حول الرؤية المشتركة للعلاقات اليمنية السعودية ..تجربة الأيام العلمية والثقافية للجامعات كفصل ناجح في العلاقات العربية والإقليمية

> علي سالم اليزيدي:

> في العام 1886 صدر عن دار عبدالحميد حاج عبادي بعدن كتاب (النهر الفائض في علم الفرائض) لعبد القادر المكي الذي عرف أفراد أسرته في ما بعد بـ(المكاوي) إلا أن أسراً أخرى حافظت على لقبها المكي منهم الفنان الراحل يحيى مكي.

هناك أيضا شارع عريق من شوارع كريتر يعرف بـ (حافة الشريف) نسبة للشريف الرفاعي النازح من الأراضي الحجازية، ومنهم الكاتب والصحفي والشاعر الكبير أحمد شريف الرفاعي.

وقد قدم إلى عدن وحضرموت تربويون للتدريس في مدارس أهلية منها (مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية ومدرسة (الفلاح) في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، وهناك من وفد إلى عدن وصنعاء وحضرموت لأغراض أخرى.

وقدم إلى حضرموت في الستينيات أيضاً معلمون من المملكة العربية السعودية قبيل الاستقلال، وعملوا في المدارس الحكومية المتوسطة والثانوية في إطار التعاون آنذاك.

وزار حضرموت وفد من الأمراء السعوديين والخيالة، وحلوا ضيوفاً على السلطان علي بن صلاح القعيطي بالقطن في الثلاثينات، وتبادل -حسبما ذكرت الوثائق- الرسائل مع الملك عبدالعزيز بن سعودرحمه الله، وتعددت أوجه العلاقات بعدئذ لتواكب بعضا منها خطوة بخطوة.

محافظ حضرموت الأسبق مع رئيس الجامعة السعودية
محافظ حضرموت الأسبق مع رئيس الجامعة السعودية
أسماء في ذاكرة التاريخ

هناك أسماء استقرت في عدن وحضرموت، ومنها ألقاب بعض العائلات كالجداوى والملكي والكعكي وعزت والحجازي الشريف، وذكرت نشرة (آفاق الأهلي) عن البنك الأهلي التجاري السعودي العدد(051) 2004 في حوار مع الشيخ مبارك باعارمة عن أولى محطات عمل الشيخ سالم بن محفوظ عام 1358هـ- 1939 في أعمال الصرافة والتجارة من عدن والهند.

وذكرت النشرة أسماء بعض التجار والوجهاء الذين ربطتهم علاقات العمل، ومنهم أحمد عبدالرحمن باعشن، وبن حمد، وسعيد محمد العمودي، وآل باقيس، وتطرقت إلى آخرين منهم: صالح باشراحيل، وعبدالرحمن العمودي، ومحمد باقبص، وهناك قائمة طويلة من الرعيل الأول الذين عملوا مع الشيخ سالم بن محفوظ منهم مبارك عبدالله باعارمة، وأحمد سعيد باحمدان، وسعيد باقادر العمودي، وأحمد بانبيلة، ومحمد سالم البطاطي، ويتضح من ألقاب الأشخاص الذين ذكرناهم أنها تتكرر هنا وهناك، وهو دليل قاطع على المقدمات التاريخية التي أسهمت في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.

وزير التعليم العالي لدى زيارته محافظة حضرموت
وزير التعليم العالي لدى زيارته محافظة حضرموت
ورأينا كيف سارت هذه العلاقات الناجحة مروراً من معاهدة جدة 1995، وترسيم الحدود بتوقيع معاهدة جدة (المعاهد الحدودية) 2000، ومن ثم اجتماعات مجلس التنسيق، منها اجتماعاته في عدن في ديسمبر 2002، وما نتج عنها من اتفاقيات تنموية وتعاونية في أكثر من مجال منها: التعاون البريدي والثروة البترولية ونقل الركاب والبضائع والتعاون الزراعي ومجال الشؤون الإسلامية والأوقاف.

المكلا تستقبل صاحب السمو الملكي

المكلا فينيسيا الشرق وعروس البحر العربي كانت على موعد كبير حينما استقبلت بحفاوة بالغة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام في المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومرافقيه الكرام، حيث جرى انعقاد أعمال مجلس التنسيق اليمني السعودي في مايو 2006، وكم غمرت سكان هذه المدينة وزوارها الفرحة، ونظمت الاحتفالات والمباهج بهذه المناسبة، ولن تنسى تلك الزيارة التاريخية، وما أظهرت من امتزاج كبير تحقق ما بين البلدين، والدفع بعجلة الاستثمار والتعاون خطوات إلى الأمام.

وقد تحققت على الواقع جملة من الاستثمارات والمشاريع المشتركة نفذتها أسماء معروفة منها: بن لادن ومجلس مجموعة العمودي والعيسائي وبانافع والحريبي والشرفي، أبرزها المستشفى السعودي الألماني وفندق (ميركيور) في عدن و(هوليداي إن) بالمكلا.

المرأة السعودية شاركت مع أختها اليمنية
المرأة السعودية شاركت مع أختها اليمنية
ومن الأسماء البارزة في الأعمال م. عبدالله أحمد بقشان رجل الأعمال السعودي الكبير الذي قال عنه وفي شهادة ذات أهمية كبيرة الأخ عبدالقادر علي هلال المحافظ السابق لحضرموت، وزير الإدارة المحلية حالياً عندما قال عن بقشان:«إن إسهاماته في البنية الاجتماعية قد تجاوزت خطط التنمية».

نجاح الأيام العملية والثقافية للجامعات

في عام 2004م جاءت خطوة جديدة من تطور العلاقات الثنائية، وهي فعاليات الأيام العلمية والثقافية للجامعات السعودية في رحاب الجامعات اليمنية، وشكلت هذه الخطوة ترجمة تعكس توجيهات القيادة السياسية للبلدين، في نطاق الرؤية المشتركة المتطلعة لمستقبل أفضل للمنطقة، وقال عنها المراقبون والأكاديميون ورجال الجامعات إنها بصدق تجربة ناجحة للعلاقة الثنائية الحقيقية العربية والإقليمية، ولم يكن لها سابقة في علاقات المنطقة، وإنما أفرزتها أهمية تطوير العلاقة والتلاحم الثقافي والاجتماعي العريق بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية.

ومن النجاح الذي تحقق يومئذ ما بين الجامعات السعودية واليمنية والتراكم والتقارب في وحدة الجزيرة الثقافي، جاءت المعطيات لتضع التجربة في محك جديد، وهو الدورة الثانية لهذه الفعاليات خلال عام 2008، حيث تجري هذه الفعاليات في رحاب الجامعات السعودية فما الذي يراه المشرفون عن هذه الفعاليات؟

خلال الفعاليات الأولى عام 2004 قال أ.د. خالد بن محمد العنقري وزير التعليم العالي السعودي: «إننا في مؤسسات التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية نفخر كل الفخر بمثل هذه الأيام الثقافية التي تقام خارج المملكة، ونسعى لأن يكون لها فعاليات معطاءة، ومحاور إيجابية ذات انتفاع متبادل بين الجامعات والأوساط الأكاديمية والتربوية والثقافية والإعلامية في البلدين الشقيقين، والروابط من الإخوة والمحبة والدين والانتماء لهذه الجزيرة العربية، مشع التعاليم الإسلامية والأصالة العربية».

نماذج من تغطية صحيفة «الأيام» للفعاليات المشتركة
نماذج من تغطية صحيفة «الأيام» للفعاليات المشتركة
وينظر أ. د. صالح علي باصرة، وزير التعليم العالي اليمني من خلال التحضير للفعاليات القادمة في رحاب الجامعات السعودية إلى الموضوع، حيث يرى «أننا نستعيد ثقافة لا تحدها حدود، وموجة من موجات التلاحم الثقافي والاجتماعي، لأننا في هذه الفترة نواجه تحديات قوية، ولابد من الاستمرار لهذه الفعاليات لمواجهة تلك التحديات، إننا لانرى في هذه الفعاليات لحظة عاطفية لن تكون هكذا، إنها قدرتنا على ولوج العولمة، وحتى لا يذهب كل منا في طريق وحده، حيث العزلة والتهميش، نحن نريد تلاحماً حقيقياً».

ويبني معالي وزير التعليم العالي رؤيته فيقول:«إن هناك عدداً كبيراً من أبنائنا اليمنيين يتلقون تعليمهم العام في المملكة العربية السعودية، وهذ يعني أنهم يتلقون تكوينهم الأول بين الأشقاء في المملكة، وهو ما يؤكد عمق ترابطنا ثقافة وفكراً وتعليمياً».

مشيداً بما تحقق من نجاحات ثنائية وآفاق تطورها المضطرد.

وحققت الفعاليات تقدماً في الحوارات والهموم والتطلعات المشتركة، حيث طرحت الندوات مواضيع أبرزها التعليم العالي والتنمية والمرأة والتنمية الوطنية والتراث المخطوط في الجزيرة العربية، وبيئة البحر الأحمر والحكومة الإلكترونية والشفافية، الجزيرة العربية والوحدة الثقافية، والجامعات ودورها في نبذ العنف وثقافة الإصلاح.

وجرت ندوات شعرية وقصصية ومسرحيات ومعارض وفنون شعبية، إنه النجاح الأول وهو مفتاح للنجاح الثاني ولاشك في ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى