رؤيـــة حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) ..الوحدة ليست صنماً يُعبد بل هي هدف سام يتحول إلى وسيلة لتحقيق كرامة الإنسان وحريته ..ندعو الأحزاب السياسية كافة للأخذ بشعارنا القائل بأن الديمقراطية تساوي عدالة وديمقراطية وتنمية

> «الأيام» متابعات:

> توطـئَة:كان حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) طيلة تاريخه الممتد لستة عقود من الزمن، ولا يزال وسيستمر بإذن الله تعالى صاحب الرصيد الأوفر في تقديم الرؤى والطروحات التي سبقت الزمن وأثبتت حركية الأيام صحتها لتحقيق مصالح الوطن والمواطن وحقوقه دون مزايدات أو تسرع؛ بل وكان حزب الرابطة (رأي) سباقاً في طرح قضايا وهموم الناس وحاجاتهم الأساسية، وطريقة وأسلوب حكمهم مما جعل الحزب رائداً في العمل الوطني منذ منتصف القرن الماضي..

وأكد بذلك دوره المتميز والمخلص والمهتدي بهدي الدين الإسلامي السمح والوسطي الذي لا ينكر وجود الآخر أو حقه في الاختلاف سواء في الرأي أو المعتقد.

وظل حزب الرابطة (رأي) يطرح ويقدم العديد من المشاريع، والمقترحات، والبدائل، والآليات المناسبة لتنفيذ الحلول الناجعة لمشاكل الوطن والمواطن وبالرغم من عدم الاستجابة، احياناً، إلا أن الصبر لم ينفد والأمل لم يضعف والإصرار لم يفتر والعزيمة لم تهن فاستمر الحزب يتجدد من خلال أطروحاته ورؤاه التي تتناسب مع المتغيرات والمستجدات سواء أكانت في الساحة المحلية أو الإقليمية أو الدولية.

وحزب رابطة أبناء اليمن (رأي) يضع اليوم بين يدي الجميع رؤية ?{?سياسية متكاملة?}? استدعتها الحاجة والضرورة تلبية لحاجة شعبنا للعدل والتوازن والديمقراطية والمواطنة السوية؛ مستلهمة أسس وعناصر هذه الرؤية من التاريخ والموقع المتميز لبلادنا اللذين ساهما في وضع أسس الحضارة اليمنية وأكسباها شهرة عظيمة، ومكناها من الربط بين حضارات دول المحيط الهندي والدول الواقعة شمالاً في البحر المتوسط وإلى الشمال منه في القارة الأوربية دون منافس ولقرون طويلة وإلى الجنوب الشرقي لآسيا وشرق وغرب أفريقيا، حيث تجلت المفاهيم الوسطية لسماحة الإسلام في الدعاة الذين استطاعوا من خلال سلوكهم، السمح المعتدل، أن يقدموا أبهى مظهر من مظاهر التعايش بين الثقافات والشعوب؛ مما جعل اليمن في أعلى السلم الحضاري في التعامل مع الشعوب باختلاف حضاراتها وتنوع ثقافاتها؛ مؤكداً لقاعدة حوار الحضارات وحقيقتها ونافياً لمقولة حتمية صدامها.. ولا يزال لشعبنا اليمني بصماته في هذا المضمار إلى يومنا هذا في العديد من أقطار آسيا ؛ وأفريقيا؛ وغيرها من دول العالم.

واستحضاراً للدور التراكمي المتميز ، الذي تولد من استمرار الريادة في الدعوة السمحة وفي التجارة، والثقافة، والحضارة ، لوطننا العربي عموماً ولليمن بصفة خاصة، والموقع الوسطي المتميز الذي حباه الله سبحانه وتعالى بأن يكون مهبط الرسالات السماوية الثلاث ?{?اليهودية.. والمسيحية.. والإسلامية?}? ومصدراً أساسياً للطاقة البترولية التي تمثل عصب الحياة في عالم اليوم.. استخلص حزب الرابطة (رأي) من جديد من تاريخ وجغرافيا وطننا صياغة رؤيته هذه ليعيد لهذا الوطن مكانته التي يستحقها ؛ وللمواطن شرعيته.

من هنا فإن حزب الرابطة (رأي) يقدم رؤيته هذه من موقع المسؤولية الوطنية والواجب الأخلاقي والإنساني الذي تحمله منذ ما يقرب من ستة عقود عَمِل ولا يزال يعمل - وسيستمر بإذن الله - على تجنيب وطننا ومحيطنا الإقليمي الصراع الديني الذي بدأ يطل برأسه في المنطقة وفي أكثر من بلد. وحزب الرابطة (رأي) إذ يطرح هذه الرؤية ليؤكد على صواب ما سبق أن قدمه من أطروحات وبدائل وآليات ومشاريع كحلول ناجعة ليس لمشاكل مجتمعنا فحسب بل ومجتمعات محيطنا الإقليمي وعلاقاته بالآخر.

إننا نعتقد كرابطة أننا وجميع الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي مع وحدة قابلة للاستمرار تبني وتعمر وتصلح، تعز أبناءها وتجمع وتوحد وتساوي. مع وحدة تقيم صرحاً للعدل، تنشر الأمن، تعمم الرخاء والعلم، تسعى بمجتمعها الى الغنى والنماء، وحدة مبنية على التوازن. مع وحدة في ظل دولة لا مركزية، دولة النظام والقانون تحترم إرادة الناس وعقولهم، تقتنع بالديمقراطية والشورى، مؤمنة بالتداول السلمي للسلطة، تحافظ على الكليات الخمس أو المقاصد الشرعية الخمسة- (الدين، والنفس إلا بحق، والعرض، والمال إلا بتعويض مرضٍ وعادل، والعقل).

فالوحدة ليست صنماً من تمرٍ يعبد ويأكله عابدوه، بل هي هدف سام يتحول إلى وسيلة لتحقيق كرامة الإنسان وحريته، ونمائه وازدهار الوطن. تلك الوحدة التي طالبنا بها وتلك الوحدة التي أردناها. ولا خير فينا إن جعلناها تأتي بغير ذلك ولا خير فينا ولا في جيلنا إن قبلنا بغير ذلك.

الجزء الأول

المنطلق الفكري للرؤية

(استراتيجية الحزب)

إن حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) يستشرف آفاق المستقبل و يستلهم دلالتها انطلاقاً من تاريخ يمتد في الأرض اليمنية منذ منتصف القرن الماضي صانعاً جذوراً متشعبة ومتشابكة في عمق التراب اليمني بكل جهاته.. الأمر الذي يحتم على حزب الرابطة (رأي) أن تكون رؤيته وحركته أيضاً متسقة مع هذا التراب .. ومع الجذور الممتدة في أحشائه.. وغني عن البيان ان ثمار أي زرع لا يتوقف فقط على خصائص التربة ولكنه أيضا يستمد نموه وثماره من خلال ملاءمة المناخ لهذا النمو. ولا شك أن مناخ العمل السياسي والدوائر المؤثرة على صناعة قراراته، ونقصد بها الدوائر العالمية والإقليمية والمحيط العربي والظروف المحلية..كل تلك العوامل تتفاعل وتتشابك.. ولا تنفصم عن بعضها البعض.

ونحن كحزب سياسي نستهدف النمو والإثمار يجب أن نراعي خصائص التربة بما تحتويه من جذور ومكونات وملاءمة المناخ بما يحمله من صراعات وصدامات وأحياناً تفاعلات وتوافقات وشراكات. وحزب الرابطة (رأي)، اتساقاً مع ما سبق ومع ما بدأه منذ ما يقرب من ستة عقود، كان دائماً يستلهم السلم والسلام والأمن والأمان كسبيل ونهج عمل.. ومع مستجدات العصر وعبر أكثر من قرن ظهرت مفاهيم حديثة وأيديولوجيات متعددة وأحياناً متضاربة إلا انها جميعاً كانت تسعى الى ما يسمى إحداث التنمية.. ولا شك أن سائر أحزاب العالم بما تحمله من اختلاف في ألوان الطيف السياسي تسعى جميعاً الى تحقيق معدلات من التنمية لصالح الفرد ولصالح المجتمع. وحزب رابطة أبناء اليمن (رأي) يرى أن هناك مثلثاً من العوامل تشكل أضلاعه اطاراً لرؤيته:

وأضلاع هذا المثلث هي ما سنطلق عليها:

- عدالة في توزيع الثروة وسنختصره تحت مسمى- العدالة .

- والضلع الآخر للمثلث سيكون بمسمى التوازن في السلطة وسنطلق عليه: الديمقراطية (المحققة للتوازن).

- والضلع الثالث الذي يكمل المثلث هو: التنمية المجتمعية- أي أن التنمية التي تكون لصالح الفرد ولصالح المجتمع كدولة دون تجني أيهما على حساب الأخرى.. وسنطلق عليه: التنمــية.

أي أن شعارنا سيكون هو هذه الثلاثية:-عدالة - ديمقراطية - تنمية.

وباستقراء هذا المثلث والتَّمعن في معانيه نستكشف ويستكشف كل قارئ للفكر السياسي عبر القرون المنقضية ومنذ ظهور الأديان السماوية أن جميع الأديان كانت تسعى وتستهدف عدالة بين الأفراد وعلاقة بين الحاكم والمحكوم على ان يؤدي التفاعل بين العدالة والسلطة الى إحداث تنمية.. أي أن حزب الرابطة (رأي) يرى أن مفهوم الدولة المدنية الحديثة والمطروح من الحضارة الغربية عبر تجاربها المتصلة والتي تربو على أكثر من خمسة قرون قد توصلت إلى أن صيغة الدولة المدنية الحديثة هي أنسب الصيغ لمفهوم الديمقراطية والمشاركة في السلطة وبما يؤدي إلى توازن في السلطة لمكوِّنات وعناصر المجتمع ، إلا انه في كثير من فترات الانحطاط الفكري والسياسي كانت تبرز مفاهيم تدعو الى العداء والتقاطع والتضاد بين مفهوم الدولة المدنية الحديثة ومفهوم الدين السمح المعتدل.. ولكننا بتحليل فكري وسياسي متسق نرى:-

1 -إن الأركان الثلاثة في نظام الدولة المدنية الحديثة وهي:- العدالة والتنمية والديمقراطية (المشاركة في السلطة) جاءت متوافقـة مع التوجه الإسلامي المعتدل.

2- إن الإشكالية ليست في الأخذ بالتشريعات والتعاليم الصافية السمحة، وإنما الإشكالية في فهمنا لطبيعة المرحلة والظروف والآليات التي أدت إلى الخلل باسم الدين ومزاولة السلطة بمفاهيم خاطئة باسم الديانة والدين براء من ذلك. إذاً يتضح أن الإشكال هو في إن توحدت سلطة الإفتاء والتشريع والقرار والتنفيذ في رجال الدين (علماء الدين).. وليست الإشكالية في الأخذ بالتشريع ذاته إذا ثبتت صحته.. وبالتالي فإن الغضب من تصرفات استغلال الدين قد يغدو كما حدث على مسار التاريخ غضباً من الدين ذاته.

3- وبالتالي يرى حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) أن الفصل يكون بين سلطات الدولة ورجال الدين/علماء الدين. فرجال الدين/علماء الدين مكانتهم كبيرة وقدرهم عظيم وبالتالي فإن انخراطهم في العمل السياسي ومنافستهم الآخرين على مناصب أيٍ من سلطات الدولة باسم الدين ومكانتهم الدينية هو القبول بجعل الدين، وهو دين الله، في موقع التنافس وتعريض الدين بذاته للانتقاص..على أنه من حق رجل الدين/عالم الدين أن يزاول حقه في إبداء الرأي وفي اختيار ممثليه في السلطات المختلفة وفي قبول المناصب المتعلقة بتخصصه العلمي.. بل وحقه في ممارسة السياسة والانخراط في النشاط السياسي ولكن ليس باسم الدين ولا ممثلاً لفئة رجال الدين .. وهذا هو الفصل بين سلطات الدولة وبين استغلال الدين .. وليس بينها وبين الدين ذاته.

4- وإننا إذ نقدم للتراث الإنساني والفكر البشري السياسي رؤيتنا في محاولة طرح جديد لنزاوج بين مفاهيم الدولة المدنية الحديثة بمجتمعاتها المدنية وبأصول التعدد لمنظماتها من جهة وبين استلهام الإطار العام للتعاليم الدينية نجد أن ليس هناك تزاوجاً فقط بل إنه اتساق كامل بين المعنيين.. وهنا نأمل أن تشكل رؤية حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) بداية النهاية للصراع لا نقول الوهمي بين مفهوم الدين السمح المعتدل والدولة المدنية الحديثة بل الناتج عن فهم مغاير لحقيقة الصورة. وبالتالي فإن القبول بالدولة المدنية الحديثة في إطار السماحة وقبول الآخر والاعتراف بحقوقه والاعتراف بحرية العقيدة وحماية الأقليات وحماية الأجانب بأرواحهم وأموالهم إنما نطبق مفاهيم الإسلام السمح.. وتلك المفاهيم هي أيضاً ما ترتكز عليه مفاهيم الدولة المدنية الحديثة.. وعلى ذلك فإن رؤيتنا ستشكل الريادة في إطار طرح مفاهيم هي ليست جديدة كما أنها ليست مغمورة ولكننا فقط نجتهد سياسياً وكحزب سياسي له تجربة سياسية عميقة عبر أجيال متواصلة.. وقد توصلنا من خلال دراسات وتجارب قيادات في حزبنا إلى تكوين وتشكيل تلك الرؤية.. فهل يغيب عن الذهن أن الطرح العالمي وهذا المدد غير المسبوق في تاريخ البشرية لتطبيق الأشكال المختلفة عن الديمقراطية؟ وهل تكون المشاركة في القرارات والتوازن في السلطات إلا التطبيق العصري لمفاهيم نظام الشورى في الإسلام الذي ،كما هو معروف، كانت له آليات وأشكال تختلف باختلاف الأزمنة.. وقد رأينا أن تلك المفاهيم بطرحها الجديد والمستحدث إنما تشكل امتداداً طبيعياً لتاريخ حزب الرابطة (رأي) السياسي عبر العقود الستة المنقضية إلا أننا بالانصهار في التجارب الماضية وبتحليلها قد توصلنا إلى تلك الصياغة.. ونعتقد أيضا وبإذن الله أن هذه الصياغة ستشكل رافداً جديداً في الفكر السياسي و تحديداً في إعادة النظر لمفهوم الدولة المدنية الحديثة ولكن من المنظور الإسلامي الذي يرتكز على القواعد الثلاثة التالية:

- العـدالة: في توزيع الثروة بين أفراد المجتمع.

- الديمقـراطية: المشاركة في صناعة القرارات بشكل فعال وملموس (ومحقق للتوازن).

- التنمية: إحداث تنمية حقيقية ترفع مستويات معيشة المواطن ودخله وتخلق فرصاً للعمل.

ونعتقد أيضاً ، وبإذن الله، أن تطبيق هذا المفهوم بأضلاعه الثلاثة وعن طريق إيجاد آليات لتفعيل أداء كل ضلع على حدة يصنع في النهاية منظومة متناغمة لأداء راق يضع اليمن في الوضع الملائم لها حضارياً وإنسانياً وبما يتلاءم مع عراقة هذا الشعب الممتدة جذوره عبر التاريخ البشري بأسره، ولتعيد مرة أخرى مجد الإنسان اليمني الذي كان دائماً بناءً وصانعاً للحضارة، ولم يكن قط غازياً او معتدياً وكان دائماً مراعياً لجيرانه محافظاً على الأخوة ومتجاوزاً الاختلاف في الأعراق أو المذاهب أو الأبعاد القبلية.. وهل في ذلك إلا تطبيق سمح للمفاهيم الاسلامية التي قال نبينا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى، والقائل : كلكم لآدم وآدم من تراب.. وهل من تقوى لله أعظم في حالاتها من السعي نحو إسعاد البشرية ونبذ الحروب بينها وخلق فرص معيشية أفضل؟؟ إن ذلك هو معيار التفاخر .. ونعتقد جازمين بهذا وبإذن الله أننا بتلك الرؤية قد وصلنا إلى صيغة مناسبة للتعامل مع بوادر الصراع الممتد بين فئات المجتمع في اليمن سواءً الجماعات المغالية في تشددها أو المتطرفة في فكرها - باسم دينٍ أو توجه سياسي أو فكري - أو المتعصبة لجذورها القبلية أو المناطقية.. ونعتقد أيضاً أن تلك الرؤية تشكل أرضيةً يجتمع كل الفرقاء وكل أصحاب الآراء المختلفة عليها حيث إن هذه الأرضية تسمح مساحتها بالالتقاء بين تلك التيارات نحو هدف واحد هو «رفاهية آمنة ومواطنة سوية» ذي أبعاد ثلاثة هي:

العدالة-الديمقراطية-التنمية

ونعتقد أيضاً أن اليمن بهذه الرؤية يمكن أن تعطي المنطقة بأسرها النموذج الأصلح والأنسب للتعامل السياسي مع متطلبات العصر وبما يسمح للآخر من المجتمع الدولي بالتفاعل الايجابي معنا وبما يسمح بالتفاعل أيضاً بين حضاراتنا في المنطقة العربية والشرق أوسطية مع حضارات أخرى في أقصى الغرب وأقصى الشرق وبما يجعل من اليمن نقطة التقاء للأفكار.. ونقطة حوار بين الفرقاء.. ونقطة تجتمع عندها الإرادة العربية.. وتجتمع عندها دول المنطقة في نبذ الحروب والصراعات . ويمكن التعبير بشكل مختصر عن الأبعاد الثلاثة لشعار (رأي) في مفهوم حزب الرابطة (رأي) بأن آليات تطبيق مفهوم «المواطنة» حيث المواطن اليمني متساوٍ مع أخيه في الحقوق والواجبات .. والعدالة في فرص العمل.. والعدالة في الحصول على العلاج المناسب والمشاركة الفعالة في صناعة قرارات الوطن دون تمييز وفقاً للعرق أو المذهب أو القبيلة.

وحزب الرابطة (رأي) بذلك يقدم أيضاً للفكر الإنساني آلية لتطبيق مفهوم المواطنة وذلك بإيجاد الآليات المختلفة لتفعيل الأضلاع الثلاثة السابقة الإشارة إليها: عدالة - ديمقراطية - تنمية.

إننا في حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) نعتقد أن ظروف اليمن الحالية وفي السنوات الخمس القادمة باستشراف المستقبل أحوج ما تكون إلى تفعيل تلك الرؤية، لذلك يدعو كافة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني اليمني ومؤسسات الدولة إلى التناول الجاد لتلك الرؤية عبر الحوار البناء.. كما نعتقد أن مبادرات الحزب ومشاركاته في الأنشطة الخاصة بمبادرات مشاريع التعديلات الدستورية وقانون الحكم المحلي وقانون الأحزاب وقانون الانتخابات...الخ إنما كانت تستهدف إيجاد آليات فعالة لتطبيق تلك المفاهيم.

إن حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) إذ يطرح رؤيته فإنه على استعداد للتحاور مع كافة ألوان الطيف السياسي استناداً إلى هذه المفاهيم وانطلاقاً نحو تحقيقها وتفعيلها ويتناول في إطار تلك الرؤية السياسات والبرامج التي يعتقد أنها تناسب ما طرحناه من رؤى سواء السياسات الخارجية أو الداخلية، السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية .. وستكون محلاً للتحاور مع إخواننا في التيارات السياسية الأخرى محاولين أن نصطف معاً وأن نعمل معاً تحت مظلة السماحة والاعتدال وبين أحضان العباءة التي يمكن لها أن تستوعب التعامل والتعايش مع الآخر، من جنسنا أو ديننا، المختلف معنا أو الآخر من غير المسلمين.. ولنثبت للعالم أن ديننا بتعاليمه السمحة الصافية لا تطرف فيه ولا عنف وأنه بهذه المفاهيم قادر على المساهمة الإيجابية في تقديم الحلول لمشاكل البشرية. إننا نعتقد أن هذه الرؤية التي نطرح يمكن أن تصنع اصطفافاً يجمع في هذا الوطن الإخوة والزملاء على اختلاف ميولهم ومشاربهم ومناطقهم ومصالحهم ومعاناتهم نحو هدف أسمى ناهيك أن هذه المفاهيم الحضارية والمستندة إلى تعاليم ديننا بسماحته ونقائه هي في حد ذاتها تخلق مناخاً جاذباً لرؤوس الأموال الخارجية واليمنية المهاجرة للاستثمار على أرض اليمن حيث إن رؤوس الأموال المتحركة بين دول العالم تسعى دائماً إلى الاستيطان في المناطق الآمنة والمسالمة وذات الحكم الديمقراطي.. وهل رؤيتنا إلا ذلك.. كما أن رؤيتنا تساعد المنطقة العربية بأسرها على الاندماج الإيجابي والفعال مع المحيط الإقليمي والدولي نبذاً لعوامل العنف ومحاربة للإرهاب وخلقاً للظروف المناسبة لنمو الاقتصاد اليمني وزيادة دخل أفراد شعبنا.

أي أن رؤيتنا تحكمها المعادلة التالية:

المواطنة اليمنية السوية= العدالة + الديمقراطية + التنمية.

لا شك أنه بالأساليب الرياضية يتساوى طرفا أي معادلة. وبالنظر إلى المعادلة السابقة والتي يحتوي شقها الأيمن على المواطنة باعتبار هذا المفهوم هو الأعلى والذي تندرج تحته كافة مقومات الاختلاف والتنوع من مذاهب وقبائل ومناطق ونفوذ الى آخر خصائص الشعب اليمني الحالية.

وهذه المظلة المعبر عنها بالمواطنة يتطلب تحقيقها تفاعل أمور ثلاثة مع بعضها البعض وهي: العدالة في توزيع الثروات على أبناء الشعب الواحد. والديمقراطية أي المشاركة الفعالة المتوازنة في الحكم لهذا الشعب وإتخاذ قراراته في ظل برامج التنمية الشاملة والمستدامة والحقيقية والتي في مقدمتها التنمية البشرية التي تؤدي الى ارتفاع ملحوظ في مستويات الكفاءة والتأهيل والقدرات والمهارات والمعيشة وزيادة ملحوظة في الدخل والترتقاء بالمستوى الصحي والارتفاع بمستويات التعليم وجودته بحيث يستظل به كافة أبناء الشعب اليمني أي ان حزب الرابطة (رأي) يسعى إلى تطبيق تلك المعادلة .. وإن شعار حزب الرابطة (رأي) الذي يدعو كافة الأحزاب السياسية إلى الأخذ به يتكون من المعادلة التالية.. مرة أُخرى:-

مواطنة = عدالة + ديمقراطية + تنمية

الجزء الثاني

(سياسات الحزب الداخلية)

الرؤية في شقها الداخلي:

أولا: لقد أعلن حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) قبل أكثر من عامين مشروعاً متكاملاً للإصلاحات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ... إلخ كما قدم بدائل عدة .. فيها مشروع كامل للتعديلات الدستورية التي تستوعب كامل عملية الإصلاحات الشاملة .. كما أعد مشروعاً لقانون الحكم المحلي كامل الصلاحيات ومشاريع تعديلات لقوانين أخرى مثل قانون الأحزاب وقانون الانتخابات .. ويجري إعداد مشاريع تعديلات القوانين التي يتوجب تعديلها لتتوافق مع التعديلات الدستورية.

ثانيا: لقد أجرينا حواراً إيجابياً استمر أكثر من عام مع القيادة السياسية لمنظومة الحكم والمؤتمر الشعبي العام.. وتم فيها:

1. اتفاق مبدئي على بعض الأسس الهامة للإصلاح السياسي.

2. إحالة الجزء المتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من مشروعنا للإصلاحات الشاملة إلى الحكومة..

3. استجبنا لدعوة فخامة الأخ الرئيس للحوار الذي دشنه فخامته بمبادرته للتعديلات الدستورية لتستوعب:

‌أ- الإصلاح في نظام الحكم بتحويله إلى نظام رئاسي كامل.

‌ب- الإصلاح في نظام الدولة باعتماد نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات.

‌ج- الإصلاح في منظومة السلطة التشريعية باعتماد نظام المجلسين.

ولم تستوعب المبادرة بعد الإصلاح في نظام الانتخابات باعتماد نظام القائمة النسبية الذي سبق أن اتفقنا حوله .. ونأمل أن يتم استيعاب ذلك.

4. وجدنا أن الحوار يدور حول قضايا بالنسبة لنا قد تجاوزناها و أنهينا الحوار حولها، وهو ما لفتنا النظر إليه في الجلسة الأخيرة للحوار.

تلك مقدمة كان لابد منها وتجيب عن تساؤلات كثيرة حول حواراتنا.

وسنورد فيما يلي أهم منطلقات رؤيتنا في الشأن الداخلي:

1- الحراك الحالي: إن ما يجري من حراك كان قد بدأ لقضايا حقوقية مطلبية؛ ثم تحول إلى حراك سياسي واحتقان حاد له أسبابه التي لو تمت المبادرة بعلاجها لما تحولت المطالب إلى احتقانات.. بل لما احتاج أحد للمطالبة بحقوقه.

لقد أكدنا مراراً أن بلادنا بحاجة ماسة وعاجلة وجادة إلى إصلاحات شاملة وعميقة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية..إلخ وإن مفتاح كل عملية الإصلاحات الشاملة هي الإصلاحات السياسية.

لذلك فإن رؤيتنا حول الأوضاع الداخلية تنقسم إلى شقين:

الأول: المعالجات الحقوقية:

أ) علاج سريع لما تبقى من مطالب حقوقية.

ب) إعادة النظر في آليات تنفيذ المعالجات السابقة والمرجوة حيث إن بطء التنفيذ وأساليب التنفيذ قد تضيف أحيانا احتقانات جديدة أسوأ.

الثاني: سنسعى إلى التوجه الجاد والسريع للانتهاء من صياغة وإقرار التشريعات الدستورية والقانونية كحزمة واحدة ومصفوفة كاملة لكامل عملية الإصلاحات الشاملة.. من نظام حكم رئاسي كامل ?{?السلطة التنفيذية المركزية?}? ونظام دولة ?{? حكم محلي كامل الصلاحيات?}? ونظام المجلسين للسلطة التشريعية ونظام انتخابات القائمة النسبية وسلطة قضائية واستقلال للإعلام والخدمة المدنية عن السلطة التنفيذية.. إلخ.

2- رؤية حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) لأهم الصلاحيات للحكم المحلي والتقسيم الإداري:

لقد أعلنا مشروعنا لقانون الحكم المحلي منذ ما يزيد عن عشر سنوات (1997) وتم إعلانه ضمن مشروعنا للإصلاحات الشاملة في نوفمبر 2005 ثم قمنا بتحديثه مؤخرا وتم إعلانه مع مشروعنا للتعديلات الدستورية في بداية الربع الأخير من العام الماضي 2007.. ونعلن الآن الخطوط الرئيسية لصلاحيات الحكم المحلي ونعلن مشروعنا للتقسيم الإداري الذي نرى أنه يتواكب مع الحكم المحلي حتى يكون لكل وحدة حكم محلي رئيسية مقوماتها الاقتصادية والسكانية والجغرافية التي تؤهلها لممارسة الحكم المحلي كامل الصلاحيات..

وبالتالي نرى أن تقسم الجمهورية إلى وحدات حكم محلي رئيسية تسمى مخاليف أو مناطق أو مقاطعات أو أي اسم آخر.. وكل منها يقسم إلى محافظات ثم مديريات.. واستخدمنا اسم مخلاف لوحدة الحكم المحلي الرئيسية.. و نقبل بأي تسمية أخرى يتم الاتفاق حولها.

أ- أهم الصلاحيات التي نرى أن تتمتع بها وحدات الحكم المحلي في اليمن ، على مستوى المخاليف: ?{?تم إعداده في 14/5/1418هـ الموافق 15/9/1997م. تم تحديثه في 22 اكتوبر 2007 بإضافة المحافظات المستحدثة?}?:

1. انتخاب مجالس الحكم المحلي .

2.انتخاب حكام المخاليف والوحدات الأدنى.

3.صلاحيات تشريعية لإصدار الأنظمة المحلية التي تتعلق بالحكم المحلي للمخلاف (عدا تلك المتعلقة بالدفاع والخارجية والسلطة القضائية المركزية والجنسية والسياسة المالية والنقدية للدولة والجمارك والاستخبارات والأحزاب وانتخاب مجلسي النواب والشورى ونظام الحكم في الجمهورية) .

4. تتولى مجالس الحكم المحلي وضع وإقرار برامج التنمية المحلية عدا تلك التي تعتبر ضمن الإستراتيجية التنموية العامة للدولة والخاصة بكل الجمهورية .

5. حكام المخاليف مسئولون أمام مجالس الحكم المحلي.. ويتولى محاسبتهم واستجوابهم .

6. تتولى الإدارة التنفيذية للمخلاف ، برئاسة حاكم المخلاف ، إدارة كافة شئون الحكم المحلي وتنفيذ كافة مشاريع التنمية الخاصة بالمخلاف والتي أقرها المجلس المحلي للمخلاف وذلك من خلال المناقصات والمزايدات وطبقاً للأنظمة والإجراءات السارية في المخلاف .

7. الثروات الطبيعية (النفط والغاز والمعادن) تحدد نسبة 40% منها للتنمية في إطار المخلاف الذي تستخرج من أراضيه والباقي يذهب إلى البنك المركزي لحساب السلطة التنفيذية المركزية التي تتولى تغطية الاحتياجات السيادية والعجز في احتياجات وحدات الحكم المحلي.

8. للمجلس المحلي للمخلاف حق فرض رسوم أو ضرائب محلية على الشركات والأعمال أو الدخل أو خلاف ذلك في إطار المخلاف بما لا يتعارض مع تلك التي تفرضها الحكومة المركزية، كذلك فإن الحكم المحلي في المخلاف هو الذي يحدد ويتولى جمع الواجبات ويتولى صرفها في مصارفها الشرعية كما يتولى تنظيم الأوقاف وفقاً للشريعة.

9. لكل مخلاف ميزانيته المحلية.. وتشرف السلطة المحلية وتتابع المشاريع المركزية في إطار المخلاف .

10. تخضع فروع الوزارات في كل مخلاف للسلطة المحلية للمخلاف بما لا يتعارض مع الإستراتيجية العامة للدولة وبما لا يضر بإدارة الحكم في المخلاف .

11. تتمتع السلطة المحلية في الأمانتين بنفس الصلاحيات للمخاليف .

12. باختصار يمنح للوحدات المحلية صلاحيات كاملة عدا الأمور السيادية التي تظل من اختصاص المركز مثل ..القوات المسلحة - الأمن القومي - السياسة الخارجية - الأمور الإستراتيجية لكل الدولة وليست لوحدة محلية بعينها.

تلك الصلاحيات الأساسية التي نعتقد بضرورة منحها للمخاليف (وحدات الحكم المحلي الرئيسية وبدورها تعطي صلاحيات واسعة للوحدات الفرعية) والتي ستساعد على إزالة المعاناة عن الناس والناتجة عن النظام المركزي.. كما ستساهم في ترسيخ الوحدة وإزالة أي حساسيات أو غبن أو تذمّر.. كما ستدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ب- التقسيم الإداري الذي يلبي احتياجات اليمن (سياسياً - اقتصادياً - اجتماعياً):

إن تمزيق اليمن إلى وحدات إدارية صغيرة وتركيز السلطات في العاصمة من أهم عوامل المعاناة للناس ومن أهم أسباب التذمر؛ لذلك فإن حكم محلي كامل الصلاحيات في إطار وحدات حكم كبيرة تنقسم إلى وحدات أصغر سيحقق رفع المعاناة عن الناس وسيزيل ما يترسخ في الأذهان، ويسبب التذمر والرفض، لذلك فإن التقسيم الإداري التالي هو الأنسب جغرافياً واجتماعيا واقتصادياً وسياسياً :

تشكل المحافظات بمسمياتها الحالية المخاليف (أقاليم - أو مقاطعات) التالية :

1- المخلاف الشرقي: المهرة+ حضرموت + شبوه+ مأرب.

2- المخلاف الجنوبي: أبين + لحج +البيضاء+الضالع.

3- المخلاف الشمالي: الجوف + صعده + عمران+ صنعاء +حجة.

4- المخلاف الغربي: ذمار + المحويت +ريمة + الحديده.

5- المخلاف الأوسط: إب+ تعز.

6 و7- الأمانتان: أمانة العاصمة صنعاء وأمانة العاصمة الشتوية والاقتصادية عدن.

إن هذا التقسيم سيحقق عدة أهداف :

1- كل مخلاف سيكون له منفذ بحري .

2- شملت بعض المخاليف محافظات من شطري الجنوب والشمال سابقاً .

3- يحقق كل مخلاف شيئاً من التوازن الاقتصادي فحيث لا توجد ثروة طبيعية توجد ثروة زراعية أو سمكية، أو ميناء هام أو ثروة بشرية، وهي الأهم .

4- يستحيل تحقيق توازن في عدد السكان إلا بهجرة جماعية من منطقة إلى أخرى .. وهذا لن يكون مجديـاً بل سيخلق خللاً وصراعــاً اجتماعياً بدلاً من أن يحقـق اندماجاً اجتماعياً.. بل سيقـود إلى رفض وحساسيات لا مبرر لها.. وهو أمر سيشكل خطورة على الوحدة ذاتها خاصة في هذه المرحلة وقبـل أن يترسخ حكم محلي كامل الصلاحيات وقبل أن تترسخ الوحدة ومؤسساتها.

-3 الانتخابات:

إن العملية الانتخابية برمتها هي إحدى الآليات للعملية الديمقراطية و بالتالي فإن اللجنة العليا للانتخابات واللجان المتفرعة عنها من إشرافية ورئيسية و أصلية و فرعية، ما هي إلا أدوات لإحدى آليات الديمقراطية؛ ورغم أهميتها إلا أن أي إصلاحات تتم للأدوات لا يمكن أن تؤتي ثمارها إلا بإصلاح الآلية ذاتها.. وأي إصلاحات للآلية لا يمكن أن تجني ثمارها دون إصلاح المنظومة السياسية..

لذلك فقد طرحنا من البدء أهمية أن تكون الإصلاحات شاملة و عميقة.. ثم وضعنا رؤيتنا في النظام الانتخابي ص 54-56 في مشروعنا (المشروع الوطني للإصلاحات الشاملة في اليمن 2005) و ص 18-32 في مرفقات المشروع، لذلك فإن التركيز حول الأدوات قبل الآليات و الآليات قبل الأسس هو مضيعة للجهد والوقت .

وقد تمت عدة انتخابات منها نيابية و محلية و رئاسية.. و كل الحديث حول اللجان -أي الأدوات- وبالتالي لا ثمار.. إلا تقاسم اللجان.

وأصبح الأمر كنقاش الإطارات وكمياتها وتقاسمها قبل معرفة نوع المركبة التي ستسير على تلك الإطارات.. لذلك فإن الأولوية في هذا الخصوص بعد الاتفاق على النظام السياسي ونظام الدولة؛ هي في الاتفاق على نظام الانتخابات وفي رؤيتنا هو نظام القائمة النسبية ومن ثم الاتفاق على لجان الانتخابات وليس العكس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى