اللسان العربي في غناء السعدين ودموع جمال داود ..!

> «الأيام» مختار مقطري:

> مساء الخميس الماضي 3/13 في منتدى (الباهيصمي) الثقافي في المنصورة سمعته يغني، لكن السعدين لم يكن يغني حينها، بل يتحدث عن مشواره الفني العريض كعرض بحر العرب وفوهات الصهاريج، مشوار مازلنا نجهله ولانعرف تفاصيله، إلا أن خالد السعدني أوجزه بعبارات من مقامي (هزام وكرد) زاخرين بالشجن .. الشجن الفرحاء، الشجن الأسود، متجنباً مقام (الصبا)، لكنه دندن بكلمات هامسة في البدء من مقام (الراست) كما افتتح السنباطي (رباعيات الخيام)، فأشجاني السعدين وأطربني وأسعدني بحديثه، عفواً .. بغنائه الشجي وهو يتحدث عن نفسه، يتوهج رقة وعذوبة ويتعملق كالضوء لا كصخر عملاق، ففي حديثه شجون وشؤون، وثمالة مشاعر لاتسكر وإنما تطهر النفوس .

ومن قبل سمعت باسم خالد السعدين، كواحد من مطربين موهوبين انخرطوا في الكورال انتظاراً لفرصة ظهور مناسبة في الستينات، لكن السعدين أجبرته الظروف منتصف السبعينات على الرحيل إلى الإمارات بعيداً عن عدن، لكن الرجل لم ينس أنه فنان أصيل ففي حديثه أنه أرسى علاقات صداقة حميمية مع كبار ملحني الوطن العربي وغنى لعدد منهم مثل بليغ حمدي وإلياس رحباني، فصنع له اسماً فنياً حروفه من نور، إلا أن الإعلام أبى إلا أن نجهله ونجهل فتوحاته الفنية مثله مثل كثير من فناني عدن الذين آثروا الهجرة على الهوان، ثم جاء السعدين إلى عدن بعد أن أثبت أنه إنسان كبير وفنان مرهف الحس والنية والضمير بتكفله بعلاج الفنان القدير الراحل يوسف أحمد سالم، يد بيضاء لن تنسى، وموقف يغبطه عليه الكرام لفنان جميل حقق النجاح إلا أنه لم ينس فنانين كباراً في هذا الوطن سقطوا رهينة الفقر والعوز والمهانة .

نعم .. غنى السعدين في منتدى (الباهيصمي) وهو يتحدث عن نفسه فأشجاني، ومع ذلك لم أزل أجهل الكثير عن هذا الفنان الجميل الذي أنجبته عدن، وكل من أنجبته عدن أصيل، وكل مطرب تعلم الكلام الأول في عدن هو مطرب يمني بلسان عربي، وجهة نظرطرحتها قبل بضعة أعوام في مقال لي عن (كاظم الساهر) نشرته صحيفة (14 أكتوبر) قال السعدني إنه نجح في الغناء باللهجات الخليجية والمصرية والسورية واللبنانية، وفاته أن نجاحه يعود إلى أن لسانه العدني لسان عربي لأن عدن اختزنت كل هذه الألسن الغنائية وطبعتها على لسانها المغني منذ بداية القرن الماضي .

كان السعدين يغني لنلمح أنا وصديقي الشاعر عبدالله باكدادة دموعاً في عيني الفنان الجميل (المقل) جمال داود .. نعم هي كما قال الباكدادة: دموع الإنسان الرقيق الممتلئة جوانحه بالوفاء والصدق والمشاعر البيضاء حزناً على فراق صديقه السعدين لعودته إلى الإمارات اليوم الإثنين- كما قال- ومع ذلك لمحت بينها دموعاً منكسرة في عيني فنان أصيل لا يقل موهبة عن السعدين، لكنه لم يحقق ما حققه، لأنه آثر البقاء في اليمن مضحياً بأشياء كثيرة أهمها مستقبله الفني، لتنهشه ذئاب الفن التي لا تغني ولكنها تعوي.. لكن داود نسي أنه لايزال في قلوبنا جميعاً فناناً جميلاً أطربنا ويطربنا وسيطربنا، وأن آذاننا وجوانحنا له صاغية متى شاء أن يغني وحسبه أن اسم جمال داود واحد من أسماء قليلة محفورة في ذاكرة الجمهور الذي لن ينساه أبداً .

أما الفنان الجميل خالد السعدين الذي جاء إلى عدن في زيارة قصيرة، فأقول له ماقال الجرادة ولحن وغنى المرشدي :

أيها الزائر والقلب يغني

فيك ألحان رجائي والتمني

وترانيم أحاسيسي وفني

وخيالاتي وتهويمي وظني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى