مريم السعيدي تمضي حياتها في النضال من اجل معرفة مصير ولدها المفقود

> بيروت «الأيام» سيلفي بريان :

>
في ضاحية شعبية من ضواحي بيروت تحمل اثار كل الحروب التي مرت على لبنان تقيم مريم السعيدي التي تكافح منذ 26 عاما لمعرفة مصير ولدها الذي فقد عندما كان في السادسة عشرة من عمره خلال سنوات الحرب الاهلية (1975-1990).

وفي منزلها المتواضع في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله الشيعي، شهدت مريم صيف عام 2006 تساقط الاف القذائف الاسرائيلية كما شهدت مؤخرا اشتباكات مسلحة ذكرتها بسنوات الحرب الاهلية السوداء التي انطلقت من مكان لا يبعد كثيرا عن مكان اقامتها في حي صفير.

لكن هذه الحرب "لم تنته فعليا" في نظر مريم المراة الشيعية التي بلغت التاسعة والخمسين من عمرها والتي تشغل وقتها بصنع مجسمات مصغرة من المعجون لولدها المفقود.

وكان ماهر قصير قد قرر في حزيران/يونيو عام 1982 مقاومة الجيش الاسرائيلي الذي اجتاح لبنان في خضم الحرب الاهلية.

تروي مريم ان ماهر كان متمترسا مع رفاقه له من الحزب الشيوعي في مبنى كلية العلوم في الضاحية الجنوبية عندما تقدمت نحوهم في 17 حزيران/يونيو وحدة من الجيش الاسرائيلي ومعها مقاتلين من ميليشيا القوات اللبنانية لاخراجهم.

وتقول "اعتقلوه ثم نقل الى سجن تديره القوات اللبنانية وبعدها انقطعت اخباره عني".

وكانت مريم تعمل في حياكة الثياب لكنها توقفت بسبب "الاحباط الشديد" الذي اصابها بعد حرب صيف 2006 بين حزب الله واسرائيل.

تدل مريم على صورة بهتت الوانها يظهر فيها ولدها وهو يحمل رشاش كلاشنكوف متدليا من كتفه "كانه قيثارة".

تؤمن مريم بان ابنها نقل لاحقا الى سجن اسرائيلي وتضيف "لم تهتم الحكومة اللبنانية مطلقا بمصيره لان العديد من المتورطين في ملف المفقودين، سواء كانوا من المعارضة او في السلطة، يحتلون حاليا مناصب هامة".

لكن مريم التي لها اربعة اولاد اخرين ترفض الاستسلام وهي تشغل حاليا منصب نائبة رئيسة لجنة تسعى منذ سنوات لتوضيح مصير نحو سبع عشرة ألف شخص من مختلف الطوائف فقدوا لدى الميليشيات المحلية او الجيش السوري او الجيش الاسرائيلي.

ويقول وديع الاسمر امين عام المركز اللبناني لحقوق الانسان "الحكومة اللبنانية غير مهيئة حتى الان لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد التقني" لفتح تحقيق جدي حول المفقودين بسبب خطورة الازمة السياسية التي تشل مؤسساتها منذ اشهر.

اضافة الى ذلك يعتبر الاسمر ان بيروت لا ترغب حقيقة في "ان تفتح دمشق سجلاتها لان ذلك يعني فتح سجل المتعاونين" مع سوريا التي خضع لبنان لهيمنتها لمدة 29 عاما انتهت بخروج قواتها منه عام 2005.

بعد انتهاء الحرب تم تشكيل لجنة رسمية لكشف مصير المفقودين لكن اعمالها لم تؤد الى نتيجة. ويلفت المركز اللبناني لحقوق الانسان الى ان عدد المقابر الجماعية في لبنان لا يزال سرا.

مريم السعيدي تمسك صورة ابنها المفقود
مريم السعيدي تمسك صورة ابنها المفقود
لذلك تطالب اللجنة عبثا منذ سنوات جمعيات ومنظمات غير حكومية باجراء تحقيق دولي حول مصير المفقودين.

ومنذ ثلاث سنوات تواصل امهات او زوجات او ابناء المفقودين المشاركة في اعتصام مفتوح امام بيت الامم المتحدة في وسط بيروت.

ويرى نديم حوري من هيومان رايتس واتش ان المجتمع اللبناني اراد مع انتهاء الحرب الاهلية اسدال الستار على الفظائع السابقة "وفق منطق الاستمرار في الحياة" وهو "لم يزل غير مهيأ لمواجهة كوابيسه".

ويشدد حوري على ضرورة البدء بعمل توثيقي حقيقي لحفظ ذاكرة الحرب فيما تلوح في الافق ظلال حرب اهلية جديدة بين طرفين احدهما مدعوم من الغرب وغالبية الدول العربية والاخر يتزعمه حزب الله الذي تسانده سوريا وايران.

في الضاحية الجنوبية ما تزال مريم تأمل ان "تتحسن الامور" محافظة على تفاؤلها بالتوصول يوما لمعرفة حقيقة مصير ابنها. (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى