وتلك الأيام ..

> «الأيام» عاتق علي العبادي :

> يقول التفسير الإسلامي للتاريخ: «إن هناك سننا ربانية تحكم حياة البشر على الأرض، وإنها سنن دائمة غير قابلة للتبديل ولا للتحويل»، قال الله تعالى: «فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا».

إن حتمية السنن الربانية لاتفرض سلوكا قهريا معينا على الإنسان، ولاتقع بمعزل عن إرادته، إنما تفرض نتائج حتمية على السلوك الذي يتخده الإنسان باختياره.

« ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس».

ولأن الإنسان مصدر التغيير والغالب الذي تتشكل عليه الأحداث، ومنه تأتي المتناقضات، فلابد أن يعي حقيقة نفسه، وأن يسير بها في ركاب الخير والهدى، وأن يجنبها الظلم ومفاسد الوقوع في أحضان الرذيلة، إن مكنته الأيام في الوصول إلى كرسي الحكم، فليدرك في قرارة نفسه أن هذا الكرسي يدور، وأن له حركة فلا يغرنه الجلوس عليه، وليفهم حقيقة المثل القائل: (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك).

ومثلما فطن الأوائل لمثل هذه الإشارات إلى التحول كما في قول عنترة العبسي:

إن كنت تعلم يانعمان أن يدي

قصيرة عنك فالأيام تنقلب

وما مهرجان التصالح والتسامح في 13 يناير 2008 في ساحة الهاشمي إلا واحدة من تلك الإشارات التي حملت في طياتها نتائج عكسية وتحولا إيجابيا، لما حدث في الماضي (13 يناير 1986) وكلا الحدثين لهما وقعهما في نفوس أبناء الجنوب، في زمن هم أحوج لبعضهم البعض، وبما أن 13 يناير 1986 قد حمل معاني الحرب والدمار جاء 13 يناير 2008 ليحمل دلائل البشرى ويعيد اللحمة بين أبناء محافظات الجنوب.

ولأن أسباب الثورة تأتي من تسلط فاسد وامتداد فساد، ووجود حاكم ومحكوم، فلابد من وجود ظالم ومظلوم، ومن قلة رافهة وكثرة فقيرة، وتلك ينابيع الثورة التي يتوهج فجرها بخيوط من ليلها، ويتناسج ليلها فينشأ البدء غير منقطع عما أتاه، حتى يبلغ مداه، يتقد نقيضه منه عليه، حاملا أقل أسراره وأكثر ملامحه كتعاقب الليل والنهار أو كتلاحق فصول السنة.

ألا يسكن الكون قلوب الذين يسكنونه، إنما في الطبيعة من تغاير وتناقض أصيل في الإنسان المغير والمتغير، ومن يتأمل تعاقب الليل والنهار وحركة المد والجزر يدرك بأن دوام الحال من المحال، ويعلم بألا ثابت إلا الله، ومن لم يدرك الحقيقة ولم يستطع أن يحل شفرة الأيام، فليقرأ صحيفة «الأيام» ومنها يستمد حقيقة..

(وتلك الأيام ندوالها بين الناس).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى