> «الأيام» علوي بن سميط:

المصاب محمد بن حصن في صالة مطار سيئون مساء الجمعة قبل ترحيله إلى صنعاء ويقف حوله وكيل الوادي والصحراء والأطباء
كان القتلة يكمنون- وبمكر- الغدر بالقرب من منطقة غار السودان، ويستقبلون الضيوف والمرافقين اليمنيين برصاص البنادق.
يقول السائق عبد نصيب صالح بن زيمة الذي كان ضمن أربع سيارات تقل السياح البلجيك، وأحد الناجين من الحادث: «حاشا لله أن يكون هؤلاء المجرمون من أبناء المنطقة أو من دوعن أو من محافظة حضرموت أو من اليمن، إنهم أشخاص قدموا من خارج المنطقة وأمطرونا بالرصاص»، يصمت عبد، وعيناه تمتلآن بالدموع، ثم يتحدث لـ «الأيام»، وهو يتذكر زميله أحمد هادي العامري، سائق السيارة الأولى التي يستقلها ثلاثة بلجيك، والمرشد السياحي: «اختطف الموت- وبرصاص الإرهاب- الشاب العامري فورا، وتحولت السيارة إلى غربال جراء الرصاص».
«الأيام» تقترب من حادثة مقتل سائحتين ويمني
رصاص الغدر والإرهاب يستهدف سياحا بلجيك في وادي الأمان بحضرموت
وكما سقط الشاب أحمد هادي الذي لم يتجاوز عقده الثالث مضرجا بدمائه الطاهرة اخترقت الرصاص وأودت بحياة سائحتين متقدمتين في السن هما (لورين فانكولاي وكاثرين مكوري)، كما أصيب المرشد السياحي ميثاق علوي بإصابات متعددة في جسده، وهكذا حصد الغدر من في السيارة الأولى.
أما السيارة الثانية فقد أصيب سائقها محمد بن حصن بإصابات بليغة، وظل ينزف حتى إسعافه إلى مستشفى الهجرين ثم مستشفى سيئون، كما أصيب السائح البلجيكي (باتريك) برصاص في فخذه، أما السيارة الثالثة التي يقودها عبد نصيب فتأثرت بوابل الرصاص، وتأثر هو بزخات خفيفة، فيما السيارة الرابعة تأثرت أيضا ويقودها صبري صمرور.
وجاءت النتيجة المؤسفة لهذا الحادث البشع الذي هز أبناء حضرموت وعموم اليمن بحصيلة: مقتل سائحتين وإصابة سائح، ومقتل يمني (السائق أحمد هادي العامري) وإصابة سائق آخر (ابن حصن) والمرشد السياحي (ميثاق) والسائقين الآخرين بإصابات طفيفة جدا وإتلاف السيارات الأربع.
سائق: الرصاص انهمر علينا كالمطر
تفاصيل الحادثة يرويها السائق عبد بن زيمة لـ «الأيام»: «تحركنا منذ الصباح من وادي حضرموت، وصادف وصولنا إلى الهجرين مع صلاة الجمعة، فأدينا الصلاة بالهجرين، ثم انطلقنا لمواصلة رحلتنا باتجاه مناطق دوعن الأخرى نحن والسياح البلجيك، بعد الهجرين بفترة وقبل دخولنا بلدة غار السودان، وعلى منعطف الطريق- يعني لفة وكذا- مطب موجود فوجئنا بانهمار الرصاص علينا من سيارة شاص متوقفة، وكان التركيز على السيارة الأولى، والفاعلون ثلاثة أو أربعة، نعم أربعة، ساعتها أربكتنا المفأجاة، ودب الذعر بيننا والسياح، وعلا الصراخ، واتجه الرصاص علينا- على السيارات حيث كنا- متتابعات، رصاص كثيف جدا، كانت النية مبيتة لقتلنا وتصفيتنا جميعا.. الموقف كان مرعبا جدا، لا أستطيع أن أصفه، الجميع لا يدري ما يفعل؟ لم نشعر بأنفسنا، وانطلق الجناة بعد أن رأوا أنه لم يخرج أحد من السيارة، توقعوا أننا انتهينا، الصراخ والارتباك كان سيد الموقف، كانوا يتوقعون أنهم قد قضوا علينا، إنهم مجرمون، ليسوا يمنيين، ليسوا من أبناء حضرموت، ليسوا بشرا، الرصاص خرب السيارات الثلاث جميعها، الأولى عليها زميلنا الفقيد الشهيد أحمد العامري، والثانية عليها المصاب زميلنا محمد بن حصن شفاه الله، ثم الثالثة وهي سيارتي.. جميعا توقعنا أننا في عداد الأموات، الرصاص كان كالمطر، والحادثة كانت نحو 20: 1 - 30: 1 ظهرا، كنا متجهين إلى خيلة بدوعن، وكنا في الصباح قد مررنا على المناطق كلها.. بعد هروب الجناة قمنا بإسعاف ذاتنا، وحضر بعض الناس، وتوجهنا إلى مستشفى الهجرين، وهناك- مشكورين- أجروا اللازم وما قصروا، وكنا في ألم، وفي الوقت نفسه نهدئ من روع السياح الذين هم ضيوفنا.. أطالب الدولة بأن تستمر في مطاردة هؤلاء القتلة، إنهم حاقدون على استقرار المنطقة، لايهمهم سوى الإرهاب، القبض عليهم ومحاكمتهم مطلبنا حتى يراهم العالم أجمع».
مازالت تداعيات الحادثة ظاهرة عليه إذ يتحدث بتهدج وكلمات فيها من آهات الألم التعابير الكبيرة، لم يكن هو وحده، كذلك جميع المواطنين والجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.. الكل مستاء.
بعد أن أجريت الإسعافات الأولية نقل المصابون إلى مستشفى سيئون أيضا، وكانت سلطات وادي حضرموت تتابع الموقف، وكذا الأخ محافظ حضرموت.
الحكومة اليمنية أرسلت طائرة خاصة، من وزارة السياحة لنقل المصابين ذوي الحالة الخطرة والقتيلتين، وكذا الفوج البلجيكي، الذي انطلقت به الطائرة قبل التاسعة من مساء يوم الجمعة، ولأول مرة تقلع من مطار سيئون في المساء، ولكنه الظرف الاستثنائي.
وزير السياحة: حضرموت بمنأى عن أي أعمال مخلة بالأمن
اتصلنا ظهر أمس السبت من وادي حضرموت بالأستاذ نبيل الفقيه، وزير السياحة لنسأله عن مشاعره بهذا الحادث البشع، فأجاب مشكورا: «هذا العمل المشين بعيد كل البعد عن أخلاقيات اليمنيين وأعرافنا وقيمنا وديننا، واليمن معروفة بكرم الضيافة واحترام ضيوفها، هذا العمل جريمة يقصد بها تشويه سمعة البلاد.. محافظة حضرموت كانت وما تزال أفضل المناطق سياحة وضيافة واستقرارا، حضرموت ستظل عصية على الجهات التي ترغب في تشويه هذه المحافظة، فحضرموت بمنأى عن أي أعمال مخلة بالأمن والاستقرار، وأي أعمال مشينة تؤثر على حركة السياحة والاستقرار والاستثمار، وهي تتهيأ لعقد مؤتمر للسياحة والاستثمار، ومثل هذه الأعمال تؤثر على مثل ذلك، وعلى السياحة في اليمن، ونتمنى أن يكون الكل على مستوى الإدراك، لما يمكن أن يعكر صفو الاستقرار والأمن، الأوضاع السياحية في اليمن مستقرة وبخير إن شاء الله، وهذا الفعل لن يثنينا عن تقديم أفضل صورة لبلادنا في الخارج، فاليمن لدى الكل معروف بشعبه الكريم والمحب للضيوف».

ميثاق الصلوي
«الأيام» وبحسب إحصائيات ومصادر رسمية علمت أن أكثر من 600 سائح بلجيكي زاروا وادي حضرموت العام المنصرم 2007م، وهذا العدد قياسا بأعداد السياح الوافدين إلى اليمن يعتبر كبيرا، سيما وأن المتابع لمصادر السياحة يرى أن السياح البلجيك بدأت مؤشرات ترتيبهم تتقدم على جنسيات أخرى كواصلين إلى اليمن عموما، أما أعداد السياح البلجيك فإنه من بدء يناير 2008م حتى اليوم بلغ (31) سائحا، منهم الفوج البالغ 15 فردا الذي تعرض للحادثة أمس الأول الجمعة.
ولكن ماذا بعد الحادثة؟ يتوجب على الجميع الوقوف أمام هذا الحدث المريع من عدة زوايا.. تحليل الحدث حتى لا يتكرر، والذي لايتمنى أحد أن يحدث مرة أخرى سواء في حضرموت أم في أي محافظة أخرى، نحن بحاجة لمواجهة الفكر المتطرف الذي يتحول إلى عمل وسلوك مشين.. نحن بحاجة لرصد هذه الظاهرة وإلى أبعد احتمال ممكن لنضع يدنا عليها.
إنها المرة الأولى التي تقع في حضرموت، وإن شاء الله الأخيرة، فمن هؤلاء الذين قدموا إلى وادي دوعن، وادي الأمان، وفي يوم آمن ليرتكبوا هذا العمل الإجرامي؟ سؤال وأسئلة وتساؤلات نضعها للمختصين لتدارسها والبحث فيها على كل المستويات.