الغلاء يدفع المصريين للخروج عن صمتهم والاحتجاجات أصبحت شبه يومية

> القاهرة «الأيام» د.ب.أ :

> يشهد المجتمع المصري في الفترة الراهنة حالة من التوتر والقلق بسبب زيادة الأسعار وعدم تحرك الأجور بنفس القدر مما أدى لزيادة الشعور بالمعاناة بين الطبقات الوسطى والدنيا، وهو ما دفع المصريين للخروج عن صمتهم المعهود، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن تشهد البلاد احتجاجات عمالية للمطالبة بزيادة الأجور.

وشهد الأسبوع الماضي وحده أكثر من 10 احتجاجات للمطالبة بزيادة الأجور في أماكن متفرقة من مصر شاركت فيها فئات مختلفة سواء عمال المصانع، أو موظفي الحكومة، أو الفلاحين.

وكان أكبر الاحتجاجات هو احتجاج عمال شركة مصر للغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى ، التي انضم إليها بعض المواطنين.

ولم تنج من وطأة الغلاء فئات الطبقة الوسطى التي كانت في السابق بمنآي عن هذا الأمر ، مثل الأطباء و أساتذة الجامعة. فقد نظم نحو 250 من أعضاء هيئة تدريس جامعة المنصورة بدلتا مصر الأسبوع الماضي وقفة احتجاجية للمطالبة برفع رواتبهم، وسبق ذلك تنظيم الأطباء وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب (البرلمان) مطالبين بكادر خاص لهم.

وطبقا لمركز "أولاد الأرض" غير الحكومي لحقوق الإنسان ، فقد شهد شهر كانون ثان/يناير وحده 16 اعتصاما وثمانية إضرابات و12 مظاهرة للمطالبة بتحسين ظروف المعيشة.

ويقول كرم صابر مدير المركز: "الواضح أن الاحتجاجات العمالية ستظل لفترة قادمة، خاصة أن الحكومة لا تقدم حلولا جذرية في ظل سياسات الخصخصة التي تتبعها، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها عمال مصر، والتي زادت مؤخرا بزيادة الأسعار".

وفي محاولة لإيجاد حل لهذه الأزمات ، عقد المجلس القومي للأجور مؤخرا اجتماعا أوصى خلاله برفع الحد الأدنى للاجر الشهري من 35 إلى 250 جنيها مصريا(من نحو 3ر6 دولار إلى 5ر45 دولارا).

إلا أن عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية المصري عاد وأكد أن توصيات المجلس هي مجرد "اقتراحات" مازالت بحاجة إلى موافقة الحكومة ومجلس الشعب لتعديل القانون رقم 53 لسنة 1984 الذي يحدد الحد الأدنى للأجور في مصر بـ35 جنيها ولم يتغير حتى الآن.

وفي تصريحات صحفية ، اعترف عثمان بأن ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة "التهم الجانب الأكبر من الزيادة في الأجور" مشيرا إلى أنه بالرغم من حدوث زيادة في الأجور خلال العشر سنوات الأخيرة بنسبة وصلت إلي 144% "إلا أن الزيادات المتتالية للأسعار أدت إلي استقطاع نسبة كبيرة من الأجور وصلت إلي 60% مما أدي إلي انخفاض الزيادة الحقيقية في الأجور إلي 84%".

ومن المنتظر أن تشهد فترة مناقشة تعديل هذا القانون مواجهة بين العمال والحكومة، حيث يطالب العمال بأن يكون الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه ( 218 دولارا أمريكيا) مهددين بمواصلة الاحتجاجات العمالية إذا لم تتم الاستجابة بهم.

وفي محاولة لمواجهة ارتفاع الأسعار ، قررت الحكومة المصرية زيادة دعم المواد الاستراتيجية في موازنة العام المالي المقبل إلى 17 مليار جنيه (ثلاثة مليارات دولار) مقابل 6ر9 مليار جنيه (ما يزيد عن مليار دولار) في موازنة العام الحالي.

وتراجعت الحكومة مرحليا عن خطتها لترشيد الدعم وتحويله من دعم عيني إلى دعم نقدي، في ظل زيادة أعباء الدين الداخلي الذي وصل إلى 650 مليار جنيه (118 مليار دولار أمريكي) ، طبقا لأرقام البنك المركزي المصري.

وفي لقاء عقد بنادي الروتاري بالقاهرة الأسبوع الماضي ، قال على لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق: "إذا كانت ثلث مواردنا ضائعة في سداد أقساط وفوائد الديون، فكيف سترفع الحكومة الأجور، من أين سنأتي بمعاشات وكادر للمعلمين وللأطباء، وكل يوم إضرابات ومطالبات بزيادة الأجور".

يشار إلى أن هذا هو العام الثاني على التوالي الذي تشهد فيه مصر اضطرابات عمالية، حيث شهد العام الماضي 700 احتجاج ، إلا أن العمال الذين شاركوا في تلك الاحتجاجات لم يتوجهوا بالنقد مباشرة إلى الرئيس حسني مبارك، بخلاف احتجاج عمال المحلة حيث هتف العمال هناك ضد مبارك ورئيس وزرائه أحمد نظيف ووزير الداخلية حبيب العادلي قائلين : "حسني مبارك ظالم" ، "أحمد نظيف ظالم" ، "حبيب العادلي ظالم".

ولخص العمال مطالبهم في هتاف يقول: "مش عاوزين غير العيش ولا عاوزين غير نعيش".

ويلاحظ هشام فؤاد ، وهو باحث وناشط عمالي ، أن مظاهرات عمال المحلة خرجت لأول مرة عن المطالب الفئوية و"طالبت بمطالب عامة لكل عمال مصر وهي زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه" قائلا: "هذه نقلة كبيرة، يمكن أن يترتب عليها تشكل حركة عمالية على مستوى الجمهورية".

ويضطر معظم المصريين للعمل في وظيفة أخرى لسد احتياجاتهم المعيشية.

ويقول أحمد عيد ، وهو موظف يعمل سائقا على سيارة أجرة مملوكة لشخص آخر، وقد بدت عليه علامات الإرهاق: "زجاجة زيت الطعام وصل سعرها إلى تسعة جنيهات (نحو 7ر1 دولار( .. فليقل لي المجلس القومي للأجور كيف يمكن لموظف راتبه 250 جنيها أن يعيش بهذا المبلغ".

ويضيف بالقول: "حين يذهب في أي وقت لشراء الخبز المدعم فيجد طابورا طويلا يقضي فيه أكثر من ساعة وفي بعض الأحيان ساعتين للحصول على ما يكفيه و أسرته المكونة من 6 أفراد من الخبز".

وبعينين زائغتين أثناء سيره بسيارته المتهالكة في شوارع القاهرة المزدحمة دائما ، تساءل عيد : "متى سيبدأ أبنائي وأمثالهم من الشباب حياتهم العملية أو يتزوجون؟".

وحسب مركز "أولاد الأرض" ، فقد أقدم أربعة عمال في كانون ثان/يناير وحده على الانتحار لأنهم عجزوا عن توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة اليومية لأسرهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى