برلمانيون وحقوقيون وناشطون مدنيون لـ «الأيام»:ما يحدث في خدير يذكرنا بعصر الإمامة والكهنوت ..المتنفذون بالراهدة دولة فوق الدولة وسلطة ذات سيادة مستقلة

> خدير «الأيام» أنيس منصور:

> تتعاقب المظالم والانتهاكات يوماً بعد يوم، وتتجمع نوازع الشر وقساوة القلوب وموت الضمير ومسلسل الاستبداد في مديرية خدير ومدينة الراهدة محافظة تعز، حيث تهان آدمية المواطنين، بذل وبؤس وحياة خالية من الإنصاف والعدالة والحرية، ينام شعب خدير على جمر من الأزمات والشدائد والجبروت والغطرسة، يستيقظون كل صباح على سلوكيات ملتوية ونوايا سوداء وغرور طغيان وظلم، لقد قامت الثورة وأعلنت الجمهورية، ومن بعدها تحققت الوحدة، لكن قوانين الإمام لم تزل في خدير أقوى من الدستور والقانون، أنات وآهات وغصص ومآس وعذابات ومصادرة للحريات والحقوق وجبايات ومظالم ليس لها وزن وحدود.

«الأيام» استمعت إلى أحاديث وتعليقات عما يدور في الراهدة وخدير فإلى التفاصيل:

سلطة الشيخ وضعف السلطة

في حديث هادئ أشار النائب البرلماني عبدالله أحمد علي العديني إلى أن «السلوكيات والتعسفات والهيمنة في خدير تعد مخالفة للشريعة الإسلامية التي أمرت بالعدل والمساواة وتكريم الإنسان واحترام آدميته»، وتلا العديني آيات قرآنية مطولة تتحدث عن الظلم والظالمين وعواقبهم في الدنيا والآخرة، وكذلك الفرق بين من يدخل السرور والسعادة إلى قلوب الناس، ومن يدخل العذاب والضنك والشقاء، حيث أصـبح النـافذون بخـدير مـن الصـنف الثاني.

وقال:«هؤلاء يؤخرون العملية التنموية يعملون على إيقافها، والحل المناسب هو بجهود وتكاتف أبناء المنطقة في كسر حاجز الخوف والاصطفاف لمقاومة الصلف بعزيمة سلمية حتى يرفع عنهم ما هم فيه».

رئيس نقابة المعلمين بمحافظة تعز الأستاذ عبدالعزيز سلطان تطرق إلى وضعية المعلمين وما يتعرضون له من إقصاء واضطهاد وخصميات بسبب الانتماء السياسي والنقابي الذي كفله الدستور حيث قال: «إن هؤلاء المضطهدين لم يسيروا على منهج وعقليات وعبودية الشيخ المتنفذ، ولم تسلم المرأة من ذلك الظلم والإجحاف من خلال نقلهن من مدارس بنات بالمدينة إلى مدارس بنين في مناطق وعرة بعيدة شاقة، ولم نعرف ولم نسمع بمثل هذه التصرفات الجائرة إلا في خدير».

المحامي فاروق أمين الخديري كتب قصاصة ورقية بعد تفكير وحسرة قائلا: «أخيرا استطعنا أن نقول الحق عبر الصحافة ونتنفس نسمة حرية بعد سنين الصمت والدعممة وطأطأة الرؤوس، وهي في ميزان من رفعوا شعار وراية النضال السلمي، إن ما نشاهده هو أن خدير تعيش وسط بحر من الأصنام أكبرهم (هبل) لقد أصبح الشيخ فوق كل شيء، هو المسؤول والمدير والقاضي والصحي ومدير الأمن وهو السجان يتحكم بالإدارات والمؤسسات الحكومية كإقطاعية خاصة.. نحن بين سلطة الشيخ وضعف السلطة».

غياب دولة القانون

بعد تعريف وسلام وأسئلة كثيرة بالشأن ذاته تنهد عضو مجلس النواب عبدالكريم شيبان بصوت شاجب قائلا: «والله ياعزيزي ما يجري في هذه المديرية يدل أن هناك سلطة فوق السلطة، ودولة فوق الدولة، إنها عشوائية معززة بالجهل والظلم المقصود، لقد سقط ميزان العدل والكرامة، سقطت العزة والشهامة والإنسانية، هناك سجون خاصة غائبة عن رقابة المحاكم والنيابة، جبايات شرعية وغير شرعية، كبر وانتقام، وعلاوة مصطنعة استعباد الناس.

مـا نشـاهده فـي خـدير يذكرنا بعصور الرجعية والكهونت، والسبب غياب دولة النـظام والـقانون التـي تتـغني بهـا السلطة».

وعن دور البرلمان فيما يجري قال شيبان: «تقدمنا بمقترحات ومناقشات وصادق البرلمان على تشكيل لجنة للتقصي والاطلاع عن قرب على شكاوى المظلومين».

الأستاذ عبدالجليل الزريقي مسؤول منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات في تعز يرى أنه «لافرق بين أحداث الجعاشن وأحداث خدير من حيث المنهجية وإذلال الناس، وقد أبرز الجانب الإعلامي لما يحدث في الجعاشن حيزاً كبيراً عكس انتهاكات خدير والراهدة، والحقيقة ما يعمله المشايخ والمتنفذون في خدير يهدد المبادئ الديمقراطية ويرفضه الضمير الإنساني، من لا يرحم لا يرحم، والتاريخ يحكي أنه حتى الاستعمار لم يفعل مثل ما يعمله شيخ خدير، وفرصة عبر «الأيام» لمناشدة المنظمات والهيئات المحلية والدولية المهتمة بحقوق الإنسان للنزول إلى ساحة الجريمة ومناصرة المظلومين».

الناشط السياسي والكاتب الصحفي محمد عبدالملك المقرمي يضع تفسيراً مشابهاً بمعنى واسع ومنطقي في قهر وإذلال أهالي الراهدة على يد الشيخ الشوافي قائلا: «حين يسود الجهل والأمية ويقاوم المعلم والمتعلمين ينعكس ذلك سلباً على ما يدور في البلد، وهو عبارة عن صراع بين مشروعين، مشروع متخلف وجاهل قائم على الاستبداد، ومشروع يريد إخراج البلاد من جور وهيمنة المستبدين إلى سعة وأفق العيش الكريم، ومديرية خدير ماهي إلا صورة مختزلة لما يحدث في طول وعرض الجمهورية اليمنية ولكل ظالم نهاية».

العقيد الشيخ علي عبده حنش عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام وقائد حرس الحدود سابقا قال: «هناك من يسيء ويشوه قيم العزة والشرف والقبيلة ويستخدم المشيخة في البغي والجور واستعباد المواطنين، وهذا خطأ فادح وما يقوم به الشيخ الشوافي يتناقض مع مفاهيم المشيخة، إن مهمة الشيخ الصحيح الانتصار للمظلومين ومواساة المحرومين ومعالجة خصومات ومنازعات الناس بالتي هي أحسن، ونحن كمشايخ من عزل البدو والسلمي والبرطي وقيادات وقواعد المؤتمر الشعبي العام التقينا ولنا موقف وأصدرنا بياناً وإعلاناً ندين ونستنكر فيه الأفعال الآثمة والحقيرة في حق المواطنين المساكين، ومتمسكون بهذه الوثيقة التي عليها توقيعات وأختام المشايخ، كما نرفض أي سلوك وعمل ليس من شيم وأعراف القبيلة».

نماذج تبحث عن العدالة

لا نستطيع حصر ورصد جملة الانتهاكات التي أحرقت كل أخضر ويابس، وصور العذاب والعقاب الخفي ومؤمرات الليالي السوداء أنى اتجهت، وما من موضع قدم في مساحة طويلة من منطقة الزيلعي حتى بيت حاميم إلا وفيها من يشكو ويبكي من ظلم الظالم بالشويفة والراهدة، نشير إليها بمداد عابر للذين حصلت «الأيام» على وثائق وملفات سليمة وشكاوى مذيلة بتوقيعاتهم كنماذج فقط ابتداء بقصص المعلمات رجاء مونس سالم ومجيبة ردمان وإيمان هزاع وسهير محمد، والتعسفات الجائرة، وحادثة معلمين تم وضعهم في سجن خاص بالشيخ، كما حدث للأستاذ عبدالله إبراهيم الشوافي، وآخرين أصيبوا بالجنون والحالات النفسية بعد إقصائهم من وظائفهم، وطابور طويل مازالوا رهن الإبعاد والطرد، وموظفين في مكاتب أخرى استبدلوا بغيرهم، وإغلاق مدارس التحفيظ، ودهس الشاب أكرم أحمد الحاج بسيارة نجل الشيخ الحاكم في خدير في وضح النهار وأمام المتسوقين، والبسط على أراضي الفقراء والمكلومين، والاستيلاء على مبنى الوالد علي عبده العثماني الذي استدرج قليلاً قليلاً من مبنى مؤجر إلى مبنى خاص بالحزب الحاكم تملكه الشيخ، والوقوف بهل وهيلمان وهيمنة ضد مستثمر سوق الخضار واللحوم رغم مستنداته السليمة، ويطول سرد المظالم بطول وعرض خدير والراهدة لجيش من المقهورين، أظلمت الدنيا في وجوههم، تمنوا الرحيل إلى الصومال من البقاء في خدير بمهانة وجبايات وسحت وثرثرة جوفاء.

تلك هي خدير المديرية بتعداد سكانها المئة والعشرين ألفاً تنعى ذاتها الواهنة، تبحث عن العدالة ولو حبواً على الركب، وتتطلع إلى حرية لا استبداد بعدها، اللهم سلم سلم يارب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى