د. عبدالقادر باعيسى نائب رئيس فرع اتحاد أدباء حضرموت:نرغب في إقامة السلطة الثقافية الديمقراطية التي تنفي اغتراب الثقافات بعضها عن البعض الآخر

> «الأيام» عادل أحمد القحوم:

> سنوات مضت ظل خلالها العمل الثقافي الذي تقوم به سكرتارية اتحاد أدباء ساحل حضرموت على غير ما ينبغي أن يكون، ولكن في الفترة الأخيرة بتولي القيادة الجديدة للاتحاد تغيّر الحال وتسارعت وتيرة النشاط وتنوعت.. بيان ذلك الحراك، والواقع الثقافي وارتباطه بالسياسي، في الحوار التالي مع الأخ الدكتور عبدالقادر علي باعيسى نائب رئيس فرع الاتحاد بساحل حضرموت والشاعر الأستاذ المساعد بكلية الآداب جامعة حضرموت.

< ماهي اتجاهات العمل الثقافي في خطة فرع الاتحاد لهذا العام 2008؟

- اتجاهات العمل الثقافي ترسم عادة- سواء لهذا العام أو للأعوام السابقة- حسبما تستدعي هموم الواقع الأدبي والثقافي، ساعين فيها للحصول على وجهات نظر مختلفة غير ملتزمة بالضرورة لوجهات نظر سكرتارية الفرع، رغبة في إقامة السلطة الثقافية الديمقراطية التي تنفي اغتراب الثقافات بعضها عن البعض الآخر، وتعمل على تفعيلها ومازلنا- وكما جرت العادة- نرسم اتجاهات العمل الثقافي من خلال التنقيب في التاريخ المعاصر والوسيط والقديم عن المتميز ثقافيا وحضاريا للتبصير به، وتخصيص محاضرات عن الأعلام الذين أسهموا في تشكيل وعي الإنسان وإبداعات روحه، غير غافلين عن مناشط إبداعية أدبية صرفة كالأماسي القصصية والشعرية، ومناشط فكرية ونقدية ولغوية حداثية، واستمرار إصدار مجلة «آفاق» الثقافية الشاملة ومجلة «آفاق التراث الشعبي»، ونشرة «آفاق حضرموت الثقافية»، فضلا عن رغبتنا الأكيدة في إقامة ندوات ثقافية سنوية كبيرة إذا توفرت الإمكانات، والاهتمام هذا العام بصورة خاصة بالنواحي التشكيلية والمسرحية، والسعي- إن شاء الله- لإصدار نشرة جديدة خاصة بالطفل.

< باكثير والمحضار، علمان ثقافيان كبيران أنجبتهما حضرموت، وارتبط هذان الاسمان مؤخرا بمهرجانات مزمع إقامتها، لماذا تنفيذ هذه المهرجانات يظل حبرا على ورق؟

- مثل تلك الشخصيات أسدت إلينا جميلا كبيرا، ونحن نستمد بعض معانينا الثقافية من إنجازاتهم، ونستيقظ بإبداعاتهم بين الحين والآخر عندما نستعيد قراءة روايات ومسرحيات الأول أو دواوين الثاني أو غيرهما، هذه الحالة (حالة الاستيقاظ الجزئي) تخلق فينا فكرة المهرجان أو الندوة الكبرى أو الاحتفال الموسمي المتكرر لجعل هذا الاستيقاظ حالة مستدامة وشاملة، ولكن لأن فكرة المهرجان أو الندوة الكبرى مرتبطة بأكثر من جهة فإنها لاتبصر النور في الوقت الذي نريد، وبالكيفية التي نريد، ونود لو تمت المناقشة في هذه الأمور بجدية ومسئولية.

< انبثقت عن إحدى فعاليات الأربعاء في الاتحاد لجنة تحضيرية لجمعية (حضرموت بلا قات)، ألا ترى أن هذه الولادة جاءت متأخرة؟ وماهو دور المثقف في الصراع مع القات؟

- حتى لو جاءت متأخرة، المهم أنها جاءت (وأن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا) وصراع المثقف مع القات هو بالأساس صراعه مع عدد من السلوكات والتصرفات السلبية التي توقع بالشباب والمجتمع متوسلة بالقات، ودور المثقفين عموما كل في مجاله، يجدر به أن يكون دورا كبيرا يوازي في قوته بل يفوق الدور السلبي الذي يؤديه القات، ويتمثل هذا في إبراز حملات توعوية كبيرة وشاملة ومبرمجة تسهم في دعمها الدولة ورجال الأعمال- لو صدقت النوايا- على مختلف الصعد الإعلامية والتعليمية والإرشادية، فضلا عن اتخاذ قرارات تنفيذية وإجراءات قانونية تدريجية، وفضلا عن حل مشاكل البطالة ومشاكل التفسخ الإداري في المؤسسات، كأساليب الرشوة والاحتيال والتسيب المالي للحد من هذه الظاهرة التي توقع بالشباب والوطن ما لايوقع به الأعداء.

< يقال ( ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان)، إلى أي مدى ذلك القول صحيح في ظل سوء الأحوال المعيشية حاليا؟

- بديهي أنه عندما تشبع حاجات الناس المادية الأساسية يتم التوجه إلى الفكر بوصفه نظاما أكثر تجاوزا في الحياة نفسها، دالا على الوجود المتكامل للحياة الإنسانية، ولكن الشظف المادي الفاعل في الناس عموما يفرقع كثيرا من أحلامهم ومشاريعهم، ويجعل التفكير ينصب أولا على إشباع هذا الشرط الحيواني الطبيعي (شرط الجوع) من أجل الحياة أولا كمطلب ضروري، وتلك مسألة مؤلمة أن يسعى الإنسان للحفاظ قدر الإمكان على وجوده الطبيعي الحيواني، أمام استعلاء يقلص عليه -للأسف- حتى إحساسه بحيوانيته، فلا يشبع كثير من الناس هذه الأيام جيدا ولا حتى يموتون جيدا.

< تشهد الساحة السياسية هذه الأيام أحداثا غير عادية، ماهو موقف وموقع المثقف منها؟

- موقف المثقف منها- من وجهة نظري المتواضعة- ألا يفقه شيئا من هذا العراك إلا الوطن، أعني أن يخلص كل في عمله، بعيدا عن الاتجاهات والأحزاب السياسية التي لا أطمئن إلى أطروحاتها كثيرا، أيا كانت، لأنها بمصالحها الخاصة ومراميها المذهبية- حتى لو كانت أحزابا كبيرة- تحكم الخناق حول عنق الوطن باسم جماعة أصغرت أم كبرت، الوطن الذي يريد أن يتنفس نفسه قبل أي شيء، وأن يحس بوجوده الذي صرنا لانراه إلا مزقا في حركات الأحزاب السياسية التي تدعي بناءه بينما تجرده من نفسه في الوقت ذاته، وتتصارع باسمه، للأسف الأحزاب التي تضع نفسها مع سبق الإصرار والترصد فوق الوطن، وتكيفه لألوانها، وتتصارع، وكل لون فيها يخشى اللون الآخر ويتجه إلى قمعه، أعني إلى قمع جزء من الوطن الذي يتفرق دمه بين الأحزاب.

< تعاني المجتمعات العربية من تخلف قياداتها، وافتقاد أصحاب السلطة مكونا ثقافيا في الشخصية.. ما العمل؟

- هذا يربطنا بجواب السؤال السابق مباشرة، فالقيادات ماتزال في جزء كبير منها إما قيادات قبلية متخلفة، وإما عسكرية متعنتة، وإما شبه متعلمة، واللافت أنها تسخر جوقة المثقفين لخدمتها، وتسويغ سلوكاتها، هذا تحول نحو الأسوأ، نحو التدهور، والعمل هو أن نعيد صياغة أنفسنا بالعلم والعلم وحده، غير أن التفصيل في هذا الحل ومعوقاته يحتاج إلى وقت طويل ومن متخصصين مختلفي المشارب.

< الإذاعة أحد رموز الفكر والثقافة، وإذاعة المكلا يمتد تاريخها لأكثر من أربعين عاما، هل مستوى ومساحة البرامج الثقافية يواكب ذلك التاريخ؟

- الإذاعة حلقة من حلقات التدهور الذي تعيشه المؤسسات كافة، فلايمكن معالجة موضوعها بمعزل عن بقية المؤسسات الإعلامية، ولا موضوع المؤسسات الإعلامية بمعزل عن بقية مؤسسات الدولة، فالتدهور الشامل غدا معه الإبداع الحقيقي إغواء، فقد صلاحيته، أو لا قيمة له، فما يدغدغ الأحلام والأفكار الآن شيء غير الإبداع، شيء أظنك تعرفه جيدا، وهذا لاشك يسيطر على المزاج والنفسية سيطرة قصوى حتى تنقطع عن هواجسها وآمالها، وينتقل التميز إلى مجال آخر متعلق بالمصالح والمنافع على مستوى الأفراد، وعلى مستوى رسم سياسات المؤسسات، وعليه فإن البارحة شيء آخر ولايمكن لهده المرحلة أن تكون امتدادا لتلك بأي حال من الأحوال، هذه مرحلة أخرى تماما، غريبة ولها سماتها الخاصة جدا، وهو ما جعل سؤالك معتقا بالذكرى، الذكرى التي نشهد جنازتها كل يوم على مختلف الأصعدة، ولا أحد يقول للانحدار قف! فسرعته حادة جدا، وكلما أزداد انحداره زادت سرعته، حتى يودي بنفسه ومن معه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى