العيدروس منطقة مذكورة في التاريخ منسية في الحاضر ..بيوت في العيدروس قائمة على دخل الحمير

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
عدن مدينة الأحرار والثوار، توجد فيها منطقة كريتر (فوهة البركان) الذي خمد، لتنام على قمته مدينة بكاملها بأمان بأناسها وأرضها.. اليوم لنا جولة في إحدى مناطقها (منطقة العيدروس)، وهي من أشهر مناطق مدينة عدن، تحل تلك المنطقة في قلب عدن، وتتربع على عرش التاريخ والسياحة لوجود معلم من معالم عدن التاريخية فيها (جامع العيدروس)، الذي يقال أنه بني في عام 980هـ- 1470م، والذي يعتبر رمزاً دينياً و مزاراً سياحياً يؤمه السياح من كل مكان، ورغم هذا حين تبحث عن هذه المنطقة في الحاضر تجدها تتمسك بذيل القائمة بضراوة لتدافع عن حقها في الوجود، هذه المنطقة كان لها دور في النضال كباقي مناطق مدينة عدن، التي تقاسمت الكفاح لتوجد لنا مدينة عدن مدينة المستقبل، التي حلم بها الجميع يوم خروج آخر جندي بريطاني منها.

المشهد الخامس :

هذا أطول المشاهد، فهو يحمل حال شباب العيدروس،وأهلها يحكون لنا حكايات مؤلمة عن حال وصل إليها المواطن رغماً عنه .

كهلان هاشم عقلان تحصل على دبلوم حاسوب لم يجد وظيفة، فاعتمد على الذات وفتح محلاً لبيع السمك، يقول:«تعبنا من البحث عن وظيفة، وحالياً كما ترين أعمل على بيع السمك، وأعمل على نقل مواد البناء لأصحاب البقع في الجبل بواسطة حمارين أمتلكهما ، ولكن أكثر ما يتعبنا هو مضايقة البلدية لنا، فبين كل فترة وأخرى يأتون بحملة ويأخذون منا الحمير، وحجتهم قرار من المحافظ. نأمل من حكومتنا أن توفر لنا فرص عمل، أو تتركنا لحالنا، لأن الحمير هي مصدر رزقنا في هذا المنطقة».

الأخ أنور أحمد عبدالله، مدرس يقول: «منطقة العيدروس منطقه شعبية بسيطة يسكنها أناس مستواهم المعيشي محدود، وينتمون إلى الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وفي هذه المنطقة تتفشى البطالة، فهي عبارة عن بؤرة من بؤر الإهمال».

الحمير وسيلة مواصلات للمناطق المرتفعة

يستغرب الأخ أنور رفض البعض وجود الحمير في المنطقة إذ يقول:«هؤلاء الذين يشتكون من الحمير هم بحاجة إليها».

أرسلان جعفر، شاب حاصل على دبلوم سباكة منذ عامين يقول:«أجبرتني لقمة العيش على هذا العمل وترك شهادتي ، ونحن نعمل على توصيل احتياجات الأهالي في المناطق المرتفعة ، نأمل الحصول على وظيفة بتخصصي، فأنا اتجهت إلى المعهد بعد أن أوهموني بأن خريجي المعاهد يتحصلون على وظائف أكثر من الجامعيين.

نحن نشتري الحمير بعد طلوع الروح وتأتي البلدية دون أن تفكر بأن هذا الحمار مصدر دخل لنا».

أم أرسلان، لديها ثلاثة أبناء وبنت تقول: «هذه الحمير مصدر عيشنا، والبلدية تطارد الحمير، وعملت على تسميم الحمير وكثير من الحمير ماتوا ولم نحصل على تعويض، زوجي متقاعد وأنا بلا عمل»، وتسأل إذا لم يعمل الشباب بالحمير بالتأكيد سيتجهون إلى ممارسة السرقة وأعمال أخرى منافية لأخلاق، فهذا الغلاء قاتل، كل شيء يرتفع، نتمنى أن يحصل أبناؤنا على وظائف تحافظ عليهم، فلماذا علمناهم وتعبنا عليهم؟».

تشاطرها الرأي أم أيمن عيدروس تقول: «أنا ربة بيت وزوجي متقاعد وعندنا ستة أطفال يعانون من الأستما وهذه الحمير التي يحاربوننا فيها هي مصدر عيشنا».

عمر كريم سلام، تخصص كهرباء يقول: «لدي ثلاثة إخوة ونحن أيتام أعمل على الحميرمنذ فترة طويلة، فالدخل الذي أتحصل عليه أصرفه على أسرتي ؛

نتمنى أن تعمل الحكومة على توفير فرص عمل لنا ، وأن تكف البلدية عن مضايقتنا وتتركنا في حالنا».

الحاجَّة نبيهة أحمد حمزة، في العقد السادس من العمر ساخطة على وضع المنطقة، حيث تقول: «لم يعد الوضع مريح، فالغلاء والحمير وعدم النظام والاستهزاء بالآخرين، فالأطفال يملؤون الزقاق ولا تجد أحد ينصحهم، والغلاء إذا كان في الأماكن الأخرى زيادة عشرة ريال، هنا الزيادة خمسين ريال ، نحن نحصل على راتب تقاعدي عشرين ألف ريال، فماذا سنعمل فيها هل تكون للماء أو للكهرباء أو الهاتف أو شراء متطلبات من المواد الغذائية أو الدواء».

وتضيف: «نعاني من الحمير ومخلفاتها، صحيح أنها مصدر رزق للشباب، ولكن لها الكثير من السلبيات، فأصحابها لا ينتبهون لها و يتركوها تسرح وتمرح دون رقيب، الغلاء قتلنا وشباب المنطقة بلا عمل وهم يحملون الشهادات الجامعية .

فأنا أيضاً لدي شاب حاصل على الشهادة الجامعية تخصص فلسفة، وبلا عمل. سفلتوا لنا الطرقات، ولكن ماذا يفيد هذا إذا كان الوضع المعيشي مزري؟».

الوالد صالح مثنى الحربي، في العقد الثامن من العمر له أكثر من خمسين عاماً في منطقة العيدروس يقول:«شبابنا بدون عمل وكل شيء غالي والوضع تغير عكس زمان عندما كان الراشن مدعوم من الحكومة، والآن لم تعد الحكومة تدعم الراشن، فهل يعقل أن تصل الجونية الدقيق إلى سبعة ألف ريال» .

يقول:«الحمير تنقل الحجار علشان تنقذ الناس من الجوع، فلو كانت الناس شابعة ما كانوا لجأوا إلى الحمير ، نحن فرحنا بأن الطريق رُصف ووضع المنطقة بدأ يتحسن، بس الوضع المعيشي صعب، ونأمل أن تنخفض الأسعار، ويحصل الجامعيون على فرص عمل بدلاً من أن يقضوا وقتهم في لعب الكيرم أو منافسة الأميين في الأعمال العضلية».

علاء صالح يقول:«أنا بلا عمل ومعي حمارين أعمل عليهم على باب الله، والحمد الله، بس لو تكف البلدية عنا، وتتركنا، فنحن بلا عمل والحمار مصدر رزق لنا، فكيف يحاربوننا فيه؟ ومن يشتكي من وجود الحمير، فهو إنسان غير محتاج».

فتحية صالح حسن تقول:«لم يجد أهالي المنطقة الأمان من البلدية، وكل يوم لهم حملة بتكسير الأكشاك وجمع الحمير وتسميمها ،وكأن الغلاء لا يكفيهم، فكل شيء يرتفع سعره إلى الضعف»، وتقول:«تابعت البلدية فترة طويلة لكي أحصل على كشك ، وفي كل مرة يقولون: إن صرف التصاريح موقف، رغم أني على استعداد لدفع المصاريف المطلوبة للتصريح، ولكن طلبوا مني خمسين ألف للرقم والتصريح، فمن أين لي بهذا المبلغ، وأنا لدي ثلاثة وعشرين فرد في البيت وأنا متقاعدة وراتب المعاش لا يكفي .

عرضوا عليَّ أن يعطوني كشك في موقع بعيد عن الحركة، وهذا الموقع لا يناسبني، وأنا أريد تصريح بموقعي الحالي، فهذا الموقع معي منذ خمسة عشر عام».

سيف يحيى إبراهيم يقول:«ظاهرة الحمير انتشرت بشكل فظيع، مما أثر على البيئة والصحة والسكان بكل فئاتهم، والأطفال يلعبون بالقرب من الحمير وإلى جانب مخلفات الحمير، رفعتُ الكثير من الشكاوي نتمنى أن يلتزم أصحاب الحمير بالحفاظ عليها بعيداً حتى لا تسبب الأذى للآخرين، ونتمنى من الجهات المعنية أن تحدد موقع لهذه الحمير». ما يثر غضب سيف هو أن الحمير تهاجم النساء ومن ضمنهن زوجته .

الحاجَّة فتحية ديان موظفة، تقول: «منطقة العيدروس منطقة فقر، وشبابها يعاني التدهور والبطالة، فهذه المنطقة وضعها سيئ جداً»، وعن وجود الحمير في المنطقة تقول:«والله هذا مصدر رزق للكثير من الأُسر، ومصدر عمل للشباب، يعملون عليها من فجر الله، يشقون ويتعبون للحصول على ما يعينهم على لقمة العيش»، وترد الحاجَّة فتحية على المعترضين على وجود الحمير «الشابع ما يحس بالجايع». وتقول:«نتمنى من الحكومة أن توفر وظائف لهؤلاء الشباب أو توجد لهم مصدر دخل آخر، حتى يستغنوا عن الحمير».

وعن رأي البعض في إيجاد مكان لجمع الحمير قالت: «لا ينفع فبالتأكيد المكان سيكون بعيد عن المنطقة ، وهؤلاء الشباب يعملون في منطقتهم ولا يخرجون منها، وإذا ربطوا الحمير في مكان بعيد سيكون تعب عليهم، فلماذا يغضبون من وجود الحمير وهي من توصل كل احتياجاتهم من الراشن واسطوانات الغاز ومواد البناء وحتى الماء عندما ينقطع تكون الحمير مصدر لجلب الماء. واليوم حقيقة رغم أن وجود الحمير ظاهرة غير حضارية، فهي أصبحت وسيلة النقل الوحيدة لجبل العيدروس، والظروف أجبرت الساكن في منطقة العيدروس على التعامل مع الحمير».

الأخت تنوير نصر إبراهيم موظفة تقول: « رأيي عن المنطقة بشكل عام سيكون بالتأكيد رأي متناقض ، صحيح أن وضع الحمير غير حضاري وبنفس الوقت المواطنين بحاجة لها، فلو هناك فرص عمل تتوفر للشباب بشكل عام، فلن يلجأوا إلى الحمير»، وتوضح:«نجد صعوبة من وجود الحمير، ولهذا نضطر إلى أن نقف حتى يمر الحمار».

عمار محمد سيف خريج كلية الحقوق يعمل سائق باص يقول:«وضعية منطقة العيدروس أصبحت مليئة بالحمير ، فالشباب بلا عمل ولم يجدوا غير الحمير ، وما يزعجنا انعدام النظافة وأصوات الحمير».

والأطفال كان لهم رأي عن وضع المنطقة

دعاء إبراهيم، وآيات رؤوف، وحنان نادر، وعادل رؤوف، أطفال ترى المستقبل بلون أسود حين ينظرون إلى إخوتهم الكبار بلا مستقبل، هؤلاء الأطفال تحدثوا معي، ولو أني لم أر هم أمامي لقلت إن هذا الكلام لأناس لهم من العمر الكثير، ولكن الواقع يقول إنهم أطفال لم يتجاوزوا (عشر سنوات)، وهم أجمعوا على أن الحمير مخيفة ومزعجة، ورغم ما تترك من قاذورات وما تسببه لهم من خوف، إلا أنها مصدر دخل يعيشون عليها، وأضافوا في حديثتهم معي:«كل شيء غالي وارتفع سعره وإخواننا في البيوت أكملوا تعليمهم وبقوا بلا عمل، والحمير مصدر دخل وحيد لهم، إيش تشتوهم يعملوا، هل يتجهوا إلى السرقة؟».

سؤال آلمني كثيراً ولم أجد له جواباً.

غداً نسمع رأي بعض أعضاء المجلس المحلي والجمعية القائمة على منطقة العيدروس، وشيخ حارتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى