رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
أثناء مراسم زواج عدنان النجل الأكبر للشيخ كامل من ابنة السيد صالح محمد بحضور الشيخ محمد سالم البيحاني
أثناء مراسم زواج عدنان النجل الأكبر للشيخ كامل من ابنة السيد صالح محمد بحضور الشيخ محمد سالم البيحاني
الولادة والنشأة ..الفقيد الشيخ كامل بن عبدالله بن أحمد بن عبدالكريم بن محمد بن سليمان ابن عبدالرحمن بن أحمد، من مواليد مكة في شهر رجب 1311هـ، في أسرة قرشية ذاع صيتها في العلم والجاه والثراء، وعرف أهل مكة هذا البيت بيت ورع وتقوى في إمارة الشريف عون الرفيق.

تشير وثائق الإدارة في عدن في كشف المتقاعدين List of Pensioners أن الرقم المسلسل للشيخ كامل عبدالله صلاح (456) وأنه من مواليد الفاتح من فبراير 1894، وأنه تقاعد عن الخدمة في 24 ديسمبر 1950 بمعاش سنوي قدره 4036/07 شلنا (أربعة آلاف وستة وثلاثون شلنا وسبعة سنتات)، والكشف طويل وشفاف تجد فيه كل البيانات المتعلقة بكبار المسئولين وصغارهم، من أجانب ومحليين، ويعتبر ذلك مؤشرا لرقي الإدارة والمجتمع على حد سواء، ويتجسد ذلك الرقي بـ (الشفافية) Transparency، وهي الحلقة المفقودة هذه الأيام.

الشيخ كامل ينهل العلم

من ينابيع الجهابذة

تعلم الشيخ كامل عبدالله صلاح القرآن الكريم في بيت والده على يد الشيخ عمر شاكر، والتحق بعد ذلك بالمدرسة الرشيدية، إلا أنه لم يأنس لها، وانصرف عنها، وآثر طلب العلم من جهابذته في مكة المكرمة، فأخذ علم القراءات عن الشيخ يوسف حجر، والنحو عن الشيخ حسن كاظم، والبلاغة عن الشيخ علي المالكي، ودرس الفقه على يد الشيخ صالح كمال والشيخ أحمد سعد الدهان والشيخ إبراهيم عرب من علماء الأحناف، والسيد أحمد شطا والشيخ عمر باجنيد والشيخ محمد سعيد با بصيل من فقهاء الشافعية.

وقرأ التصوف على الشيخ سعيد اليماني والحديث على الشيخ عبدالرحمن الدهان والشيخ صالح كمال والشيخ محمد سعيد بابصيل، والتفسير على يد السيد يوسف الزواوي والشيخ صالح كمال، وقرأ بالطائف على الشيخ أحمد النجار، كما نهل رحمه الله العلم من علماء أجلاء آخرين أمثال السيد حسين الحبشي والسيد سالم البار والسيد علوي السقاف في مكة والشيخ عبدالله كمال بالطائف والشيخ عمر حمدان بالمدينة ثم بمكة.

الشيخ كامل يحسم أمر الاستقرار في عدن

نذر السلف الصالح من أسرة الشيخ كمال أنفسهم لخدمة المسجد الحرام وأئمته، وفي العام 1341هـ (حوالي 1923) توفي والده فآلت مهام الوالد لولده، وسار على هدي سلفه الصالح في خدمة المسجد الحرام وأئمته، إلا أن ظروفا خاصة اضطرته إلى مغادرة مكة إلى عدن قبل هذا العام بثلاثة أعوام، وتحديدا في أواخر العام 1338هـ ثم عاد إلى مكة، إلا أنه لم يستأنس البقاء هناك، وحمل عصا الترحال مرة أخرى إلى عدن.

ماذا يقول تلميذه أنور محمد حسن؟

كان الأستاذ أنور محمد حسن أحد طلاب الشيخ كامل عبدالله صلاح، وقد شرّف هذه الصفحة بتقديم شهادته للتاريخ، فتطرق في شهادته وإفادته إلى أن الشيخ كامل كان في الحجاز عندما وحدها الملك عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، وكان حينها سلطانا على نجد، وأصبح بعد ذلك ملكا للمملكة العربية السعودية، وبعد التوحيد غادر الشيخ كامل الحجاز، استقر أولا في سلطنة لحج وعمل فيها قاضيا شرعياً في الحوطة.يضيف الأستاذ أنور أن الشيخ كامل تحمل مسئولية القضاء الشرعي في عدن لفترة ما، وطلب إعفاءه، فحل محله القاضي محمد داؤود البطاح، فإذا سلمنا بهذه المعلومات فيكون توليه للقضاء في عدن قبل عام 1920، لأن القاضي البطاح تحمل مسئولية القضاء في عدن خلال الفترة 1948-1920 بناء على طلب من الإدارة البريطانية قدمته للإمام يحيى بن حميد الدين (رحمه الله) بانتداب قاضٍ إلى عدن.

كما عمل الشيخ كامل عبدالله صلاح مديرا لمدرسة الإقامة Residency school (المتوسطة) التي عرفت فيما بعد بـ(مدرسة السيلة الحكومية الابتدائية للبنين) (المتحف العسكري حاليا) بكريتر، وأحيل للمعاش. (سبق أن أوردنا هذه المعلومة من أرشيف إدارة عدن، كشف المتقاعدين)، والتحق بعد ذلك بمدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية في عدن، وعمل فيها مدرسا في إدارة الشيخ العلامة محمد مكي (والد فقيد الفن يحيى مكي).

عمل الشيخ كامل عبدالله صلاح - والكلام هنا للأستاذ أنور- رئيسا لمحكمة الاستئناف الشرعي، وكان رحمه الله أيضا رئيس هيئة علماء عدن، وكان مقرها في الجمعية الإسلامية (طريق حقات بجوار إدارة الهجرة والجوازات).

علامات بارزة في حياة الشيخ كامل

يمضي الأستاذ أنور محمد حسن في شهادته، ويفيد بأن الشيخ كامل عبدالله صلاح تصدر علماء عدن من حيث أيام افتتاح قراءة صحيح البخاري واختتامه في جوامع عدن، وكانت له جلسات في مسجد بانصير وحافة القاضي.

وكان رحمه الله مشاركا بارزا في المناسبات الدينية كالمولد النبوي والإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان.

له مؤلف موسوم (الدرة النقية في الأسئلة العدنية)، وتوجد نسخة منها بحوزة نجله الأكبر الأستاذ عدنان كامل عبدالله صلاح، وله كتابات وفتاوى نشرتها الصحف العدنية مثل «فتاة الجزيرة» و«النهضة» و«اليقظة» و«الأيام»، و«الذكرى» التي كان يصدرها فضيلة العلامة الشهيد علي محمد صالح باحميش.

أثناء استقبال الرئيس الراحل قحطان محمد الشعبي للشيخ كامل عبدالله صلاح ويظهر خلف الرئيس سيف الضالعي
أثناء استقبال الرئيس الراحل قحطان محمد الشعبي للشيخ كامل عبدالله صلاح ويظهر خلف الرئيس سيف الضالعي
من تلاميذ الشيخ كامل عبدالله صلاح

يختتم الأستاذ أنور محمد حسن شهادته بالإفادة عن عدد من تلاميذ الشيخ كامل عبدالله صلاح، وهم كثر منهم:

-1 الشيخ العلامة القاضي أحمد كريم بخش، إمام وخطيب جامع حياة خان المعروف (أبو قبة).

-2 المناضل الوطني البارز عبدالقوي حسن مكاوي (رحمه الله).

-3 الأستاذ الشيخ أنور محمد حسن آل شجاع، إمام مسجد الهدى بالطويلة (عدن) وخطيب وحامل إجازة خاصة في صحيح البخاري من الشيخ كامل.

-4 الشاعر الأديب محمد جبران بن عوض جبران، إجازة الشيخ كامل، إجازة عامة في الصحاح، وخاصة في قراءة صحيح البخاري.

-5 الشيخ عبده محمد علي عبدالله الصائغ آل الشيبة.

-6 الأستاذ عبدالقادر مكاوي.

-7 أنور معتوق الصائغ.

-8 غازي معتوق الصائغ.

-9 الشيخ محسن موافي.

وماذا يقول الشيخ أمين سعيد باوزير؟

أما الشيخ أمين سعيد باوزير فقد وردت إفادات قيمة في كتابة الموسوم (حلقات القرآن الكريم ومجالس العلم في مساجد عدن)، حيث تطرق في سياق حديثه عن مسجد الشيخ أحمد كريم بخش (أبو قبة سابقا) إلى أن من أبرز العلماء الذين تعاقبوا على إمامة المسجد الشيخ الكافي أحمد كريم بخش (أمان الله) الذي درس في مدارس عدن.

وتلقى العلوم الشرعية من مشايخها، وكان فقيها حنفيا، وكان مشاركا في شتى علوم الشريعة لمعاصريه من مشايخ عدن، كالمشايخ: علي محمد باحميش ومحمد بن سالم البيحاني والسيد مطهر بن مهدي الغرباني وكامل عبدالله صلاح وغيرهم.

وفي سياق حديثه عن مسجد الشيخ حامد بالزعفران وإمامه وخطيبه الشيخ عبدالرحمن هائل، المولود في منطقة شمير (مقبنة) عام 1929، انتقل إلى عدن في سني نعومة أظفاره، وتلقى عن أبيه (رحمه الله) علوم الفقه والفرائض والحديث والتفسير في الحلقات العلمية في مسجد جوهر في عدن، كما أخذ عن الشيخ البيحاني علوم الفقه والتفسير والحديث والنحو والتاريخ، وكان مواظبا مع ذلك على حلقات الشيخين الجليلين كامل عبدالله صلاح ومطهر الغرباني.

في سياق تطرقه إلى مسجد الشيخ عبدالله الخطيب، المسمى (العمودي) بكريتر (عدن) وتحت عنوان فرعي (من أهم أئمة وخطباء مسجد الشيخ عبدالله) السيد عبدالله الصافي الذي تولى الإمامة في هذا المسجد حتى وفاته عام 1360هـ.

العلامة كامل عبدالله صلاح

تولى إمامة المسجد بعد وفاة السيد الصافي، وظل في موقعه خادما للدين والعلم، داعيا إلى الله، إلى أن لبى النداء وانتقل إلى رحمة ربه يوم 25 شعبان 1396هـ الموافق 1975م، ودفن بمقبرة العيدروس في عدن.

وماذا يقول

الأستاذ علي صلاح الأرضي؟

نشرت دورية «مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية» (المجلد الرابع - العدد السابع يناير / يونيو 2001) التي تصدرها جامعة عدن الموضوع الموسوم (من تاريخ التربية الإسلامية في عدن) للأستاذ علي صلاح الأرضي (من قسم التاريخ بكلية التربية - عدن) وورد فيه (ص 54):

«أن رجال الخير والمتنورين من أبناء عدن عملوا على إقامة عدد من المدارس الدينية الإسلامية التي تتواكب مع التعليم الحديث وتتعايش معه، واتبعت في ذلك منهجا توفيقيا، وقد ساندهم في ذلك عدد من الشخصيات الدينية البارزة التي قدمت من الحجاز إلى عدن واستوطنتها، ومن أبرزهم الشيخ محمد المكي وكامل عبدالله صلاح والشنقيطي وحسين الدباغ، مؤسس مدرسة الفلاح في المكلا، عاصمة الدولة القعيطية، ثم في عدن في شارع الزعفران أمام منزل الصافي، ومحمد صبحي المعاز.

للشيخ كامل عبدالله صلاح عدة مؤلفات منـها كتـاب (التـنوير) طبـع في مكـة المكـرمة، وله أيضا مؤلفات بعض منها ماثلة للطبع.

للفقيد تسعة أولاد، الذكور منهم أربعة هم: عدنان ومحمد وعصام وغازي وخمس بنات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى