على الرحب والسعة فقال أريد منك أن تتصل برئيس الوزراء للجمهورية اليمنية الشقيقة وتخبره بالوضع في الصومال وبحاجتنا لمساعدتهم في تقديم الدعم بالمحروقات وبعض الأدوات التي نحن بحاجة لها، وقلت ممكن أن أقدم هذه الخدمة في هذه الظروف الخاصة والطارئة لكن عبر مدير عام طيران اليمن الذي بدوره سيوصلها عبر الأطر إلى رئيس الوزراء وذلك حسب الأصول الإدارية (كان ذلك بعد قيام الوحدة المباركة) ثم أضفت: لكن الاتصالات مقطوعة فكيف لي أن أوصل هذه الرسالة، فقال لدينا جهاز اتصال لا سلكي، وعليه قمت بإرسال الرسالة المطلوبة ولكن لأسباب فنية وتقنية لم تصل الرسالة آنذاك.

في 22 فبراير 1991م في حين كنا نجلس نشرب القهوة في منزل الأخ المرحوم صالح بن كوير فوجئنا بإطلالة أحد الانجليز مساعد طيار (CO-PILOT THMSON) وإذا به يسأل عن وجود بدر الكثيري بيننا فرددت عليه هاهو يجلس بجواري فقال موجهاً كلامه للأخ بدر: لقد كلفني أخوك كما بأن آخذك بطائرتنا إلى نيروبي وهو في انتظار وصولك في المطار، فوافق الحاج بدر ومن ثم انتهزت هذه الفرصة وطلبت من الطيار أن ننتقل معه في طائرته بصحبة بدر الكثيري وأيضاً مع زملائي محاسب مكتبنا في مقديشو الأخ عبدالواسع محمد ثابت وسائق سيارتي الحاج سالم البدوي فما كان منه إلا أن رحب بنا جميعاً وأخذنا أمتعتنا وغادرنا منزل الأخ العزيز صالح بن كوير مودعين وشاكرين له ولإخوانه الأعزاء استضافتنا في منزلهم وغادرنا إلى المطار وكان قائد الطائرة الصغيرة الانجليزي الأصل أيضاً موجوداً بجوار الطائرة ووصلنا مطار ويلسن (WILSON) عصراً بعد طيران حوالي ساعة ونصف الساعة من الاقلاع ووجدنا الأخ كمال الكثيري في استقبالنا في المطار وتوجهنا إلى أحد الفنادق في ضيافة كريمة من الأخ كمال الكثيري.

وفي صباح اليوم التالي توجهت إلى سفارتنا في نيروبي وقمت بالاتصال بالإدارة العامة في عدن وأخبرتهم بأني وزملائي موجودون في نيروبي وأفادوني بأن علي التوجه إلى ممباسا حيث ستصل طائرتنا البوينج 737 بعد غد الخميس 26 فبراير 1991م.. لنقلنا مع بعض اليمنيين إلى عدن. غادرنا نيروبي صباح يوم 24 فبراير 1991براً إلى ممباسا ووصلنا بعد حوالي 4 ساعات واستقبلنا من قبل رئيس وأعضاء الجالية اليمنية في ممباسا بحفاوة بالغة وأقمنا بمبنى الجالية اليمنية، وفي صباح يوم الخميس 26فبراير 1991م وصلت طائرتنا وصعدنا إلى الطائرة وسط ترحيب واستقبال حار من قبل طاقم الرحلة الذين افتقدونا كثيراً.

وأخيراً وصلنا مطار عدن الدولي وكان في استقبالنا في المطار الأخ العزيز علي عوض الطحس (نائب المدير العام) ومعه المحاسب سعيد بازرعة.

وفي صباح يوم السبت 28 فبراير 1991م.. قدمنا جميع المستندات والوثائق المحاسبية لمحاسب الشركة.. وعليه فقد قدمت لنا مكافأة مالية من قبل الأخ عبدالله علي عبدالله مدير عام الشركة تكريماً على أدائنا الجيد في تحمل مسؤوليتنا بإخلاص وعلى سلامة الوصول.

مهمتنا في أرض الصومال

(SOMALI LAND)

بناءً على طلب من حكومة أرض الصومال لتشغيل رحلات منتظمة إلى جمهورية الصومال كلفت بالقيام بمهمة إجراء مسح واستكشاف فرص تشغيل رحلات منتظمة إلى أرض الصومال انطلاقاً من عدن..وعليه فقد ترأست وفداً مكوناً من الأخوة المذكورين أدناه:

1- يوسف أحمد علي بهري (تجاري).

2- جزر حاتم (مهندس).

3- داود محمد (حركة).

وصلنا إلى جيبوتي 12 يوليو 1991م.. واستأجرننا طائرة خاصة صغيرة ووصلنا إلى بربرة بتاريخ 15 يوليو1991م علماً بأنه لا توجد أي شركة طيران تشغل إلى أرض الصومال آنذاك، مكثنا في أرض الصومال 9 أيام نتنقل بسيارة خاصة تابعة لحكومة أرض الصومال بين بربرة وهرجيسة وبرعو وعرجابو.. الخ.

واطلعنا على المطارات والمدرجات والإمكانيات المتوفرة مثل وسائل الاتصال والابراج والمعدات الأرضية مثل السلاح والساحبات.. الخ وكذا أمن المطار والبنوك.. الخ الضرورية لتسيير الرحلات إلا أن كل ما اطلعنا عليه كان في حالة سيئة للغاية ولا يتوافق مع نظم الطيران المتعارف عليها وعدنا بكل أسف مرة أخرى إلى جيبوتي ومن ثم إلى عدن بخفي حنين على أساس أنه لا توجد إمكانية للتشغيل آنذاك إلا بعد إصلاح ما أفسدته النزاعات الداخلية والحروب القبلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى