المدنيون : الضحايا المنسيون في حمامات الدم في باكستان

> إسلام أباد «الأيام» جو كوشرين :

>
ما من احد كلف نفسه ولو للحظة في السؤال عن " شومبي" لكن بالنسبة للباكستاني رضوان احمد فقد كان هذا الحصان كل شئ .

وعندما فجر انتحاري نفسه في مدينة لاهور بشرق البلاد بين حشد من رجال الشرطة خارج مبني المحكمة العليا في 10 كانون ثان / يناير أظهرت صور إخبارية جثة الحصان القتيل بين أحذية ودروع وأغطية راس رجال الشرطة المتناثرة في الشارع.

قبلها بدقائق كان شومبي يجر عربة خشبية يقودها احمد -20 عاما - الذي كان قد مر من أمام المحكمة العليا لتسليم صناديق من الورق المقوى لمخابز محلية.

واستأثر مقتل رجال الشرطة الـ20 على بالتغطية الاكبر لوسائل الاعلام العالمية غير أن هذه التغطية نفسها توارت قليلا بعد تفجيري مدينتي كراتشي وبيشاور الاسبوع الماضي .

لكن احمد الذي يرقد في احد مستشفيات لاهور منذ مطلع الاسبوع الفائت للعلاج من كسر في الساقين ورضوض أسفل الظهر واستخراج شظايا من معدته يريد من العالم أن يتذكره ويتذكر شومبي.

ويقول احمد " هذا الحصان كان رفيقي ومصدر عيشي طوال السنوات الخمس الماضية.. وأيا كانت هوية الانتحاري فقد سلبني مصدر لقمة عيشي ". بل وربما حياته تقريبا.

وقد لا يعتبر احمد نفسه محظوظا لكن بنجاته فان مصيره أفضل من مصير مئات المدنيين الباكستانيين الاخرين الذين قضوا نحبهم على مدى الشهور الـ 12 الماضية في هجمات انتحارية وغيرها من الهجمات الارهابية لأنهم كانوا في المكان الخطأ وفي التوقيت الخطأ.

وبحسب مؤسسة ساوث اسيا تيروريزم بورتال فان ما لا يقل عن 1523 مدني قتلوا خلال أعمال عنف تتصل بالارهاب في باكستان عام 2007 كما أصيب أكثر من ضعف هذا العدد . كما قتل 441 باكستاني آخر خلال أحداث العنف الطائفي العام الماضي.

ولكن العدد الكبير للقتلى حول هؤلاء الناس إلى احصاءات بلا ملامح ولاسيما عندما يكون الهدف المقصود للهجوم شخصية بارزة كما كان الحال عدة مرات.

فالقتلى الـ 140 والمصابين الذين زاد عددهم على 550 خلال الهجوم الذي تعرض له موكب زعيمة المعارضة السابقة بنظير بوتو عند عودتها إلى بلادها في تشرين أول / أكتوبر عام 2007 تراجعت أخبارهم وتركزت الاضواء على بوتو حاملة لواء الديمقراطية التي نجت من هذا الحادث.

وعندما قتلت بوتو في حادث بسلاح ناري وتفجير انتحاري في 27 كانون أول / ديسمبر الماضي فان الأضواء تركزت عليها وتواري خبر الـ 22 شخصا الذين قتلوا معها بسبب شخصيتها البارزة وشعور العالم بصدمة فضلا عن حالة الشك السياسي التي واكبت اغتيالها.

وحدث نفس الشئ قبلها بأسبوع وبالتحديد في 21 كانون / أول ديسمبر عندما فجر مهاجم نفسه داخل مسجد بينما كان يحاول قتل وزير سابق للداخلية الباكستانية ولكنه بدلا من ذلك قتل نحو 50 مصل . ونجا وزير الداخلية السابق افتاب أحمد خان شيرباو الذي قاد حملة قمع ضد متشددين إسلاميين عندما كان في السلطة دون أن يصاب بأذى لكنه ظل بؤرة تركيز أجهزة الاعلام.

وفي ظل ما تعانيه باكستان من عنف لا تبدو له نهاية فيما تحاول العودة إلى الحكم المدني ومكافحة التشدد الاسلامي المتنامي من قبل متشددي القاعدة وطالبان على طول حدودها الغربية مع أفغانستان فان سكانه المدنيين يضيفون معنى جديدا لكلمة " أضرار شاملة ".

يقول طلعت مسعود وهو جنرال متقاعد بالجيش ومحلل عسكري " إن هؤلاء المدنيين الابرياء هم الذين يتحولون إلى ضحايا. إن ما يتعين أن نركز عليه الان هو ما إذا كانت الحكومة قادرة على حماية أرواح الناس.. أو أن الدولة قد فوجئت إلى حد أنها لم تكن هناك أم انها لا تبالي بسلامة شعب باكستان؟".

وربما كانت الاسئلة من الصعوبة بحيث يصعب الاجابة عليها في ظل الوضع الهش الذى عانت منه البلاد طوال العام الماضي الذي شهد متوسط حوادث تفجيرات انتحارية بلغت حادثة كل أسبوع . والاسوا من ذلك أن الرأي العام لا يبد قبولا للتفسيرات الحكومية الرسمية القائلة بان متشددين على صلة بطالبان والقاعدة هم المسئولون عن هذه الهجمات.

وبدلا من ذلك يبدو ان نظريات المؤامرة العديدة تتمتع بقدر اكبر من المصداقية .ومن هذه النظريات مايقول أن الحكومة الامريكية هي التي تقف خلف التفجيرات الاخيرة ومنها حادث اغتيال بوتو لكي توفر الذريعة للاستيلاء على ترسانة البلاد النووية. (د.ب.أ)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى