> القاهرة « الأيام الرياضي» وكالات:
قبل أن تقرأ .. هذا التحليل لا يتضمن طعنا في أحد, ولا طعنا في أجيال حققت إنجازات كبيرة للكرة المصرية في حينها وفي زمنها, وبأساليب فرضتها الظروف وفرضها العصر .. ومن أسوأ نتائج الفوز الرائع لمنتخب مصر في غانا هو المقارنة بين مدربين كبار, وبين أجيال موهوبة, وبين كرة كانت .. وكرة كائنة!
والآن نبدأ..!
نحن أمة تنفرد بتعظيم دور الحظ في كل شيء .. نخسر لسوء الحظ, ونفوز لحسن الحظ .. حتى أصبح الحظ في حياتنا مثل عصا نتكئ عليها..وعندما فاز المنتخب الوطني المصري بكأس الأمم الإفريقية عام2006, لم يلتفت العشرات من الخبراء إلى الجهد والجري والعطاء والحماس والقتال الذي قام به لاعبو المنتخب, واعتبروا أن رجلا يملك قدرا هائلا من البركة قاد الفريق في معركة وكسبها.. ولم يقرأ أحد كيف لعبنا؟ وكيف عوضنا أوجه النقص الفنية بأسلحة أخرى مثل قوة الإرادة والرغبة في الفوز والشعور بالمسئولية, ولم يلتفت أحد إلى تحليل نتائج البطولة, ولم يسأل أحد لماذا فزنا يومها باللقب أو كيف انتزعناه من براثن الأسود والأفيال, وكل أهل الغابة الإفريقية؟!
صحيح لعبت مساندة ملايين المصريين وتشجيعهم دورا مؤثرا, لكنه لم يكن كل الدور, لكن التفسير القاصر لمسألة الحظ, جعل الناس ترى في خروج منتخبات كبرى من طريقنا شكلا من أشكال الحظ, ولم ير هؤلاء نتائج المنتخب, الذي فاز على ليبيا 3/ صفر, وتعادل مع المغرب صفر/صفر, وهزم كوت ديفوار1/3, والكونغو1/4, والسنغال1/2, ثم كوت ديفوار في النهائي2/4 بركلات الترجيح,لم يخسر المنتخب في2006 مباراة .. لكن الطريف أن البعض اعتبر الفوز على كوت ديفوار في المباراة النهائية بركلات الترجيح حظا, ولم يسجل ذهنه أداء الفريق خلال اللقاء في وقتيه الأصلي والاضافي.. بينما رأى البعض نفسه أن فوز الكاميرون ببطولة أفريقيا مرتين على التوالي بركلات الترجيح في عامي2000 و2002 دليل على قوة الأسود .. أليس ذلك غريبا؟!
لقد تولى حسن شحاته مهمة تدريب المنتخب يوم28 فبراير2004, وحتى10 فبراير2008 ولعب الفريق51 مباراة رسمية وودية وفاز في33 مباراة وخسر7 مباريات وتعادل في11 مباراة .. ولم يخسر سوى لقاء رسميا واحدا .. وسجل المنتخب خلال تلك الفترة99 هدفا ودخل مرماه38 هدفا, وكان معدل التهديف في المباراة الواحدة(1.94 هدف في المباراة)! تلك هي أرقامه .. وهو في بطولة غانا سجل15 هدفا بمعدل2.5 هدف في المباراة.. فماذا أضاف حسن شحاته لمنتخب مصر؟!
أولا: أضاف النزعة الهجومية .. وهذا ليس رأيا عاطفيا مرسلا, فأرقام الرجل تؤكد ذلك, وقد كنا نفوز سابقا في كثير من المباريات الرسمية بهدف وبهدفين, وكنا نبني التحصينات الدفاعية, ونلعب كثيرا بطريقة : والله زمان يا سلاحي .. لكن شحاته جعلنا نلعب بطريقة : خللي السلاح صاحي.. وهو تشبيه أعتقد أنه يصل بالمعنى أسرع وأوضح!
ثانيا: لقد كانت هناك بعض الاعتراضات الموضوعية عندما أسند الزميل عصام عبدالمنعم مهمة تدريب المنتخب إلى شحاته, وهو يتولى رئاسة اتحاد الكرة بالتعيين, فكيف يقود منتخب مصر مدرب يعمل مع فريق في الدرجة الثانية؟!
كان اعتراضا مقبولا في حينه, إلا أن المدرب الجديد للمنتخب لعب ونجح وغير من مفاهيم كثيرة موروثة في الكرة المصرية وعمرها يزيد على نصف قرن, ومن أخطر تلك المفاهيم أن كرتنا دفاعية, وأن علينا اقتناص الأهداف ثم بناء التحصينات للحفاظ على الفوز النادر.. ومن الخطأ أن يربط البعض النزعة الهجومية لشحاته بكونه كان مهاجما رائعا, فلم يدفع دينو زوف حارس مرمى إيطاليا العملاق, بأحد عشر حارسا للمرمى حين تولى تدريب المنتخب, وفاز بيرتي فوجتس المدافع الألماني ببطولة الأمم الأوروبية دون أن تسيطر عليه فكرة أنه مدافع .. لكننا دائما نلجأ للتفسيرات السهلة والانطباعية!
ثالثا: من يقرأ أداء منتخب مصر في بطولتي2006 و2008 سيجد كيف كان الدفاع الصلب نقطة إنطلاق هجومية للفريق, وكيف أن لاعبنا كان مشهورا بأنه يسجل هدفا من خمس فرص, وهاهو يسجل4 أهداف من نفس عدد الفرص .. وتحقق هذا بالثقة أولا فقد زرع حسن شحاته في لاعبي المنتخب الثقة بالنفس وفي قدراتهم. وتعاظمت الثقة في تلك البطولة الأخيرة بعد النتيجة الرائعة التي حققها المنتخب أمام الكاميرون بتكتيكه الذكي, وبهجماته المضادة السريعة!
رابعا: النزعة الهجومية كنت تراها في الأداء وفي أساليب شحاته, فهو لا يبدأ المباريات متراجعا ومترددا ومنطويا بخطوطه في الخط الخلفي, لكنه يبادر بالهجوم والاستحواذ, وكان هذا أهم عناصر المفاجأة التي أصابت المنافسين, لاسيما الكاميرون في المباراة الأولى التي أعتبرها مفتاح تلك البطولة, بجانب أنه كان يغير من تكتيكه, كما فعل مع كوت ديفوار في مباراة الدور قبل النهائي .. حيث احتوى الهجوم الجارف للأفيال بتحصينات دفاعية, ورد بهجمات مضادة مستغلا المساحات التي فرغت بغرورهم وثقتهم المبالغة, وحقق الفوز بنتيجة أحسب أنها تاريخية, أمام فريق قوي جدا بنجومه وبعضلاتهم وبمهاراتهم .. ثم كانت المفاجأة الكبرى أنه لعب المباراة النهائية المصيرية أمام الكاميرون مهاجما ومسيطرا ومبادرا من البداية .. عكس ماتوقعته, وعكس ما ظنه الجميع, وكان المنتخب يستحق الفوز بخمسة أهداف في الشوط الأول .. وليست مسئولية المدرب أن يهدر النجوم الفرص, لكنه مسئول عن وضع خطط تصل باللاعبين الهدافين إلى مواقع التهديف!
خامسا: حسن شحاته أيضا استخدم ما لم أتصور أن يستخدمه, ففي كرة القدم هناك الواجبات الهجومية والدفاعية لكل مركز, إلا أنه كلف ثلاثة لاعبين بثلاثة مراكز إضافية, فكان كل منهم يقوم بعمل مضاعف في المباراة .. جعل عمرو زكي مساندا لسيد معوض عند فقدان الكرة , وجعل حسني عبدربه مهاجم وسط عند امتلاك الكرة, وجعل أحمد فتحي جناحا وهو أصلا يشغل مركز الظهير, وفرض الأداء الجماعي, ومزج بين الأسلوب الإيطالي وبين الأسلوب البرازيلي .. هجوم مضاد سريع, وتحضير إيجابي للكرة من لمسة احدة!
سادسا: تحقق هذا كله بلياقة بدنية فائقة, وأصفها بالفائقة وهي هائلة, لأن الواجبات كانت شديدة التعقيد ومرهقة للاعبين, فحين يكلف وائل جمعة برقابة العملاق دروجبا, يعزز تلك المهمة بلاعبين آخرين تحسبا لقدرات ومهارات هذا اللاعب العاجي القدير, والمساندة تأتي من أحمد حسن أو من هاني سعيد أو من شادي وفتحي وحسني عبدربه, وكان المنتخب يدافع بالضغط والمجموعات, وهو أمر مرهق بدنيا في مباريات تشهد جذبا وشدا غير مشروع من خلف عيون الحكام, والشد والجذب وحدهما ينهكان اللاعب ويستنفذان طاقته.. وللمرة الثانية على التوالي نرى لاعبنا فائق اللياقة .. وكنا دائما ننعي اللياقة التي تغيب بعد ثلث الساعة الأول..!
ولا يعني هذا كله أن مدربنا الوطني الكفء لم يقع في أخطاء, فقد لعبنا أمام زامبيا بثقة مبالغ فيها, وكانت تغييراته غير موفقة لأنه لعب بصورة استعراضية عندما دفع بزيدان وأبوتريكة مرة واحدة, بحثا عن مزيد من الأهداف, كما فقد السيطرة على الفريق في الشوط الثاني فكان اللعب دفاعيا عشوائيا.. ومثلا عندما لعب وديا مع مالي في الإمارات كانت المباراة عبثية لأن مالي فرضت أسلوبها ولم نفرض أسلوبنا فثارت الشكوك في قدرة المنتخب..!
هذا على أي حال درس من دروس البطولة .. درس يختصر الكثير من أسلوب لعب المنتخب, فهناك أيضا التغييرات وتوقيتها, والثبات على التشكيل, واستخدام أسلحة اللاعب المصري مثل الخفة والسرعة والرشاقة في مواجهة القوة والعضلات وطول القامة الافريقية .. وقد شرحنا ذلك في حينه .. إلا أن الرجل الذي أسهم في تحقيق إنجاز غير مسبوق للكرة المصرية منذ50 عاما بالفوز ببطولتين متتاليتين لكأس الأمم الافريقية, مازال يوصف بأنه رجل بركة وصاحب حظ عال العال .. استنادا إلى كرة سددها أحمد فتحي وضربت لاعبا إيفواريا ودخلت المرمى, وعلى كرة لعبها عمرو زكي بصدره ودخلت المرمى..فماذا عن الأهداف الأخرى.. وماذا عن التغييرات وإدارة المباريات .. ماذا عن ثقته في هاني سعيد أحد أبرز نجوم الفريق.. وماذا عن قتال زيدان مع سونج ليمرر لأبوتريكة.. وماذا عن تلك الروح الجماعية والقتالية التي تسلح بها لاعبو مصر.. وماذا عن كرة حسني عبدربه التي ضربت في القائم في مباراة النهائي المصيري ألم يكن ذلك حظا معاندا في حينه .. السؤال موجه لأهل الحظ وأصحابه؟! في الفوز المصري الرائع وفي البطولة دروس أخرى كثيرة تستحق أن نطرحها ونناقشها..فالعالم الآخر يحلل خسائره ويتعلم منها, ويحلل انتصاراته ويستفيد منها .. كان علينا أن نعرف كيف فزنا وكيف هزمنا شبح اللاعبين الأفارقة المحترفين .. كيف هزم فريق يساوي50 مليونا بالكثير منتخبا يساوي مليارا و600 مليون جنيه؟!
ولكن.. هل المنتخب الوطني المصري بطل أفريقيا كان إفرازا حقيقيا لمسابقة الدوري المصري..؟ لماذا تلك الفرحة العارمة هذه المرة والتي امتدت إلى كل الدول العربية.. لماذا هذا التقدير والاحترام العالمي لأداء المنتخب؟! هل لأن حسن شحاته رجل محظوظ كما يتردد في بعض المصاطب؟! إن الذين يتكئون على تفسير الحظ في الهزيمة وفي النصر, هم أصحاب العقول البليدة فاقدة الثقة في نفسها, وفي قدرات غيرها, هم الذين يهربون من المسئولية عندما يفشلون, وهم الذين يصادرون نجاح الآخرين, ويكرهون هذا النجاح..!
والآن نبدأ..!
نحن أمة تنفرد بتعظيم دور الحظ في كل شيء .. نخسر لسوء الحظ, ونفوز لحسن الحظ .. حتى أصبح الحظ في حياتنا مثل عصا نتكئ عليها..وعندما فاز المنتخب الوطني المصري بكأس الأمم الإفريقية عام2006, لم يلتفت العشرات من الخبراء إلى الجهد والجري والعطاء والحماس والقتال الذي قام به لاعبو المنتخب, واعتبروا أن رجلا يملك قدرا هائلا من البركة قاد الفريق في معركة وكسبها.. ولم يقرأ أحد كيف لعبنا؟ وكيف عوضنا أوجه النقص الفنية بأسلحة أخرى مثل قوة الإرادة والرغبة في الفوز والشعور بالمسئولية, ولم يلتفت أحد إلى تحليل نتائج البطولة, ولم يسأل أحد لماذا فزنا يومها باللقب أو كيف انتزعناه من براثن الأسود والأفيال, وكل أهل الغابة الإفريقية؟!
صحيح لعبت مساندة ملايين المصريين وتشجيعهم دورا مؤثرا, لكنه لم يكن كل الدور, لكن التفسير القاصر لمسألة الحظ, جعل الناس ترى في خروج منتخبات كبرى من طريقنا شكلا من أشكال الحظ, ولم ير هؤلاء نتائج المنتخب, الذي فاز على ليبيا 3/ صفر, وتعادل مع المغرب صفر/صفر, وهزم كوت ديفوار1/3, والكونغو1/4, والسنغال1/2, ثم كوت ديفوار في النهائي2/4 بركلات الترجيح,لم يخسر المنتخب في2006 مباراة .. لكن الطريف أن البعض اعتبر الفوز على كوت ديفوار في المباراة النهائية بركلات الترجيح حظا, ولم يسجل ذهنه أداء الفريق خلال اللقاء في وقتيه الأصلي والاضافي.. بينما رأى البعض نفسه أن فوز الكاميرون ببطولة أفريقيا مرتين على التوالي بركلات الترجيح في عامي2000 و2002 دليل على قوة الأسود .. أليس ذلك غريبا؟!
لقد تولى حسن شحاته مهمة تدريب المنتخب يوم28 فبراير2004, وحتى10 فبراير2008 ولعب الفريق51 مباراة رسمية وودية وفاز في33 مباراة وخسر7 مباريات وتعادل في11 مباراة .. ولم يخسر سوى لقاء رسميا واحدا .. وسجل المنتخب خلال تلك الفترة99 هدفا ودخل مرماه38 هدفا, وكان معدل التهديف في المباراة الواحدة(1.94 هدف في المباراة)! تلك هي أرقامه .. وهو في بطولة غانا سجل15 هدفا بمعدل2.5 هدف في المباراة.. فماذا أضاف حسن شحاته لمنتخب مصر؟!
أولا: أضاف النزعة الهجومية .. وهذا ليس رأيا عاطفيا مرسلا, فأرقام الرجل تؤكد ذلك, وقد كنا نفوز سابقا في كثير من المباريات الرسمية بهدف وبهدفين, وكنا نبني التحصينات الدفاعية, ونلعب كثيرا بطريقة : والله زمان يا سلاحي .. لكن شحاته جعلنا نلعب بطريقة : خللي السلاح صاحي.. وهو تشبيه أعتقد أنه يصل بالمعنى أسرع وأوضح!
ثانيا: لقد كانت هناك بعض الاعتراضات الموضوعية عندما أسند الزميل عصام عبدالمنعم مهمة تدريب المنتخب إلى شحاته, وهو يتولى رئاسة اتحاد الكرة بالتعيين, فكيف يقود منتخب مصر مدرب يعمل مع فريق في الدرجة الثانية؟!
كان اعتراضا مقبولا في حينه, إلا أن المدرب الجديد للمنتخب لعب ونجح وغير من مفاهيم كثيرة موروثة في الكرة المصرية وعمرها يزيد على نصف قرن, ومن أخطر تلك المفاهيم أن كرتنا دفاعية, وأن علينا اقتناص الأهداف ثم بناء التحصينات للحفاظ على الفوز النادر.. ومن الخطأ أن يربط البعض النزعة الهجومية لشحاته بكونه كان مهاجما رائعا, فلم يدفع دينو زوف حارس مرمى إيطاليا العملاق, بأحد عشر حارسا للمرمى حين تولى تدريب المنتخب, وفاز بيرتي فوجتس المدافع الألماني ببطولة الأمم الأوروبية دون أن تسيطر عليه فكرة أنه مدافع .. لكننا دائما نلجأ للتفسيرات السهلة والانطباعية!
ثالثا: من يقرأ أداء منتخب مصر في بطولتي2006 و2008 سيجد كيف كان الدفاع الصلب نقطة إنطلاق هجومية للفريق, وكيف أن لاعبنا كان مشهورا بأنه يسجل هدفا من خمس فرص, وهاهو يسجل4 أهداف من نفس عدد الفرص .. وتحقق هذا بالثقة أولا فقد زرع حسن شحاته في لاعبي المنتخب الثقة بالنفس وفي قدراتهم. وتعاظمت الثقة في تلك البطولة الأخيرة بعد النتيجة الرائعة التي حققها المنتخب أمام الكاميرون بتكتيكه الذكي, وبهجماته المضادة السريعة!
رابعا: النزعة الهجومية كنت تراها في الأداء وفي أساليب شحاته, فهو لا يبدأ المباريات متراجعا ومترددا ومنطويا بخطوطه في الخط الخلفي, لكنه يبادر بالهجوم والاستحواذ, وكان هذا أهم عناصر المفاجأة التي أصابت المنافسين, لاسيما الكاميرون في المباراة الأولى التي أعتبرها مفتاح تلك البطولة, بجانب أنه كان يغير من تكتيكه, كما فعل مع كوت ديفوار في مباراة الدور قبل النهائي .. حيث احتوى الهجوم الجارف للأفيال بتحصينات دفاعية, ورد بهجمات مضادة مستغلا المساحات التي فرغت بغرورهم وثقتهم المبالغة, وحقق الفوز بنتيجة أحسب أنها تاريخية, أمام فريق قوي جدا بنجومه وبعضلاتهم وبمهاراتهم .. ثم كانت المفاجأة الكبرى أنه لعب المباراة النهائية المصيرية أمام الكاميرون مهاجما ومسيطرا ومبادرا من البداية .. عكس ماتوقعته, وعكس ما ظنه الجميع, وكان المنتخب يستحق الفوز بخمسة أهداف في الشوط الأول .. وليست مسئولية المدرب أن يهدر النجوم الفرص, لكنه مسئول عن وضع خطط تصل باللاعبين الهدافين إلى مواقع التهديف!

سادسا: تحقق هذا كله بلياقة بدنية فائقة, وأصفها بالفائقة وهي هائلة, لأن الواجبات كانت شديدة التعقيد ومرهقة للاعبين, فحين يكلف وائل جمعة برقابة العملاق دروجبا, يعزز تلك المهمة بلاعبين آخرين تحسبا لقدرات ومهارات هذا اللاعب العاجي القدير, والمساندة تأتي من أحمد حسن أو من هاني سعيد أو من شادي وفتحي وحسني عبدربه, وكان المنتخب يدافع بالضغط والمجموعات, وهو أمر مرهق بدنيا في مباريات تشهد جذبا وشدا غير مشروع من خلف عيون الحكام, والشد والجذب وحدهما ينهكان اللاعب ويستنفذان طاقته.. وللمرة الثانية على التوالي نرى لاعبنا فائق اللياقة .. وكنا دائما ننعي اللياقة التي تغيب بعد ثلث الساعة الأول..!
ولا يعني هذا كله أن مدربنا الوطني الكفء لم يقع في أخطاء, فقد لعبنا أمام زامبيا بثقة مبالغ فيها, وكانت تغييراته غير موفقة لأنه لعب بصورة استعراضية عندما دفع بزيدان وأبوتريكة مرة واحدة, بحثا عن مزيد من الأهداف, كما فقد السيطرة على الفريق في الشوط الثاني فكان اللعب دفاعيا عشوائيا.. ومثلا عندما لعب وديا مع مالي في الإمارات كانت المباراة عبثية لأن مالي فرضت أسلوبها ولم نفرض أسلوبنا فثارت الشكوك في قدرة المنتخب..!
هذا على أي حال درس من دروس البطولة .. درس يختصر الكثير من أسلوب لعب المنتخب, فهناك أيضا التغييرات وتوقيتها, والثبات على التشكيل, واستخدام أسلحة اللاعب المصري مثل الخفة والسرعة والرشاقة في مواجهة القوة والعضلات وطول القامة الافريقية .. وقد شرحنا ذلك في حينه .. إلا أن الرجل الذي أسهم في تحقيق إنجاز غير مسبوق للكرة المصرية منذ50 عاما بالفوز ببطولتين متتاليتين لكأس الأمم الافريقية, مازال يوصف بأنه رجل بركة وصاحب حظ عال العال .. استنادا إلى كرة سددها أحمد فتحي وضربت لاعبا إيفواريا ودخلت المرمى, وعلى كرة لعبها عمرو زكي بصدره ودخلت المرمى..فماذا عن الأهداف الأخرى.. وماذا عن التغييرات وإدارة المباريات .. ماذا عن ثقته في هاني سعيد أحد أبرز نجوم الفريق.. وماذا عن قتال زيدان مع سونج ليمرر لأبوتريكة.. وماذا عن تلك الروح الجماعية والقتالية التي تسلح بها لاعبو مصر.. وماذا عن كرة حسني عبدربه التي ضربت في القائم في مباراة النهائي المصيري ألم يكن ذلك حظا معاندا في حينه .. السؤال موجه لأهل الحظ وأصحابه؟! في الفوز المصري الرائع وفي البطولة دروس أخرى كثيرة تستحق أن نطرحها ونناقشها..فالعالم الآخر يحلل خسائره ويتعلم منها, ويحلل انتصاراته ويستفيد منها .. كان علينا أن نعرف كيف فزنا وكيف هزمنا شبح اللاعبين الأفارقة المحترفين .. كيف هزم فريق يساوي50 مليونا بالكثير منتخبا يساوي مليارا و600 مليون جنيه؟!
ولكن.. هل المنتخب الوطني المصري بطل أفريقيا كان إفرازا حقيقيا لمسابقة الدوري المصري..؟ لماذا تلك الفرحة العارمة هذه المرة والتي امتدت إلى كل الدول العربية.. لماذا هذا التقدير والاحترام العالمي لأداء المنتخب؟! هل لأن حسن شحاته رجل محظوظ كما يتردد في بعض المصاطب؟! إن الذين يتكئون على تفسير الحظ في الهزيمة وفي النصر, هم أصحاب العقول البليدة فاقدة الثقة في نفسها, وفي قدرات غيرها, هم الذين يهربون من المسئولية عندما يفشلون, وهم الذين يصادرون نجاح الآخرين, ويكرهون هذا النجاح..!