د.ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني لصحيفة «النهار» اللبنانية :أريد للضالع أن تتحول مقبرة للنضال السلمي الديمقراطي باعتبارها محافظة استثنائية في الانتخابات ..شعر الناس أن شراكة الجنوب باعتباره طرفا رئيسيا في وحدة مايو 90 ضُربت وهُمّشت

> «الأيام» عن «النهار» اللبنانية :

> نشرت صحيفة «النهار» اللبنانية الصادرة أمس حوارا مع الأخ د.ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني أجراه معه الزميل أبو بكر عبدالله فيما يلي نصه:

> طالبتم أخيراً السلطات بالاعتراف بالقضية الجنوبية، كيف تقرأون هذه القضية؟

- ما يعتمل في الساحة الجنوبية وضع طبيعي ناتج من فشل السلطة منذ حرب 1994 في تقديم مشروع وطني حقيقي للوحدة، وما قدمته السلطة اقتصر على ما أفرزته حرب صيف 1994 من نتائج قدمت الوحدة السلمية الطوعية الديموقراطية للشعب في الجنوب بصورة مختلفة، وانتظر الناس منذ ذلك التاريخ طويلا على أمل أن تصحح السلطة سياساتها وأدواتها، كما انتظروا مشروعها الوطني، لكنها لم تقدم منذ حرب 1994 سوى مشروع استند إلى الجيش والأمن والفساد ونهب الأرض ومصادرة الممتلكات وخطاب سياسي يذكّر الناس بالهزيمة مما أدى إلى هذا الحراك السياسي الذي نشاهده اليوم.

> إلى ماذا يستند الحراك الحاصل في المحافظات الجنوبية اليوم ؟

- يستند الى قاعدتين، الأولى المطالبة بالحقوق التي نهبت في حرب 1994، وخصوصا أن سياسة ما بعد الحرب أدت إلى إبعاد آلاف العسكريين والمدنيين والموظفين في جهاز الدولة القديم في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية قبل الوحدة عبر الإحالة على التقاعد أو التسريح من الوظيفة أو الإبعاد. وهؤلاء طال انتظارهم وبدأوا يتحركون باتجاه إنشاء جمعيات خاصة بهم للمطالبة بتصحيح هذا الوضع المذل والظالم إن صح التعبير ، ورافق ذلك شعور الناس أن شراكة الجنوب باعتباره طرفا رئيسيا في وحدة أيار 1990 ضربت في الحرب وهمشت، وهاتان القاعدتان تشكلان اليوم الحراك السياسي في الجزء الجنوبي من البلاد .

> لكن السلطة تعاملت مع مطالب هذه الشرائح ونفذت الكثير منها؟

- تعامل السلطات مع هذا الحراك منذ اليوم الأول كان بالمنطق نفسه الذي ظلت تتعامل به منذ حرب، 1994 وهي لا تزال تعتبر أية حركة احتجاجية سلمية حركة انفصالية يجب أن تضرب ولم تجهد نفسها في البحث في جوهر المشكلة والأسباب التي أوصلت الناس إلى هذا الوضع .

> في الآونة الأخيرة أعيد الكثير من العسكريين إلى وظائفهم، كذلك حلت مشاكل الأراضي وأعلن عن حوار مع الرموز السياسية في الخارج للعودة، فلماذا لا يزال الاحتقان سائدا ؟

- السلطة لم تمتلك حتى الآن أي منهج واضح ومتكامل مع هذه المشكلات، فالحل لا يكون بعودة مجموعة من العسكريين الذين سرحوا أو مجموعة من المدنيين أو معالجة جزئية هنا أو هناك. المشكلة أكبر من ذلك بكثير، وبحسب معلوماتي أن عدد من أعيدوا إلى وظائفهم محدود. وإضافة إلى ذلك المسألة بالنسبة إليهم أخذت طابعا شكليا موقتا للتهدئة .. ومع ذلك المعني بالرد على هذا السؤال الخاص بالمتقاعدين هي الجمعيات الخاصة بهم والتي يعود إليها الفضل في تحريك قضيتهم (...).

مواجهات الضالع

> المواجهات التي جمعت المعارضة والفاعليات الشعبية في الضالع كيف تفسرونها ؟

- المواجهات لم تجر بين المعارضة في اللقاء المشترك والفاعليات الجماهيرية، فالفاعليات الموجودة اليوم مؤسسية تضمها جمعيات العسكريين المتقاعدين ومنظمات التصالح والتسامح وجمعيات العاطلين عن العمل، وهذه كيانات مؤسسية وهناك علاقة بينها وبين اللقاء المشترك، سواء كانت في إطار هيئة التنسيق أم في إطار الحراك اليومي للعمل السلمي الديموقراطي.

في الجنوب هناك احتقانات حياتية خارج النظام المؤسسي للعمل السياسي والجماهيري، وهذه الاحتقانات يمكن لأية جهة أن تحركها بأي شكل من الأشكال وفي أية لحظة، ويجب أن نعي تماما أن السلطة ليست غائبة عما جرى في الضالع، فهذه المحافظة أعطت كل أصواتها في الانتخابات لأحزاب اللقاء المشترك. وفي التصنيف الانتخابي تعتبر محافظة اللقاء المشترك، لذلك كان لا بد أن تطبخ طبخة ما لحرفها عن مسارها ونحن طلبنا التحقيق والقضية ليست قضية المشترك ولكن أريد للضالع أن تتحول مقبرة للنضال السلمي الديموقراطي باعتبارها محافظة استثنائية في الانتخابات.

> هل تتهمون السلطات بمحاولة اختراق «اللقاء المشترك» وتحويل فعالياته إلى فوضى ؟

- تبذل السلطات جهوداً من أجل ذلك ولك أن تقرأ تصريحات الأمين العام للمؤتمر الحاكم التي اتهم فيها المشترك بتمزيق علم الجمهورية اليمنية في الضالع. تصور تتهم المعارضة بذلك في حين أن من يتصدر العمل السياسي الوطني في الجنوب هي أحزاب المشترك بينما يغيب المؤتمر بشكل كامل عن الساحة السياسية ولا يظهر إلا في صورة أجهزة سلطوية وأمنية.

ونعتقد أن الحاكم عندما يفتقر إلى المشروع الوطني الديموقراطي الحقيقي وأدواته السياسية فهو لا يستطيع أن يمارس غير هذا الدور لضرب الفاعليات السياسية بعضها ببعض وتفريخ الأحزاب ومحاولة اختراقها ولديهم تجربة واسعة في هذا المجال .

شعارات انفصالية

> الشعارات الانفصالية المتشددة التي ظهرت اخيراً في المحافظات الجنوبية، كيف تفسرونها ؟

- السلوك المتطرف للسلطة وحزب المؤتمر الحاكم تجاه الجنوب منذ حرب صيف 1994 هو من ولّد هذا الوضع كرد فعل، وما يمارس في الجنوب من سلوك متطرف من السلطة هو من أنتج مثل هذا المزاج. والجنوب بقواه السياسية وتاريخه السياسي وحدوي وعلينا أن نفتش عن الأسباب التي دفعت إلى ظهور هذا المزاج. لا نبحث في داخل المزاج بل في جذر المشكلة في مكان آخر .

> لكن هذه الشعارات تتكاثر وباتت تهدد فعلا الوحدة الوطنية وهي مرفوضة من الجميع ؟

- ينبغي أن نسأل هل لدى السلطة مشروع وطني لبناء دولة وطنية يستظل بظلها الجميع ؟

علينا ألا نحاكم مزاجاً أنتجته المعاناة وظهر كرد فعل للقهر الذي يعانيه الناس. الجنوب سياسيا وتاريخيا ليست هذه ثقافته، فهو بعد اتفاق تشرين الثاني 1989 خرج عن بكرة أبيه تأييداً للوحدة، ويوم التصويت على دستور دولة الوحدة قال أكثر من 90 في المئة نعم للوحدة والذين شاركوا في الاستفتاء كانوا أكثر من 86 في المئة وأكثر من الشمال... هل بعد هذا نقول إن الجنوب انفصالي ؟

> إلى أي مدى ساهم غياب المعارضة عن قيادة الشارع المحتقن في ظهور هذه النزعة ؟

- ربما جزء من المشكلة سببه غياب المعارضة عن قيادة الشارع، ولكن ينبغي أن نرى وضع المعارضة اليوم، فالحزب الاشتراكي اليمني منذ حرب 1994 حزب محاصر وشبه محظور.

ومع ذلك لم يغادر ساحة النضال الوطني وهو في مقدمة الحراك السياسي ومنظماته في الجنوب هي العنصر الفاعل في الحراك السلمي الوطني مع أحزاب اللقاء المشترك. ولا بد من الإشارة إلى أنه لولا المشترك وقربه السياسي من الناس ومشروعه الوطني النضالي فإن القضية كانت ستتخذ مسارات أخرى في ظل غياب المشروع السياسي للمؤتمر الحاكم وفي ظل استمرار النهج الذي أنتجته حرب صيف 1994.

> يتحدث المحللون عن خيارات قاسية في حال لم تحل القضية الجنوبية سريعا. كيف ترون ذلك ؟

- لا أعرف ما قاله المحللون، لكني أتحدث عن كلفة سياسية واجتماعية ووطنية أكبر إذا ما تأخرت معالجة الأوضاع في المحافظات الجنوبية ... وهامش الخيارات التي بيد السلطة اليوم سواء كانت سياسية أم اجتماعية، تبدو محدودة وأعتقد أن كل يوم يمر سيضيف إلى الكلفة الوطنية والاجتماعية والسياسية كلفة أكبر . وننبه إلى أن الوضع في الجنوب أخطر لأنه كان دولة وما مورس فيها أعاد الناس إلى مربعات مختلفة، والحامي الوحيد الذي يبقي الناس على صلة بالمشروع الوطني هو التاريخ السياسي والثقافي للجنوب والذي لم يتكون من تلقاء نفسه بل عبر نضالات طويلة وشهداء وعمل سياسي ونضالي حتى استقر في إطاره الوطني .

وإذا لم يتم الحفاظ على ذلك بمشروع متواصل معه فلك أن تتخيل ما الذي سيحدث وما الذي سيترتب على هذا الوضع من تكاليف سياسية واقتصادية واجتماعية .

> كيف ترون حل القضية الجنوبية إذاً؟

- باختصار، هناك شراكة مفقودة، فالوحدة قامت على أساس أن شركة الجنوب شركة وطنية، ولا بد من إعادة روح الشركة الوطنية أولا. وروح الشركة إن بدت عبارة مختصرة لكنها حاوية لجملة من المفاهيم السياسية والوطنية لقضية الوحدة. هل تستطيع السلطة فعلا أن تعي أن الوحدة شركة وطنية؟ وثانيا إذا تحققت الشركة بهذا المفهوم هل ستكون بوابة للوقوف أمام الأزمة الوطنية؟ ولدينا بعد ذلك القضية السياسية والاقتصادية وماذا نريد وهل مستقبل الديموقراطية اليوم يتحقق على قاعدة خيارات اتفق الناس حولها وتفضي إلى تداول سلمي للسلطة والسير بالخيار الديموقراطي إلى تحقيق الإرادة الشعبية للناس، أم أنه مجرد منتج للنظام ذاته بصورة متكررة؟».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى