الدفاع عن الرسول (ص) شعرا (2)

> «الأيام» د. عبده يحيى الدباني:

> كان الشاعر الصحابي حسان بن ثابت شاعر الإسلام ورسوله دون منازع، ففي ديوانه عدد كبير من القصائد والمقطوعات في مدح رسول الله (ص)، وفي الدفاع عنه ونصرته، وفي رثائه ورثاء الخلفاء من بعده، ووصف المعارك الإسلامية، ورثاء شهداء المسلمين، وغير ذلك من الموضوعات الإسلامية، فمن أجمل وأجل ماقاله حسان في صفة الرسول (ص) هذان البيتان:

وأحسن منك لم تر قطُّ عيني

وأجمل منك لم تلد النساءُ

خلقت مبرّأ من كل عيب

كأنك قد خلقت كما تشاءُ

وفي قصيدته التاريخية التي بشر فيها بفتح مكة، ورد على شاعر قريش أبي سفيان بن الحارث، وجدناه يدافع عن رسول الله، وينصره على النحو الآتي:

هجوتَ محمدا وأجبتُ عنه

وعند الله في ذاك الجزاء

أتهجوه ولست له بكفء

فشركما لخيركما الفداء

هجوت مباركا برا حنيفا

أمين الله شيمته الوفاء

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

فإن أبي ووالده وعرضي

لعرض محمد منكم وقاء

وعندما تلا الشاعر البيت الثالث من الأبيات السابقة في حضرة الرسول (ص) قال له النبي(ص): «جزاؤك الجنة ياحسان»، وعندما تلا البيت الأخير قال له: «وقاك الله من النار».

لقد كان مثل هذا الشعر شديد الوقع في نفوس المشركين، لأن حسانا كان بارعا في الهجاء والتركيز على موطن الضعف لدى خصومه، وسلبهم إيجابيات الرجولة حتى أن رسول الله (ص) قال له: «اهجهم فوالله إن شعرك أشد عليهم من وقع النبل» أي من ضربات الرماح. وهكذا نجد الأبيات السابقة تنضح بروح الدفاع والنصرة والشدة على المشركين، كما هي مفعمة بالإيمان وبحب الرسول (ص).

وكان الشاعر قبل هذه الأبيات قد توعد المشركين بيوم الفتح القريب على هذا النحو:

فإما تعرضوا عن اعتمرنا

وكان الفتح وانكشف الغطاء

وإلا فاصبروا لجلاد يوم

يعز الله فيه من يشاء

وجبريل رسول الله فينا

وروح القدس ليس له كفاء

وقال الله قد أرسلت عبدا

يقول الحق إن نفع البلاء

شهدت به فقوموا صدقوه

فقلتم لانقوم ولانشاء

وقال الله قد يسرت جندا

هم الأنصار عرضتها اللقاء

فنحكم بالقوافي من هجانا

ونضرب حين تختلط الدماء

لقد كان الفتح فيما بعد، كما توقع الشاعر في هذه الأبيات، لأن الله تعالى قد وعدهم بذلك، وبشرهم وعندما قال الشاعر: «وانكشف الغطاء» فهذه إشارة إلى موعد الله تعالى لرسوله وللمؤمنين بالفتح القريب والنصر المؤزر، فأولئك المهاجرون من المسلمين الأولين الذين خرجوا من مكة خائفين يترقبون، ها هم في يوم فتح مكة يعودون مع سائر المسلمين فاتحين منتصرين معتمرين بحمدالله تعالى، وفي هذا الأمر نفسه عبرة تاريخية ودينية عظيمة.

لقد كانت الحرب سجالا بين المسلمين والمشركين على مختلف الأصعدة، منها صعيد الشعر والأدب بوجه عام، لقد كان الأدب- شعره ونثره- حاضرا في مختلف مواقف المسيرة الإسلامية المظفرة في صدر الإسلام وفي بداية الدعوة، وفي الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة، وفي وقعة بدر وأحد وغيرهما، وفي فتح مكة، ووفاة الرسول، ومعارك الردة، وفي الفتوحات الكبرى في الشام والعراق وبلاد فارس ومصر.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى