«الأيام» تسبر أغوار بعض من معاناة وهموم منطقة (ثوان) بالشعيب ..أهاليها يشربون مياها ملوثة، وطلابها يقطعون الكيلومترات يوميا راجلين بحثاً عن العلم والمعرفة

> «الأيام» محمد الحيمدي :

>
منظر عام للمنطقة (ثوان - الشعيب)
منظر عام للمنطقة (ثوان - الشعيب)
منطقة (ثوان) إحدى قرى مديرية الشعيب محافظة الضالع، تبعد عن عاصمة المديرية بنحو 15كم، يعتمد سكانها في مصدر رزقهم على ما يحصلون عليه من أجر يومي نظير الأعمال الشاقة التي يقومون بها، إلى جانب الزراعة التي تكون أغلب المواسم قليلة الخير والعطاء، وأحياناً يكون هذا الخير والعطاء معدومين، بسبب قلة سقوط الأمطار أو عدم سقوطها، وكذا على رعي الأغنام وتربيتها.

(ثوان) لا تختلف في وضعها وطبيعتها عن بقية قرى مديرية الشعيب، فمنازلها الحجرية متناثرة فوق الجبال والهضاب والأحكام، وكذا في المعاناة والهموم، فالمآسي والبؤس والحرمان صفة مشتركة بين هذه القرى، ومصدرها يكون الطبيعة القاسية الصعبة أولاً، والدولة نفسها ثانياً، فهذه المنطقة محرومة من أبسط مقومات الحياة، تعيش واقعاً ووضعاً مأساوياً مريراً (كطعم العلقم) نلمح ذلك جلياً من وجوه أطفالها الذين يشيبون عند الفجر، فهم يمارسون أعمالاً صعبة لايقوى عليها غير الكبار، ولكنهم يمارسونها ويزاولونها رغماً عنهم بفعل ظروفهم الصعبة والطبيعة القاسية الجافة، فتراهم يحملون المعاول والفؤوس منذ ظهور الشفق الأول، متجهين إلى حقول الزراعة، وإلى الجبال والخلاء لرعي الأغنام والاحتطاب وغيرها من الأعمال، كي يساعدوا آباءهم و يعيلوا أسرهم، فهم يقضون إجازتهم الدراسية في مثل هكذا أعمال وقد يرحلون إلى مناطق أخرى بعيدة عن منطقتهم بحثاً عن فرصة عمل ومصدر عيش مهما كانت المتاعب والآلام.

طريق القرية المؤدية إلى عاصمة المديرية واضحة خطورتها ووعورتها
طريق القرية المؤدية إلى عاصمة المديرية واضحة خطورتها ووعورتها
«الأيام» كدأبها في تلمس هموم وأوجاع وأنات كل المواطنين في مختلف قرى ومدن ومديريات الجمهورية، سبرت أغوار هذه المنطقة واستطلعت بعضاً من همومها وقضاياها.

في هذا الاستطلاع رافقنا العقيد محمد سعيد جرادة، رئيس اللجنة التنموية بالمنطقة، فكان نعم المرافق والدليل كونه من أبناء هذه المنطقة، وله بصمات إنسانية وخيرية واضحة عديدة، فهو لا يتوانى أبداً عن تقديم كل ما يملكه من إمكانيات مادية ومعنوية وجسدية خدمة لأبناء منطقته بصدر رحب وضمير راضٍ، لاسيما الفقراء والأيتام.. العقيد الجرادة، تحدث بألم وحزن إلى «الأيام» عن أبرز هموم وقضايا منطقة ثوان وباختصار حتى كما قال: أن يكون هناك حيز أكبر لنشر الصورة، لأنها أبلغ من الكلام.

الأهالي يشربون من خزانات خاصة مياهها راكدة مملوءة بالجراثيم

عن عصب الحياة الماء قال:«إن المنطقة لا توجد بها بئر واحدة لمياه الشرب، فالأهالي يعتمدون في شربهم على الخزانات الخاصة التي يقيمونها على نفقتهم لخزن مياه الأمطار الموسمية، وهي خزانات بسيطة صغيرة (برك) مكشوفة ومع مرور الزمن يتغير طعم ولون المياه فيها، فتكون مرتعاً خصباً لمختلف أنواع الديدان، ولكن ظروف الأهالي تدفعهم لاستخدام هذه المياه للشرب والطهي وغيره، رغم أنها غير صالحة للاستخدام الحيواني!! أما في في المواسم التي يتأخر هطول الأمطار، فالأهالي يضطرون إلى جلب ماء الشرب من قرى أخرى تبعد عن المنطقة بأكثر من 140 كم، ويكلفهم ذبك مبالغ طائلة تزيد من معاناتهم أكثر وأكثر، حيث يصل سعر (التانكي - الخزان) الواحد حملة سيارة شاص -600 7000ريال (ستة آلالف إلى سبعة آلالف ريال) مضيفاً «أن المنطقة لم تلمس للحكومة أي جهد أو مشروع في هذا الجانب، عدا خزان صغير حجم (10×6×3متر) لا يكفي لأربع أسر، أقيم في عام 2007م بتمويل من المجلس المحلي ومكتب الزراعة بالمديرية وجهود مدير مكتب الزراعة الأخ قاسم موسى عامر، إلا أنه وللأسف الشديد وكما يقال في الأمثال الشعبية (يافرحة ما تمت) فعند امتلائه بعد أول مطر وجدنا كل ما فيه من مياه وقد تسرب من الأسفل بعد عدة ساعات، لعدم وجود الإشراف المباشر من قبل المهندس وعدم وجود المواصفات الهندسية للعمل وللمواد، فالمشروع فاشل والسبب إهمال وتقصير مهندس المشروع والقائمين عليه، ونأمل من الحكومة وضع الحلول السريعة لإنقاذ الزرع والضرع في المنطقة من الهلاك».

أطفال يحملون المعاول والفؤوس لحراثة الأرض وبحثا عن مصدر للقمة العيش
أطفال يحملون المعاول والفؤوس لحراثة الأرض وبحثا عن مصدر للقمة العيش
لا توجد مدرسة في القرية وأولادنا يكابدون كثيراً حتى يحصلوا على التعليم

أما عن التعليم، فقد تحدث بألم وحزن بالغين قائلاً:«لا يوجد مدرسة أو فصل دراسي واحد يذكر في المنطقة، فأبناؤنا يقطعون يومياً (من الصف الأول - التاسع) راجلين إلى منطقة (نجود)، حيث توجد هناك مدرسة، يقطعون يومياً أكثر من 6كم، معرضين أنفسهم للمخاطر العديدة وتأثير حرارة الشمس والبرد القارس، وهذا سبب رئيس في تسرب التلاميذ من المدرسة لاسيما الفتيات، وفي هذا الجانب فقد أبلينا نحن الأهالي بلاءً حسناً في المتابعة المضنية للجهات المختصة لإنشاء وإقامة مدرسة، ولو من ثلاثة فصول إلا أن هذه الجهود ذهبت هدراً، ولكن بفضل جهود أعضاء اللجنة التنموية في المنطقة حصلنا على موافقة من الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع عدن لبناء ثلاثة فصول دراسية مع المرافق، والتي سوف يبدأ العمل بها في شهر مايو من هذا العام، أما طلبة الثانوية فيذهبون راجلين أيضاً إلى منطقة أخرى قاطعين مسافة 8كم يومياً».

نعيش على ضوء الفوانيس والمولدات الخاصة

أما عن الكهرباء فقال: «الأهالي لايزالون يستخدمون الفوانيس والشموع للحصول على الإنارة والضوء، وقلة منهم يمتلك مواطير خاصة أغلب الأيام تكون عاطبة، وفي هذا الجانب فقد بذل الأهالي جهوداً كبيرة في متابعة إدارتي الكهرباء بالمديرية والمحافظة تكللت هذه الجهود بتركيب الشبكة الداخلية في 2007م وأتمنى أن يروا النور العام القادم!!».

وعورة الطريق تجهض الحامل وتعجل بموت المريض

(سد) عبارة عن برك مياه تستخدم للشرب وقد تغير لونها وطعمها
(سد) عبارة عن برك مياه تستخدم للشرب وقد تغير لونها وطعمها
وعن الطريق قال:«إن الطريق التي تربط المنطقة بعاصمة المديرية تعد من أوعر وأصعب الطرقات بالمديرية وأطولها.

والتي تقدر بنحو 30 كم، حيث إن المريض إذا أسعف فهو يصل إلى المستشفى وقد زاد مرضه سوءًا لاسيما الشيوخ والأطفال، والنساء الحوامل، فهي تعجل بموت المريض، وتجهض الحامل!!».

المنشآت الصحية غائبة وخدمة الهاتف لم تدخل بعد

وعن هذا الجانب قال:«إن المنطقة لم تدخلها خدمة الهاتف الثابت، والمحمول نادراً ما تكون التغطية موجودة.

وكما لا يوجد فيها وحدة صحية، فيضطر الأهالي إلى إسعاف مرضاهم إلى قرية أخرى تبعد 6كم عن المنطقة حتى يتلقوا الإسعافات الأولية البسيطة، فالزائرون لمنطقتنا يرددون (إنا لله وإنا إليه راجعون)».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى