عائلات فلسطينية تعيش في كهوف قديمة معزولة عن المدنية في الضفة الغربية

> الخليل «الأيام» ماجدة البطش :

> احمد حوامده واحد من نحو مائة فلسطيني، يعيشون في فقر مدقع محرومين من الحد الادنى من الرفاهية في كهوف توارثوهم عن اجدادهم في قضاء الخليل جنوب الضفة الغربية، في عزلة عن المدنية، حياة اعتادوها حتى صارت قدرا لهم.

يقول احمد (33 عاما) وهو اب لثلاثة اطفال، يعيش من زراعة ارض عائلته وتربية اغنامه في خربة غوين، "لا اريد الانتقال من هنا. هذه ارض اجدادي ومن العار علينا ترك الارض او بيعها".

وردا على سؤال حول قدرته على احتمال شظف العيش يقول "لقد اعتدت على العيش في الكهوف، ولا اريد تركها، ففيها راحة بال. هنا نعيش بعيدا عن ضغوط المدينة. عندما اجد نفسي مضغوطا اتجه مع اغنامي الى الجبل وبعد ساعتين اعود وقد نسيت همي".

ويضيف "الكهف اشبه بملاذ لي، كما انه بارد في الصيف ودافىء في الشتاء".

ولكن سكان خربة غوين لم يسلموا، على محدودية ارضهم، من عمليات المصادرة التي تنفذها اسرائيل في المنطقة، والتي كانت اخر عملية منها بهدف بناء السياج الالكتروني الذي يشكل جزءا من الجدار الفاصل الذي تبنيه لعزل الضفة الغربية.

ويقول احمد "لقد صادرت اسرائيل معظم اراضينا. كنا نزرع القمح والشعير والان القمح لا يكفي وكيس الطحين يكلف 200 شيكل (نحو 55 دولارا اميركيا)".

ولا يوجد لسكان الخربة مصدر اخر للعيش، فالشباب، كما يقول احمد "لا يستطيعون العمل في اسرائيل لانهم لا يمنحون تصاريح عمل لمن يقل عمره من 35 عاما".

ويوجد في غوين نحو سبعة كهوف ماهولة بالسكان بينما حول السكان 17 كهفا زرائب لحيواناتهم الثمنية التي يعتمدون عليها للبقاء والاستمرار.

ويوجد نحو 60 كهفا باحجام واشكال مختلفة في الجبل يقول سكان غوين انها تعود للفترة الروماينة.

تبعد غوين نحو 30 كيلومترا جنوب شرق مدينة الخليل، وتحيط بها من الشرق مستوطنة بيت يتيير، ومن الغرب مستوطنة شاني ومن الشمال بلدة السموع.

وفي كهف رصت على بابه قطع كبيرة من الصخور القديمة المقطوعة بعناية تعيش ام يوسف (70 عاما).

تقول ام يوسف لوكالة فرانس برس "ولدت في هذا الكهف وعشت وكبرت فيه، وتزوجت وانجبت اولادي فيه".

وتضيف "نعيش الصقيع والبرد والمطر، ولا توجد بوابة للكهف، هذه حياة شقاء وتعب،ولكن هذا نصيبنا، لا يوجد عندي كهرباء او ماء ولا زلنا نشرب الماء من ابار التجميع وبالرغم من كل شىء، هنا اجد راحة البال".

وتتابع "لي ولدان استقرا في السموع. انجبا اولادهما هناك وتعودوا على حياة المدينة وهجروا حياة الكهوف. اذهب لزيارتهم ولا البث ان اعود الى كهفي،. لقد تعودت العيش فيه، وحلب الماعز".

وتتحسر ام يوسف على التضييق الذي فرضه الجيش الاسرائيلي عليهم مع بناء الجدار الذي فصلهم عن ارضهم، وتقول "في الماضي كنا نذهب لجمع الحطب من الحرش على الحمار لكن الجيش الاسرائيلي وضع الجدار وفصلنا عن الحرش".

تنهض فاطمة (33 عاما) في السادسة صباحا لخبز عجينها الذي جهزته في المساء لاطفالها قبل ذهابهم الى المدرسة على الطابون. فطورهم غالبا من منتوجات حليب الماعز والزيت والزعتر.

تقول فاطمة "اتطلع الى حياة افضل ولكن من اين؟ نحن لا نستطيع ان ننتقل، لا يستطيع زوجي العمل في اسرائيل وبالكاد لدينا ما يكفي لاعالة انفسنا. نحن نعتمد على المطر في زراعتنا، ونعيش في فقر مدقع".

وتتابع "حتى لو فكرنا بالانتقال لا نستطيع ان نبني بيتا لان منطقتنا منطقة ج". والمناطق المصنفة "ج" تحت السيطرة الاسرائيلية التامة حيث يفرض الاسرائيليون قيودا مشددة على اهلها الفلسطينيين.

وتؤكد فاطمة ان سكان الخربة لا يتلقون مساعدات من اي جهة كانت، رغم حاجتهم الكبيرة لها.

وليست معاناة الاطفال باقل من الكبار. فالطفلة ياسمين ابنة العشر سنوات تقطع اكثر من اربعة كيلومترات للذهاب الى المدرسة في بلدة السموع عبر طرق وعرة صخرية مع نحو عشرين طفلا من غوين يوميا في ايام البرد القارس بسبب اغلاق السلطات الاسرائيلية للطرق بالسواتر الترابية والصخور بحيث لا تستطيع وسائل النقل اجتيازها.

وحيث لم تعد الكهوف والمغر تتسع لهم، اقيمت ثلاثة بيوت من جذوع الشجر لفت بالنايلون لاتقاء البرد والمطر.

وامكن مشاهدة طبق لاقط بالقرب من احد هذه البيوت. لكن محاولة الاتصال بالعالم الخارجي كما يقول احمد حوامده باءت بالفشل نظرا لكلفته العالية.

وعن ذلك يقول احمد "حاولت جلب جهاز تلفزيون وشراء مولد كهربائي حتى يتسنى لجميع افراد الحامولة مشاهدة التلفزيون، لكن التكلفة العالية للسولار جعلتنا نتراجع عن ذلك. فالتكلفة تصل الى 600 شيكل اي نحو 166 دولار شهريا، ونحن غير قادرين على تحمل مثل هذا المبلغ الكبير".

وحديثا، امتلك بعض الرجال هاتفا محمولا يقومون بشحن بطاريته بالمولد الكهربائي من خلال تشغيل الجرار. (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى